مما يدل على كلامي أن #أزهر_سنيقرة يحتاج
إلى أن يتأصل في العلم قبل أن يتكلم: ما تضمنه هذا السطر من كلمة
مفرغة له بعنوان: تحذيرُ
الشَّيخ أزهر سنيقرة من المواقع والصَّفحات المجهولة،وأنَّ الأعداء يتربصون بنا ويأخذون
منها. بتاريخ: 29 شوَّال 1438هـ
نص كلامه المفرغ: (المجهول في
الأسانيد عند علماء الحديث هذا نوع من أنواع الضعيف، إذا كان في السند هو فقط
مجهول يُطرَح السند لأجله وبسببه )
لن أتكلم عن عدم ترتيب الكلام وتنسيقه, وربط بعضه ببعض,
وإنما أتركه للقراء.
(وأنبه إلى أن المقطع المفرغ فيه عدة هفوات لكن أكتفي بهذا
النص.)
التعليق:
أولا: ليس هناك نوع
من أنواع الحديث يسمى بالحديث المجهول, وإنما الجهالة وصف في الراوي , فعندما يقول
الشيخ أزهر هذا نوع من أنواع الضعيف, والإشارة هنا إلى قوله: المجهول في الأسانيد.
يتبين لنا الركة العلمية في ظاهر عبارته, وإن كان- فيما
يظهر - أنه غير قاصد لذلك .
ثانيا: قوله:"
إذا كان في السند هو فقط مجهول يُطرَح السند لأجله وبسببه.
فأطلق القول باطراح حديثه.
وهذا الإطلاق المنسوب إلى علماء الحديث قاطبة
منقوض من وجوه:
الوجه الأول: أن علماء
الحديث اختلفوا في ضابط المجهول, وفي رد روايته.
فما يراه بعض المحدثين مجهولا لا يراه غيرهم كذلك,
فهناك صورة اتفق عليها المحدثون, وهناك صور اختلف فيها المحدثون.
واختلافهم في ضابط المجهول مؤثر في قبول روايته وردها,
فكيف يقال بالاطراح مطلقا من غير تحديد المعنى المطرَّح؟!!
قال ابن رجب: ((وقد اختلف الفقهاء وأهل الحديث في رواية
الثقة عن رجل غير معروف: هل هو تعديل له، أم لا؟
وحكى أصحابها عن أحمد في ذلك روايتين.
وحكوا عن الحنيفة أنه تعديل.
وعن الشافعية خلاف ذلك.
والمنصوص عن أحمد يدل على أنه من عرف منه أنه لا يروي إلا
عن ثقة فروايته
عن إنسان تعديل له. ومن لم يعرف منه ذلك فليس بتعديل، وصرح بذلك طائفة من المحققين
من أصحاب الشافعي.
قال أحمد - في رواية الأثرم - إذا روى الحديث (عبد الرحمن)
بن مهدي (عن) رجل، فهو حجة، ثم قال: كان عبد الرحمن أولا يتساهل في الرواية عن غير
واحد، ثم تشدد بعد، وكان يروى عن جابر، ثم تركه.
(وقال) في رواية أبي زرعة: مالك بن أنس إذا روى عن رجل لا
يعرف فهو حجة.
وقال (في) رواية ابن هانئ: ما روى مالك عن أحد إلا وهو ثقة.
كل من روى عنه مالك فهو ثقة.
وقال الميموني: سمعت أحمد - غير مرة - يقول: كان مالك من
أثبت الناس. ولا تبال أن لا تسأل عن رجل روى عنه مالك، ولا سيما مدني.
قال الميموني: وقال لي يحيى بن معين: لا تريد أن تسأل عن
رجال مالك كل من حدث عنه ثقة إلا رجلا أو رجلين.
وقال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل
معروفا؟ إذا روى عنه كم؟
قال: إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي، وهؤلاء أهل
العلم، فهو غير مجهول .
قلت: فإذا روى عن الرجل (مثل سماك) بن حرب، وأبي إسحاق؟
قال: هؤلاء يروون عن مجهولين، انتهى.
وهذا تفصيل حسن.
وهو يخالف إطلاق محمد بن يحيى الذهلي، الذي تبعه عليه المتأخرون،
أنه لا يخرج الرجل من الجهالة إلا برواية رجلين فصاعدا عنه.)) شرح علل الترمذي (1/ 378)
الوجه الثاني: أن
من علماء الحديث من لا يرى اطراح الحديث إذا كان الراوي عن المجهول ثقة.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير
ثقة، مما يقويه؟.
قال: إذا كان معروفا بالضعف ، لم تقوه، روايته عنه، وإن
كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه.
قال: وسمعت أبي يقول: إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم أنه
ثقة. إلا نفرا بأعيانهم.
وسألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن الرجل، مما يقوي حديثه؟
قال: إي لعمري.
قلت: الكلبي روى عنه الثوري.
قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم
فيه.
قلت: فما معنى رواية الثوري عنه، وهو غير ثقة عنده؟
قال: كان الثوري يذكر الرواية عن الرجل على الإنكار والتعجب،
فيعلقون عنه روايته عنه. ولم تكن روايته عن الكلبي قبوله له. شرح علل الترمذي (1/ 381)
فمن علماء الحديث من لم يطرح حديث من فيه راوٍ مجهول
على اصطلاح المتأخرين مع وجود الجهالة.
الوجه الثاني: أن
اطراح حديث من فيه راوٍ مجهول مقيد بما إذا لم يوجد ما يقوي حديثه من قرائن.
فهو اطراح مخصوص, ولا يصح اطلاق الاطراح بمجرد أن فيه
راويا مجهولا.
قال الدراقطني: (( وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد
بروايته رجل غير معروف , وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلا مشهورا
, أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه , وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعدا
, فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينئذ معروفا , فأما من لم يرو عنه
إلا رجل واحد انفرد بخبر وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره , والله أعلم ))
سنن الدارقطني (4/ 226)
وأما الاتفاق الذي يحكيه جماعة من أهل المصطلح على رد
حديثه فهو محمول على الصورة المتفق عليها في عد الراوي مجهولا مع اعتبار ما تقدم,
أو هو منقوض بوجود الخلاف.
قال السخاوي: (( لكن قد رده –أي:
مجهول العين - الأكثر من العلماء مطلقا وعبارة الخطيب أقل من ما ترتفع به الجهالة به
الجهالة أي العينية عن الراوي أن يروى عنه اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم بل ظاهر
كلام ابن كثير الاتفاق عليه حيث قال المبهم الذي لم يسم أو من سمى ولا تعرف عينه لا
يقبل روايته أحد علمناه نعم قال أنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لأهلها
بالخيرية فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن كما أسلفت حكايته في آخر رد الاحتجاج
بالمرسل
وكأنه ابن السبكي
في حكاية الإجماع على الرد ونحوه قول ابن المواق لا خلاف أعلمه بين أئمة الحديث في
رد المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحدا وإنما يحكى الخلاف عن الحنفية يعني كما تقدم
وكل هذا حيث لم
يعتضد بما سلف ووراء هذا كله مخالفة ابن رشيد في تسميته من لم يرو عنه إلا واحد مجهول
العين مع موافقته على عدم قبوله )) فتح
المغيث (1/ 320)
الوجه الثالث: لم
يفرق الشيخ بين مجهول العين ومجهول الحال, وبينهما فروق من جهة المعنى ومن جهة
قبول حديثه أو لا, على اختلاف بين المحدثين.
الوجه الرابع: أن
رواية المستور ذهب بعض المحققين إلى التوقف فيها, لا ردها مطلقا.
قال السخاوي: (( والخلاف مبني على شرط قبول الرواية أهو
العلم بالعدالة أو عدم العلم بالمفسق إن قلنا بالأول لم تقبل المستور وإلا قبلناه
وأما شيخنا فإنه
بعد أن قال وإن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق فهو مجهول الحال وهو المستور
وقد قبل روايته
جماعة بغير قيد يعني بعصر دون آخر وردها الجمهور قال والتحقيق أن رواية المستور ونحوه
مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل يقال هي موقوفة إلى استبانة حاله
كما جزم به أمام الحرمين يعني صريحا )) فتح
المغيث (1/ 323)
والخلاصة: ضعف
إطلاق الاطراح المنسوب إلى علماء الحديث.
والمتأصل في العلم المدقق يجب
عليه أن ينسب إلى العلماء ما قالوه, ونطقوا به, لا أن يتجنى عليهم بنسبة شيء إليهم
لم يقولوه.
هذا التعليق بالنظر إلى كلمة واحدة مفرغة له, ظهر فيها
عدم الدقة والتحقيق والتأصيل
فكيف إذا نظرت إلى غير هذه الكلمة من مقاطعه الصوتية,
أو تغريداته, أو مقالاته؟!!.
كتبه
د.
أحمد محمد الصادق النجار