✍️عنوان الكتاب صريح فيما يريد أن يقرره حاتم العوني, فهو يريد أن يثبت أن صفات الله لا معاني لها نعلمه, وأن الله خاطبنا بما لا يعرف معناه أحد من الخلق..!!! وحاول أن يثبت بمكر أن ابن تيمية حرف كلام الإمام مالك...!!!
✍️ولو أن العوني أعمل عقله قليلا وخرج من ربقة ما يراه تحررا من التقليد !!!,
ونظر إلى ربط الشريعة الأحكام بصفات الله سبحانه
لعلم أن لها معنى معلوما؛ إذ كيف تربط الشريعة حكما بصفة ولا يكون للصفة معنى مناسبا للحكم؟!!
✍️ولو أن العوني نظر في صنيع الصحابة والأئمة في إثبات المغايرة بين صفة وصفة بالنظر إلى المعنى لعلم أنه يهيم في الباطل بحجة التحرر من التقليد!!
✍️وإليك بعض أقوالهم:
قيل لعبدِ الله بنِ مسعود )) أبَلَغَكَ أنَّ اللهَ يَعجَبُ ممن ذكَرَهُ؟ فقال: لا, بلْ يَضحَكُ((. فمغايرته بن العجب والضحك يدل على أنه يثبت لهما معنى على حسب مقتضى لغة العرب.
وعن ابن عباس: } وسع كرسيه السماوات والأرض{ ]البقرة [ 255 قال: موضع القدمين، ولا يقدر قدر عرشه» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير « (12/ 39). فجعل الكرسي موضع قدمي الله سبحانه؛ مما يدل على أنه يثبت للقدمين معنى بحسب وضع اللغة.
وعن أبي رزين قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه)) قال: قلت: يا رسول الله أوَ يضحك ربنا ؟ قال: )) نعم )) قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا" ] أخرجه ابن ماجه في سننه. [ فهذا الصحابي الجليل لما أثبت للضحك معنى رتب عليه أثرا, فقال: )) لن نعدم من رب يضحك خيرا)).
✍️وأما الفكرة الخطيرة التي ينطلق منها العوني في تفويض معاني صفات الله سبحانه وأن البحث في المعنى بحث في الكيفية, فهي أن معاني الصفات الظاهرة هي الكيفيات الخارجية الواقعة, قال العوني: (كل ما تجاوز اللفظ إلى محاولة تفسيره بحسب ظاهره المتبادر من معنى اللفظ في صفات الخلق فهو تكييف وتشبيه ممونع), وقال: ( أثبت الكتاب أن الكيف الممنوع عند الإمام مالك هو نفسه المعنى الذي يريده ابن تيمية):
✍️فهو تبعا للأشاعرة
لا يتصور من معنى الصفة إلا الهيئة المحسوسة, فإثبات المعاني يرجع إلى إثبات ما وضع له اللفظ في اللغة,
وهو عنده إنما وضع للهيئات المحسوسة, فاليد وضعت ليد المخلوق, وهكذا...
ولهذا يرى أن الكيف الممنوع هو المعنى الذي يثبته ابن تيمية!!!!
✍️ولو كان الأمر كما يدعيه حاتم العوني تبعا للأشاعرة
لكان الله قد خاطبنا بما معناه في لغة العرب كفرًا,
ولكان الصحابة الذين رتبوا الأحكام على صفات الله قد وقعوا في الكفر, كما فعل ابن عمر,
فابن عمر لما خص خلق أربعة أشياء بيد الله سبحانه لم يتصور من اليد إلا ما دل عليه الوضع اللغوي, فيكون قد نسب إلى ربه ما لا يليق به, وهذا اللازم لا يقوله مسلم عاقل.
✍️والذي لم يستطع استيعابه؛ لانحرافه في عقيدته وقصور فهمه: أن ألفاظ الصفات وضعت على القدر المشترك, فالسمع مثلا: وضع لمعنى إدراك المسموعات, والاستواء وضع لمعنى العلو والاعتدال, والوجه وضع لما يواجه به, واليد وضعت للمقبض, والقدم وضعت على السبق والتقدم, ومنه سميت قدم الإنسان قدما؛ لأنها للتقدم والسبق. وهكذا<
ثم يأتي الاستعمال المقيد فيناسب الحقائق الخارجية, وما كان في الخارج فإنه ليس فيه اشتراك بعد التقييد.
فهذه الألفاظ جعلت دالة على القدر المشترك, وهي إنما تفهم على هذا الوجه, فالذهن يلاحظ اللفظ ويتصور معناه كليًا بحسب ما وضع له في لغة العرب, على ضوء ما شرحته سابقًا.
✍️ولمزيد بسط راجع رسالتي:" نقض أحمد النجار على مولود السريري دعواه أن إثبات معنى الصفات الخبرية ونفي كيفيتها تناقض ويؤدي إلى الجسمية"
ورابطها:
https://t.me/dr_alnjar/2395
✍️ورسالتي:" نقض الشيهات التي أثيرت على إثبات القدر المشترك بين الخالق والمخلوق في الصفات الخبرية"
ورابطها:
https://t.me/dr_alnjar/3598
✍️والغريب أن العوني استدل بخصوم شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن تيمية
وجعلهم هم الحكم على أقواله, فنصب المحاكمة بين ابن تيمية ومن تأثر بالمتكلمين أو كان منهم, فجعل الخصوم أنفسهم هم الحكم والقضاة..!!!
وهذا صنيع من لا يفقه...
✍️ولما جاء لفهم كلام أئمة السلف في أن قراءتها تفسيرها وأمروها كما جاءت
انطلق من الفكرة نفسها التي انطلق منها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة, وهي أن المعنى الظاهر من نصوص صفات الله هو نفسه الكيف الممنوع الذي هو الحقائق الخارجية.
✍️ومما ذكرته في رسالتي المطبوعة: "الاستدلال العقدي عند الإمام مالك" في فهم كلام الإمام مالك
https://t.me/dr_alnjar/3473
✍️فنصوص أقران الإمام مالك ومن قبله قرينة قوية على مراد الإمام مالك رحمه الله من قوله: (والاستواء منه غير مجهول), وهو لم يخالف رحمه الله أئمة السلف في أن للاستواء معنى معلوما, يعني في اللغة, وهو المعنى الظاهر من لفظ الاستواء, ويقويه ما ورد عن الإمام مالك من إثبات الصفات على مقتضى معناها الظاهر في لغة العرب, فهذه قرينة واضحة على أن مقصوده من أن الإستواء غير مجهول, أي: في لغة العرب بحسب الظاهر, ومن ذلك قوله: (...الناس ينظرون إلى الله يوم القيامة بأعينهم)
✍️فالسلف لما فرقوا بين المعنى وبين الحقيقة والكيفية تسلط تفويضهم على ما زاد على المعنى الكلي وزاد على ما دل عليه الظاهر؛ إذ المقصود بالمعنى في لغة العرب: بيان ما دل عليه اللفظ, وأما بيان الذاتي فهو أخص من المعنى اللغوي, ولم يجر عمل السلف على التفسير بالمعنى الأخص الذي عليه المناطقة, فقد فسر السلف بالمعنى الظاهر: أخرج البيهقي عن ابن عباس أنه فسر استوى بـ صعد., وفي صحيح البخاري قال أبو الغالية استوى: ارتفع, وقال مجاهد: استوى: علا على العرش., والآثار في ذلك أكثر من أن تحصى
قال ابن عبد البر في التمهيد (٧/١٤٥): ( أهل السنة مجمعون على الصفات الواردة في الكتاب والسنة وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لم يكيفوا سيئا من ذلك)
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار