تصحيح مفاهيم
هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟
أولا: وجود البيعة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج على الحكام مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقض البيعة كالكفر ، ووجود ما ينقضها يرفعها ويسوغ الخروج...
كما أن وجود الطهارة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج من الصلاة مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقضها كالحدث ووجوده يسوغ الخروج من الصلاة..
ثانيا: انتفاء #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد
فانتفاء الطهارة يلزم منه تسويغ الخروج من الصلاة...
وانتفاء البيعة إما لوجود سبب كالكفر، وإما لعدم وجودها من أصلها
فإذا كان انتفاء البيعة لوجود سبب ينقضها كالكفر يسوغ الخروج فمن باب أولى إذا عدمت البيعة من أصلها
إذ إن معنى البيعة هي العهد على الطاعة والمناصرة
بمعنى أن الإنسان لا ينازع الحاكم في أصل الطاعة
فإذا انتفت البيعة ثبت ما يضادها وهو تسويع المنازعة والخروج...
وبهذا نرد على من يقول: نفي البيعة لا يلزم منه الخروج
ويريد بالخروج: الخروج بالفعل.........
وهذا ناتج عن عدم التفريق بين تسويغ الخروج والخروج بالفعل
فتسويغ الخروج يكتفى فيه بوجود السبب
وأما الخروج بالفعل فمع وجود السبب لابد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع ...
فيظن إذا انتفى الخروج بالفعل؛ لتعلقه بالقدرة
انتفى تسويغ الخروج
وهذا تصور خاطئ
يعني
أنت لما تنفي البيعة عن الحكام فقد سوغت الخروج عليه شئت أم أبيت
وأما مسألة القدرة فهذه متعلقة بالخروج بالفعل وليست متعلقة بتسويغ الخروج
ثم إن نفي البيعة فرع مسألة الموجب الذي تثبت به الولاية...
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
ذكرت في منشور سابق أن نفي #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج على الحاكم، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد
وقد طالبني بعض الإخوة بذكر الأدلة والآثار...
فأقول: يدل على هذا:
1- أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية, حدَّث عبد الله بن عمر عبد الله بن مطيع ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : (من خلع يدًّا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) أخرجه مسلم
فقد دل احتجاج الصحابي الجليل ابن عمر
على وجود التلازم بين تسويغ الخروج ونفي البيعة ونقضها, فمن سوغ الخروج أو خرج بالفعل لابد وأن يكون ناقضا للبيعة نافيا لها.
وقد بوب البيهقي على هذا الحديث وغيره بقوله: (باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة) السنن الكبرى للبيهقي (8/ 269) فجمع بينهما؛ لوجود التلازم بين عدم لزوم الجماعة ونفي البيعة.
2-في صحيح مسلم (6/ 21) عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية ».
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميتة الجاهلية مرتبة على من خرج على السلطان, وفي أحاديث أخرى رتب ميتة الجاهلية على من مات ولم يبايع؛ مما يدل على التلازم بين الخروج ونفي البيعة؛ إذ رتب عليهما حكم واحد.
3-وإذا نظرنا إلى كلام أئمة السلف وجدنا أنهم يربطون المنع من الخروج على الحاكم بكونه قد بويع له, فلو لم يكن بين تسويغ الخروج ونفي البيعة تلازم لما صح هذا الربط
-قال الإمام أحمد: (ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها... ومن خرج على إمام المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة؛ فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية.
ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 181)
-ومثله قاله ابن المديني...
-وقال ابن قدامة: (ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك بن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما يحرم الخروج عليه؛ وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.) المغني (620) (12/ 243)
فلو لم يكن هناك ترابط بينهما وتلازم ما صح تحريم الخروج بوجود البيعة, فدل ذلك على أن وجودها مانع من الخروج, وانتفاؤها مسوغ للخروج.
والآثار وأقوال الأئمة في إثبات التلازم كثيرة
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق