تجدد صفتي السمع والبصر
أشكل على بعض الإخوة قولي بالتجدد في هاتين الصفتين
مع أنه نص القرآن كما تقدم بيانه في ردي على الشيخ عبيد
وباعث الإشكال عندهم أمران:
الأول: أنهم وجودوا بعض المعاصرين من أهل السنة من نص على انهما ذاتيتان، ونفي التجدد فيهما
ومعنى الصفات الذاتية هي التي لا تنفك عن الذات ولا تعلق لها بالمشيئة
الثاني: فهموا من التجدد في السمع والبصر ما فهموه من صفة الكلام من خلوه في وقت من الأوقات من التكليم
والرد على الأمر الأول: أن على طالب العلم أن يستدل على قول الرجال لا أن يستدل بقول الرجال، فالسنى مهما علا كعبه في العلم اذا خالف الحق فإنه يرد عليه قوله الذي خالف فيه الحق، فالعبرة بالدليل لا بقول الرجال
ومن الخطأ المنهجي أن نترك أصول اهل السنة وقواعدهم وطريقتهم في باب الاسماء والصفات ونردها بقول وآراء بعض المعاصرين مع مكانتهم
ثم إني نقلت في ردي على الشيخ عبيد ما يجلي المسألة عن شيخ الإسلام والشيخ صالح آل الشيخ، ويشهد له قواعد السلف المطردة
وأضيف هنا قول الشيخ السعدي في تعليقه على الواسطية
قال رحمه الله: "وقد دل على هذا الأصل الكبير ما في هذه النصوص من ذِكْر : قال ويقول ، وسمع ويسمع ، وكلم ويكلم ، ونادى وناجى ، وعلم ، وكتب ويكتب ، وجاء ويجيء ، وأتى ويأتي ، وأوحى ويوحي ، ونحوها من الأفعال المتنوعة التي تقع مقيدة بأوقاتها ، كما سمعت في هذه النصوص المذكورة آنفًا ، وهذا من أكبر الأصول وأعظمها"ا.هـ
فكل من نفى التجدد مطلقا في هاتين الصفتين فقد وافق الأشاعرة
ولا يلزم من هذه الموافقة: الموافقة الكلية، وانما للتنفير من القول.
والرد على الأمر الثاني:
أن التجدد في صفتي السمع والبصر ليس كالتجدد في صفة الكلام
ولهذا قلت في تعليقي على متن ابن عاشر الاشعري:(ولا يلزم من تجددهما باعتبار الآحاد أن ينتفي عنه السمع والبصر في وقت من الأوقات, لكن لما تجدد الكلام المسموع مثلًا تجدد السمع, فلما تكلمت المجادلة سمع الله قولها حين تكلمت لا في الأزل)
فالتجدد في الكلام بمعنى: ان الله يتكلم ويسكت -على قول من يثبت السكوت عن مطلق الكلام من اهل السنة-.
فاذا لم يتكلم تلبس بضده وهو السكوت
بخلاف السمع
فنقول: الله يتكلم ويسكت، ولا نقول: يسمع ولا يسمع.
فالسمع يتجدد وهو أمر ثبوتي، وليس هو مجرد نسبة واضافة بين السمع والمسموع.
ولعل الله ان ييسر كتابة بحث مستقل في هذه المسألة.
كتبه
- د أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق