ابن
عطايا
وضعفه
في تخصصه(العقيدة)
الحمد لله وحده,
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد, فقد أطلعني
أحد الإخوة الأفاضل على مقال لـ: أسامة بن عطايا, عنون له بـ:" هل القول بأن صفتَي السمع والبصر ذاتيتان
مشابه للأشاعرة كما زعمه بعض أهل الضلال؟ "وهو موجود في موقعه, وقد صورته؛ حتى لا يحرف
فيه ويغير.
قد أبان فيه عن ضعفٍ في
التأصيل, وعدم تصورٍ لما هو مُسلَّمٌ عند أهل التخصص في باب الصفات, والعجب أنه قد
أفنى سنوات من عمره في دراسة باب الاعتقاد, وأخذ الماجستير والدكتوراه في تخصص
العقيدة, ومع ذلك جَهِل ما ينبغي أن يكون متأصلا فيه.
ومن حكمة الله أن الفتن تمحص
المتأصل في العلم من غير المتأصل, وتبين الذي يريد وجه الله والدار الآخرة ممن
يريد وجه بعض المشايخ المعظمين والدار الدنيا, ولا أتهم أحدا بعينه في نيته, وإنما
أَكِلُ ذلك إلى ربي.
وهذا المقال الذين
كتبه ابن عطايا: اشتمل على مغالطات, ومجازفات, ومشبهات لفظية, وظلم, كما استند في مواضع
على النقد الشخصي, لا العلمي.
وبنى كثيرا من
النتائج على مقدمات خاطئة, فكانت النتائج خاطئة للخطأ في مقدماتها, مع عدم ترابط
بين المقدمات والنتائج.
وقد ينطلق من قاعدة صحيحة لكنه يخطئ في
استعمالها, وتنزيلها على جزئياتها.
كما أنه يلقي الكلام
على عواهنه ولا ينظر في لوازمه ومآلاته؛ فيوافق الأشاعرة وهو لا يدري, وأحيانا
ينطلق من أصولهم, أو يصححها؛ لعدم فهمه لها.
ويحرّف حجتي وكلامي
في مواطن؛ ليسهل عليه نقدي.
وبدل أن يقيم حجة
علمية في دفاعه عن الشيخ عبيد ونقده لي بدأ يثير العواطف, ويطلق ويهول, ويحذر,
فاستخدم أسلوب الإرهاب الفكري؛ إخفاء لضعف حجته, وعدم تأصله.
وما هذا طريق
التحقيق في العلم, ولا طريق كتابة مقالٍ مؤصَّلٍ, متناسق, مبني على
التعليل الصحيح, والتأصيل السديد, وفق منهج السلف الصالح.
ولن أرد عليه مرة أخرى إلا إذا اقتضت المصلحة,
فالوقت أنفس من أن أضيعه مع غير مؤصَّل.
وأرجو ألا يكون متقربا بمقاله هذا المتهافت للشيخ عبيد الجابري
الذي حذر منه.
ولتعلم يا
ابن عطايا أن من أعظم ما يبين
تهافت المقال وضعفه: إثبات التناقض فيه,
فالتناقض في الواضحات
والمسلمات عند أهل التخصص يدل
على ضعف شخصية طالب العلم, ويبرهن على عدم تأصيله.
ولو
اكتفيتُ بإثبات التناقض في مقالك هذا دون مناقشة تفصيلية لما ذكرته من غرائب وعجائب لكان
ذلك كافيا في نقض أركان هذا المقال المتهافت الجائر, فكيف إذا أتبعتُ ذلك بمناقشة
بعض جزئياته؟ ...
والتناقض
الذي وقعت فيه, هو: أنك في بداية مقالك أثبت أن صفتي السمع والبصر من
الصفات الذاتية, ونفيت تعلقهما بالمشيئة, فقلت:" أن صفة البصر وصفة السمع لله
عز وجل من الصفات الذاتية لله عز وجل التي لا تنفك عن الله عز وجل، فهي قائمة
بالله أزلاً وأبداً، كصفة اليدين، وصفة القدمين وصفة العينين، ولا يتعلق وجود
الصفة بمشيئة الله "
ثم رجعت وأثبت التعلق
بالمشيئة, فقلت:" سمع الله للأصوات واستماعه لما شاء منها يكون بسمع الله
الذاتي، كما أن إبصار الله ورؤيته للمرئيات يكون ببصر الله عز وجل الذاتي، وذلك
بعينيه عز وجل.
والسمع للمسموعات، والبصر للمبصرات فيه أمر
زائد على إثبات أصل الصفة، وهو تعلق مشيئة الله بوجود تلك المسموعات ووجود تلك
المبصرات."
وقلت أيضًا: «كذلك رؤيته للمخلوقات فهذا
يتعلق بمشيئة الله لأنها إنما توجد بمشيئة الله»، وقلت: «فممكن بهذا الاعتبار
مقاربة صفة السمع من صفة الكلام من حيث قدم النوع، وتجدد الآحاد، وتعلق ذلك
بالمشيئة».
مع خلل عظيم في تصور تجدد هاتين الصفتين, وسيأتي بيانه.
ومن
تناقضك أيضا, قولك:" القول بأن صفة السمع قديمة النوع حادثة الآحاد وقول
ذلك في البصر بأنه قديم النوع حادث الآحاد لم أره لأحد من العلماء بهذا اللفظ،
وإنما يذكرون ذلك في صفة الكلام، ولم يذكروا ذلك في السمع والبصر.
وبينهما فرق ظاهر."
ثم قولك:" وأما
سمع الله فهو أزلي ومتعلق بالمسموعات ومنها سمع الله لكلامه وهو متجدد، ومنها سمع
الله لكلام خلقه وهذا بعد إيجاد أصواتهم، فممكن بهذا الاعتبار مقاربة صفة السمع من
صفة الكلام من حيث قدم النوع، وتجدد الآحاد، وتعلق ذلك بالمشيئة."
وبالمناسبة فقد اطلعتُ أيضا على بعض ما سُوِّد في بعض
المنتديات من بعض أهل الجزائر الحبيبة في هذه المسألة, فوقعوا فيما وقع فيه ابن
عطايا من التناقض والغرائب مع تحريف للكلام والحجة ...
فتجد أحدهم ينفي تجدد هاتين الصفتين, ثم يصطدم
بالنصوص الشرعية, ثم بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية, فيتأخر القهقرى ويثبت التجدد,
ويحاول جاهدا أن يثبت أن الشيخ عبيدا لم يوافق الأشاعرة, وإذا أعْيته الحيَل بدأ بالتأويل,
أو بإثبات أن الشيخ عبيدا قد وافق غيره, فصارت الحجة عندهم في موافقته لغيره, لا
في إبطال الموافقة نفسها, ولا نسلم أكثر ما ذكروه من موافقات, فلا يلزمنا وصفُ
كثيرٍ منهم بموافقة الأشاعرة إن كانوا يفقهون.
نعود إلى مقال ابن عطايا:
قال ابن عطايا في مقاله:" فقد اطلعت على مقال كتبه بعض أهل الفتن والضلال
يزعم فيه أن الشيخ عبيد بن عبدالله الجابري حفظه الله وافق الأشاعرة لكونه قرر أن
صفة السمع وصفة البصر من الصفات الذاتية لله عز وجل."
والرد: أنه جعلني من أهل الفتن والضلال من غير
إقامة حجة صحيحة, وهي مجرد دعوى.
ولا بأس أن آخذ حقي في الدنيا عن طريق القضاء
الشرعي, والموعد قريب بإذن الله؛ فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
قال ابن عطايا في مقاله:" الوجه الأول:أن صفة البصر وصفة السمع لله عز وجل من الصفات
الذاتية لله عز وجل التي لا تنفك عن الله عز وجل، فهي قائمة بالله أزلاً وأبداً،
كصفة اليدين، وصفة القدمين، وصفة العينين، ولا يتعلق وجود الصفة بمشيئة الله، ولا
يمكن أن يوصف الله بعدمهما في أي لحظة من اللحظات.
فالله عز وجل يدرك
ويرى المُبْصَرات فيبصر بعينيه عز وجل، وهما ذاتيتان أزليتان أبديتان.
وسمع الله بسمعه
الذاتي القائم بذاته عز وجل، فهو يسمع ويدرك المسموعات بسمعه الذاتي
".
والرد:
أولا: أمنع إطلاق كونهما من الصفات الذاتية التي
لا تنفك عن الله أبدا.
ثانيا: أمنع دليل الدعوى وهو: "القياس على
اليدين والعينين"؛ ذلك أن هناك فرقا مؤثرا بين السمع والعينين, فالسمع من جهة
أفراده متجدد, وحدث بعد أن لم يكن, فمثلا: سمع الله للمجادلة حدث بعد أن لم يكن,
بخلاف صفة العينين, فهي لا تنفك مطلقا عن ذات الله, وليس لها أفراد, وكذا اليدان
والقدمان, فيكون القياس هنا مع الفارق.
فانطلق من مقدمات
خاطئة ليصل إلى نتيجة خاطئة.
ثالثا: ظاهر عبارته منقوض بسمع الله للمجادلة,
فالسمع نفسه هنا تجدد, ولم يقم بالله أزلا.
وهذا إبطال للدليل
جملة.
قال ابن عطايا في مقاله:" الوجه الثاني:أن الشيخ عبيداً حفظه الله لم ينف سماع الله
عز وجل للأصوات أو إبصاره للمبصرات بمشيئته، وإنما تكلم كلاماً إجمالياً بأنه لم
يعلم تفصيلاً في الصفة حيث قال: «لا أعلم أحدًا فَصَّلَ في السمع, فقال هو ذاتيَّة
باعتبار وفعليّة باعتبار، وكذلك البصر؛ لا أعلم أحدًا فَصّلَ هذا التفصيل» ، فوقف
حيث يعلم، وقد قال سعيد بن جبير رحمه الله: «قد أحسن من انتهى إلى ما سمع».
ووقوفه في قضية
مخصوصة وهي: هل يقال فيها ذاتية فقط أم ذاتية باعتبار وفعلية باعتبار؟.
ومعلوم أن إثبات
ذاتية الصفة لا ينفي ما ورد للصفة من صفات، فالقول بأن صفة اليد ذاتية لا يعني أن
الله لا يفعل أفعالا بيده، كالقبض والبسط وخلق آدم بيده، وكتابة التوراة بيده.
فالله يسمع صوت نفسه
بسمعه، ويسمع أصوات المخلوقات بسمعه، ولا ينافي هذا كون صفة السمع ذاتية، كما أنه
لم ينافي أن صفة اليد ذاتية" ((لم ينافي خطأ
نحوي))
والرد:
أولا: الشيخ عبيد لم يتوقف في نفي التجدد,
وهذا محل إثبات المشابهة والموافقة - إن كنت تفقه-, ولهذا قال: " فأنا حتَّى هذه الساعة على
أنَّهُما صفتان ذاتيتَّان لله ", وقد كان
السؤال عن كونهما ذاتيّتينِ باعتبارٍ فعليّتين باعتبارٍ آخرَ، فكان جوابه ذٰلك
نفيًا لكونهما فعليّتين بأيّ اعتبارٍ.
ثانيا: قولك:"
ومعلوم أن إثبات
ذاتية الصفة لا ينفي ما ورد للصفة من صفات، فالقول بأن صفة اليد ذاتية لا يعني أن
الله لا يفعل أفعالا بيده، كالقبض والبسط وخلق آدم بيده، وكتابة التوراة بيده"
فيه استعمال للقواعد الصحيحة في غير
محالها, وهو من عدم التصور الصحيح لها.
نعم, إثبات ذاتية
الصفات الذاتية لا ينافي إثبات صفات لها, وأفعال قائمة بذات الله جاءت بها النصوص
الشرعية,كاليد وصفت بالقبض والبسط, ونحو ذلك.
فهذه قاعدة صحيحة في
نفسها لكن تنزيلك لها -يا ابن عطايا المتخصص في العقيدة!!- في السمع والبصر لا
يستقيم؛ لأنه يلزم من ذلك أن السمع صفة فعلية باعتبار صفات قامت بالسمع, كقيام
البسط باليد, وهذا لا يقال في السمع, فضلا عن اليد.
فالحكم (وهو كون الصفة ذاتيّةً فعليّةً) غيرُ ثابتٍ في
الأصل (اليد)؛ فكيف يثبت في الفرع (السمع)؟!
ولابد في القياس من أن يكون الحكم الذي يراد تعديته إلى
الفرع ثابتا في الأصل.
ثم إن وجه قيام الفعل بالأصل, كالقبض باليدِ: غير حاصلٍ في
الفرع؛ فكيف يلتحق به؟!
ولابد في القياس من الاتفاق في المعنى, فتكون العلة
الموجودة في الفرع متفقة مع العلة الموجودة في الأصل.
يا ابن عطايا على تأصيلك تكون اليد صفة فعلية باعتبار الصفات
القائمة بها!!
ثم إن اليد نفسها لا تتجدد,
وإنما الصفات التي قامت بها, كالقبض, فيكون على قياسك الفاسد: السمع نفسه لا
يتجدد, وإنما الصفات التي قامت بالسمع.
وهذا من التقول على الله بلا علم.
ثم قال المتخصص في
العقيدة!!: " فالله يسمع صوت نفسه بسمعه، ويسمع أصوات المخلوقات
بسمعه، ولا ينافي هذا كون صفة السمع ذاتية، كما أنه لم ينافي أن صفة اليد ذاتية."
فقوله:"يسمع
أصوات المخلوقات بسمعه" يحتمل أن يسمعها في الأزل بسمعه القائم به, فيكون قد
وافق الأشاعرة, ويحتمل أن يسمعها بسمعه القائم به بعد خلقها, فيكون السمع المعين
نفسه قد تجدد, فبطلت دعواه.
وعلى كلا الاحتمالين لم يثبت -ابن
عطايا -أفعالا تقوم
بالسمع, فالصوت المخلوق ليس فعلا قائما بالسمع, وصوت الله ليس فعلا قائما بالسمع,
وإنما يدركه السمع, وبينهما فرق.
وقول
ابن عطايا محدث لا يعرف في تاريخ الفرق.
قال ابن عطايا في مقاله:" الوجه الثالث:أن سمع الله للأصوات واستماعه لما شاء منها
يكون بسمع الله الذاتي، كما أن إبصار الله ورؤيته للمرئيات يكون ببصر الله عز وجل
الذاتي، وذلك بعينيه عز وجل.
والسمع للمسموعات،
والبصر للمبصرات فيه أمر زائد على إثبات أصل الصفة، وهو تعلق مشيئة الله بوجود تلك
المسموعات ووجود تلك المبصرات."
والرد:
أن ابن عطايا يجعل السمع للمسموعات قدرا زائدا على إثبات أصل
السمع, وهذا القدر, هو: تعلق المشيئة بوجود تلك المسموعات والمبصرات.
وهو لم يفهم كلامي
الذي يحاول أن يحاكيه, ويحرفه.
وقوله باطل؛ لأنه نفيٌ لتجدد السمع والبصر نفسه, فأرجع التجدد
لأمر خارجي وهو: تعلق المشيئة بوجود تلك المسموعات والمبصرات, ولم يرجعه إلى مشيئة
السمع والبصر, فوافق الأشاعرة في إرجاع ذلك إلى التعلق فقط.
ثم هو
تأويل ترده
النصوص؛ لأن الله عبر
بالسمع بصيغة الفعل؛ مما يدل على تجدد السمع المعين نفسه, لا التعلق.
وابن عطايا صرف هذا الظاهر الذي يجب أن تجرى عليه النصوص إلى
تأويل بعيد, مع موافقة للأشاعرة.
ويلزم من نفي تجدد السمع نفسه الذي يقتضيه كلامه أن سمع الله
تعلق بمعدوم, فسَمِع المعدوم الذي لم يخلق, وهذا باطل, ونفيٌ لحقيقة سمع الله
للمخلوقات.
قال ابن عطايا في مقاله:" فلا عيب أبدا على من أثبت لله صفة السمع
وصفة البصر وأثبت أنهما صفتان ذاتيتان على ما سبق توضيحه."
والرد:
أنه قيد الإثبات بما
سبق توضيحه, والذي سبق منه هو: إثبات التجدد, مع خلط ظاهر فيه.
وعليه: فمن أثبت أنهما
ذاتيتان مع نفي التجدد فإنه يعاب, وهو ما عليه الشيخ عبيد الذي يحاول أن يدافع عن
خطئه.
فانقلب حكمه عليه
وعلى من يدافع عنه.
قال ابن عطايا في مقاله:" الوجه السادس:أن الأشاعرة وإن أثبتوا صفة السمع وصفة البصر
إلا أنهم يردون ذلك إلى العلم."
والرد:
تجنى المتخصص في العقيدة!! على الأشاعرة إذا أراد أنهم يفسرون السمع
والبصر بالعلم.
والواجب: العدل, وعدم
الافتراء والكذب على الناس ولو كانوا من أهل البدع.
فتفسير السمع والبصر
بالعلم: قول طائفة منهم, وليس هو المشهور من مذهبهم.
قال التفتازاني
الأشعري في شرح المقاصد: (( المشهور من مذهب الأشاعرة أن كلا من السمع والبصر صفة
مغايرة للعلم ...)).
قال ابن عطايا في مقاله:" الوجه السابع:جعل النجار من المعيب
على الأشاعرة قولهم بأن صفتي السمع والبصر أزليتان، «ولا يثبتون تجددا, وإنما
يثبتون تعلقا» وهذا خلط من النجار، وسوء فهم لعقيدة الأشاعرة في ذلك.
فوصف السمع والبصر
بالأزلية حق لا عيب فيه على الأشاعرة، وكذلك إثبات التعلق حق، والتفريق بين التعلق
والتجدد في هذا الموضع لا وجه له، لأن التعلق يدخل فيه التجدد، ولكن الباطل في
كلام الأشاعرة هو جعلهم التعلق راجعاً للمخلوقات لا إلى الصفة، وعدم إثباتهم حقيقة
الصفة."
والرد:
أولا: قوله:" فوصف السمع والبصر بالأزلية حق لا عيب فيه على
الأشاعرة، وكذلك إثبات التعلق حق "
فيه أن إثبات التعلق عند الأشاعرة حق, وهذا باطل؛ لأن التعلق
عندهم أمر عدمي لا وجودي, وهذا باطل.
والذي أداهم إلى إثبات التعلق هو: نفيهم قيام الحوادث بذات الله, فلما أصلوا
هذا الأصل الباطل وقعوا في حيرة؛ لأن الصفة -كالقدرة والسمع - عندهم أزلية,
والمقدور والمسموع محدَث, فاحتاجوا إلى أن يثبتوا التعلق, وإلا لزم أن يكون
المقدور أزليا, أو القدرة حادثة.
ويأتي المتخصص في العقيدة!! ويصحح إثباتهم للتعلق.
وليته وقف عند هذا الحد لكنه تجاوز فأثبت أنه لا يتصور معنى
التعلق.
يوضحه:
ثانيا: قوله:"
والتفريق بين التعلق
والتجدد في هذا الموضع لا وجه له، لأن التعلق يدخل فيه التجدد، ولكن الباطل في
كلام الأشاعرة هو جعلهم التعلق راجعاً للمخلوقات لا إلى الصفة"
فيه عدم تصورٍ لمعنى التعلق عند الأشاعرة مع جرأته سابقا على
تصحيحه, ثم تناقض فخطأهم في قدرٍ منه.
وهذا المتخصص في
العقيدة!! نفى التفريق بين
التعلق والتجدد في هذا الموضع, ثم جعل التعلق عند الأشاعرة راجعا إلى المخلوق فقط.
وخفي عليه أن التعلق عندهم عدمي, وأما التجدد فهو وجودي,
ولهذا يثبتون التعلق وينفون التجدد.
ويُلزَم بأحد أمرين:
الأول: أن يجعل التعلق وجوديا كالتجدد, فيكون بذلك غير
متصور لكلام الأشاعرة.
الثاني: أن يجعل التعلق عدميا, فيكون بذلك موافقا للأشاعرة
في نفي قيام الحوادث بذات الله.
وحقيقة قوله آيلة إلى موافقة الأشاعرة, وإن لم يقصد ذلك.
والتعلق يا متخصص!! لا يرجعه الأشاعرة إلى المخلوق, بل يجعلونه نسبة بين الأزلي والمحدث, فلا يمكن
أن يكون التعلُّق إلّا بين طرفين يتعلّق أحدهما بالآخر.
قال ابن تيمية في مجموع
الفتاوى (6/ 228): (( المقصود هنا: أنه إذا كان يسمع ويبصر الأقوال والأعمال بعد
أن وجدت ؛ فإما أن يقال : إنه تجدد وكان لا يسمعها ولا يبصرها فهو بعد أن خلقها لا
يسمعها ولا يبصرها . وإن تجدد شيء : فإما أن يكون وجودا أو عدما ؛ فإن كان عدما
فلم يتجدد شيء وإن كان وجودا : فإما أن يكون قائما بذات الله أو قائما بذات غيره و
" الثاني " يستلزم أن يكون ذلك الغير هو الذي يسمع ويرى فيتعين أن ذلك
السمع والرؤية الموجودين قائم بذات الله وهذا لا حيلة فيه )) .
قال ابن عطايا في مقاله:" ولولا ضيق الوقت لتوسعت في الرد عليه، ولبينت أصوله
الباطلة، وقواعده البدعية بالتفصيل"
والرد:
أقول: ارفق بنفسك,
ولا تكشف اللثام عن ضعفها, فكلما فصَّلتَ كلما ظهر للناس عدم تأصيلك في العلم,
وضعفك, وإذا كان هذا حالك في تخصصك فكيف بغيره من العلوم؟!!
وهذا الاعتذار من
المغالطات.
إلى أغلاط كثيرة ذكرها في مقاله, مع
كلامٍ في النيات والمقاصد ...
ومن أعظم تلك الفرى, زعمه: أني من مؤيدي بعض
رؤوس الخوارج في ليبيا، وألمع لبعض أنصار داعش
"
أسأل الله أن يعامله
بعدله, وأن يفضحه.
وموقفي من الخوارج والدواعش
ومن يناصرهم معروف في مقالاتي لا يحتاج إلى ذكره.
وبيني وبينك المحكمة
الشرعية, فهي التي ستردعك وتردع أمثالك.
ثم ختم مقاله الجائر قائلا:" هذا المقال كتبته دفاعا عن العقيدة السلفية،
وتوضيحاً لهذه القضية المهمة، ثم إنصافا للشيخ عبيد الجابري من تعديات بعض أهل الأهواء".
والرد:
أين إنصافك مما يكتب
في التويتر, باسم: منهج السلف أحكم أعلم؟!!
خصوصا وأن هناك من
ينسب هذا الحساب إليك.
ولا أحسب أنك لم تطلع
عليه, وهو يدافع عنك وعن أحمد بازمول, ويصف الشيخ عبيد بأقذع الأوصاف, وأسوئها.
فأين تحذيرك منه,
وتبديعك له عينا على مقتضى أصولك المتذبذبة؟!!
وفي الختام: لست بالطعان ولا الفاحش البذيء, وإنما
أردُّ بالعلم والحجة والأدب؛ صيانة للدين, وحفظا لعقيدة الناس.
وقد تركتُ ما لا
يستحق أن أرد عليه.
والله أعلم, وصلى
الله على نبيا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
د.
أحمد محمد الصادق النجار
5-شعبان-1437هـ
نعوذ بالله من
الخذلان
لا يزال ابن عطايا
يهرف بما لا يعرف في جناب الرب جل جلاله, وهي جرأة عظيمة, وخذلان عظيم, نسأل الله
العافية والسلامة.
وسأتجاوز عن كل طعن
في شخصي؛ لأن الخطب جلل, والدفاع عن جناب الرب أوجب, والغيرة على صفات الله أعظم
من غيرة الرجل على عرضه.
وباب الصفات باب
عظيم؛ لعظم الموصوف به وهو الرب, وهو أيضا باب غيبي, فلا يجوز التكلم فيه إلا بنص
من الكتاب أو من السنة.
وقد تكلم ابن عطايا
في صفات الله بما تشيب له الولدان, ولن أعلق على كل ما ذكره في مقاله الثاني,
وإنما سأعلق على بعضه؛ ليُستدَل بما ذُكر على ما لم يُذكَر.
قال ابن عطايا: " وسأبين هنا
جملاً من عقيدة السلف في صفتَي السمع والبصر لله عز وجل يكون فيها بيان للحق، ودحض
للباطل.
أولاً: صفة السمع يراد بها أمران:
الأول: الصفة الذاتية لله والتي لا تنفك عن ذاته، ووجودها لا
يتعلق بالمشيئة.
ولتوضيح
ذلك أضرب مثلاً للتفهيم: يقال في الإنسان: آلة السمع، أو الجهاز السمعي، وليس
المراد ما يحصل في الجهاز من سماع لأصوات، وإنما قوة السمع، ووجود الآلة.
ومن لغة العرب إطلاق السمع على الأذن. فيتهذيب اللغة (2/ 74):
قال «اللَّيْثُ: السَمْع: الأُذُن وَهِي المِسْمَعَةُ».
فالله يسمع بسمع هو صفة قائمة بذاته لا تنفك عنه، ولا يتعلق
وجودها بالمشيئة.
ومن هنا شابهت اليدين والرجلين والعينين.(
ولذلك تطرقت في مقالي السابق عن الكلام حول إثبات
«الأُذُنِ» لله من نفيه.
لتوضيح هذا
الأمر، لكن ثمة من لم يفهم!
...
الثاني:
يراد بالسمع : سماع المسموعات وهي صفة فعلية لله تقوم بصفة السمع الذاتية لله عز
وجل.
وسماع الله
عز وجل للأصوات متعلق بوجود هذه الأصوات، فعند وجودها يسمعها الله عز وجل، ووجود
هذه الأصوات –من أصوات نفسه أو أصوات خلقه ..."
والرد:
أولا: أن نسبة كلامه لعقيدة السلف من أبطل الباطل, وهو تقويل
لهم ما لم يقولوه, وجرأة عليهم, فليس كل ما اعتقده الإنسان وظنه حقا يصح له أن
ينسبه إلى السلف.
ثانيا: أنه يغاير بين السمع والسماع وهما شيء واحد,
فكلاهما مصدر, مع جعله صفة السمع يراد بها أمران, ولم يستطع أن يقرب فهم معنى
السمع الذي لا ينفك عن الله إلا بآلة السمع في الإنسان، أو الجهاز السمعي, ثم إنه يجعل
السماع فعليا, وأما الذاتي فهو الذي لم يستطع أن يعبر عنه.
يا ابن عطايا ما
أجرأك على صفات الله سبحانه؟!.
أتتخرص فيها بعقلك؟!!
ثالثا: جعل سماع المسموعات صفة فعلية لله تقوم بصفة السمع
الذاتية لله عز وجل.
وعلى هذا الكلام
الفاسد يكون التكلم صفة
فعلية يقوم بصفة الكلام الذاتية.
وهكذا التعلم يقوم
بصفة العلم, إلى آخره.
ما هذا القول
المحدث؟!!, ألا تستحي أن تحدث قولا جديدا في صفات الله سبحانه؟!!
وأما معنى قول بعض الأئمة الذي لم تفهمه:
يسمع بسمعٍ, أي: أن السمع قائم بالله, فالذي يباشر السمع هو الله, لا غيره.
وليبس المقصود أن
السماع يقوم بصفة السمع.
رابعا: أن من جرأته أنه يجعل نظير السمع الذاتي: العين,
وليس البصر, ولهذا ذكر الأذن في الإنسان.
ومعلوم أن العين يحصل بها البصر,
وليست هي البصر الذاتي.
إلى طوام كثيرة.
ولن أكمل الرد على
هذا المتخرص في صفات الله بعقله, فقد بينت في مقالي السابق ضعفه في تخصصه, وعدم
تصوره للواضحات في باب الصفات.
وأما من
أثبتُ موافقته للأشاعرة فهو
من نفى التجدد .
اللهم اجعلنا مقتفين سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
كتبه
أحمد محمد الصادق النجار