مصطلح علماء البلد في الميزان
إن مصطلح علماء البلد
مصطلح عرفي لا يترتب عليه من حيث الشرع اختصاص بأحكام, فضلا عن الولاء والبراء
وهو مصطلح يعبر عن وجود
علماء في بلد ما من غير أن تختص بهم فتوى
ولا حكم
وإنما الواجب على أهل
العلم قبل أن يفتوا أن يتصوروا, فمن تصور وعلم حكم الواقع باستنباط وتنقيح فله أن
يفتي سواء كان في نفس البلد أو خارجا عنه, فليس من شرط الفتوى في واقع أن يكون من
أهل البلد وإن كان الغالب في علماء أهل البلد أنهم أكثر إحاطة بالواقع وإدراك لمآل
فتاويهم وإن لم يكن ذلك مطردا
لكننا نجد غلوا في هذا
المصطلح فصار يرتب عليه الولاء والبراء, وتقصر الفتوى عليه فيمدح من استفتى علماء
بلده ويذم من استفتى غيرهم, وأذكي به التعصب المذموم, والتمايز المبني على الهوى, ونحو
ذلك
وهذا الغلو يرده أدنى نظر
إلى ظاهر نصوص الكتاب والسنة وما سار عليه الأئمة
أما ظواهر النصوص فقد علقت
السؤال بأهل الذكر من غير أن تقيده ببلد, فمن جهل حكما سأل من يثق في علمه وكان من
أهل الذكر سواء كان من بلده أو من بلد غيره, فمن قيد الإطلاق -بإطلاق- دخل في
التشريع.
وهو محل إجماع, قال
القرافي في الذخيرة (1/ 141): (قاعدة: انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من
شاء من العلماء بغير حجر, وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أن من استفتى أبا بكر
وعمر رضي الله عنهما أو قلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما ويعمل
بقولهما من غير نكير, فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل)
وأما سيرة الأئمة فنجد أن
الأئمة يجيبون على أسئلة من يستفتيهم من غير بلدهم, وهو أشهر من أن يذكر.
فيجب أن يبتعد عن العصبية
والجهوية, ولتكن العبرة بتحقق وصف العلم فيه, وكونه عالما قد يكون بإطلاق لكونه
عالما شموليا سنيا, وقد يكون بتقييده بفن ونحو ذلك, وليس المقام بسط.
كتبه د. أحمد محمد الصادق
النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق