#فقه_عقيدة_أهل_السنة
هل يصح تعليق مسألة #الخروج_على_الحاكم المسلم الفاسق على تقدير المصالح والمفاسد؟
استقر أمر أهل السنة على المنع من مجرد الخروج، وأن الخروج خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومشاققة له..
وعللوا المنع بدرء الفتنة..
وتعليلهم المنع بدرء الفتنة هو تعليل بأمر لازم لا ينفك عن الخروج والقتال، فالتعليل هنا من باب بناء الحكم على المفسدة وليس من باب تعليق الحكم على المفسدة يدور معها وجودا وعدما.
وأقرب هذا المعنى بمسألة المنع من شرب الخمر؛ تعليلا بالمفسدة، فالتعليل بالمفسدة الحاصلة للعقول هو تعليل بأمر لا ينفك عن الخمر، فالمنع من الخمر إنما شرع لكون الخمر مُذهبا للعقول ويوقع في العداوة، فهذا يسمى بناء الحكم على المفسدة
وليس هو من تعليق الحكم على المفسدة بحيث يدور معها وجودا وعدما.
فالفساد الحاصل من الخروج بني عليه المنع وشرع لأجله، فكان النهي عن الخروج رفعا للفساد الحاصل منه.
ولهذا قال ابن تيمية:(...وإن كان فيهم ظلم. كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال واقتتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما) منهاج السنة(٤/٥٢٩)
فكما تلاحظون أن ابن تيمية بنى المنع من الخروج نفسه على الفساد الحاصل في القتال والفتنة، ولم يعلقه به، وكذا ابن عبد البر وغيرهما من الأئمة
(وانتبه للفرق بين البناء والتعليق.)
فالمصلحة المترتبة على المنع من الخروج مقصودة للشارع، وتتعلق بحفظ الضرورات، ولذا شدد أئمة أهل السنة في المنع من ذات الخروج.
فالمنع من ذات الخروج على الحاكم الفاسق اشتمل على:
١-المعنى المناسب للتشريع، وهو: المفسدة الحاصلة من القتال.
٢-المصلحة المترتب على تشريع المنع من الخروج وهي: حفظ الضرورات.
٣-الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على المعنى المناسب وهو: نفس الخروج على الحاكم، فيدور الحكم عليه وجودا وعدما.
فإذا وُجد الخروج وجد معه المعنى المناسب وهي المفسدة، ووجودها مع الخروج وجودا ملازما لا ينفك، وهو بحسب الواقع يقيني.
فتبين لنا عدم صحة تعليق الحكم على المصلحة وجودا وعدما..
ولا يصح أيضا تعليق الحكم على المصلحة والمفسدة من جهة عدم انضباط تقدير المصالح والمفاسد.
واعلم أن منع ذات الخروج بإطلاق: أصل من أصول أهل السنة
خلافا للمتكلمين ومن تأثر بهم الذين يجعلونه فرعا من الفروع ويسوغون فيه الخلاف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (كان من العلم والعدل المأمور به الصبر على ظلم الأئمة وجورهم كما هو من أصول أهل السنة والجماعة) مجموع الفتاوى(٢٨/١٧٩)
كبف تعامل بعض السلف مع بعض أعيان من يرى السيف؟
سأمثل بمثال واحد
الحسن بن صالح بن حي عُرف بالزهد والورع وقوة الحفظ إلا أنه كان يرى الخروج، ولم يكن خارجيا
قال الذهبي عن الحسن بن صالح "كان يرى الخروج على أمراء زمانه؛ لظلمهم وجورهم، ولكن ما قاتل أبدا"،
وقال "هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة"
فذمه أئمة لرأيه:
ذكر الذهبي في السير أن الحسن بن صالح ذكر عند الثوري ، فقال : ذاك رجل يرى السيف على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- .
وقال أبو معمر : كنا عند وكيع ، فكان إذا حدث عن حسن بن صالح أمسكنا أيدينا ، فلم نكتب . فقال : مالكم لا تكتبون حديث حسن ؟ فقال له أخي بيده هكذا -يعني أنه كان يرى السيف- فسكت وكيع .
وعن أبي صالح الفراء: سمعت يوسف بن أسباط يقول: كان الحسن بن حي يرى السيف. [تهذيب الكمال (6/ 177)]
وقال أحمد بن يونس يقول: لو لم يولد الحسن بن صالح كان خيرا له، يترك الجمعة، ويرى السيف، جالسته عشرين سنة وما رأيته رفع رأسه إلى السماء ولا ذكر الدنيا. [تهذيب الكمال (6/ 177)]
وقال خلف بن تميم: كان زائدة يستتيب من [أتى] الحسن بن حي [تهذيب التهذيب (1/ 398)]
وقال بشر بن الحارث: كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه. قال: وكانوا يرون السيف [تهذيب التهذيب (1/ 398)]
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق