ضابط #قضايا_الأعيان
صورة #قضية_العين: أن يقع فعل أو قول على حادثة معينة أو يخص شخصا بعينه, ويحتمل الفعل أو القول وجوها متعددة.
ومحل إعمالها: إذا اقتضى ظاهره معارضة حكم عام مع إمكان أن يكون موافقًا لا مخالفًا من وجه آخر
وهذه التي قال عنه الشاطبي في الموافقات (4/ 8): (إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة. فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان، ولا حكايات الأحوال)
ومعنى ذلك أن يَرد معنا حكم عام، ثم تَرد معنا قضية عين يحتمل ظاهرها مخالفة ذلك العام ويحتمل الموافقة في بعض الوجوه.
فهنا تُنَزل قضية العين على وفق الحكم العام, فتحمل على بعض وجوهها.
وانتبهوا هنا أنه إذا لم تكن فيها وجه معارضة لحكم عام كأن تكون موافقة أو لعدم وجود حكم عام فلا تكون من باب قضايا الأعيان التي تنزل على وفق الحكم العام, وإنما تستقرى هذه الجزئيات ويؤخذ منها حكم عام.
وأمثل على هذا بتبديع المعين وتكفيره
عندنا صور:
الصورة الأولى: ما ورد عن السلف من #تبديع_المعين إذا خالف مصدر التلقي وفق المنظومة الاستدلالية البدعية من غير إقامة الحجة
الصورة الثانية ما ورد عن السلف من تبديع المعين إذا خالف في أصل مع سلامة مصدر التلقي من غير إقامة الحجة.
الصورة الثالثة: ما ورد عن السلف من تكفير المعين المسلم من غير إقامة الحجة
ففي الصورة الثانية والثالثة عندنا حكم عام وقاعدة كلية وهي أن المعين لا يبدع إذا لم يخالف في مصدر التلقي إلا بعد إقامة الحجة؛ لتحقق الوصف المقتضي لكونه سنيا, فلا يرفع عنه إلا بيقين، وكونه قد سلم له مصدر التلقي يجعل مخالفته لأصل مقتضيا للتبديع لا موجبا
ولا يكفر إذا وقع في أمر كفري إلا بعد إقامة الحجة؛ لتحقق الوصف المقتضي لإسلامه، فلا يرغع عنه إلا بيقين، وكونه قد نطق بالشهادين يجعل وقوعه في أمر كفري مقتضيا للتكفير لا موجبا
وكونه مقتضيا يعني يتوقف على شروط وموانع
فإذا ورد عن السلف تبديع أو تكفير لمعين كان ذلك محتملا لكون الإمام قد أقام عليه الحجة ومحتملا لعدم إقامتها, فيكون ما ورد عن السلف قضية عين تفهم على وفق القاعدة الكلية فتحمل على أنه قد أقام عليه الحجة.
وأما الصورة الأولى فلما لم تكن هناك قاعدة عامة تخالف ما ورد عن السلف من تبديع المعين المخالف في مصدر التلقي وفق ما بينته في منشورات سابقة وليس هناك أصل يمنع من رفعه إلا بيقين أخذنا حكما عاما من مجموع هذه الجزئيات التي فيها تبديع السلف لأعيانٍ بموجب مخالفتهم المنظومة الاستدلالية الشرعية, وهذا الحكم هو التبديع العيني على من خالف في مصدر التلقي وفق المنظومة الاستدلالية البدعية من غير إقامة الحجة.
قال أبو حامد الإسفراييني: ( يا بني بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس إلى الضلال..) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (6/ 598)
والخلاصة: أن ما ورد عن السلف من تبديع المخالف في مصدر التلقي ليس من باب #قضايا_الأعيان؛ لعدم ثبوت المقدمة وهي وجود حكم عام على أن المعين لا يبدع مطلقا إلا بعد إقامة الحجة.
فمن يقوللو افترضنا صحة هذا التعميم في تبديع كل أعيان المعتزلة فإنه يلزم منه أيضا صحة تكفير كل أعيانهم أخذا من تكفير الإمام أحمد لابن أبي دؤاد..)
فهذا لم يفقه الفرق ومحل قاعدة قضايا الاعيان, وخلط بين المسائل...!!!!
ولا يقال أيضا: إذا أقررت على أن #تكفير_المعين قاعدته العامة لابد فيه من إقامة الحجة فلتقر بذلك في التبديع
وجواب هذا: أن القاعدة العامة في تكفير المعين مقيدة بمن ثبت له أصل الإسلام الذي لا يرفع إلا بيقين, فلا يقال في المجوسي لا نكفره إلا بعد إقامة الحجة؛ لأنه لم يأت بأصل الإسلام, وكذلك التبديع تعتبر فيه إقامة الحجة لمن ثبت له أصل السنة؛ لأن هذا الاصل لا يرفع إلا بيقين، بخلاف من لم يثبت له الأصل فليس هناك ما يمنع من تبديعه عينا
فلا فرق بين باب التكفير وباب التبديع في شرط إقامة الحجة لمن ثبت له الأصل, وأما من خالف فمنع الاحتجاج بأصل السنة؛ لدلائل عقلية كلامية, فهذا لم يثبت له الأصل فلم يشترط في تبديعه إقامة الحجة.
فموجب تبديعه عدم ثبوت أصل السنة, لا أن موجب تبديعه أن الحجة مقامة عليه كما يصور ذلك من لا يفهم.
ومن هنا تعلم: أن السني يقابله المبتدع, فمن لم يكن سنيا يكون مبتدعا, ومن لم يكن مبتدعا يكون سنيا, فمن ارتفع عنه موجب تسميته سنيا كان مبتدعا , ولا تنافي بين كونه مبتدعا ومسلما؛ لأنه لا تقابل بينهما, وإذا ارتفع عن المعين موجب تسميته سنيا لم يرتفع عنه موجب تسميته مسلما؛ لاختلاف المناطين
والعلم فقه وتحقيق, لا تلبيس وتدليس وإعمال قواعد في غير محالها
د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/07/blog-post_13.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق