السبت، 2 نوفمبر 2024

ما المقصود مسألة #أول_واجب_على_العبيد، ومن المخاطب بها؟

 


اعترض بعض المتكلفين على مسألة أول واجب على العباد, بعدة اعتراضات منها:


أولا: أنه سؤال محدث؛ لأنه لم يرد في النصوص الشرعية بلفظ السؤال, وإنما أحدثه المتكلمون.

ثانيا: أن السؤال في نفسه بهذا الإطلاق غير صحيح, وإنما يخاطب به من أراد الدخول في الإسلام, فيكون الجواب الصحيح هو أن أول واجب في حق من لم يدخل الإسلام هو الشهادتان, وليس جوابه التوحيد بإطلاق..


ومنشأ الغلط عند هؤلاء: فهمهم أن المخاطب بالسؤال كل مكلف بعينه على كل حال.


وجوابه: 


أولا كون السؤال محدثا من جهة ألفاظه لا يعني حدوثه من جهة معناه, فقد جاء بمضمون السؤال وجوابه الحديثِ الصَّحِيحِ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ  لما بعَثَهُ إلى اليمن: (( إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ, فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ...)), والسؤال وجوابه من الأسئلة المميزة والفارقة بين أهل الحديث وغيرهم؛ فصح تلقينه الأطفال وغيرهم, ولا يلزم من حدوث السؤال أن نترك مخاطبة الناس به, وإذا منعنا السؤال لكونه محدثا فلنمنع السؤال عن القرآن أمخلوق أو لا؟ ووو


ثانيا: إن المقصود بهذا السؤال في باب العقائد: بيان العلم الواجب ابتداء على العبد من حيث الإطلاق, 

بمعنى أن المقصود من ذكره في باب العقائد بيان أن التوحيد أول الواجبات على الإطلاق, فصارت مسألة أول واجب على العبد عنوانا على أن التوحيد أولا, هذا هو المقصد الأصلي.


والمخاطب بهذه الأولية: العبد من حيث هو مكلف لا باعتبار آخر؛ لوجوب وجود التوحيد عند التكليف, فإذا وجد منه قبل البلوغ كفاه ولا يطالب بتجديده؛ لأنه موجود عنده بعد البلوغ.


فأول ما يؤديه العبد من الواجبات: التوحيد, وهي أولية مطلقة في الواجبات, والمخاطب بذلك العبد من حيث هو مكلف, وليس المخاطب به كل مكلف على كل حال.


وإنما لا يصح الإطلاق إذا كان المقصود المخاطب به المكلف على كل حال, وهذا غير مقصود, وهو منشأ الغلط.


وقد اختلفت أنظار الناس في الأولية المطلقة بحسب عقائدهم, فأوجب المتكلمون النظر على كل أحد باعتبار كونه مكلفا.

والذي عليه أهل الحديث أن أول ما يجب على العبد من حيث هو مكلف: التوحيد أو الشهادتان, فالأولية المطلقة للواجبات: التوحيد, وليس النظر والمعرفة: لأن معرفة الله فطرية, والمخاطب بذلك العبد من حيث هو مكلف, وليس المخاطب به كل معين

فعند التعيين تختلف الأولية في الواجبات بحسب أحوال الناس, فتكون أولية نسبية, فيجب على بعض الناس ابتداء ما لا يجب على غيرهم, فالأولية بالنسبة للمسلم المعين أن يأتي بالطهارة والصلاة؛ لكونه أتى بالتوحيد, وهكذا ...

قال ابن تيمية عند كلامه في التعيين: (فإنما يأمر العبد ابتداء بما لم يؤده من الواجبات دون ما أداه, فلم يخاطب المشركين ابتداء بالمعرفة إذا كانوا مقرين بالصانع وإنما أمرهم بالشهادتين, ولو لم يكونوا مقرين بالصانع فإنه لم يأمرهم بإقرار مجرد عن الشهادتين بل أمرهم بالشهادتين ابتداء والشهادتان تتضمن المعرفة...)


وتلقين الأطفال هذا السؤال ليس من باب أن إسلامهم متوقف على أن يعلموا السؤال وجوابه, أو أنهم لم يدخلوا في الإسلام بعد, وإنما يلقنون ما يجب عليهم اعتقاده من كون التوحيد أولا أولية مطلقة ويخاطب به العبد من حيث إنه مكلف, فإذا أتى به انتفت انتفت مخاطبته به لا لكون التوحيد ليس أولا وإنما لكونه قد أتى به...


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 31 أكتوبر 2024

هل الشيخ الصادق الغرياني في شرح عقيدة ابن أبي زيد على طريق السلف ومنهجهم؟

 

هل الشيخ الصادق الغرياني في شرح عقيدة ابن أبي زيد على طريق السلف ومنهجهم؟ 

كثيرا ما يردد بعض الإخوة أنه في شرحه على طريقة السلف وهنا نسأل ما هي طريقة السلف في إثبات الصفات؟

وجوابه: هي إجراء ألفاظ الصفات على ما دلت عليه من معنى ظاهر في لغة العرب، كما قال الإمام أحمد:(ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت) أي وفق المعنى الظاهر الذي جاءت به، وهذا هو معنى قول السلف "أمروها كما جاءت" و "قراءتها تفسيرها" ولا يمكن بحال أن يتوهم من المعنى الظاهر معنى لا يليق بالله، ولو أمكن ذلك ما تعبدنا الله بظاهر نصوص الصفات ولا خاطبنا بها.

ولما سئل الإمام أحمد عن قوم يقولون لما كلم الله موسى لم يتكلم بصوت.

قال: بلى إن ربك تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما حاءت) أي على المعنى الظاهر. وقال يزيد بن هارون: ( من توهم [الرحمن على العرش استوى] خلاف ما في قلوب العباد فهو جهمي] اي توهمه على خلاف المعنى الظاهر.

 

لكن نجد أن الشيخ الغرياني في شرحه يشيد بالقاضي عبد الوهاب ويذكر أن شرحه على عقيدة ابن أبي زيد كان على طريقة ومنهج السلف.

والذي غاب عنه أن القاضي عبد الوهاب كان تلميذا للباقلاني الأشعري, وعلى طريقته, قال القاضي عياض:( ودرس الفقه والاصول والكلام على القاضي ابي بكر الباقلاني وصحبه) ترتيب المدارك(٧/٢٢١),  وقد اعتمد القاضي عبد الوهاب على الباقلاني في شرحه العقيدة ونقل عنه وكان يقول: قال شيخنا, وكان من طريقة الباقلاني أنه يرفض تأويل الصفات الخبرية كالاستواء والوجه...ويسلم للنصوص الشرعية إلا أنه يثبتها مع نفي ما توهمه من كون ظاهر النص يفيد ما لا يليق بالله، ولهذا قال في الاستواء:(أنه على عرشه لا على معنى كون الجسم بالملاصقة والمجاورة) التمهيد(٢٦٤) فتوهم أن ظاهر معنى الاستواء الملاصقة والمجاورة فاحتاج إلى نفيه مع إثبات أن الله على العرش وهذه قاعدة له, والقاضي الباقلاني أقرب إلى السنة ممن جاء بعده كالجويني.

 وقد تأثر القاضي عبد الوهاب بطريقة شيخه الباقلاني ... فالقاضي عبد الوهاب نصر عقيدة متقدمي الأشاعرة في الصفات الخبرية

وقد كانت قاعدة القاضي عبد الوهاب التي ينطلق منها في إثبات الصفات الخبرية هو التسليم بما ورد به النص مع نفي ما توهمه من كون ظاهر النص يفيد ما لا يليق بالله. ولهذا يرى الإمساك عما أمسك عنه السلف من ألفاظ زائدة على ما ورد به النص ولو كانت الألفاظ في حقيقتها تبين معاني النصوص ومرادات السلف؛ خوفا من الوقوع فيما توهمه أنه يؤول به إلى التجسيم, فالاستواء مثلا يثبته تسليما للنص الشرعي لكنه لا يفهم من حقيقة لفظ الاستواء إلا التحيز وشغل مكان والتحول والافتقار ... فاحتاج عند إثباته الاستواء، أن ينفي عنه ما تبادر إلى ذهنه من استقرار وانتقال وشغل مكان، وإثبات الاستواء صفة تسليما للنص استوجب منه ألا يفسره؛ فرارا من الوقوع في التجسيم.

وقد اغتر الشيخ الغرياني بالقاضي عبد الوهاب؛ لكونه غير متخصص وليست له معرفة تفصيلية بعقيدة السلف فدخل عليه شيء من كلامه ففي إثباته للصفات يكتفي بالتسليم لألفاظ النصوص على ظاهرها من غير خوض في المعاني المتعلقة بالمعنى الظاهر للفظ، ويرى ذلك من التعمق الذي يخرج عن منهج السلف من غير أن يفرق بين المعاني المستقرة عند السلف كاستقرار كلمة غير مخلوق في مسألة كلام الله, فالصحابة وإن لم ينطقوا بكون كلام الله غير مخلوق إلا أن هذا المعنى مستقر عندهم فذكره عند الحاجة إليه ليس تعمقا ولا خروجا عن منهجهم, وبين الزيادة على المعاني المستقرة عند السلف والمبالغة في الإثبات, فلما لم يميز الشيخ بين الأمرين أنكر كل لفظة لم ينطق به السلف ولو كان اللفظ محققا للمعنى الذي قصده السلف وموضحا له؛ ظنا منه أنه ينطلق من قاعدة الإمساك عما أمسك عنه السلف من ألفاظ, ولذا في شرحه على ابن أبي زيد أنكر لفظة "بذاته" في قول ابن أبي زيد (وأنه فوق عرشه المجيد بذاته) واستأنس في ذلك بكلام الذهبي, وجعل "بذاته" صفة للعرش,...

ومعلوم أن لفظة بذاته ذكرها الأئمة وحكوها في سياق ذكر إجماعات السلف في إثبات الاستواء على ظاهره, ولم ينكروها؛ لأنها من الألفاظ التي تبين المعنى الظاهر للاستواء الذي هو مستقر عند السلف, واحتيج إلى اللفظ في الرد على النفاة, قال شيخ الإسلام: ((وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الطلمنكي الْإِمَامُ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ الْأُصُولِ ": أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ اسْتَوَى بِذَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَافِظُ الْكُوفَةِ فِي طَبَقَةِ الْبُخَارِيِّ وَنَحْوِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ السجستاني الْإِمَامُ فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي السُّنَّةِ الَّتِي كَتَبَهَا إلَى مَلِكِ بِلَادِهِ.وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ السجزي الْحَافِظُ فِي كِتَابِ " الْإِبَانَةِ " لَهُ. قَالَ: وَأَئِمَّتُنَا كَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَة وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وفضيل بْنِ عِيَاضٍ وَأَحْمَد وَإِسْحَاقَ: مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ بِذَاتِهِ؛ وَأَنَّ عِلْمَهُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الطَّرْقِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الجيلي وَمَنْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَشُيُوخِهِ.)). [5/ 189]

وقال ابن القيّم - كما في مختصر الصواعق (2/ 134) -: (الوجه الرابع عشر: أن الجهمية لما قالوا عن الاستواء مجازٌ = صرَّحَ أهل السنَّةِ بأنه مستوٍ بذاته على عرشهِ ....).

فليس في إثبات هذه اللفظة إثبات شيء زائد على ما دلت عليه النصوص, قال شيخ الاسلام رحمه الله:(فأهل السنة لم يثبتوا بهذه الألفاظ صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة، بل بينوا بها ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته من خلقه وثبوت حقيقته )

قال ابن تيمية: (والقول الذي قاله الشيخ " محمد بن أبي زيد " وأنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو في كل مكان بعلمه قد تأوله بعض المبطلين بأن رفع المجيد. ومراده أن الله هو المجيد بذاته وهذا مع أنه جهل واضح فإنه بمنزلة أن يقال: الرحمن بذاته والرحيم بذاته والعزيز بذاته. وقد قال ابن أبي زيد في خطبة " الرسالة " أيضا على العرش استوى وعلى الملك احتوى ففرق بين الاستواء والاستيلاء على قاعدة الأئمة المتبوعين ومع هذا فقد صرح ابن أبي زيد في " المختصر " بأن الله في سمائه دون أرضه هذا لفظه

والذي قاله ابن أبي زيد ما زالت تقوله أئمة أهل السنة من جميع الطوائف. وقد ذكر أبو عمرو الطلمنكي الإمام في كتابه الذي سماه " الوصول إلى معرفة الأصول ": أن أهل السنة والجماعة متفقون على أن الله استوى بذاته على عرشه. وكذلك ذكره محمد بن عثمان بن أبي شيبة حافظ الكوفة في طبقة البخاري ونحوه ذكر ذلك عن أهل السنة والجماعة. وكذلك ذكره يحيى بن عمار السجستاني الإمام في رسالته المشهورة في السنة التي كتبها إلى ملك بلاده.

وكذلك ذكر أبو نصر السجزي الحافظ في كتاب " الإبانة " له. قال: وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وابن المبارك وفضيل بن عياض وأحمد وإسحاق: متفقون على أن الله فوق العرش بذاته؛ وأن علمه بكل مكان وكذلك ذكر شيخ الإسلام الأنصاري وأبو العباس الطرقي والشيخ عبد القادر الجيلي ومن لا يحصي عدده إلا الله من أئمة الإسلام وشيوخه). مجموع الفتاوى (5/ 189)

فهذه اللفظة لم ينكرها أئمة أهل الحديث, بل تتابعوا على ذكرها؛ لأنها من الألفاظ التي تبين معاني النصوص, قال ابن تيمية: (والمقصود هنا أن الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة؛ لما فيه من لبس الحق بالباطل, مع ما توقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة، بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بينت معانيها)

وإنما أنكرها الذهبي لعدم تحقق الحاجة التي لأجلها استحدث هذا اللفظ, فقد كان مؤولة الاستواء بالاستيلاء يستعملون لفظة بذاته في تأويلهم, قال الذهبي: (قولك بذاته هذا من كيسك ولها محمل حسن, ولا حاجة إليها؛ فإن الذي يأول استوى يقول أي: قهر بذاته واستولى بذاته بلا معين ولا مؤازر) العلو للعلي الغفار (ص: 245)

وطريقته خلاف أكابر أهل العلم

ومع نفرة الشيخ الغرياني من التأويل إلا أن إشكالية توهم معنى لا يليق بالله يؤخذ من حقيقة اللفظ يؤول به إلى التجسيم جعل إثباته في بعض المواطن مقيدا، وهذا ما صرح به في موقعه لما قال:(صفة العين ثابتة لله تعالى؛ لكن ليس بمعنى الجارحة والحدقة التي يبصر بها الناس)

فما الذي جعله ينفي الحدقة إلا ما توهمه من كونها هي حقيقة لفظ العين!!!

فهو مع تسليمه لألفاظ النصوص إلا أن أشكالية توهم ما لا يليق تراوده في بعض الصفات, ولا أظنه يراها ظاهرا لجميع الصفات الخبرية وإلا خرج بذلك عن اعتقاد السلف بالكلية.

فالذي يظهر لي أن الشيخ الغرياني ينفر من تأويل الصفات إلا ما أوله السلف على زعمه، فقد عد تفسير السلف لقوله تعالى:( وهو معكم) بالنظر إلى السياق تأويلا ظنا منه أنهم ينفون التفسير الإفرادي ل "مع"؛ لأن حقيقة "مع" عند الشيخ تفضي إلى التشبيه ومع نفرته من التأويل إلا أن إشكالية توهم معنى لا يليق بالله يؤخذ من حقيقة اللفظ ومعناه الظاهر يؤول به إلى التجسيم جعل إثباته مقيدا، وجعله يفر للتسليم للنص من غير تفسير.

وهذا ما صرح به في موقعه لما قال:(صفة العين ثابتة لله تعالى؛ لكن ليس بمعنى الجارحة والحدقة التي يبصر بها الناس) ففي إثباته للصفات يكتفي بالتسليم لألفاظ النصوص من غير الخوض في المعنى الظاهر للفظ، ويرى ذلك من التعمق الذي يخرج عن منهج السلف فهو مع تسليمه لألفاظ النصوص إلا أن أشكالية التوهم لا تنفك عنه, وهذا جعله ينفي عن العين الحدقة؛ لأنه يرى أن هذا هو حقيقة لفظ العين ومعناه الظاهر...

ولما سئل في موقعه عن إثبات الصفات قال:(صفات الباري عز وجل يجب إثباتها كما جاءت في الكتاب والسنة على (المعنى الذي أراده الله عز وجل ورسوله بها من غير تكييف)، وقد كان السلف الصالح يقولون: أمرّوها كما جاءت...)

تنبيه لا أعرف معتقده في الصفات الفعلية....

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

 

الخميس، 24 أكتوبر 2024

ما معنى قول العلماء بتأثيم الأمة جميعا بترك الواجب الكفائي؟

ما معنى قول العلماء بتأثيم الأمة جميعا بترك الواجب الكفائي؟ 

وهل يصح الانطلاق من هذا الإطلاق إلى تأثيم أكثر الأمة بتركها مسألة من مسائل الواجب الكفائي؟


لننطلق من فهم كلام النووي حتى نوضح المسألة

قال: (وأما اليوم فهو - الجهاد- ضربان، أحدهما: أن يكون الكفار مستقرين في بلدانهم، فهو فرض كفاية، فإن امتنع الجميع منه، أثموا، وهل يعمهم الإثم، أم يختص بالذين يدنوا إليه؟ وجهان.

قلت: الأصح أنه يأثم كل من لا عذر له)


(حكم ابتداء بإثم الجميع ثم أورد سؤالا هل يعمهم أو لا؟ ثم أجاب بأن الأصح تقييد الإثم بانتفاء العذر)


وتوضيح ذلك:

ليس مقصود الأصوليين ومن وافقهم من أهل العلم بكون الأمة تأثم إذا تركت الواجب الكفائي أن يعم الإثم الأمة كلها أو أكثرها أو حتى كثير منها

وهذا منشأ الغلط عند من تكلم في هذه المسألة, فينطلق من قول العلماء بأن الأمة تأثم بترك الواجب إلى تأثيم أكثر المعينين أو كثير منهم من غير اعتبار للعذر الشرعي الخاص في إطلاقه تأثيم أكثر المعينين أو كثير منهم، ظنا منه أن يحذر من ترك الواجب


بمعنى هل يؤخذ من قول الأصوليين "إن جميع الأمة يأثم بترك الواجب الكفائي" تأثيم أكثر المعينين 

أو لا يؤخذ وإنما ينظر في كل معين وما قام به من عذر؟


فإن قلت: يؤخذ منه تأثيم أكثر المعينين كنت قد خرجت عن قواعد الشريعة وسنن أهل العلم, 

وإن قلت: لا, بل لابد من النظر إلى الشروط والموانع في كل معين, كنت أعملت كلامهم في محله، ولم يصح منك الانطلاق من قولهم إلى تأثيم أكثر الأمة أو كثير منها...............

فليس مقصود العلماء من قولهم إذا تُرك الواجب الكفائي أثم جميع الأمة 

إطلاق التأثيم من باب التحذير, وإنما هو تأثيم لجميع الأمة من حيث هو جميع؛ لكون الخطاب كان موجها للجميع من حيث هو جميع، فهو بيان لحقيقة الواجب الكفائي من جهة توجه الخطاب وإثم الترك....

جاء في التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (2/ 135): (الإيجاب على الجميع من حيث هو فإنه لا يستلزم الإيجاب على واحد ويكون التأثيم للجميع بالذات ولكل واحد بالعرض)


والتأثيم للجميع من حيث هو جميع لا يستلزم تأثيم كل فرد من الأمة أو أكثرهم؛ لأن تأثيم المعينين لابد فيه من العلم والقدرة الشرعية، والنظر في الموانع والأهلية...

وهذا الذي جعل الغزالي في الوسيط في المذهب (7/ 7) يقول: (ولتعلم أنه إذا تعطل فرض كفاية في موضع أثم من علم ذلك وقدر على إقامته ويأثم من لم يعلم إذا كان قريبا من الموضع وكان يليق به البحث فلم يبحث, أما من هو معذور لبعده أو لتعذر البحث عليه فلا يأثم)


من الفقه تحرير المسائل وإعمالها في محالها.


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/10/blog-post_24.html

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

هل يصح إطلاق أن جميع الأمة آثمون بترك الجها د في غ زة؟

 


[لا يصح الإطلاق؛ لأن الوجوب على كل فرد من أفراد الأمة مقيد بما في إمكانه, وهذا يتفاوت الناس فيه, ولا يجمعهم فيه حكم واحد؛ بحيث يمكننا إطلاق القول بالتأثيم أو عدمه.

ومتى عزم المسلم على القتا ل فقعد السلطان أو منعه: لم يأثم, قال ابن الهمام في فتح القدير(5/ 440): (ويجب أن لا يأثم من عزم على الخروج، وقعوده لعدم خروج الناس وتكاسلهم أو قعود السلطان أو منعه)]


وتحرير ذلك:

أولا: لولا وجود من يُطلق ويؤثم وينطلق من عاطفته ما صح لي أن أتكلم في هذا الوقت, لكن عند اشتباه الأحكام ووجود من يخلط بين الأمور وجب البيان ولو كان في وقت القتال ...


ثانيا: يشكل على غير المتخصص في أصول الفقه عدم ذكر قيود المسألة في موطن واحد, فالأصوليون لا يذكرون الموانع والعوارض التي يسقط بهما الإثم عند كلامهم عن الواجب الكفائي؛ لاكتفائهم بذكرها في شروط التكليف أو في عوارض الأهلية, فقد يظن غير المتخصص أن كل الأمة تأثم إذا لم يقم بالواجب الكفائي أصحابه المختصون به, وإذا انتبه قد يستثني الصبي والمجنون والعاجز عجزا حسيا, ومن فعل جميع الأسباب..!!

من غير التفات إلى المانع الشرعي والعجز الحكمي, ومما يدخل في المانع الشرعي: ما مفسدته أرجح من مصلحته..

ولهذا جاء في شرح عليش المالكي على خليل هذا القيد: ( ...إن لم يخش غير المفجوئين معرة على نسائهم وعيالهم وبيوتهم من عدو بتشاغلهم بالدفع عمن فجأهم العدو)

فحتى وإن تعين الفعل لابد من انتفاء المانع الشرعي والعجز الحكمي حتى يستحق الإثم ولو كان بالغا عاقلا سليم الآلة.

وقد يجوز تخلفه لحفظ المكان والأهل, وقد يعذر بتخلفه لمنع السلطان له, فكيف يقال بأنهم أثمون؟!!

قال ابن قدامة: (واجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا ...ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال, ومن يمنعه الأمير من الخروج..)

وكثير من أفراد الأمة يعجز بل أكثرهم لا يمكنه أن يصل إلى غ ز ة إلا بما مفسدته أرجح فهؤلاء لا يقال عنهم آثمون بترك الجها د؛ لوجود مانع شرعي, 

وليس المطلوب منهم شرعا أن يثوروا على حكا مهم كما يدعو إليه الحركيون؛ لما في ذلك من مفاسد راجحة ....


ثالثا: ترك الواجب الكفائي مقتض لتأثيم جميع الأمة, وليس موجبا كما يظنه البعض, بمعنى أن التأثيم متوقف على توفر الشروط وانتفاء الموانع الشرعية

ولا أتكلم هنا عن العجز الحسي كأن يكون أعمى أو مريض, فهذا واضح ومفروغ منه, وإنما أتكلم عن العجز الحكمي.

رابعا: ليس كل من ترك فعل الأسباب المشروعة أو الوسائل التي توصل إلى إيجاد الواجب الكفائي يكون آثما؛ لأنه قد يكون عدم فعله السبب لعدم علمه به, والعلم شرط في التكليف, وقد يكون عالما به لكنه فاقد لطريق الوصول إليه والتمكن من فعله, وقد يكون عالما به قادرا على وسيلته إلا أنه منشغل بما هو أوجب في حقه, أو يترتب على فعله ما هو أكثر مفسدة وأعظم. 

خامسا: تعميم التأثيم فيما يحتمل صورا وأحكاما مختلفة ليس هو الأليق؛ لأن المسألة إذا احتملت صورا واحكاما مختلفة كان الإطلاق موهما ومشتبها, ومتى كان الإطلاق موهما استوجب التفصيل, والتفصيل هنا لا يضيع خطر ترك الواجب الكفائي, وإنما يدفع الاشتباه الذي يترتب عليه ظلم وبغي.

ولذا لما أطلق الخوارج أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر لم يحتمل الصحابة هذا الإطلاق منهم؛ لأن الإطلاق كان لمسألة اختلفت صورها وأحكامها .

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 13 أكتوبر 2024

وقفة مع بيان من سموا أنفسهم بـ #علماء_الطوفان

وقفة مع بيان من سموا أنفسهم بـ #علماء_الطوفان


متى يتركون لغة التخوين والرمي بالنفاق ومزيد تفريق الأمة؟ متى ينتهون عن بث الفوضى في بلدان المسلمين؟ 

فالأمة يكفيها ما أصابها...


نعم, يجب على الدول الإسلامية المطبعة أن تنقض الاتفاق مع الدول الكا فرة التي تساند اليهو د, وأن تقوم بالواجب الذي أوجبه الله عليها تجاه المسلمين وأراضيهم وأموالهم.

نعم, مناصرة إخواننا في غ زة في بقية أقطار المسلمين تختلف من شخص إلى شخص بحسب ما هو في إمكانه وما تعين عليه.


نعم, من قصر من الحكام في أمر هو باستطاعته فهو آثم ظالم, وعند المالكية ضامن... 


نعم، الأمة قصرت...

ومن يقول: إن الأمة -بحكامها ومحكوميها-

قادرة اليوم ومهيأة...

فالحقيقة أنه لا يعي ما يقول، ووقع في رق عاطفته..!! 

وما خذلانها وبعدها عن دينها إلا  دليل من أدلة عدم قدرتها...


وأما الملاحظات على هذه البيان:

1- صُدر بما يزيد الأمة فرقا وشتاتا؛ إذ جعلوا أنفسهم هم علماء الأمة وأما من عداهم فهم علماء السلطة, ويتهمونهم بالنفاق, مع أن كثيرا من أصحاب هذا البيان يعيشون في تركيا ودول الكفر, ولا يمارس عليهم أي ضغط, فغرتهم الحرية التي يتنعمون بها في إبداء آرائهم, وليتهم مع هذا كانت معالجتهم للمسألة بحكمة وفق نور النبوة..!!!

ليتهم انطلقوا من نظر شرعي صحيح..


وهنا يأتي سؤال من وضع هذه الهيئات؟ ولمن تتبع؟ وما هي خلفيات أعضائها وأفكارهم؟ فالعالم دين...

ولو تريث هؤلاء وأمعنوا النظر لميزوا بين المعاني الشرعية والنظر المصلحي وبين ما تشربوه من موروث أفكار منحرفة كان له أثره في تحديد المواقف واتخاذ المعايير ..

قال ابن مسعود – رضي الله عنه –: (إنها ستكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتُّؤدة؛ فإنك أن تكون تابعا في الخير خير من أن تكون رأسا في الشر)


2- الملاحظ على أصحاب هذه البيانات أنهم لا يلتفتون إلى حال النساء والأطفال والشيوخ المحصنين في بيوتهم والذين لا علاقة لهم بالقتال المباشر, فلا ترى بياناتهم تناقش المفاسد الواقعة عليهم ولا تراهم يبحثون في المفسدة المخوف منها والتي يخطط لها اليهود هل هي أعظم من مفسدة قتل الأبرياء وتدمير البيوت على رؤوسهم أو لا؟ 

 وهذا يحتاج إلى فقه دقيق بالشريعة وإدراك الواجب فيها, والوصول إلى الحكم المناسب لا يحتاج إلى أمثال أصحاب هذه البيانات الذين لهم نفسية ثورية وتحكمهم أفكار الجماعات التي ينتسبون إليها أو الهيئات التي تقيد حرية تفكيرهم, فليس الأمر أن يطلب منهم أبو عبي دة أن يعلنوا الجها د فيلبوا طلبه ويعلنوا الجها د, ويسموا أنفسهم بعلماء الطوفان وانتهى الأمر!!!

أين صراخات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ؟ وهل قتلاهم مجرد خسائر تكتيكية لا قيمة لها؟


3- من الخطأ الدعوة إلى النفير العام من كل الأمة وفتح الحدود للمدنيين من غير تهيئة واستعداد وتدريب على القتال؛ حتى لا يتعرضون للإبادة العامة بالصواريخ والطائرات, فهذه الأمور تحتاج إلى تقدير خاص لا إلى عاطفة جياشة..

وتقييدها باستئذان الحاكم له وجهه من جهة درء مفسدة الإبادة الجماعية للمدنيين غير المستعدين للقتال, ونحو ذلك..


4- ليس من نصرة إخواننا ما اشتمل عليه البيان من محاولة بث الفوضى في بلاد المسلمين ومطالبة الشعوب بعدم السماع مطلقا لأنظمتها, فليس هذا طريقا للإصلاح والنصرة, فإصلاح ما فسد من الأنظمة لا يكون علاجه بالفوضى وبث الفتنة, ومخاطبة الشعوب بما يجر عليهم الويلات, وانظر للدول التي ثارت ما حالها؟

فتحريضهم على أنه "ليس على المسلمين سمع ولا طاعة (بإطلاق)، لأي نظام أو حاكم يمنعهم من مساندة المجا هدين في غ زة؛ بل يجب عليهم مقاومة هذه الأوضاع واستفراغ الجهد والطاقة في ذلك"


ولا شك أن نقد الفتاوى المحرضة على المقاومة وإذكاء الفتنة في الدول المسلمة تحت شعار نصرة أهل غ ز ة أعظم من عدم نقدها, ومعلوم شرعا وواقعا أن بث الفتنة في بلاد المسلمين لا يحقق نصرا على العدو, بل مع إذهابها لأنفس مسلمة وإشعال نار الحرب بين المسلمين سيمنح للدول الكافرة الفرصة لاحتلال أرضهم وتسلطهم على رقاب المسلمين وأموالهم, فلا حافظنا على رأس المال ولا أدركنا ربحا!!!


5-لابد من فهم الآخر, فالذين منعوا لم يمنعوا منه لكونه جهادا عندهم, أو أنهم منعوا لأجل وجود خسائر في أرواح المقاتلين, أو منعوا لعدم وجود التكافؤ, وإنما منعوا منه لعدم تحقق شرطه عندهم, وهو القدرة الشرعية, ولكون الخسائر تعلقت بالمدنيين, فكيف يأتي من ينزل عليهم نصوص النفاق؟, هذا فيه جناية عليهم.


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/10/blog-post_13.html

الخميس، 10 أكتوبر 2024

تحليل عقلية الشيخ #الصادق_الغرياني في مواقفه وتعامله مع الأحداث

 تحليل عقلية الشيخ #الصادق_الغرياني في مواقفه وتعامله مع الأحداث 


إن مما اضطرني لهذا التحليل هو تفهيم الناس مواقفه، وتأصيله الذي ينطلق منه ويفهم به الأحداث ويوجه الناس على ضوئه....

وقد سألني بعض المشايخ أن أحلل عقليته ليفهم موافقه

فلبيت طلبه:


من أعظم إشكاليات الشيخ أنه ينطلق من العقل المثالي فيخاطب الناس بما يفترض أن يكون ولو ترتب على تحقيقه مفاسد كبرى

والغريب أن خطابه يتوجه لمن لا يملك تغيير الواقع؛ لعدم قدرته واستعداده، 

ولو فعل من يخاطبهم -وهم عموم الناس- ما يأمرهم به الشيخ لسُفكت دماء كثير منهم.....!!!!

فتراه مثلا يحرض أهل الأردن على فتح المعابر ليخففوا على إخوانهم في غ ز ة من غير أن يلتفت إلى المفاسد، بل يرى أن دماء أهل الأردن ليست بأولى من دماء أهل غ زة

ويرى بأنه لا عبرة بما تسفك من دماء مهما كثرت في سبيل نصرة قضية..

رأيتم هذه العقلية 

وتراه كثيرا ما يهيج الشعوب ويدعوهم إلى التحرك والقيام على أنظمتهم

المهم أن يثوروا ولا يلتفت إلى نوع المفاسد المترتبة ودرجتها....... 


وللأسف يفصل للدين ثوبا من لم يلبسه يكون خائنا منافقا........... 


هذه المثالية التي يطالب بها يرى أنها غير قابلة للنقاش ... 


وتراه يأتي للواقع المعقد المركب فينزل عليه أحكاما مطلقة ويتعامل معه أنه على أنه واقع بسيط 

فيزيد الواقع المعقد تعقيدا، ويصر أتباعه على مناصرة قوله والدفاع عن رأيه..!!

متوهمين أنه الحق وأن من ينتقده فيه فكأنه ينتقد الإسلام... 


والشيخ لا يختلف كثيرا عن الددو في تضخيم التفسير السياسي للدين 

والذي بُني على أن الحاكمية هي أعلى الغايات وجوهر التوحيد متابعة للمودودي وسيد قطب في أصل الفكرة......

فالشيخ له نوع تأثر بثورية سيد ومفهومه السياسي...... 


ومن هنا نتفهم دفاعه المستميت عن سيد قطب ونصحه بقراءة كتبه، ونتفهم تهييجه الشعوب على حكامها وعدم التفاته لما ينتج عن هذا التهييج من الفتنة العامة؛ لأنها في نظره دون مسألة الحاكمية ونظرته الإصلاحية

فمهما أزهقت من أنفس فهي دونها... 


[وتضخيم التفسير السياسي ليس هو كون السياسة من الدين ووجوب حاكمية الله ...] 


ومع تضخيم التفسير السياسي عنده وجعله أعلى مقامات الشريعة وأولى أولوياتها إلا أن الذي طغى على الشيخ 

وكان له أثر واضح في تشنجه في التعامل مع الأحداث-الخارجية والداخلية-  ورمي مخالفيه بالخيانة والنفاق وعدم الفقه

هو محاربة المشروع (الصهيو أمر يكي) (على كل حال) واتهام من يراعي درء المفاسد وضعف الأمة بالخيانة والنفاق

حتى جعل محاربته (على كل حال) هو أعلى غايات الشريعة مهما أذهبت من ضرورات...........

وانتبهوا لقولي(مهما أذهبت من ضرورات) 


[ وليس الحديث هنا عن وجود المشروع وخطره ووجوب محاربته بالطريقة الشرعية، وإنما الحديث عن تضخيمه ووو] 


ومن المعلوم أن محاربة مشروع ما لا يعني تضخيمه وجعله أعلى الغايات على حساب تهميش غيره وعدم الالتفات إلى قاعدة الشريعة في درء المفاسد 


والإشكال أن هذا التضخيم جعله ينظر لكل إصلاح يخالف رأيه أنه يخدم المشروع الصهيو ني وأن صاحبه خائن منافق...

فأصبح يشيطن كل من خالفه... 


ولأجل هذا هون من الخلاف العقدي في باب الصفات والقدر بل حتى مع الرافضة.

فتجده مرة يدافع على الإباضية ويبرؤهم مما في كتبهم....

ومرة يهون من الخلاف مع الرافضة ويجعلهم أبطالا؛ لأنهم قصفوا ... 

ويجعل طائفتهم من أهل القبلة ولهم جهود في محاربة الكفار وو


فصار يقرب كل من يوافقه في نظرته ولو على غير عقيدته.... 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

مقال مهم في تحليل عقلية #محمد_الحسن_الددو وبيان شذوذه في إنكار وجود فرقة ناجية واحدة

 لم ينفرد الددو بإنكار وجود فرقة ناجية واحدة، فقد قامت #جمعية_التجديد_الثقافية_الاجتماعية

بإقامة مؤتمر في #البحرين بعنوان "الوحدة الإسلامية"
قرروا فيه نفي وجود #الفرقة_الناجية في خطوة منهم للقفز على تراث الأمة وموروثها من أجل الوصول إلى وحدة إسلامية متوهمة..!!
هذه الجمعية تنادي بالتقريب بين السنة والشيعة بترك النقاش حول الماضي والتراث الخلافي والنظر في المشترك من أجل المستقبل
وتحاول أن تؤسس للمنطق الإنساني الذي يكون الزمن فيه عامل تغيير وتجديد، وتدعو إلى حرية الرأي في التعبير عن الإيمان الخاص والقراءة الذاتية للنص الشرعي بمشاركة أهل كل زمن بحسب قدراتهم دون الاعتماد على الموروث والمناهج التي يسمونها بالتقليدية- كل ذلك بدعوى التجديد وترك التقليد..
وهي وجه آخر للحداثة وإن حاولوا التفريق بين الحداثة وتجديدهم المزعوم

الغريب أن #محمد_الحسن_ولد_الددو قد وافقهم وربما أخذ عنهم الفكرة
فزعم أن #الفرقة_الناجية غير موجودة، انطلاقا فيما يبدو من من ضغط البيئة الأشعرية الموريتانية
وما أوصله إليه تضخيم تفسيره السياسي للدين الذي بني على أن الحاكمية هي أعلى الغايات وجوهر التوحيد متابعة للمودودي وسيد قطب في أصل الفكرة وإن كان قد يختلف معهم في لوازمها
[وتضخيم التفسير السياسي ليس هو كون السياسة من الدين ووجوب حاكمية الله ...]
وقد تولد عن هذا التضخيم لدى الددو وأمثاله عقلية تجميعية بين فرق الأمة،
ومن هنا ندرك وجه ثنائه على الخليلي ، وجعله الحق متفرقا بين أهل الحديث والأشاعرة والماتريدية، ونتفهم موقفه من الصوفية....وأنه ممكن أن بعض الشيعة يكونون ناجين وبعض المعتزلة ووو
ونتعرف على وجه استشكاله أحاديث الصبر على ولاة الجور  وقيامه بتثوير الشعوب...
ونتفهم لماذا يريد أن يجعل وجود التفرق في الأمة علامة نضج واتساع في العقول؟!!
مع أن التفرق والتنازع لم يأتيا في النصوص إلا على وجه الذم

ولم يكتف بنفي وجود الفرقة الناجية بل زعم أن الطوائف لا يمكن أن يُحكَم عليها بحكم واحد؛ لأن الطائفة لا تبعث يوم القيامة، وإنما يبعث الناس فرادى.

وهي الفكرة نفسها التي دعا إليها عباس النجار في ورقته التي قدمها في مؤتمر البحرين والتي كانت بعنوان:"الفرقة الناجية في الميزان"

وإن كانا قد يختلفان في المنطلق والباعث لهذا النفي.......

والرد عليهم أن إنكارهم وجود الفرقة الناجية هو خلاف ما عليه الجماعة في القرون الثلاثة، فقد اشتهر عنهم واستفاض أن الفرقة الناجية موجودة وواحدة
ولذا أجمعوا على محاربة الفرق وتضليلها، ولما ذكر يوسف بن أسباط أن أصول البدع أربعة وهي الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة قال والثالث والسبعون الجماعة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها الفرقة الناجية . الإبانة لابن بطة (١/٣٧٦)
وقد سمى ابن بطة كتابه الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة
وذكر الإسماعيلي في اعتقاد أىمة الحديث(٧٩) الفرقة الناجية
وبوب ابن حبان في صحيحه(١/١٧٨):(ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق)
ومن فقهه أنه لم يذكر في هذا الباب إلا حديث العرباض الذي فيه( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)
للإشارة إلى أن علامة الفرقة الناجية تمسكها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعدم التعريج على غيرها.

وقد كان أئمة السلف يعينون الفرقة الناجية، فلو لم تكن موجودة ما صح منهم تعيينهم لها
قال الإمام احمد:(إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟)
وقال ابن المديني:( هم أهل الحديث)
وقال ابن تيمية:(إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة)
وسمى أبو المظفر السمعاني كتابه ب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين.
وممن يرى وجودها الشاطبي في الاعتصام حيث قال( فالسالك سبيلها معدود في الفرقة الناجية)

وما من طائفة إلا وهي تعتقد أنها هي الفرقة الناجية؛ مما يدل على إجماع كل الطوائف المنتسبة للإسلام على وجود فرقة ناجية
فالخوارج لم يكفروا غيرهم إلا وهم يعتقدون أنهم هم الفرقة التاجية وما عداهم كفارا
والرافضة يعتقدون انهم هم الفرقة التاجية فقد ذكر الهلالي بسنده عن علي رضي الله عنه(وأما الفرقة التاجية المهدية...فهي المؤتمة بي المسلمة لأمري)
والمعتزلة خصوا أنفسهم بأنهم هم أهل التوحيد والعدل دون غيرهم
وذكرها عبد القاعر البغدادي الأشعري في مقدمة كتابه الفرق ببن الفرق، وبوب لها بابا قال:(باب في بيان الفرقة الناجية وتحقيق نجاتها)
وأيضا الإيجي الأشعري في كتابه المواقف قال:(وأما الفرقة الناجية المستثناة...)
...وغيرهم كثير....

فالدوو وأصحاب الخطاب الإنساني والقراءة الذاتية جعلوا الموروث عن السلف والأئمة وأهل العلم بل والطوائف في إثبات الفرقة الناجية خلف ظهورهم ولم يعتبروا به...

وأما إنكاره أن يكون للطائفة حكم واحد كأن يقال الجهمية كفار....
ودليله أن الناس يبعثون يوم القيامة فرادى وأن الطائفة لا تبعث..!!!

فالذي يلاحظه الناظر ببداية النظر أنه لا تلازم بين الدليل والمدلول، فكون البعث في الآخرة يكون للأفراد لا يلزم منه ألا يكون للطائفة حكم في الدنيا.
وهذا النفي منه مبني على تصور خاطئ للطائفة، فقد درج أئمة السلف على أن الطائفة المنحرفة لا بد أن تكون مخالفة لأصول أهل السنة ومفارقة للجماعة، وتخصيص طل طائفة باسم لتميزها بأصول عن غيرها......
فلم يجعلوا الرافضة طائفة منحرفة إلا لما خالفت أصولا، وكذلك الجهمية والمعتزلة  ووو
وهذه المخالفة لاصول الشريعة وقطعيها توجب الحكم عليها مباشرة بالبدعة أو بالكفر من غير نظر لكون الطائفة تبعث كطائفة أو لا
وعلى هذا قام علم الفرق....

والحكم على الطائفة بحكم واحد استفاض عن أئمة السلف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" قالا يوسف بن أسباط وعبدالله بن المبارك وهما إمامان جليلان من أجلاء أئمة المسلمين قالا :" أصول البدع أربعة: الروافض، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، فقيل لابن المبارك والجهمية فأجاب بأن أولئك ليسوا من أمة محمد وكان يقول إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية وهذا الذي قاله اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم". " مجموع الفتاوى" (3/350).
ولما قيل لعبد الله ابن المبارك: لم أسمعك تذكر الجهمية قال:(إنما سألتني عن فرق المسلمين) الإبانة لابن بطة(١/٣٧٩)

وهنا سؤال: ما منشأ الغلط عند #الددو في إنكاره الحكم على الطوائف بحكم واحد؟
منشأ الغلط فيما يظهر هو الفرار من الحكم على كل فرد بعينه بحكم الطائفة؛ ظنا منه وجود تلازم بين الحكمين..............
فمثلا الحكم على الرافضة كطائفة هو الكفر فظن أن هذا الحكم يلزم بالضرورة كل فرد بعينه منتسب للطائفة، فأراد أن يفر من هذا اللازم بإنكار أن يكون للطائفة حكم واحد٠

والتحقيق في هذا أن الحكم على الطائفة يقصد به أمران:
١- بيان نوع المسائل التي تقول بها هذه الطائفة ودرجتها.
٢-الحكم على الأفراد لا بأعيانهم.

ولا يلزم من الحكم على الطائفة الحكم على كل أعيان المنتسبين لها بمجرد الانتساب إلا إذا تحقق الموجب الخاص، وهو محل اتفاق
فالفرد المعين وإن كان يتناوله الحكم المطلق للطائفة إلا أن كونه هو المقصود بعينه بالحكم يحتاج إلى دليل خاص
وهذه هي قاعدة الشريعة في الإطلاقات....

كتبه‬
‫أحمد محمد الصادق النجار‬

السبت، 5 أكتوبر 2024

مناقشة الشيخ #الغرياني في تأييده الوقوف مع إيرا ن وعدم التشكيك في نصرتها

 


يقول: (الذي يشكك في المقاو مة خارج فلس طين سواء من لبنان أو اليمن أو إيرا ن فهذا في الواقع ركن من أركان الصها ينة لا يريد للصها ينة أن يُمسوا بأذى ...

في نهاية الأمر هؤلاء أهل قبلة...

الذي يتكلم بهذا الكلام يتكلم بلسان المنافقين

عليكم أن تتحالفوا معهم وتقفوا صفا واحدا ..) 


✍️أولا: الحرصُ على حفظ دماء أهل غ ز ة ونصرتهم يستوجب منه ألا يتكلم بلغة التخوين والرمي بالنفاق؛ لأنه بهذا يزيد الفرقة فرقة والشقاق شقاقا، وإنما الواجب عليه أن يغلب لغة النصح والرفق، مع تفهم حقيقة قول مخالفه ومقصوده الذي يريده.. 

✍️

ثانيا: كان الواجب عليه أن يبتعد عن الكلام في النيات والمقاصد، فهذه طريقة نهت عنها الشريعة

ولم يكتف بهذا بل كاد أن يكفر من يخالفه الرأي؛ إذ جعله ركنا من أركان الصها ينة، وأنه لا يريد أن يُمسوا بأذى ..

وهذه عادة الشيخ في آرائه السياسية، فكثيرا ما تغلب عليه لغة التخوين ... 

✍️

ثالثا: ليس من العدل والإنصاف أن تُقَول خصمك ما لم يقله، أو تحمل كلامه على غير ما يريده، أو تحاول أن تشوه مخالفيك بناء على سوء فهم منك

فالذي يشكك في إيرا ن وأذرعها لا ينطلق من كونه لا يريد نصرة غ ز ة ولا ينطلق من كونه لا يريد الأذى لليهو د...


وإنما ينطلق من تحذير المسلمين من مشروع إيرا ن الذي يقوم على الفتك بأهل السنة وتقتيلهم وتشريدهم كما فعلوا في أهل العراق وسوريا واليمن...

فالذي يتكلم بهذا الكلام في هذا الوقت يتكلم بلسان أهل الإيمان الناصحين الذين يدركون خطر المشروعين، مع فرحه بكل أذى يصيب اليهو د وبكل ما يخفف على أهل غ ز ة 

ولا يتكلم بلسان المنافقين كما يزعم الشيخ!!! 


ثم ألا يدرك الشيخ أن إيرا ن وأذرعها في الوقت الذي تقصف فيه اليه ود 

هي تقصف أهل السنة في سوريا، أو أن دماءهم عنده لا وزن لها؟!!! 


نحن لا نتكلم عن دولة مسالمة في الوقت الحالي ولا تظهر العداء...

✍️

رابعا: الذي يشكك في إير ان وأذرعها يشكك فيها من أجل ما يراه من فرق واضح وشاسع بين آثار الرمي بالصواريخ وما أنتجته من دمار وتخريب في سوريا وتل أبيب

فلم يروا الدمار في تل أبيب  على النحو الذي رأوه في سوريا

فهل عندك توجيه؟!!!

ثم لو كانت المعركة معركة حقيقية هل سيسكت حلفاء اليهو د؟!! 

✍️

خامسا: أنت يا شيخ بهذه السطحية تخدم مشروعا إيرا نيا صفويا بالمجان، وتمكن لهم في المنطقة بهذا الخطاب، بل وتهون من الخلاف العقدي معهم، فالرافضة كفرقة ليسوا من أهل القبلة كما تزعم، فهي ليست فرقة مسلمة بإجماع أهل السنة... 


وإذا خاطبناك بنفس لغتك لقلنا بأنك ركن من أركان المشروع الإيراني

لكننا نلتزم العدل والإنصاف .. 

✍️

سادسا: يريد الشيخ أن ينطلق في التعامل مع الأحداث من فقه الطوارئ؛ ظنا منه أن هذا الفقه يلغي كل الفروق المؤثرة وأحكام السعة بإطلاق 

فجره قصور نظره إلى جهة واحدة وهي نصرة غ زة 

إلى اعتبار الرافضة فرقة من فرق أهل القبلة وإلغاء النظر في دماء السوريين التي تسفك بأبشع الصور وعدم الالتفات إلى مشروع إيرا ن في المنطقة ومنطلقهم العقدي!!! 


فلم يستطع الموازنة بينها بنظر شمولي ومن زوايا متعددة...


فالتدخل الإيرا ني في غ زة ليست مصلحته على أهل غ زة متمحضة، 

وهذه المصلحة المشوبة لأهل غ زة عارضتها مفسدة راجحة لأهل سوريا

وكلتا المصلحة والمفسدة حالية وليست مآلية...


ووجود المفسدة الحالية لأهل سوريا تبرهن على المفسدة التي يخشى وقوعها بعد تمكن المشروع الإير اني

وكل ذلك لم يلتفت إليه الشيخ ولا نظر إليه 

وإنما نظر نظرا قاصرا للمصلحة المشوبة لأهل غ زة ولم يلتفت إلى غيرها...


ولا يعني ذلك أننا نمنع من الاستفادة من الصراع الدائر بين الكيان وإير ان وفق السياسة الشرعية 

يتبع بإذن الله 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 28 سبتمبر 2024

حكم الفرح بقتل رؤوس ما يسمى بحزب الله (#حسن_نصر_الله]

 


يخلط بعضهم بين قتل رؤوس هذا الحزب بعد وقوعه وبين كيفية قتلهم وما صاحبه من دمار وقتل للأبرياء، 

وترتب على هذا الخلط عدم الوصول إلى الموقف الشرعي الصحيح...


وتجد أيضا من يخلط بين مسألة الفرح إذا تحقق مناطها الشرعي وبين المعركة بين الحزب واليهو د وحقيقة هذا القتال، والموقف الشرعي منه، وهل هو في صالح أهلنا في غ ز ة ولبنان أو لا؟ 


والأعظم أن تجد من يربط بين الفرح بالقتل والرضا بعلو اليهو د..!!!

ولا يلزم من الفرح بالقتل لتحقق مناطه الشرعي: الرضا بعلو اليهو د وفرحهم ...


وفي بيان الموقف الشرعي الصحيح لابد من صحة المقدمات لتسلم النتائج 


فهناك من ينطلق في بيان حكم الفرح من أن الرافضة أقرب للمسلمين في الدين من اليهو د ، وأنه لا تصح التسوية بينهما

ويدعم ذلك بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في أن المبتدع ولو قدر كفره فهو أقرب من كفر الكافر الأصلي.....

مع أن المسألة ليست مفروضة في المفاضلة بين دين الروافض ودين اليهو د والنصارى، وليست مسألة الفرح مبنية على من هو أقرب للإسلام...!!!! 


كما أن مسألة الفرح بقتل الرؤوس وأفراد الحزب ليست هي مسألة الموقف من اعتداء اليهو د على الحزب

فلا يلزم بالضرورة من الفرح بالقتل بعد وقوعه الفرح بالاعتداء الواقع... 


وبعضهم ينطلق في منع الفرح من عدم مشاركة اليهو د في فرحهم بقتل من يسمون بحزب الله الرافضي..!!!!!

مع أن المشاركة في الصورة الظاهرة لا يلزم منها التسوية في الحكم والمنطلق ... 


وبعضهم بدل أن يبين الحكم الشرعي الطلبي المعلق على مناط شرعي 

أخذ يتحدث عن الشعور الفطري الذي لم يعلق الشرع عليه وجوبا ولا تحريما ولا استحبابا ولا كراهة، منطلقا في ذلك من نسبية المواقف بحسب حال كل منطقة، فالشعور الذي يحدث لأهل غ ز ة يختلف عن الشعور الذي يحدث لأهل سوريا بناء على اختلاف أحوالهم....... 


وهذا خطؤه في تصور المناط المتعلق بالفرح من جهة، وعدوله عن بيان الحكم الشرعي الطلبي من جهة أخرى......

فصور أنه ليس في المسألة حكم واحد ينبغي أن يتفق عليه كل المسلمين وإن اختلفت أحوالهم...


فهذه المقدمات التي انطلق منها هؤلاء مقدمات غير صحيحة في مسألتنا في نظري.. 


وإنما المقدمة التي يجب أن ننطلق منها في بيان الموقف الشرعي التي تتناسب مع مسألتنا: تعدي الضرر والفساد وعظمه

فالفرح بقتلهم داخل تحت قاعدة دفع الضرر 


هذا المناط الذي يجب أن ندور حوله في بيان حكم الفرح بمقتل رؤوس ما يسمى بحزب الله....

مع ملاحظة أننا نتحدث عن حكم ما وقع، لا عن حكم ما سيقع 


ما حكم الفرح بما وقع من قتلٍ لرؤوس ما يسمى بحزب الله؟

من المعلوم أن ما يسمى بحزب الله هو أحد أذرع إيران الذي يسير وفق مخطط كبير لتحقيق المشروع الإيراني  

والذي هدفه السيطرة على المنطقة مع عداء ديني متجذر عميق لأهل السنة

نتج عنه تقتيل وتشريد لإخواننا في العراق وسوريا.. 


فضرر هذا الحزب خصوصا وإيران عموما على المنطقة وأهل السنة عظيم وعميق...


ولاشك أن بقاء الأعيان الذين يوجهون سهامهم وصواريخهم لأهل السنة في سوريا إلى يومنا: ضرره عظيم، بل ضرر بقاء هؤلاء الرؤوس ومن يقتل أهل السنة أعظم من نفع حياتهم

[وليس البحث الآن في الطائفة والحزب فهذاىسيأتي الحديث عنه]

ولهذا كان الفرح بقتل-بعد وقوعه- رؤوسهم ومن ساهم منهم في تقتيل أهل السنة وسلط عليهم آلة التعذيب: مشروعا، ومصلحته راجحة، ولم نقل خالصة ولا متمحضة.


والمناط الشرعي الذي انطلقنا منه في مشروعية الفرح: تعدي الضرر وعظمه.


ولم ننطلق من مشاركة اليهو د في فرحهم، ولا من التسوية بين اليهو د والرافضة في دينهم، ولا من كونهم نصروا غ ز ة في الظاهر ففرحنا بقتلهم، كما فهمه من ضعف تصوره... 


[ومن قدر وجود مانع يعظم على اعتبار موجب الفرح فإنما قدره 

ظنا منه أنه ينصر بذلك قضية غ ز ة 

وهو في هذا يخلط بين مسألة الفرح لتحقق مناطه 

وبين الموقف من المعركة بين الرافضة واليهو د

وهل فعلا قدم حزب إيران شيئا لأهلنا في غ ز ة؟] 


ومما يدل على مشروعية الفرح:

أن الله جعل من المقاصد الشرعية: شفاء ما في صدور المؤمنين وذهاب غيظهم

فإن في قلوب المؤمنين من الحنق والغيظ على هؤلاء بسبب عدائهم لأهل السنة وتقتيلهم لهم ما يكون في قتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين وإذهاب للغيظ. 


ولاشك أن قتل هؤلاء الصناديد لو كان على أيدي المسلمين من أهل السنة لكان أشفى لصدروهم، لكن قدر الله أن تقع عقوبتهم العاجلة على أيدي اليهو د... 


كما أن مشروعية الفرح يؤخذ من قوله تعالى:[ فلا تأس على القوم الفاسقين]

فرتب عدم التأسف والحزن على وصف الفسق، ففسفهم وتعديهم اقتضى نزول العقوبة عليهم، فلا تحزن على نزول العقوبة عليهم.

وهذا مبحث شرعي لا مجرد شعور. 


وأما الموقف الشرعي من الأحداث فسنتكلم عنه في منشور آخر؛ لتداخله... 


كتبه 

د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 21 سبتمبر 2024

هل كره الإمام مالك التحديث بأحاديث الصفات؟

هل كره الإمام مالك التحديث بأحاديث الصفات؛ لكونها (موهمة للتشبيه) وتوقع في التجسيم و(ظاهرها غير مراد)

أو كره التحديث (ببعضها) لسبب آخر متعلق بالمستمع لا بذات النص الشرعي؟


مقدمة:

هناك فرق بين منع المتكلمين 

 التحديث بأحاديث الصفات وبين منع بعض أئمة الحديث التحديث بها من جهتين:


الأولى: أن المتكلمين يعممون، فيمنعون التحديث بجميع أحاديث الصفات 

أو بأحاديث الصفات الخبرية؛ لمصادمتها العقل

بينما أئمة الحديث لا يعممون، فلا يقولون: نكره التحديث بجميع أحاديث الصفات 

أو بأحاديث الصفات الخبرية.


الثانية: أن المتكلمين ينطلقون في المنع من التحديث من كون ظاهرها غير مراد وأنها توهم التشبيه؛ لمعارضتها الدليل العقلي..

بينما أئمة الحديث ينطلقون في المنع من التحديث ببعض النصوص الشرعية من قصور السامع ونقص إدراكه، ولا ينطقون بحال من قصور دلالة النص.

قال ابن تيمية:(ولهذا كان الإمام أحمد وغيره إذا خشوا فتنة بعض المستمعين بسماع الحديث لم يحدثوه به، وهذا الأدب مما لا يتنازع فيه العلماء)

فمناط المنع عند بعض أئمة أهل الحديث خشية الافتتان بسبب قصور الفهم، فمخاطبتهم به مضرة بلا منفعة.

وقد سأل رجل ابن عباس عن تفسير قوله تعالى: ((الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن)) فلم يجبه وقال: "ما يمنعك أني لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت؟ وكفرك بها تكذيبك بها.


فالمتكلمون نظروا إلى أن الحديث موهم في نفسه ودلالاته فمنعوا

وليس هذا هو نظر بعض أئمة أهل الحديث. 


ولو كان الإمام مالك ينطلق من أن ظاهر نصوص الصفات غير مراد ويفيد التجسيم والتشبيه لما روى أحاديث الصفات في الموطأ

خشية أن يفتتن العوام

فقد روى حديث النزول (ينزل ربنا) وحديث الضحك (يضحك الله)

وحديث الجارية أين الله قالت في السماء

وحديث فيه أن لله يمينا...

وقد تعلق بعض لمتكلمين بما روي عن مالك أنه كره التحديث ببعض أحاديث الصفات..

فعمموا جميع الصفات وجعلوا منطلقهم في ذلك أن أحاديث الصفات في نفسها توهم التشبيه وأن ظاهرها غير مراد. 


والسؤل هنا

إذا كان مالك ينهى عن رواية أحاديث الصفات فلماذا يرويها في الموطأ؟!!


ثم 

ما الأحاديث المتعلقة بالصفات التي كره مالك التحديث بها؟ وما السبب؟


أولا: إنما كره التحديث ببعض أحاديث الصفات، فهو لم ينه عن التحديث بجميع الأحاديث التي اشتملت على الصفات الخبرية أو الصفات الفعلية، كما يفعله المتكلمون.. 


ثانيا: الحديث الذي كره مالك التحديث به هو حديث الصورة 

وروي غيره

قال ابن تيمية عن حديث الصورة الذي أنكر مالك التحديث به:(الأئمة المتفق على إمامتهم في الأمة ما زالوا يروونه ولا ينكرونه ولا يتأولونه) جواب الاعتراضات المصرية(١٦٣)

وقال:(وقد حملت طائفة ثالثة نهي مالك لرواية هذا الحديث على العموم، وقد روي عنهم أنه كره رواية أحاديث في هذا الباب فجعلوا هذا قدوة في المنع من رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة عنه، ثم ينزلون ذلك على رأيهم، فمنهم من يجعل ذلك عاما في رواية جميع أحاديث الصفات كما يقوله من يقوله من المعتزلة ومحوهم من الجهمية) 


ثالثا: كره مالك التحديث بالأحاديث التي ثبت ضعفها عنده، أو غلب على ظنه افتنان من سيحدثه بها، كما منع بعض السلف تحديث السلطان ببعض الأحاديث التي يستغلها بفهم خاطئ في الظلم

وكقوله صلى الله عليه وسلم (لا تخبرهم فيتكلوا)

فليس هو منعا عاما، وإنما هو منع مخصوص اقتضاه الحال المخصوص.

قال ابن القاسم: ((وكان مالك يعظم أن يحدث أحد بهذه الأحاديث التي فيها "أن الله خلق آدم على صورته" وضعفها)) أصول السنة ص75 والبيان والتحصيل16/ 400

2 - وقال أبو بكر الأبهري المالكي في شرح جامع ابن عبد الحكم ص162 : ((إنما كره أن نتحدث بهذه الأشياء من قبيل أنها ليست صحيحة الإسناد عنده، ولا يجوز أن تضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحدث عنه ما ليس بصحيح الرواية عنه)) 

3 - وقال الذهبي في السير: ((أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده، ولا اتصل به، فهو معذور، كما أن صاحبي " الصحيحين " معذوران في إخراج ذلك))

4 - وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية ص158 ما نصه:((كان في السلف من يترك روايته-يعني حديث الصورة- فإن مالكاً روي عنه أنه لما بلغه أن محمد بن عجلان حدث به كره ذلك، وقال: إنما هو صاحب أمراء .. و إنما كره مالك ذلك لأن العلم الذي قد يكون فتنة للمستمع لا ينبغي للعالم أن يحدثه به لأنه مضرة بل فتنة وأن يكون بلغه لمن لا يفتتن به، لوجوب تبليغ العلم) 


وأما قول ابن عبد البر في التمهيد 7/ 150: ((وإنما كره ذلك مالك خشية الخوض في التشبيه بكيف "هاهنا"))

فقد ذكره في بعض الأحاديث دون بعض ولم يجعله قاعدة عامة في كل أحاديث الصفات أو في كل أحاديث الصفات الخبرية

وليس منطلقه أنها توهم التشبيه وإنما خشي ممن قصر عقله أن يحدد ويكيف.

وهذا معنى قول ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 195 ما نصه: ((وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، في الأحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا: أمّروها كما جاءت، نحو حديث التنزل وحديث: "إن الله خلق آدم على صورته"، وأنه يدخل قدمه في جهنم، وما كان مثل هذه الأحاديث)) 


وأما ما ذكره الحافظ ابن حجر  في قولهقال الحافظ: (..وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. والله أعلم" فتح الباري 1/ 225

فليس مناطا ينسجم مع عقيدة اهل الحديث، فظاهر نصوص الصفات عند السلف مراد

بخلاف ما عليه المتكلمون بناء على حاكمية العقل.


كتب

د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/09/blog-post_21.html

الجمعة، 20 سبتمبر 2024

ما المقصود بالمتشابه عند المتكلمين؟

 


وَصْف المتكلمين #آيات_الصفات بالمتشابه 

يريدون به أن الآية مشتبهة في نفسها غير محكمة، وعلى كل الناس؛ لمعارضتها #العقل الذي هو معيار الإحكام.......


وقد وضح ذلك #الرازي في أساس التقديس، وملخصه أن ما عارضه الدليل العقلي فهو المتشابه وما وافقه فهو المحكم ....


هذا هو إطلاق #المتشابه في النصوص عند #المتكلمين 


وأما إطلاق #السلف والأئمة للمتشابه فقد كان على وجه آخر، فهم يطلقونه على ما أشكل على بعض الناس دون بعض حتى فهم منه غير المراد، كما سمى الإمام أحمد كتابه الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن

أي بمعنى التشابه النسبي الإضافي، وليس هو وصفا لازما للآية نفسها 

وهذا في غاية الدقة والأهمية


ويطلقون المتشابه أيضا على ما لا تدرك كيفيته وحقيقته. 


ما الغرض من وصف المتكلمين آيات الصفات بالمتشابه؟


الغرض عدم اعتقاد ما دل عليه ظاهر النص.


ولما كانت الحاكمية للعقل: اختلفوا هل كل آيات الصفات من المتشابه أو ذلك خاص بالصفات الخبرية وما يفهم منها التحيز والحدوث؟ 


وجاءت هذه الفكرة من اعتقادهم أن ظاهر القرآن والسنة في الصفات يدل بنفسه على الكفر والتشبيه؛ 


وبداية هذه الفكرة انطلقت من دليل عقلي استدل به الجهمية-فرقة أجمع الأئمة على تكفيرها-

على إثبات وجود الله


ولما استدلوا بهذا الدليل وجدوا أن فيه إشكالية وهي أنه يتعارض مع ظاهر القرآن؛ لأن القرآن مليء بإضافة الصفات لله

فعلى دليلهم هذا لا يصلح أن يكون الله إلها؛ لأن دليل كون إلها يقوم على عدم اتصافه بالصفات، وقد أثبت القرآن اتصافه بالصفات... 


ما الحل؟

جعلوا هذه النصوص المعارضة لدليلهم متشابهة.


هذا باختصار 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

(#احتاج) #تتعدى_بإلى في #اللغة_الفصحى

 


والمقصود باللغة الفصحى: اللغة الأكثر فصاحة والأعلى إتقانا

وهي لغة قريش، والتي نزل بها القرآن... 


فاللغة الفصحي هي النقية الصافية التي لا تشوبها أي شائبة..

قال محمد التونجي:(وهي المتمثلة في تراث النصوص الأدبي في العصر الجاهلي والإسلامي) 


ودونها الفصيحة...   والحد الأدنى في الفصيحة صحة البناء اللغوي... 


فالقرآن نزل بالفصحى وليس بالفصيحة 


والأقرب في العامي أن يرد إلى الفصيحة لا إلى الفصحى..... 


وإن كان هناك اختلاف بين المهتمين باللغة حول التغاير بين مفهومي اللغة الفصحى واللغة الفصيحة، وهل هما بمعنى واحد أو بمعنيين؟


والذي ملت إليه هو التفريق بينهما من جهة الدلالة والمقصود...

بمعنى أن الفصحى تتطلب الالتزم بأعلى درجات الفصاحة والبلاغة، والمقصود منها البلاغة..


وأما الفصيحة فلا تتطلب أعلى درجات الفصاحة وإنما يستخدم المتكلم الحد الأدنى من الجزالة اللغوية... والمقصود منها التواصل والتفاهم بين الناس.

ومنه

الآية: «وأخِي هارون هو أفصحُ منّي لسانا" [القَصص: 34]؛ ف"أَفْصحُ" هُنا صفةُ تفضيل للمُبالَغة مُؤنَّثُها "فُصحى".  


ومن السطحية أن تأتي بكلام من لم يميز بين اللغة الفصحى واللغة الفصيحة، بمعنى أن القسمة عنده ثنائية: فصحى وعامية

فتجعله حجة لك في تخطئة من ميز بينهما وجعل القسمة ثلاثية: فصحى وفصيحة وعامية..!!!!

وهي أقرب إلى الاصطلاح... 


المهم 

تعدية (أحتاج) بنفسها ليست من الفصحى؛ لأنها لم تعرف في شعر الجاهلية ولا في زمن الاحتجاج، وليست هي الأكثر إتقانا... 


لكن هل هي من الفصيحة أو العامية؟ 


قد قلت في مقالي السابق عن تعدية (احتاج) بنفسها (وإن كان إطلاق التخطئة يحتاج إلى مزيد بحث، لكن يكفينا القول بأنه خلاف الفصحى، وخلاف ما كان سائدا زمن الاحتجاج) 


تأمل تقييدي بالفصحى وبما كان سائدا زمن الاحتجاج باللغة.

وهذا التقييد لا ينفي الاستعمال من بعض أهل العلم فيما بعد عصر الاحتجاج باللغة

ولم أنفيه ..


لكن هل هي فصيحة أو لا؟ محل تردد 


طيب

هل يمكن جعل (احتاج) تتعدي بنفسها قياسيا على قاعدة التضمين؟


أولا: القول بالتضمين محل خلاف، والأصل إرجاع الأفعال إلى أصولها وما وُضعت له. 


ثانيا: القول بالتضمين شرطه وجود المناسبة بين الفعلين، ويرجع في كل موطن إلى سياقه والقرائن، فلا يصح في كل سياق تضمين (#احتاج) معنى فعل يتعدى بنفسه، 

ولابد أن يكون #المتكلم قد لاحظ هذه #المناسبة، فلو استعمل المتكلم الفعل على ظن أنه يتعدى بنفسه وهو يتعدى بإلى فإنه يكون خطأ في اللغة ولا يكون كلام المتكلم من باب التضمين؛ إذ لم يقصد إعطاء الفعل المذكور معنى فعل آخر يناسبه، حتى يُخرَّج على باب التضمين.

واعترض بعضهم على اشتراط القصد، وهو مردود بأنه خلاف الأصل، ويفتح باب الخطأ على اللغة والفساد. 


ثالثا: حتى على القول بالتصحيح من باب التضمين لمن كان قاصدا المناسبة فإنه لا يجعله من #اللغة_الفصحى.


فعلى طالب العلم أن يكون دقيقا في فهمه، ولا يكون سطحيا ... 


كتب

د  أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

كيف نعرف أن الزمن مقصود أو غير مقصود في الاجتماع على التذكير بالسيرة في الثاني عشر من ربيع الأول؟



صورة المسألة المبحوثة: إحداث اجتماع من أجل مناسبة جاء زمن وقوعها .


مثلا إحداث اجتماع للتذكير بغزوة بدر من أجل مجيء وقتها وهو السابع عشر من رمضان

إحداث اجتماع للتذكير بالسيرة من أجل مجيء وقتها وهو الثاني عشر من ربيع الأول

إحداث اجتماع للتذكير بالإسراء والمعراج لمجيؤ وقته 


هذا الإحداث يلاحظ فيه أن الزمن مقصود عند من يقول بجواز هذا الإحداث.

مهما حاولوا التنصل من ذلك..


كيف عرفنا ذلك؟ 


■لو قلنا لهم هل نؤجل قراءة السيرة إلى شهر رجب؟

لقالوا: لا، بحجة أن المناسب أن نقرأها في شهر ربيع الأول؛ لأنه يوم مولده، والناس متهيأة لسماع السيرة فنستثمر هذا التهيؤ..

ولو قلنا لهم هل نؤجل التذكير بغزوة بدر إلى شوال بدل من رمضان

لقالوا غير مناسب... 


فانطلقوا من كون الزمن مؤثرا في التذكير؛ بدعوى المناسبة

فالذي اقتضى التخصيص هذا التأثير

وهذه نقطة البحث 


هنا يدرك كل عاقل أن الزمن أصبح مقصودا، فتكون علة قراءة السيرة تعظيم الزمن بحجة المناسبة، وهذا في الحقيقة تشريع. 


مع أن معقولية المعنى تقتضي أن نذكر بالسيرة في غير تاريخ مولده؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك 

فالناس يتذكرون سيرته إذا جاء تاريخ مولده بينما يغفلون عنها في بقية الأشهر

والمعنى المناسب يقتضي التذكير بغزوة بدر في غير السابع عشر من رمضان...

فلو كان التذكير بالسيرة يرجع إلى مراعاة المعنى لاقتضى ذلك عدم التذكير يوم مولده، وإنما يذكر بها في غير ذلك اليوم؛ لمسيس الحاجة، فل يكون الزمن ملاحظا ولا مقصودا

وكذلك لو كان التذكير بغزوة بدر يرجع إلى مراعاة المعنى لكان التذكير به في غير رمضان... 


ثم مما يدل أيضا على أن الزمن مقصود: اجتماعهم في هذا الزمن والتهنئة به وإظهار السرور فيه

فليس القضية قضية تذكير بما غفل الناس عنه؛ لأن التذكير يتبع الحاجة لا الزمن، وإنما القضية وجود مظاهر اتخاذه عيدا بالتذكير بالسيرة في يوم ميلاده صلى الله عليه وسلم... 


ونستثني من ذلك من كانت عادته أن يذكر بالسيرة في يوم معين من كل أسبوع او شهر ثم وافق ذلك اليوم تاريخ مولده فلا بأس بالتذكير؛ لأن الزمن هنا ليس مقصودا 


■ثم إن الاجتماع لقراءة السيرة في شهر ربيع الأول؛ لمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم تنشأ عنه مفسدة تخصيص ما لا خصيصة له؛ إذ تخصيص هذه المناسبة بالدروس؛ مظنة لاعتقاد أن فيها فضلا خاصا، وأن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره ... 

●فلما كان التخصيص مظنة لاعتقاد فضل، ولا فضل فيه كان التخصيص داخلا في الابتداع؛ إذ ما من تخصيص إلا ولابد أن يكون له باعث. 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 8 سبتمبر 2024

مناقشة #الشريف_حاتم_العوني في دعواه أن #الاحتفال_بالمولد_النبوي من باب المصالح المرسلة إذا كان لمجرد التذكير بالسيرة

 مناقشة #الشريف_حاتم_العوني في دعواه أن #الاحتفال_بالمولد_النبوي من باب المصالح المرسلة إذا كان لمجرد التذكير بالسيرة

وقد راج كلامه على بعض من كان يعتقد بدعية الاحتفال؛ لضعف بضاعته الأصولية


قال العوني:(صورة يكون فيها المولد من المصالح المرسلة،

وذلك إذا كان بقصد استثمار تاريخ هذا الحدث الجليل، للتذكير بسيرته صلى الله عليه وسلم، أو لإذكاء جذوة محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب، من غير اعتقاد فضيلة خاصة لليوم، تجيز تخصيصه بعبادة أو باعتقاد لا دليل عليه).


والرد عليه في هذه الصورة:

أولا هناك تشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية من بعض الوجوه، 

وبسبب هذا التشابه يقع الخلط بينهما، وقد يستغل ذلك من يستغل لإمرار البدع، والتلبيس على الناس.


ولذا لا بد من بيان الفرق بينهما؛ ليتضح للقارئ الكريم وجه غلطِ من خلط بينهما:


المصلحة المرسلة هي: المنفعة التي لم يشهد الشارع باعتبار عينها ولا بإلغائه

إلا أن جنس المنفعة يلائم تصرفات الشارع.

وهذا الجنس اعتبره الشارع في الجملة.

ولم يصادمه في عين الفعل دليل خاص


وأما البدعة فهي: ما أحدث في الدين مما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم.

وليست هي خاصة بالتعبد بها والتقرب بحيث لا يكون الفعل بدعة إلا إذا نوى بالفعل التقرب والتعبد

هذا غلط في تصور البدعة

وإنما البدعة تتعلق بما قُصد به التقرب، وتتعلق أيضا بما جُعل طريقة تضاهى بها الطريقة الشرعية.


ووجه التشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية:

١-كلاهما محدث.

٢-اعتبار الشارع جنس الوصف فيهما .


ووجه الافتراق:

١-ان المصلحة المرسلة لا تصادم الشرع الخاص، فلا تعارض دليلا خاصا، بخلاف البدعة فإنها تصادم الشرع وتعارض دليلا خاصا.

قال ابن تيمية في المجموع:( "المصالح المرسلة " وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة ; وليس في الشرع ما ينفيه)

٢- عدم الفعل في البدع مقصود للشارع، بخلاف المصلحة المرسلة.

٣- المصالح المرسلة وسيلة لحفظ مقصد من مقاصد الشارع، وضروري من الضرورات الخمس، بخلاف البدع فهي إحداث في الدين وهي تؤدي إلى هدم الدين.


بعد هذا التأصيل نطبق ما تقدم على #الاحتفال_بالمولد:

الاحتفال بالمولد: جنس منفعته معتبرة وهي: محبته والتذكير بسيرته والاقتداء به.

الا أن هذه المنفعة غير معتبرة في عين الاحتفال بالمولد لأن اعتبار هذه المنفعة في عين الاحتفال صادمه دليل خاص، وهو ترك النبي صلى الله عليه وسلم للاحتفال مع وجود المقتضي وزوال المانع

وكذلك ترك الصحابة، وهو اجماع منهم.

فهنا حصلت المصادمة بالدليل الخاص 

فتبين لنا أن الاحتفال غير معتبر شرعا لتحقيق هذه المنافع

وأن من اتخذ الاحتفال لتحقيق هذه المنافع فقد عارض ما يريده الله 

ولذا كان من البدع وليس من المصلحة المرسلة


أضف الى ذلك: أن هناك مصادمة أخرى وهي أن الذي شُرع في يوم الاثنين 

هو: الصيام، فلا يجوز ترك المشروع والاشتغال بغير المشروع تذكيرا لمولده.


وهذه المصادمات جعلت حكم الاحتفال بالمولد بدعة

وهناك مصادمة أخرى للشرع وهي أن الاحتفال بالمولد هلى جهة تعظيم اليوم وقصده وتكرار الاحتفال فيه هو من باب العيد، والعيد شريعة يحتاج إلى دليل خاص

وقد صار الناس يلتزمون الاحتفال، لما ظُن فيه مصلحة، وهي ليست مصلحة لمصادمتها الشرع.


والخلاصة ليس الاحتفال وسيلة لمقصد شرعي وانما هو إحداث في الدين.


ولو سلم جدلا أن الاحتفال فيه مصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة

ففيه ايضا مفسدة، وهي الابتداع في الدين، ولازمه اتهام النبي صلى الله بخيانة الأمانة ، وفيه فتح الباب لأهل الغلو أن يغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته

وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة

ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة الموجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!!

وبهذا يظهر لنا خطأ ما يقرره العوني، فقد أنزل دليل المصلحة المرسلة على الاحتفال من غير مراعاة لقيوده.

وهذا يدل على عدم تصور صحيح.

وعدم التصور الصحيح ينتج عنه حكم خاطئ.

وهذا عين ما حصل للعوني.

وقد تكلمت في مقال سابق عن شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد 

وهو موجود على الشبكة

ولم أناقش العوني الا من جهة واحدة، والا فوجوه كون الاحتفال بالمولد بدعة كثيرة.


كتبه

أحمد محمد الصادق النجار

٨-٣-١٤٣٧هـ


مناقشة #سعيد_الكملي في تجويز #الاحتقال_بالمولد بتدريس #السيرة والتذكير بها...

 


قال الشيخ:

(نقول ما موضوع الاحتفال؟ بأي شيء يحتفل به؟

اذا كان يحتفل في ذكرى مولده بأن تدرس سيرته بأن يذكر بأيامه بأن ينشر دينه بأن يدعى غير المسلمين الى دينه على وفق دعوته وما يرضاه هو صلى الله عليه وسلم لو كان حيا 

فنعم الاحتفال هذا 

وان كان الاحتفال فيه ما يسخطه صلى الله عليه وسلم هو فلا يمكن ان يحتفل بالنبي صلى الله عليه وسلم بما يبغضه النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام) 


والجواب عما ذكره من أوجه:

أولا: انطلق من مقدمة خاطئة وهي أنه بحث في الموضوع ابتداء، والبحث في الموضوع مبني على أن أصل الفعل ثابت شرعا

بينما البحث ابتداء هو في أصل مشروعينه 

هل هو في أصله ثابت شرعا أو هو من جنس البدعة؟


يعني أن الاحتفال بالمولد عند #الكملي من حيث هو قد دل الشرع على مشروعيته أو إباحته!!!!!!!!

ثم انطلق من هذه المقدمة للبحث بماذا يحتفل المحتفل؟ وبنى حكم الاحتفال بالمولد على إباحة الموضوع...!!!

وهذا يدل على تصور خاطئ لأصل البحث... 


فكما يلاحظ القارئ الكريم أن السؤال والبحث عن حكم الاحتفال من حيث هو بالنظر إلى حكم الشرع

فجاء الجواب عن حكم الاحتفال من حيث الموضوع وبأي شيء سيحتفل؟!! 


ثانيا: مناط بدعية الاحتفال بالمولد هو تخصيص التشريع

أن يأتي إلى زمن فيعظمه لوقوع حدث فيه ويجعله مقصودا ثم يخصص فيه أعمالا...

هذا التخصيص التشريع الذي لا يكون إلا لله.... 

ولا فرق في ذلك بين الاحتفال بذكر سيرته صلى الله عليه وسلم او الاحتفال بشيء آخر


ونكتة المسألة

أن هذا التخصيص مظنة اعتقاد أن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره....

ومعلوم أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر لا يدل على فضل الشهر نفسه...


وحتى لو سلمنا جدلا أنه يدل على فضل الشهر نفسه فهو لا يدل على فضل العمل فيه.


إذن 

لا فرق بهذا المناط بين موضوع وموضوع، فبأي شيء احتفلت وقعت في المحظور ...


فإن قال قائل: أنا لا أعتقد الفضل، وإنما هو زمن كغيره من الأزمنة، ولا أعتقد أن الفرح فيه والعمل أفضل من العمل في غيره. 


قيل: إن سلمتَ من اعتقاد الفضل والشعور به -وهو بعيد-؛ لأن التخصيص في يوم تعظمه سيجرك إلى اعتقاد فضل ما

شئت أم أبيت 

إن سلمت من هذا فلن تسلم من موافقة من يعتقد الفضل أو خوف اللوم منهم أو اتباع عادتهم، فرجع الأمر إلى التشبه أو التدين لغير الله. 


فإن قال: الباعث هو التذكير.


قيل: التخصيص يمنع من أن يكون هذا هو الباعث؛ لأن التذكير يكون في كل وقت، ولا يحتاج إلى تخصيص، فلو خلت النفس من اعتقاد الفضل امتنع أن تعظمه وإذا امتنع التعظيم امتنع التخصيص. 


فإن قال: لما كانت المناسبة حاضرة ناسب التذكير بها. 


قيل: التذكير بها في الوقت المخصوص هو فرع اعتقاد فضله أو موافقة عادة من اعتقد فضله فرجع الأمر إلى أن الباعث غير ديني.

والمناسبة ليسب سببا باعثا للتخصيص؛ لأن التخصيص المتكرر ينشأ من اعتقاد فضل.

وما من مصلحة تقدرها إلا والمفسدة راجحة عليها

فمصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة, يقابلها مفسدة، الابتداع في الدين، واعتقاد ما ليس فيه فضل بأن له فضلا

ولازم الابتداع اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بخيانة الأمانة، وفيه فتح الباب لأهل الغلو أن يغلوا في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته, وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة, ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!! 


ثالثا: أن الاحتفال نفسه يسخط الرب ويغضب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه بدعة في الدين. 


كتب

د.أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 28 أغسطس 2024

✍️وضع النقاط على الحروف في #المعلوم_من_الدين_بالضرورة

 


✍️بعضهم يقول أنا لا أقول إن المعلوم من الدين بالضرورة لا يشترط فيه إقامة الحجة مطلقا،
بمعنى أنه يستثني صورا يشترط فيها إقامة الحجة

✍️طيب ما الذي يستثنيه؟

■يستثني من المعينين من نشأ في بادية بعيدة ومن في حكمه...

■ويُخرِج من الاستثناء من عاش في حاضرة الإسلام وأنكر معلوما من الدين بالضرورة
●فهذا عنده لا يعذر بالجهل ولا يشترط في تكفيره إقامة الحجة
وإن حاول أن يضيق قيد العذر بالجهل بزمن اندراس الهدى...

✍️ ما وجه الخلل عنده؟

✍️أنه أطلق تكفير من عاش في حاضرة الإسلام وفي زمن عدم اندثار نور الهدى ثم أنكر معلوما من الدين بالضرورة...!!!!

✍️وهذا الإطلاق يشمل ما كان مناط التكفير فيما أنكره يحتمل اعتبار الجهل فيه أو لا

✍️فمثلا من أنكر تحريم الخمر متأولا
وهو يعيش في بلاد المسلمين وفي زمن لم يندثر فيه نور الهدى

■فمناط التكفير بإنكار تحريم الخمر هو استلزام التكذيب أو الامتناع
●وهذا المناط يحتمل اعتبار الجهل فيه والتأويل..

■فلما يأتي ويطلق القول بتكفيره وعدم اعتبار الجهل فيه لكونه يعيش بين المسلمين........
●هنا صار داعشيا صغيرا( تنفيرا من القول)
●وخالف اتفاق الصحابة في عذر قدامة وهو يعيش بين أظهرهم ونور الهدى ظاهر ولم يندثر
■ومع ذلك قد أنكر تحريم الخمر متأولا واعتبر الصحابة فيه بمانع التأويل................

♤وكذلك الجهمية أنكروا معلوما من الدين بالضرورة في زمن عدم اندثار الهدى
ولم يكفرهم أئمة السلف بأعيانهم إلا بعد إقامة الحجة

■وقل مثل ذلك فيما مناطه يرجع إلى استلزام التكذيب...

✍️فإن قال: أنا أستثني العامي دون العالم
قيل لك يرد عليك نفس الإشكال...

✍️كذلك من أوجه الخلل عنده
أنه أطلق القول باعتبار الجهل لمن نشأ في بادية بعيدة وهو ينكر معلوما من الدين بالضرورة
■وهذا الإطلاق يدخل فيه من ينكر استحقاق الله للعبودبة وحده
وهذا النوع من المعلوم من الدين بالضرورة لا يعتبر فيه الجهل بالحكم مطلقا ولو نشأ في بادية بعيدة؛ لأنه ينافي الإقرار المجمل بالشهادتين...

✍️■هناك إشكال ورد على بعضهم وهو حصر المعلوم من الدين بالضرورة في المسائل العقدية العامة والأحكام العامة كالإيمان بالله والرسل ووجوب الصلاة...
وخفي عليه
■أنه يلحق بها ما كان معلوما  بالاضطرار من دين الإسلام عند عموم المسلمين في زمن السلف
كعلو الله وإثبات رؤية قي الآخرة...
■وقد أطبق السلف على تكفير من أنكر العلو كحكم مطلق، وجعلوه مما علم بالاضطرار من دين الإسلام

■وكونه يأتي على الناس زمن يغلب فيه الجهل فيأتي من ينكرها
لا يعني ذلك أنها ليست من المعلوم من لدين بالضرورة بالنظر إلى المسألة نفسها وما كان عليه السلف فيها
■ولا ينفي أيضا إقامة الحجة فيها قبل تكفير من ينكرها

●قال ابن تيمية:(والأمور المعلومة بالضرورة عند السلف والأئمة وعلماء الدين قد لا تكون معلومة لبعض الناس)
●وقال:(السلف والأئمة مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول مسهورا معلوما بالاضطرار لعموم المسلمبن حتى قل العلم بالإيمان فيما بعد، وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق)
○والتكفير هنا مطلق وليس على الأعيان...

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الاثنين، 26 أغسطس 2024

#تقسيم_النصوص_الشرعية_إلى_قطعية_وظنية

 باختصار

قضية #تقسيم_النصوص_الشرعية_إلى_قطعية_وظنية في الأصل هي قضية كلامية من جهة عزل النصوص الشرعية عن الاحتجاج بها في باب الاعتقاد

وقد أحدثها #المعتزلة وتلقفها #متأخرو_الأشاعرة وملئت بها الكتب الأصولية... 


إلا أن هذا التقسيم في نفسه تلقاه أهل الحديث بالقبول وحملوه على معنى صحيح

لكن لابد عند الكلام عنه من ملاحظة الأصل الكلامي الذي انطلق منه المعتزلة ووافقهم متأخرو الأشاعرة

وهذا التقسيم عند #أهل_الحديث ينظر فيه من جهتين:

جهة #الدليل نفسه ودلالته على مراد الشارع

وجهة #المستدل ووصوله إلى مراد الله.. 


فبالنظر إلى الجهة الأولى فإن نصوص الشرع كلها قطعية الدلالة، ولا تنقسم إلى قطعي وظني...


فجميع النصوص في نفسها قطعية الدلالة على معانيها بغض النظر عن إدراك المستدل لذلك قطعا أو لا

وهي قطعية أيضا من جهة إحكامها...

ووو 


والخلاصة أن مسألة قطعية النصوص وظنيتها هي من جهة ظهور القطع والظن للمستدل وليست وصفا للدليل نفسه. 


وليس في هذا إلغاء لوجود نص ظاهر أو لفظ مجمل أو مشترك كما توهمه من لا يحسن النظر ...!!! 


فمع وجود الظاهر والمجمل .. إلا أن النصوص قد بينت مراد الله منهما بدلالة قطعية يدرك قطعيتها من شاء الله من عباده، ولم يتركه الشارع من غير بيان يدل على مراده قطعا..

إلا أن المستدل قد لا يصل إلى المبين قطعا، وإنما يصل إليه ظنا.........

هذا هو تحقيق المسألة

وقد أحسن في تفصيل ذلك وبيانه #ابن_القيم في مختصر الصواعق و #الشاطبي في الموافقات 

فلله درهما 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 11 أغسطس 2024

تحرير مسالة التعزير بقتل الداعية إلى بدعة مغلظة

 

هل من لازم التبديع العيني استباحة دمه وقتله؟ 


جَعْلُ لازم التبديع العيني: القتل واستباحة الدم هو من افتراءات #حسن_السقاف على #ابن_تيمية، فقد زعم أن ابن تيمية (يحرض بشدة على قتل المبتدع)

ورفع السقاف شعار (تحذير المؤمنين من نظرية قتل المخالف بتهمة الابتداع) 


وقلده في أصل الفرية أو وافقه بعض التيارات عندنا في ليبيا...!!!!!!! 


وحتى نجيب على هذا السؤال ونرد على افتراء السقاف

لابد: 


١- أن ندرك قاعدة الشريعة في رفع الضرر والتعزير بالقتل......

والتعزير بالقتل الخلاف فيه معتبر...

ودليل من جوز التعزير بالقتل: المصلحة ودفع ضرر المفسد.

والمخول بالتعزير الذي يصل إلى القتل هو السلطان وليس عامة الناس...

ويكون مقصود السلطان نصرة الدين وحمايته. 


٢-أن ندرك أن الابتداع في الأصول مفارقة لجماعة المسلمين، والجماعة هم السواد الأعظم في القرون الثلاثة 

وليس هو مجرد رأي يبديه ويقيم عليه حجته... 


٣- أن نبحث في المناط الذي لأجله قتل بعض السلف بعض المبتدعة.

فقد كان أكثر السلف يأمرون بقتل الداعي إلى البدعة الذي يضل الناس. انظر مجموع الفتاوى (١٢/٥٠٠)

وليس هو محل اتفاق...

وقد قَتَلَ عمرُ بن عبد العزيز غيلان القدري، وجوز مالك وغيره قتل القدرية.

وسئل الإمام أحمد عن قتل الجهمية؟ فقال:(ارى قتل الداعبة منهم، 

وقال الإمام مالك: عمرو بن عبيد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.. مختصر الإنصاف(٢/٧٢٥) 


والسؤال المطروح: هل مناط القتل مجرد كونه مبتدعا عينا؟ كما ظنه بعض من لا يفقه

أو لابد مع الابتداع من معاني أخرى؟...

وهل يعنون بالبدعة البدعة المغلظة كبدعة الرافضة والجهمية والقدرية الأول والخوارج أو مطلق البدعة؟ 


إن الناظر في فعل السلف المستند على قواعد الشريعة وكلياتها يجد أنهم أمروا بقتل بعض المبتدعة ولم يأمروا بقتل غيرهم ممن وقع في نفس البدعة أو مثلها أو دونها واستحق التبديع العيني؛ مما يدل على أن مناط القتل ليس هو مجرد الابتداع أو التبديع العيني أو وقوعه في بدعة مغلظة كفرية... 


وإنما المناط الذي انطلق منه الأئمة في قتل المبتدع مركب من أمرين:

١-الداعي إلى بدعته إذا كان لا يقبل الحق إما لهواه وإما لفساد إدراكه.

٢-لا يندفع فساده وضرره على الناس إلا بالقتل

فهذان الأمران لابد من اجتماعهما، فكل واحد منهما جزء علة.

بمعنى: المبتدع الذي 

١-وقع في بدعة مغلظة 

٢-يدعو إليها 

٣-لا ينكف شره عن الناس إلا بقتله

٤-لم ينفع معه نصح وبيان 

٥-قد جربت معه عقوبات أخرى كالهجر والحبس فلم تنفع...

٦-أن يقوم به السلطان ومن في حكمه، ويكون مقصودهم نصرة الدين وحفظه. 


ولما كانت البدع المغلظة تهدم أصل الدين ناسب أن تكون عقوبة الداعي لها الذي لا يندفع ضرره على الناس إلا بقتله: القتل؛ تقديما لحفظ ضرورة الدين على ضرورة حفظ النفس؛ ولكون مصلحة قتله عامة؛ إذ يتحقق بها سلامة المجتمع من الوقوع في البدع المغلظة التي تهدم أصل الدين. 


قال ابن تيمية ": ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين والداعي إلى البدع في الدين" (الفتاوى ٢٨/ ١٠٨).

وقال أيضا:" وأما قتل الداعية إلى البدع فقد يقتل لكف ضرره عن الناس، كما يقتل المحارب، وإن لم يكن في نفس الأمر كافرا، فليس كل من أمر بقتله يكون قتله لردته، وعلى هذا قتل غيلان القدري وغيره قد يكون على هذا الوجه" (الفتاوى ٢٣/ ٣٥١). 


وقد دلت الأدلة على قتل المفسد الذي لا يندفع ضرره إلا بالقتل، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" 

ولشبهه بالتارك لدينه المفارق للجماعة؛ لكونه ذريعة ووسيلة إليه.

ولقياس المفسد على الصائل، فالصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل. 


ولحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فهو محمول على التعزير بالقتل...

وهذه كلها أدلة خاصة إذا فُرض تعارضها مع حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة)! رواه البخاري ومسلم، فهي مقدمة عليه؛ لأن دلالة الخاص على معناه بالنص ودلالة العام على معناه بالظاهر فلا يبطل الظاهر حكم النص، والخاص يقضي على العام.

قال ابن رجب ردا على من قال بأن حديث ابن مسعود ناسخ:(لا يعلم ان حديث ابن مسعود كان متأخرا عن تلك النصوص كلها لاسيما وابن مسعود من قدماء المهاجرين وكثير من تلك النصوص يرويها من تأخر إسلامه كأبي هريرة وجرير بن عبد الله ومعاوية فإن هؤلاء كلهم رووا حديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة)


وهذا ما قرره بعض أصحاب المذاهب الأربعة 

قال ابن عابدين من الحنفية:" والمبتدع لو له دلالة ودعوة للناس إلى بدعته ويتوهم منه أن ينشر البدعة وإن لم يحكم بكفره جاز للسلطان قتله سياسة وزجرا لأن فساده أعلى وأعم حيث يؤثر في الدين" (ابن عابدين ٤/ ٢٤٣).

وقال ابن فرحون من المالكية:" وأما الداعية إلى البدعة المفرق لجماعة المسلمين فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقال بذلك بعض الشافعية في فتل لداعية كابجهمية والروافض والقدرية، وصرح الحنفية بقتل من لا بزول فساده إلا بالقتل، وذكروا ذلك في الوطب إذا كثر نه ذلك يقتل تعزيرا" 

(تبصرة الحكام ٢/ ٢٩٧)

وفي حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج عند حديثه عن بعض المتبدعة: »نعم إن تضررنا بهم، تعرضنا لهم، إلى زوال الضرر أي ولو بقتلهم«.

وفي الإنصاف للمرداوي: (عند الحنابلة وجه بقتل الداعية إلى البدعة وفاقاً لمالك رحمه الله) 


فالمبتدع الداعية إلى بدعته الذي لا يقبل الحق: يقتله السلطان إذا كان ضرره على الناس لا يمكن إزالته إلا بالقتل

وهذا متعلق بالبدع المغلظة، وأما ما دونها فيكتفى بالتعزير بما هو أدنى من القتل كالهجر والحبس ... 

وقتله لا يدل على ردته؛ لأن مناط قتله ليس كونه كافرا.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 8 أغسطس 2024

التعايش بين الطوائف والفرق والجماعات

 التعايش بين الطوائف والفرق والجماعات 


الأصل في أهل البدع الهجر والعقوبة؛ صيانة للشريعة وزجرا للناس

ولكل قاعدة استثناءات بحسب ما تقتضيه الضرورة وفقه المصالح... 


فمع كون الهجر أصلا لمن تسمى باسم أخص من اسم الإسلام وهو المبتدع

 إلا أن التطبيق الواقعي يدور على المصالح والمفاسد، وقوة أهل السنة وضعفهم، فليس كل مبتدع بجب هجره والتحذير منه على كل حال. 


فلا يلزم بالضرورة من تسميته مبتدعا هجره وعدم التعاون معه لا سيما ضد من يحارب الإسلام

ولا ينافي التعايش معه وفق ما تأمر به الشريعة سواء في حال الاختيار أو في حال الاضطرار 


فأهل السنة إذا تمكنوا لم يظلموا ولم يعتدوا بالتكفير والقتل وسفك الدماء...

وإنما يعطونهم ما يستحقونه من الأسماء ويحرصون على تعليمهم وإقامة الحجة عليهم

وإذا عاقبوهم عاقبوهم بقدر ما يخمد بدعتهم... فيتعاملون معهم بالعدل

وأما إذا كان أهل السنة في ضعف صبروا ولم ينافقوهم...

بخلاف ما نراه اليوم من بعض التيارات والمؤسسات الذين يحاولون جاهدين منافقة الطوائف التي يرون بدعيتها، وأما التي لا يبدعونها من طوائف اهل الكلام فيحاولون تسويغ  اعتقادها وجعل الخلاف معها خلاف اجتهاد وفروع...!!! 

قال ابن تيمية { ... ولهذا كان أهل السنة مع أهل البدعة بالعكس إذا قدروا عليهم لا يعتدون عليهم بالتكفير والقتل وغير ذلك، بل يستعملون معهم العدل الذي أمر الله به ورسوله، كما فعل عمر بن عبد العزيز بالحرورية والقدرية، وإذا جاهدوهم فكما جاهد علي - رضي الله عنه - الحرورية بعد الإعذار إقامة للحجة وعامة ما كانوا يستعملون معهم الهجران والمنع من الأمور التي تظهر بسببها بدعتهم، مثل ترك مخاطبتهم ومجالستهم لأن هذا هو الطريق إلى خمود بدعتهم، وإذا عجزوا عنهم لم ينافقوهم بل يصبرون على الحق الذي بعث الله به نبيه كما كان سلف المؤمنين يفعلون وكما أمرهم الله في كتابه حيث أمرهم بالصبر على الحق وأمرهم أن لا يحملهم شنآن قوم على أن لا يعدلوا.} ( الفتاوى الكبرى ج6/ ص528) . 


فأهل السنة إذا جلسوا مع من يرونهم مبتدعة فهم في جلوسهم ما بين أن يكونوا متمكنين فيتعاملون معهم بالعدل وما تقتضيه المصلحة الشرعية، أو يكونوا ضعافا فيتعاملون معهم بالصبر ولا ينافقون...


فالتسامح والتعايش ودفع خطاب الكراهية يجب أن يقوم على وسطية الشريعة واعتدالها، وبما يحافظ على الضرورات الخمس وما يقتضيه فقه الموازات بين المصالح والمفاسد

لا أن يقوم على الإنسانية ومبادئ العلمانية... 


ومصطلح التعايش أول من استعمله الرئيس السوفيتي (خروتشوف)...وفق ما اقتضاه واقعه... 


وعرفته (اليونسكو) باحترام الآخرين وحرياتهم والاعتراف بالاختلافات والقبول بالآخر...

ويجعلونه بديلا عن العلاقة العدائية... 


وكالعادة تنصرف همم بعض المسلمين إلى أسلمة هذا المصطلح؛ بقطعه عن سياقه التاريخي وجذوره العقدية....

وهذا يستقيم في مصطلحات دون مصطلحات بحسب قوة تعلق تلك الجذور بالمصطلح وضعفها، وهل يمكن انفكاكها عنه أو لا؟ 


وفي محاولة الكلام عن أسلمة مصطلح التعايش السلمي لابد أن نلحظ أمرا في غاية الأهمية وهو: أن العقيدة الصحيحة واحدة لا تقبل التعدد والتناقض، فلا يمكن لعقيدتين متضادتين او متناقضتين أن تكونا صحيحتين عند الله سبحانه، وعليه لابد أن تقوم الأسلمة على أن العقيدة الصحيحة واحدة، وعلى دوران مصطلح اهل السنة عليها.. 


ولهذا لما تعايش النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة مع العقائد والدييانات المختلفة تعايش معها وفق أن الإسلام هو الحق دون غيره... 


وهذا لا يستقيم مع التعايش الذي يدعو إليه الغرب وجعلوه أنموذجا حضاريا، فالتعايش عندهم يقوم على تعدد الحق... 


طيب

إذا حاولنا أسلمة هذا المصطلح ( التعايش السلمي) وحصرنا الكلام بين الطوائف والفرق الإسلامية

فنقول: 


هذا المصطلح قد يعبر به عن قبول فكرة تعدد الفرق والطوائف وتسويغ اعتبار معتقداتها من الناحية الشرعية......

وقد يعبر به عن إعطاء الحقوق والتعاون في المشتركات والحفاظ على الأمن ورفض النزاعات الطائفية التي تجر إلى الفوضى والفتنة العامة.. 


فليس الإشكال في التعايش بمفهومه العام؛ لأنه ضرورة لا تقوم الحياة إلا به 


وإنما الإشكال في التعايش بمفهومه الخاص؛ مما يستدعي تفصيلا

فالتعايش بمفهوم عدم الظلم وإقامة العدل: تدعو إليه الشريعة قال تعالى:[ ولا يجرمنكم سنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا]

والتعايش بمفهوم دعوتهم إلى عقيدة أهل السنة بالتي هي أحسن، وتأليفهم والرحمة بهم: تدعو إليه الشريعة (فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) 


والتعايش بمفهوم نصرتهم أمام العدو الكافر والوقوف معهم: تدعو إليه الشريعة... 


وأما التعايش القائم على إلغاء الفروق والاختلافات أو تسويغ اعتبارها شرعا بجمعهم تحت مصطلح عام، فهذا يتناقض مع الشريعة وأصل الولاء والبراء.. 


فالتعايش حتى يكون صحيحا يتوافق مع قواعد الشريعة لابد أن يبنى على العدل والنصح، لا أن يبنى على المساواة وإلغاء الفروق.

وأن يبنى على قاعدة الشريعة في اعتنائها بدرء المفاسد وتقدمه على جلب المصالح

وهذا يتطلب تحديد مجاله وفق ما يتوافق مع قواعد الشريعة... 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 


السبت، 27 يوليو 2024

من هو السني؟

ملخص
#من_هو_السني؟

المسلم لا يكون سنيا إلا إذا وُجد فيه موجِب كونه سنيا, فمن تخلف فيه هذا الموجب فهو وإن كان مسلما إلا أنه لا يكون سنيا, فكل سني مسلم وليس العكس, وأما العلاقة بين السني والمبتدع فعلاقة تقابل, بحيث إذا وجد أحدهما ارتفع الآخر, كما أن معرفة حقيقة المبتدع متوقفة على معرفة حقيقة السني؛ لأنهما حقيقتان متضادتان, وهذا يدلك على أهمية معرفة موجِب كون المسلم سنيا.

والمستقرئ كلام أئمة أهل الحديث يجد أن السني المعين عندهم: من سلمت له المنظومة الاستدلالية, بأن يعتمد على الكتاب والسنة والإجماع اعتمادا كليا في جميع أبواب الدين.
سواء اعتمد عليها في نفس الأمر أو بحسب ظنه واعتقاده.

فالتسمية بالسني تعتمد على ما كانت عليه الجماعة في القرون الثلاثة وطريقتهم في الاستدلال, وأما المخالف لطريقتهم ومنظومتهم الاستدلالية فهو الذي يسمى مبتدعا ولا يكون سنيا.

فسلامة المنظومة الاستدلالية الشرعية تقوم على التسليم لظاهر النص الشرعي والإجماع من غير أن يعارضا بآراء الرجال وعقولهم في جميع أبواب الدين.

وتبديع المعين مباشرة ينظر فيه لعدم تحقق موجب كونه سنيا؛ ذلك أنه إذا انتفى موجب كونه سنيا قام به مباشرة موجوب كونه مبتدعا, فاستحق التبديع مباشرة ولم يعتبر فيه مانع الجهل والتأويل

فإن قيل: لم اعتبرتم المانع فيمن سلم له مصدر التلقي ولم تعتبروه فيمن لم يسلم له وتلبس ببدعة كفرية أو مفسقة؟

قيل: لم نعتبر المانع فيمن لم تسلم له المنظومة الاستدلالية لأنه يصاحبها التقصير واتباع الهوى...
واعتبرناه فيمن سلمت له المنظومة الاستدلالية وتلبس ببدعة إذا تحققنا أنه ليس متبعا لهواه..

ولا يشكل على هذا التقرير ما ورد عن بعض السلف من الحكم على الرجل بكونه مبتدعا عينا؛ لبطانته.

أولا: هذه الآثار محلها المعاشرة والمخالطة والمودة لمن عرف حالهم.

ثانيا: أن المعاشر لهم والمخالط لغير مصلحة شرعية راجحة لا يخلو من حالين:

الأول: أن يقول بقولهم وينطلق من منظومتهم فهذا يلحق بهم اسما وحكما....

الثاني: أن يقول بقول أهل السنة وينطلق من منظومتهم الشرعية إلا أنه يجالس المبتدعة ويخالطهم لغير مصلحة الشرعية فهذا يلحق بهم في الحكم لا في التسمية, فيعامل معاملة أهل البدع.

فإن قيل: هل التبديع تفسيق؟

قيل: التبديع تفسيق اعتقادي؛ لأن البدعة فسق اعتقادي, قال ابن القيم: (وفسق الاعتقاد, كفسق أهل البدع)
إلا أن لفظ المبتدع قد يطلق على معنى من وقع في بدعة – وهو قليل الاستعمال-, فتراهم مثلا يقولون: مبتدع كافر ومبتدع غير كافر, أو هذا المبتدع: كافر, كما يطلق الأئمة على المعين بأنه جهمي ويعنون به وافق جهما في قوله, ولا يريدون الحكم عليه.

ويطلق المبتدع على معنى الفسق الاعتقادي, وهو الذي كثر استعماله عند السلف والأئمة, فيعنون بكونه مبتدعا أنه فاسق من جهة الاعتقاد, فلا يجمعون بينه وبين الكفر في المعين, فلا يقولون في مقام الحكم: مبتدع كافر, كما لا يحكمون على المعين بأنه فاسق كافر, ويعنون بالفسق ما دون الكفر.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/07/blog-post_27.html

الجمعة، 19 يوليو 2024

حديث الجارية أين الله؟

 

ورد هذا الحديث بعدة ألفاظ, فقد ورد بلفظ "أين الله" فكان جوابها "في السماء", وورد بلفظ "أين ربك" فأشارت إلى السماء, وورد بلفظ" أفتشهدين أ ن لا إله إلا الله فأجابت :نعم"

وهذه الروايات أخرجها أحمد في مسنده وغيره, 

فرواية «أين الله؟» فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة في المسند (13/ 285) ح ,7906

ورواية «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟» قالت: نعم, في المسند (25/ 19) –ح 15743

ورواية «أين الله؟» فقالت: في السماء. في المسند (39/ 176) ح 23762

والمعنى متقارب, ويمكن فيها الجمع والترجيح, وبذلك تنتفي دعوى الاضطراب.

أما الرواية التي أثبتها مسلم في صحيحه, فبلفظ فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء. صحيح مسلم (1/ 381)

فهي من رواية هلال بن أبي ميمونة وقد احتج به البخاري ومسلم وقد وثقه غير واحد من الأئمة.

وهذه الرواية ثبوتها قطعي؛ إذ لم يتعقبها أحد من أئمة أهل الحديث, ومنهم الحفاظ النقاد, فهي رواية تلقتها الأمة بالقبول, ولم يضعفها إلا بعض المتأخرين ممن تلوث بلوثة علم الكلام.

وقد استدل بها الأئمة في المسائل الفقهية, كمالك والشافعي وكثير من أئمة أهل الإسلام؛  بناء على صحتها.

وممن احتج بهذه الرواية على إثبات استواء الله على عرشه وأن الله في السماء: الدارمي في الرد على الجهمية (ص: 45), وابن أبي عاصم في السنة (1/ 215), وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 278), وابن منده في كتاب الإيمان (1/ 230), واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 430), وغيرهم...

قال سليمان التيمي: (لو سئلت أين الله؟ لقلت في السماء) خلق أفعال العباد للبخاري (ص: 37)

وقال عبد الغني المقدسي: (ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول إنه لا يجوز أن يقال: أين الله، بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله " أين الله "؟!) الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي (ص: 53)

وقال الذهبي: (...ففي الخبر مسألتان:  إحداهما: شرعية قول المسلم أين الله.

 وثانيهما: قول المسؤول في السماء؟  فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم) العلو للعلي الغفار (ص: 28)


فقه الحديث:

قد سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية بقوله أين الله؟ أجابت في السماء...

فإجابتها كانت موافقة للفطرة, وهي عربية تعرف ما تقول، وقد أقرها النبي صلى الله عليه وسلم جوابها, ومعنى قولها في السماء:  في العلو, فكل ما علاك في لغة العرب فهو سماء، وعلوه جل وعلا علو ذات وقدر وشرف. 

فالله لما خلق الخلق خلقهم خارج ذاته, فهو بائن من خلقه في العلو فوق مخلوقاته

ولم يخطر ببال سليمي الفطرة أن المراد بالسماء: السماء المخلوقة وأنها تحيط به وتحويه أو هو في جهة مخلوقة، وليس هذا هو الظاهر ... 

قال #ابن_عبد_البر #المالكي في الاستذكار (7/ 337): (وأما قوله في هذا الحديث للجارية أين الله؟ فعلى ذلك جماعة #أهل_السنة وهم #أهل_الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته 

كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه: (الرحمن على العرش استوى) طه 5 , وأن الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان, وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل (ءامنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) الملك 16)) انتهى كلامه

ولا ينكر هذا السؤال "أين الله؟" إلا #الجهمية ومن وافق أصولهم, فالجهمية لا يثبتون علو الله على عرشه, قال ابن المبارك: «لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا!!!!، بل على العرش استوى» ، وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ قال: «#فوق سماواته على عرشه. 

وقال سعيد بن عامر: " الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى، وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى #على_العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء "] 

ولا يجوز بحال النزاع في صحة السؤال؛ لأنه يلزم منه أن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم ينطق بما لا يجوز أو بما يوهم معنى فاسدا، أو بما ينافي كمال الله !! 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 13 يوليو 2024

ضابط قضايا الأعيان

ضابط #قضايا_الأعيان

صورة #قضية_العين: أن يقع فعل أو قول على حادثة معينة أو يخص شخصا بعينه, ويحتمل الفعل أو القول وجوها متعددة.
ومحل إعمالها: إذا اقتضى ظاهره معارضة حكم عام مع إمكان أن يكون موافقًا لا مخالفًا من وجه آخر
وهذه التي قال عنه الشاطبي في الموافقات (4/ 8): (إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة. فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان، ولا حكايات الأحوال)
ومعنى ذلك أن يَرد معنا حكم عام، ثم تَرد معنا قضية عين يحتمل ظاهرها مخالفة ذلك العام ويحتمل الموافقة في بعض الوجوه.
فهنا تُنَزل قضية العين على وفق الحكم العام, فتحمل على بعض وجوهها.

وانتبهوا هنا أنه إذا لم تكن فيها وجه معارضة لحكم عام كأن تكون موافقة أو لعدم وجود حكم عام فلا تكون من باب قضايا الأعيان التي تنزل على وفق الحكم العام, وإنما تستقرى هذه الجزئيات ويؤخذ منها حكم عام.

وأمثل على هذا بتبديع المعين وتكفيره
عندنا صور:

الصورة الأولى: ما ورد عن السلف من #تبديع_المعين إذا خالف مصدر التلقي وفق المنظومة الاستدلالية البدعية من غير إقامة الحجة

الصورة الثانية ما ورد عن السلف من تبديع المعين إذا خالف في أصل مع سلامة مصدر التلقي من غير إقامة الحجة.

الصورة الثالثة: ما ورد عن السلف من تكفير المعين المسلم من غير إقامة الحجة

ففي الصورة الثانية والثالثة عندنا حكم عام وقاعدة كلية وهي أن المعين لا يبدع إذا لم يخالف في مصدر التلقي إلا بعد إقامة الحجة؛ لتحقق الوصف المقتضي لكونه سنيا, فلا يرفع عنه إلا بيقين، وكونه قد سلم له مصدر التلقي يجعل مخالفته لأصل مقتضيا للتبديع لا موجبا
ولا يكفر إذا وقع في أمر كفري إلا بعد إقامة الحجة؛ لتحقق الوصف المقتضي لإسلامه، فلا يرغع عنه إلا بيقين، وكونه قد نطق بالشهادين يجعل وقوعه في أمر كفري مقتضيا للتكفير لا موجبا
وكونه مقتضيا يعني يتوقف على شروط وموانع
فإذا ورد عن السلف تبديع أو تكفير لمعين كان ذلك محتملا لكون الإمام قد أقام عليه الحجة ومحتملا لعدم إقامتها, فيكون ما ورد عن السلف قضية عين تفهم على وفق القاعدة الكلية فتحمل على أنه قد أقام عليه الحجة.

وأما الصورة الأولى فلما لم تكن هناك قاعدة عامة تخالف ما ورد عن السلف من تبديع المعين المخالف في مصدر التلقي وفق ما بينته في منشورات سابقة وليس هناك أصل يمنع من رفعه إلا بيقين أخذنا حكما عاما من مجموع هذه الجزئيات التي فيها تبديع السلف لأعيانٍ بموجب مخالفتهم المنظومة الاستدلالية الشرعية, وهذا الحكم هو التبديع العيني على من خالف في مصدر التلقي وفق المنظومة الاستدلالية البدعية من غير إقامة الحجة.
قال أبو حامد الإسفراييني: ( يا بني بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس إلى الضلال..) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (6/ 598)

والخلاصة: أن ما ورد عن السلف من تبديع المخالف في مصدر التلقي ليس من باب #قضايا_الأعيان؛ لعدم ثبوت المقدمة وهي وجود حكم عام على أن المعين لا يبدع مطلقا إلا بعد إقامة الحجة.

فمن يقوللو افترضنا صحة هذا التعميم في تبديع كل أعيان المعتزلة فإنه يلزم منه أيضا صحة تكفير كل أعيانهم أخذا من تكفير الإمام أحمد لابن أبي دؤاد..)
فهذا لم يفقه الفرق ومحل قاعدة قضايا الاعيان, وخلط بين المسائل...!!!!

ولا يقال أيضا: إذا أقررت على أن #تكفير_المعين قاعدته العامة لابد فيه من إقامة الحجة فلتقر بذلك في التبديع

وجواب هذا: أن القاعدة العامة في تكفير المعين مقيدة بمن ثبت له أصل الإسلام الذي لا يرفع إلا بيقين, فلا يقال في المجوسي لا نكفره إلا بعد إقامة الحجة؛ لأنه لم يأت بأصل الإسلام, وكذلك التبديع تعتبر فيه إقامة الحجة لمن ثبت له أصل السنة؛ لأن هذا الاصل لا يرفع إلا بيقين، بخلاف من لم يثبت له الأصل فليس هناك ما يمنع من تبديعه عينا

فلا فرق بين باب التكفير وباب التبديع في شرط إقامة الحجة لمن ثبت له الأصل, وأما من خالف فمنع الاحتجاج بأصل السنة؛ لدلائل عقلية كلامية, فهذا لم يثبت له الأصل فلم يشترط في تبديعه إقامة الحجة.

فموجب تبديعه عدم ثبوت أصل السنة, لا أن موجب تبديعه أن الحجة مقامة عليه كما يصور ذلك من لا يفهم.

ومن هنا تعلم: أن السني يقابله المبتدع, فمن لم يكن سنيا يكون مبتدعا, ومن لم يكن مبتدعا يكون سنيا, فمن ارتفع عنه موجب تسميته سنيا كان مبتدعا , ولا تنافي بين كونه مبتدعا ومسلما؛ لأنه لا تقابل بينهما, وإذا ارتفع عن المعين موجب تسميته سنيا لم يرتفع عنه موجب تسميته مسلما؛ لاختلاف المناطين

والعلم فقه وتحقيق, لا تلبيس وتدليس وإعمال قواعد في غير محالها

د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/07/blog-post_13.html

السبت، 6 يوليو 2024

تحرير مسالة تبديع المعين مباشرة

 تبديع المعين مباشرة من غير إقامة الحجة

ضابطه أن يخالف في مصدر التلقي
بمعنى أن ينطلق في الاستدلال بغير الكتاب والسنة والإجماع
معتقدا قصور دلالتها عن إفادة القطع أو جعل دلالتها كفرية ...
وهذا لا يكون خطؤه إلا لتفريط منه وتقصير واتباع للهوى
ولهذا استحق التبديع مباشرة من غير اشتراط إقامة الحجة وإزالة الشبهة
قال السجزي: "...من قال في نفسه قولاً، وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له؛ لا ينبغي أن يلتفت إليه لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم؛ يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً"اهـ (الرد على من أنكر الحرف والصوت ص100-101) ([37])
فجعل من خالف في مصدر التلقي مستحقا لأن يسمى مبتدعا.
وهذا المخالف لا يعذر بالجهل في استحقاق التبديع؛ لأن مخالفته (وفق تلك المنظومة الاستدلالية الكلامية) تلازم التفريط والتقصير ومتابعة الهوى
قال ابن تيمية: "الجاهل عليه أن يرجع، ولا يصر على جهله، ولا يخالف ما عليه علماء المسلمين؛ فإنه يكون بذلك مبتدعاً جاهلاً ضالاً"اهـ (مجموع الفتاوى 7/682) ([44])
وقال: "قد يكون كل من المتنازعين مبتدعاً، وكلاهما جاهل متأول"اهـ (مجموع الفتاوى 23/356)
ونعني بنوع التقصير والتفريط هنا هو النوع الذي يثبت به حكم التبديع، لا النوع الذي يكون موجبا لعدم المغفرة
وقد جعل ابن تيمية العدول عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم سببا لتبديع المعين مع كونه مجتهدا مغفورا له؛ لأن مناط تبديع المعين يختلف عن مناط المغفرة، ولأنه لا تلازم بين تبديعه وتأثيمه، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/ 361): "و فِي الْجُمْلَةِ مَنْ عَدَلَ عَنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَفْسِيرِهِمْ إلَى مَايُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ بَلْ مُبْتَدِعًا وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُه".

وعندما نعبر بمخالقة مصدر التلقي نعني به المنظومة الاستدلالية الكلامية
في سياق كلامنا عن الفرق العقدية
فلا يتصور واقعا عدم التلازم بين الأخذ بالمنظومة الاستدلالية كاملة والتفريط في الواجب والتقصير فيه واتباع الهوى
الذي هو العلة الحقيقية لتبديعه
إلا أنه لما كان خفيا غير منضبط علق بمظنته وهو المخالفة في مصدر التلقي...

ولا تدخل في ذلك صورة من أخذ ببعض المنظومة الاستدلالية الكلامية تقليدا
فتكون المخالفة في مصدر التلقي جزئية؛ ظنا منه أنه وافق مقتضى نص شرعي أو إجماع
كمن ينطلق في تأويل بعض الصفات وتقديم العقل من قوله تعالى:[ليس كمثله شيء] ظنا منه أن هذا هو مقتضى النص، ولم يتسلسل الأمر عنده وفق المنظومة الكلامية.
فهذه الصورة يتصور أن يتخلف  عنها اتباع الهوى؛ لانه انطلق مما ظنه مقتضى النص الشرعي، ويتخلف عنها أيضا التفريط والتقصير؛ لانتفاء التمكن من معرفة الحق والوصول إليه.
ومتى تخلف التفريط والتقصير واتباع الهوى تخلف معه حكم التبديع مباشرة.
وهذا حال كثير من شراح الحديث والفقهاء والمفسرين فتراهم يأخذون شيئا من المنظومة الاستدلالية الكلامية ظنا منهم أن هذا هو مقتضى النص الشرعي أو هو الموافق للإجماع...
فهم لم يعملوا المنظومة الاستدلالية الكلامية كاملة ومتسلسلة في القول البدعي الكفري الذي وافقوا فيه الأشعرية مثلا
ولو كان مجرد الموافقة يكفي  في الحكم بالتبديع لما سلمت طائفة ممن اتفق أهل السنة على إمامتهم في السنة.

والخلاصة
من خالف في مصدر التلفي بُدع من غير إقامة الحجة؛ لخروجه عن المنظومة الاستدلالية الشرعية، ولا يعذر بالجهل في استحقاق التبديع؛ لأن مخالفته (وفق تلك المنظومة الاستدلالية الكلامية) تلازم التفريط والتقصير ومتابعة الهوى
فلا يشترط في تبديعه إقامة الحجة على أن الوحي هدى ولا يدل على الكفر ولا يقتضيه ... إلى آخره
وإقامتها تقتضي تكفيره لا تبديعه
وأما من لم يخرج عن المنظومة الشرعية إلا أنه وافق قولا للجهمية فهذا لابد من إقامة الحجة عليه.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار