حكم خدمة الزوجة أم الزوج وأبيه
هذه المسألة تتعلق بها مسائل, متى اختلطت اشتبهت, وهي:
المسألة الأولى: هل يجب على الزوجة خدمة أهل الزوج كأمه
وأبيه؟
المسألة الثانية: هل للزوج أن يلزم زوجته بما لا يجب
عليها شرعا؟
المسألة الثالثة: ما حكم طاعة الزوجة الزوج فيما لا يجب
عليها؟
وقبل الكلام عن هذه المسائل أنبه على أن الطاعة الزوجية
وحدودها قائمان على عقد النكاح ومقتضاه ومقاصده, فالمعقود عليه تجب فيه الطاعة
باتفاق, وكذا ما يقتضيه العقد, وهذه الطاعة هي أوجب الحقوق على الزوجة بعد حق الله
سبحانه.
أما المسألة الأولى فالذي يجب على الزوجة ما تعلق بعقد
النكاح ومقاصده كاستمتاع؛ لقوله تعالى {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:
228], وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا
دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ
عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»، وفي لفظ: «إِذَا بَاتَتِ
الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى
تَرْجِعَ» ، وعنه أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ
أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ».
فمنفعة المرآة مملوكة للزوج فيما يقتضيه عقد النكاح
ويحقق مقاصده.
وما زاد على ذلك فهو من باب التطوع والفضل, ومنه خدمة
الزوجة لأهل الزوج؛ لأن خدمة الزوجة لأهل الزوج ليس معقودا عليه في عقد النكاح ولا
يقتضيه, ولا يوجد ما يدل على وجوب خدمة الزوجة لأهل الزوج..
ولما كانت الخدمة غير معقود عليها اختلف الفقهاء في وجوب
خدمة الزوجة الزوج نفسه بالعجن والخبز والطبخ ونحوه. انظر المغني لابن قدامة (620)
(10/ 225)
فكيف بخدمة الزوجة لأهل زوجها؟!
وأما المسألة الثانية فليس للزوج أن يلزم زوجته بما لم
يجب عليها؛ لأنه غير معقود عليه في عقد النكاح ولا يقتضيه, وقال تعالى: [ فإن
أطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلا إن الله كان عليا كبيرا], بمعنى أنها إذا أطاعت
المرأة زوجها فيها يقتضيه عقد النكاح فلا سبيل له عليها بعد ذلك, ثم هدد الرجال
بأنه سبحانه العلي الكبير.
وأما المسألة الثالثة فيجب على المرأة طاعة زوجها فيما يتعلق بحقوق النكاح, ولا يجب عليها طاعته في كل ما يأمر به -على الصحيح-, ويتأكد
عدم الطاعة فيما كان فيه معصية أو ضرر على المرأة.
قال ابن نجيم في البحر الرائق (5/ 77): ( ...لا يجب عليها
طاعة الزوج في كل ما يأمر به إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه خصوصا إذا كان
في أمره إضرار بها)
والخلاصة أن على الزوج أن يلين الجانب مع زوجته ويرغبها
في خدمة والديه من غير أن يعلق نكاحه وطلاقه على الخدمة من عدمها, ومن غير أن يتعامل
معها على أساس أنها واجبة عليها؛ وبالتالي تحسن العشرة وتدوم الألفة, ومن حسن
تربية المرأة أن تقوم بخدمة أهل زوجها فيما لا ضرر عليها.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة- المرقب- ليبيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق