السبت، 28 سبتمبر 2024

حكم الفرح بقتل رؤوس ما يسمى بحزب الله (#حسن_نصر_الله]

 


يخلط بعضهم بين قتل رؤوس هذا الحزب بعد وقوعه وبين كيفية قتلهم وما صاحبه من دمار وقتل للأبرياء، 

وترتب على هذا الخلط عدم الوصول إلى الموقف الشرعي الصحيح...


وتجد أيضا من يخلط بين مسألة الفرح إذا تحقق مناطها الشرعي وبين المعركة بين الحزب واليهو د وحقيقة هذا القتال، والموقف الشرعي منه، وهل هو في صالح أهلنا في غ ز ة ولبنان أو لا؟ 


والأعظم أن تجد من يربط بين الفرح بالقتل والرضا بعلو اليهو د..!!!

ولا يلزم من الفرح بالقتل لتحقق مناطه الشرعي: الرضا بعلو اليهو د وفرحهم ...


وفي بيان الموقف الشرعي الصحيح لابد من صحة المقدمات لتسلم النتائج 


فهناك من ينطلق في بيان حكم الفرح من أن الرافضة أقرب للمسلمين في الدين من اليهو د ، وأنه لا تصح التسوية بينهما

ويدعم ذلك بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في أن المبتدع ولو قدر كفره فهو أقرب من كفر الكافر الأصلي.....

مع أن المسألة ليست مفروضة في المفاضلة بين دين الروافض ودين اليهو د والنصارى، وليست مسألة الفرح مبنية على من هو أقرب للإسلام...!!!! 


كما أن مسألة الفرح بقتل الرؤوس وأفراد الحزب ليست هي مسألة الموقف من اعتداء اليهو د على الحزب

فلا يلزم بالضرورة من الفرح بالقتل بعد وقوعه الفرح بالاعتداء الواقع... 


وبعضهم ينطلق في منع الفرح من عدم مشاركة اليهو د في فرحهم بقتل من يسمون بحزب الله الرافضي..!!!!!

مع أن المشاركة في الصورة الظاهرة لا يلزم منها التسوية في الحكم والمنطلق ... 


وبعضهم بدل أن يبين الحكم الشرعي الطلبي المعلق على مناط شرعي 

أخذ يتحدث عن الشعور الفطري الذي لم يعلق الشرع عليه وجوبا ولا تحريما ولا استحبابا ولا كراهة، منطلقا في ذلك من نسبية المواقف بحسب حال كل منطقة، فالشعور الذي يحدث لأهل غ ز ة يختلف عن الشعور الذي يحدث لأهل سوريا بناء على اختلاف أحوالهم....... 


وهذا خطؤه في تصور المناط المتعلق بالفرح من جهة، وعدوله عن بيان الحكم الشرعي الطلبي من جهة أخرى......

فصور أنه ليس في المسألة حكم واحد ينبغي أن يتفق عليه كل المسلمين وإن اختلفت أحوالهم...


فهذه المقدمات التي انطلق منها هؤلاء مقدمات غير صحيحة في مسألتنا في نظري.. 


وإنما المقدمة التي يجب أن ننطلق منها في بيان الموقف الشرعي التي تتناسب مع مسألتنا: تعدي الضرر والفساد وعظمه

فالفرح بقتلهم داخل تحت قاعدة دفع الضرر 


هذا المناط الذي يجب أن ندور حوله في بيان حكم الفرح بمقتل رؤوس ما يسمى بحزب الله....

مع ملاحظة أننا نتحدث عن حكم ما وقع، لا عن حكم ما سيقع 


ما حكم الفرح بما وقع من قتلٍ لرؤوس ما يسمى بحزب الله؟

من المعلوم أن ما يسمى بحزب الله هو أحد أذرع إيران الذي يسير وفق مخطط كبير لتحقيق المشروع الإيراني  

والذي هدفه السيطرة على المنطقة مع عداء ديني متجذر عميق لأهل السنة

نتج عنه تقتيل وتشريد لإخواننا في العراق وسوريا.. 


فضرر هذا الحزب خصوصا وإيران عموما على المنطقة وأهل السنة عظيم وعميق...


ولاشك أن بقاء الأعيان الذين يوجهون سهامهم وصواريخهم لأهل السنة في سوريا إلى يومنا: ضرره عظيم، بل ضرر بقاء هؤلاء الرؤوس ومن يقتل أهل السنة أعظم من نفع حياتهم

[وليس البحث الآن في الطائفة والحزب فهذاىسيأتي الحديث عنه]

ولهذا كان الفرح بقتل-بعد وقوعه- رؤوسهم ومن ساهم منهم في تقتيل أهل السنة وسلط عليهم آلة التعذيب: مشروعا، ومصلحته راجحة، ولم نقل خالصة ولا متمحضة.


والمناط الشرعي الذي انطلقنا منه في مشروعية الفرح: تعدي الضرر وعظمه.


ولم ننطلق من مشاركة اليهو د في فرحهم، ولا من التسوية بين اليهو د والرافضة في دينهم، ولا من كونهم نصروا غ ز ة في الظاهر ففرحنا بقتلهم، كما فهمه من ضعف تصوره... 


[ومن قدر وجود مانع يعظم على اعتبار موجب الفرح فإنما قدره 

ظنا منه أنه ينصر بذلك قضية غ ز ة 

وهو في هذا يخلط بين مسألة الفرح لتحقق مناطه 

وبين الموقف من المعركة بين الرافضة واليهو د

وهل فعلا قدم حزب إيران شيئا لأهلنا في غ ز ة؟] 


ومما يدل على مشروعية الفرح:

أن الله جعل من المقاصد الشرعية: شفاء ما في صدور المؤمنين وذهاب غيظهم

فإن في قلوب المؤمنين من الحنق والغيظ على هؤلاء بسبب عدائهم لأهل السنة وتقتيلهم لهم ما يكون في قتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين وإذهاب للغيظ. 


ولاشك أن قتل هؤلاء الصناديد لو كان على أيدي المسلمين من أهل السنة لكان أشفى لصدروهم، لكن قدر الله أن تقع عقوبتهم العاجلة على أيدي اليهو د... 


كما أن مشروعية الفرح يؤخذ من قوله تعالى:[ فلا تأس على القوم الفاسقين]

فرتب عدم التأسف والحزن على وصف الفسق، ففسفهم وتعديهم اقتضى نزول العقوبة عليهم، فلا تحزن على نزول العقوبة عليهم.

وهذا مبحث شرعي لا مجرد شعور. 


وأما الموقف الشرعي من الأحداث فسنتكلم عنه في منشور آخر؛ لتداخله... 


كتبه 

د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 21 سبتمبر 2024

هل كره الإمام مالك التحديث بأحاديث الصفات؟

هل كره الإمام مالك التحديث بأحاديث الصفات؛ لكونها (موهمة للتشبيه) وتوقع في التجسيم و(ظاهرها غير مراد)

أو كره التحديث (ببعضها) لسبب آخر متعلق بالمستمع لا بذات النص الشرعي؟


مقدمة:

هناك فرق بين منع المتكلمين 

 التحديث بأحاديث الصفات وبين منع بعض أئمة الحديث التحديث بها من جهتين:


الأولى: أن المتكلمين يعممون، فيمنعون التحديث بجميع أحاديث الصفات 

أو بأحاديث الصفات الخبرية؛ لمصادمتها العقل

بينما أئمة الحديث لا يعممون، فلا يقولون: نكره التحديث بجميع أحاديث الصفات 

أو بأحاديث الصفات الخبرية.


الثانية: أن المتكلمين ينطلقون في المنع من التحديث من كون ظاهرها غير مراد وأنها توهم التشبيه؛ لمعارضتها الدليل العقلي..

بينما أئمة الحديث ينطلقون في المنع من التحديث ببعض النصوص الشرعية من قصور السامع ونقص إدراكه، ولا ينطقون بحال من قصور دلالة النص.

قال ابن تيمية:(ولهذا كان الإمام أحمد وغيره إذا خشوا فتنة بعض المستمعين بسماع الحديث لم يحدثوه به، وهذا الأدب مما لا يتنازع فيه العلماء)

فمناط المنع عند بعض أئمة أهل الحديث خشية الافتتان بسبب قصور الفهم، فمخاطبتهم به مضرة بلا منفعة.

وقد سأل رجل ابن عباس عن تفسير قوله تعالى: ((الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن)) فلم يجبه وقال: "ما يمنعك أني لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت؟ وكفرك بها تكذيبك بها.


فالمتكلمون نظروا إلى أن الحديث موهم في نفسه ودلالاته فمنعوا

وليس هذا هو نظر بعض أئمة أهل الحديث. 


ولو كان الإمام مالك ينطلق من أن ظاهر نصوص الصفات غير مراد ويفيد التجسيم والتشبيه لما روى أحاديث الصفات في الموطأ

خشية أن يفتتن العوام

فقد روى حديث النزول (ينزل ربنا) وحديث الضحك (يضحك الله)

وحديث الجارية أين الله قالت في السماء

وحديث فيه أن لله يمينا...

وقد تعلق بعض لمتكلمين بما روي عن مالك أنه كره التحديث ببعض أحاديث الصفات..

فعمموا جميع الصفات وجعلوا منطلقهم في ذلك أن أحاديث الصفات في نفسها توهم التشبيه وأن ظاهرها غير مراد. 


والسؤل هنا

إذا كان مالك ينهى عن رواية أحاديث الصفات فلماذا يرويها في الموطأ؟!!


ثم 

ما الأحاديث المتعلقة بالصفات التي كره مالك التحديث بها؟ وما السبب؟


أولا: إنما كره التحديث ببعض أحاديث الصفات، فهو لم ينه عن التحديث بجميع الأحاديث التي اشتملت على الصفات الخبرية أو الصفات الفعلية، كما يفعله المتكلمون.. 


ثانيا: الحديث الذي كره مالك التحديث به هو حديث الصورة 

وروي غيره

قال ابن تيمية عن حديث الصورة الذي أنكر مالك التحديث به:(الأئمة المتفق على إمامتهم في الأمة ما زالوا يروونه ولا ينكرونه ولا يتأولونه) جواب الاعتراضات المصرية(١٦٣)

وقال:(وقد حملت طائفة ثالثة نهي مالك لرواية هذا الحديث على العموم، وقد روي عنهم أنه كره رواية أحاديث في هذا الباب فجعلوا هذا قدوة في المنع من رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة عنه، ثم ينزلون ذلك على رأيهم، فمنهم من يجعل ذلك عاما في رواية جميع أحاديث الصفات كما يقوله من يقوله من المعتزلة ومحوهم من الجهمية) 


ثالثا: كره مالك التحديث بالأحاديث التي ثبت ضعفها عنده، أو غلب على ظنه افتنان من سيحدثه بها، كما منع بعض السلف تحديث السلطان ببعض الأحاديث التي يستغلها بفهم خاطئ في الظلم

وكقوله صلى الله عليه وسلم (لا تخبرهم فيتكلوا)

فليس هو منعا عاما، وإنما هو منع مخصوص اقتضاه الحال المخصوص.

قال ابن القاسم: ((وكان مالك يعظم أن يحدث أحد بهذه الأحاديث التي فيها "أن الله خلق آدم على صورته" وضعفها)) أصول السنة ص75 والبيان والتحصيل16/ 400

2 - وقال أبو بكر الأبهري المالكي في شرح جامع ابن عبد الحكم ص162 : ((إنما كره أن نتحدث بهذه الأشياء من قبيل أنها ليست صحيحة الإسناد عنده، ولا يجوز أن تضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحدث عنه ما ليس بصحيح الرواية عنه)) 

3 - وقال الذهبي في السير: ((أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده، ولا اتصل به، فهو معذور، كما أن صاحبي " الصحيحين " معذوران في إخراج ذلك))

4 - وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية ص158 ما نصه:((كان في السلف من يترك روايته-يعني حديث الصورة- فإن مالكاً روي عنه أنه لما بلغه أن محمد بن عجلان حدث به كره ذلك، وقال: إنما هو صاحب أمراء .. و إنما كره مالك ذلك لأن العلم الذي قد يكون فتنة للمستمع لا ينبغي للعالم أن يحدثه به لأنه مضرة بل فتنة وأن يكون بلغه لمن لا يفتتن به، لوجوب تبليغ العلم) 


وأما قول ابن عبد البر في التمهيد 7/ 150: ((وإنما كره ذلك مالك خشية الخوض في التشبيه بكيف "هاهنا"))

فقد ذكره في بعض الأحاديث دون بعض ولم يجعله قاعدة عامة في كل أحاديث الصفات أو في كل أحاديث الصفات الخبرية

وليس منطلقه أنها توهم التشبيه وإنما خشي ممن قصر عقله أن يحدد ويكيف.

وهذا معنى قول ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 195 ما نصه: ((وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، في الأحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا: أمّروها كما جاءت، نحو حديث التنزل وحديث: "إن الله خلق آدم على صورته"، وأنه يدخل قدمه في جهنم، وما كان مثل هذه الأحاديث)) 


وأما ما ذكره الحافظ ابن حجر  في قولهقال الحافظ: (..وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. والله أعلم" فتح الباري 1/ 225

فليس مناطا ينسجم مع عقيدة اهل الحديث، فظاهر نصوص الصفات عند السلف مراد

بخلاف ما عليه المتكلمون بناء على حاكمية العقل.


كتب

د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/09/blog-post_21.html

الجمعة، 20 سبتمبر 2024

ما المقصود بالمتشابه عند المتكلمين؟

 


وَصْف المتكلمين #آيات_الصفات بالمتشابه 

يريدون به أن الآية مشتبهة في نفسها غير محكمة، وعلى كل الناس؛ لمعارضتها #العقل الذي هو معيار الإحكام.......


وقد وضح ذلك #الرازي في أساس التقديس، وملخصه أن ما عارضه الدليل العقلي فهو المتشابه وما وافقه فهو المحكم ....


هذا هو إطلاق #المتشابه في النصوص عند #المتكلمين 


وأما إطلاق #السلف والأئمة للمتشابه فقد كان على وجه آخر، فهم يطلقونه على ما أشكل على بعض الناس دون بعض حتى فهم منه غير المراد، كما سمى الإمام أحمد كتابه الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن

أي بمعنى التشابه النسبي الإضافي، وليس هو وصفا لازما للآية نفسها 

وهذا في غاية الدقة والأهمية


ويطلقون المتشابه أيضا على ما لا تدرك كيفيته وحقيقته. 


ما الغرض من وصف المتكلمين آيات الصفات بالمتشابه؟


الغرض عدم اعتقاد ما دل عليه ظاهر النص.


ولما كانت الحاكمية للعقل: اختلفوا هل كل آيات الصفات من المتشابه أو ذلك خاص بالصفات الخبرية وما يفهم منها التحيز والحدوث؟ 


وجاءت هذه الفكرة من اعتقادهم أن ظاهر القرآن والسنة في الصفات يدل بنفسه على الكفر والتشبيه؛ 


وبداية هذه الفكرة انطلقت من دليل عقلي استدل به الجهمية-فرقة أجمع الأئمة على تكفيرها-

على إثبات وجود الله


ولما استدلوا بهذا الدليل وجدوا أن فيه إشكالية وهي أنه يتعارض مع ظاهر القرآن؛ لأن القرآن مليء بإضافة الصفات لله

فعلى دليلهم هذا لا يصلح أن يكون الله إلها؛ لأن دليل كون إلها يقوم على عدم اتصافه بالصفات، وقد أثبت القرآن اتصافه بالصفات... 


ما الحل؟

جعلوا هذه النصوص المعارضة لدليلهم متشابهة.


هذا باختصار 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

(#احتاج) #تتعدى_بإلى في #اللغة_الفصحى

 


والمقصود باللغة الفصحى: اللغة الأكثر فصاحة والأعلى إتقانا

وهي لغة قريش، والتي نزل بها القرآن... 


فاللغة الفصحي هي النقية الصافية التي لا تشوبها أي شائبة..

قال محمد التونجي:(وهي المتمثلة في تراث النصوص الأدبي في العصر الجاهلي والإسلامي) 


ودونها الفصيحة...   والحد الأدنى في الفصيحة صحة البناء اللغوي... 


فالقرآن نزل بالفصحى وليس بالفصيحة 


والأقرب في العامي أن يرد إلى الفصيحة لا إلى الفصحى..... 


وإن كان هناك اختلاف بين المهتمين باللغة حول التغاير بين مفهومي اللغة الفصحى واللغة الفصيحة، وهل هما بمعنى واحد أو بمعنيين؟


والذي ملت إليه هو التفريق بينهما من جهة الدلالة والمقصود...

بمعنى أن الفصحى تتطلب الالتزم بأعلى درجات الفصاحة والبلاغة، والمقصود منها البلاغة..


وأما الفصيحة فلا تتطلب أعلى درجات الفصاحة وإنما يستخدم المتكلم الحد الأدنى من الجزالة اللغوية... والمقصود منها التواصل والتفاهم بين الناس.

ومنه

الآية: «وأخِي هارون هو أفصحُ منّي لسانا" [القَصص: 34]؛ ف"أَفْصحُ" هُنا صفةُ تفضيل للمُبالَغة مُؤنَّثُها "فُصحى".  


ومن السطحية أن تأتي بكلام من لم يميز بين اللغة الفصحى واللغة الفصيحة، بمعنى أن القسمة عنده ثنائية: فصحى وعامية

فتجعله حجة لك في تخطئة من ميز بينهما وجعل القسمة ثلاثية: فصحى وفصيحة وعامية..!!!!

وهي أقرب إلى الاصطلاح... 


المهم 

تعدية (أحتاج) بنفسها ليست من الفصحى؛ لأنها لم تعرف في شعر الجاهلية ولا في زمن الاحتجاج، وليست هي الأكثر إتقانا... 


لكن هل هي من الفصيحة أو العامية؟ 


قد قلت في مقالي السابق عن تعدية (احتاج) بنفسها (وإن كان إطلاق التخطئة يحتاج إلى مزيد بحث، لكن يكفينا القول بأنه خلاف الفصحى، وخلاف ما كان سائدا زمن الاحتجاج) 


تأمل تقييدي بالفصحى وبما كان سائدا زمن الاحتجاج باللغة.

وهذا التقييد لا ينفي الاستعمال من بعض أهل العلم فيما بعد عصر الاحتجاج باللغة

ولم أنفيه ..


لكن هل هي فصيحة أو لا؟ محل تردد 


طيب

هل يمكن جعل (احتاج) تتعدي بنفسها قياسيا على قاعدة التضمين؟


أولا: القول بالتضمين محل خلاف، والأصل إرجاع الأفعال إلى أصولها وما وُضعت له. 


ثانيا: القول بالتضمين شرطه وجود المناسبة بين الفعلين، ويرجع في كل موطن إلى سياقه والقرائن، فلا يصح في كل سياق تضمين (#احتاج) معنى فعل يتعدى بنفسه، 

ولابد أن يكون #المتكلم قد لاحظ هذه #المناسبة، فلو استعمل المتكلم الفعل على ظن أنه يتعدى بنفسه وهو يتعدى بإلى فإنه يكون خطأ في اللغة ولا يكون كلام المتكلم من باب التضمين؛ إذ لم يقصد إعطاء الفعل المذكور معنى فعل آخر يناسبه، حتى يُخرَّج على باب التضمين.

واعترض بعضهم على اشتراط القصد، وهو مردود بأنه خلاف الأصل، ويفتح باب الخطأ على اللغة والفساد. 


ثالثا: حتى على القول بالتصحيح من باب التضمين لمن كان قاصدا المناسبة فإنه لا يجعله من #اللغة_الفصحى.


فعلى طالب العلم أن يكون دقيقا في فهمه، ولا يكون سطحيا ... 


كتب

د  أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

كيف نعرف أن الزمن مقصود أو غير مقصود في الاجتماع على التذكير بالسيرة في الثاني عشر من ربيع الأول؟



صورة المسألة المبحوثة: إحداث اجتماع من أجل مناسبة جاء زمن وقوعها .


مثلا إحداث اجتماع للتذكير بغزوة بدر من أجل مجيء وقتها وهو السابع عشر من رمضان

إحداث اجتماع للتذكير بالسيرة من أجل مجيء وقتها وهو الثاني عشر من ربيع الأول

إحداث اجتماع للتذكير بالإسراء والمعراج لمجيؤ وقته 


هذا الإحداث يلاحظ فيه أن الزمن مقصود عند من يقول بجواز هذا الإحداث.

مهما حاولوا التنصل من ذلك..


كيف عرفنا ذلك؟ 


■لو قلنا لهم هل نؤجل قراءة السيرة إلى شهر رجب؟

لقالوا: لا، بحجة أن المناسب أن نقرأها في شهر ربيع الأول؛ لأنه يوم مولده، والناس متهيأة لسماع السيرة فنستثمر هذا التهيؤ..

ولو قلنا لهم هل نؤجل التذكير بغزوة بدر إلى شوال بدل من رمضان

لقالوا غير مناسب... 


فانطلقوا من كون الزمن مؤثرا في التذكير؛ بدعوى المناسبة

فالذي اقتضى التخصيص هذا التأثير

وهذه نقطة البحث 


هنا يدرك كل عاقل أن الزمن أصبح مقصودا، فتكون علة قراءة السيرة تعظيم الزمن بحجة المناسبة، وهذا في الحقيقة تشريع. 


مع أن معقولية المعنى تقتضي أن نذكر بالسيرة في غير تاريخ مولده؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك 

فالناس يتذكرون سيرته إذا جاء تاريخ مولده بينما يغفلون عنها في بقية الأشهر

والمعنى المناسب يقتضي التذكير بغزوة بدر في غير السابع عشر من رمضان...

فلو كان التذكير بالسيرة يرجع إلى مراعاة المعنى لاقتضى ذلك عدم التذكير يوم مولده، وإنما يذكر بها في غير ذلك اليوم؛ لمسيس الحاجة، فل يكون الزمن ملاحظا ولا مقصودا

وكذلك لو كان التذكير بغزوة بدر يرجع إلى مراعاة المعنى لكان التذكير به في غير رمضان... 


ثم مما يدل أيضا على أن الزمن مقصود: اجتماعهم في هذا الزمن والتهنئة به وإظهار السرور فيه

فليس القضية قضية تذكير بما غفل الناس عنه؛ لأن التذكير يتبع الحاجة لا الزمن، وإنما القضية وجود مظاهر اتخاذه عيدا بالتذكير بالسيرة في يوم ميلاده صلى الله عليه وسلم... 


ونستثني من ذلك من كانت عادته أن يذكر بالسيرة في يوم معين من كل أسبوع او شهر ثم وافق ذلك اليوم تاريخ مولده فلا بأس بالتذكير؛ لأن الزمن هنا ليس مقصودا 


■ثم إن الاجتماع لقراءة السيرة في شهر ربيع الأول؛ لمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم تنشأ عنه مفسدة تخصيص ما لا خصيصة له؛ إذ تخصيص هذه المناسبة بالدروس؛ مظنة لاعتقاد أن فيها فضلا خاصا، وأن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره ... 

●فلما كان التخصيص مظنة لاعتقاد فضل، ولا فضل فيه كان التخصيص داخلا في الابتداع؛ إذ ما من تخصيص إلا ولابد أن يكون له باعث. 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 8 سبتمبر 2024

مناقشة #الشريف_حاتم_العوني في دعواه أن #الاحتفال_بالمولد_النبوي من باب المصالح المرسلة إذا كان لمجرد التذكير بالسيرة

 مناقشة #الشريف_حاتم_العوني في دعواه أن #الاحتفال_بالمولد_النبوي من باب المصالح المرسلة إذا كان لمجرد التذكير بالسيرة

وقد راج كلامه على بعض من كان يعتقد بدعية الاحتفال؛ لضعف بضاعته الأصولية


قال العوني:(صورة يكون فيها المولد من المصالح المرسلة،

وذلك إذا كان بقصد استثمار تاريخ هذا الحدث الجليل، للتذكير بسيرته صلى الله عليه وسلم، أو لإذكاء جذوة محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب، من غير اعتقاد فضيلة خاصة لليوم، تجيز تخصيصه بعبادة أو باعتقاد لا دليل عليه).


والرد عليه في هذه الصورة:

أولا هناك تشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية من بعض الوجوه، 

وبسبب هذا التشابه يقع الخلط بينهما، وقد يستغل ذلك من يستغل لإمرار البدع، والتلبيس على الناس.


ولذا لا بد من بيان الفرق بينهما؛ ليتضح للقارئ الكريم وجه غلطِ من خلط بينهما:


المصلحة المرسلة هي: المنفعة التي لم يشهد الشارع باعتبار عينها ولا بإلغائه

إلا أن جنس المنفعة يلائم تصرفات الشارع.

وهذا الجنس اعتبره الشارع في الجملة.

ولم يصادمه في عين الفعل دليل خاص


وأما البدعة فهي: ما أحدث في الدين مما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم.

وليست هي خاصة بالتعبد بها والتقرب بحيث لا يكون الفعل بدعة إلا إذا نوى بالفعل التقرب والتعبد

هذا غلط في تصور البدعة

وإنما البدعة تتعلق بما قُصد به التقرب، وتتعلق أيضا بما جُعل طريقة تضاهى بها الطريقة الشرعية.


ووجه التشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية:

١-كلاهما محدث.

٢-اعتبار الشارع جنس الوصف فيهما .


ووجه الافتراق:

١-ان المصلحة المرسلة لا تصادم الشرع الخاص، فلا تعارض دليلا خاصا، بخلاف البدعة فإنها تصادم الشرع وتعارض دليلا خاصا.

قال ابن تيمية في المجموع:( "المصالح المرسلة " وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة ; وليس في الشرع ما ينفيه)

٢- عدم الفعل في البدع مقصود للشارع، بخلاف المصلحة المرسلة.

٣- المصالح المرسلة وسيلة لحفظ مقصد من مقاصد الشارع، وضروري من الضرورات الخمس، بخلاف البدع فهي إحداث في الدين وهي تؤدي إلى هدم الدين.


بعد هذا التأصيل نطبق ما تقدم على #الاحتفال_بالمولد:

الاحتفال بالمولد: جنس منفعته معتبرة وهي: محبته والتذكير بسيرته والاقتداء به.

الا أن هذه المنفعة غير معتبرة في عين الاحتفال بالمولد لأن اعتبار هذه المنفعة في عين الاحتفال صادمه دليل خاص، وهو ترك النبي صلى الله عليه وسلم للاحتفال مع وجود المقتضي وزوال المانع

وكذلك ترك الصحابة، وهو اجماع منهم.

فهنا حصلت المصادمة بالدليل الخاص 

فتبين لنا أن الاحتفال غير معتبر شرعا لتحقيق هذه المنافع

وأن من اتخذ الاحتفال لتحقيق هذه المنافع فقد عارض ما يريده الله 

ولذا كان من البدع وليس من المصلحة المرسلة


أضف الى ذلك: أن هناك مصادمة أخرى وهي أن الذي شُرع في يوم الاثنين 

هو: الصيام، فلا يجوز ترك المشروع والاشتغال بغير المشروع تذكيرا لمولده.


وهذه المصادمات جعلت حكم الاحتفال بالمولد بدعة

وهناك مصادمة أخرى للشرع وهي أن الاحتفال بالمولد هلى جهة تعظيم اليوم وقصده وتكرار الاحتفال فيه هو من باب العيد، والعيد شريعة يحتاج إلى دليل خاص

وقد صار الناس يلتزمون الاحتفال، لما ظُن فيه مصلحة، وهي ليست مصلحة لمصادمتها الشرع.


والخلاصة ليس الاحتفال وسيلة لمقصد شرعي وانما هو إحداث في الدين.


ولو سلم جدلا أن الاحتفال فيه مصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة

ففيه ايضا مفسدة، وهي الابتداع في الدين، ولازمه اتهام النبي صلى الله بخيانة الأمانة ، وفيه فتح الباب لأهل الغلو أن يغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته

وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة

ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة الموجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!!

وبهذا يظهر لنا خطأ ما يقرره العوني، فقد أنزل دليل المصلحة المرسلة على الاحتفال من غير مراعاة لقيوده.

وهذا يدل على عدم تصور صحيح.

وعدم التصور الصحيح ينتج عنه حكم خاطئ.

وهذا عين ما حصل للعوني.

وقد تكلمت في مقال سابق عن شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد 

وهو موجود على الشبكة

ولم أناقش العوني الا من جهة واحدة، والا فوجوه كون الاحتفال بالمولد بدعة كثيرة.


كتبه

أحمد محمد الصادق النجار

٨-٣-١٤٣٧هـ


مناقشة #سعيد_الكملي في تجويز #الاحتقال_بالمولد بتدريس #السيرة والتذكير بها...

 


قال الشيخ:

(نقول ما موضوع الاحتفال؟ بأي شيء يحتفل به؟

اذا كان يحتفل في ذكرى مولده بأن تدرس سيرته بأن يذكر بأيامه بأن ينشر دينه بأن يدعى غير المسلمين الى دينه على وفق دعوته وما يرضاه هو صلى الله عليه وسلم لو كان حيا 

فنعم الاحتفال هذا 

وان كان الاحتفال فيه ما يسخطه صلى الله عليه وسلم هو فلا يمكن ان يحتفل بالنبي صلى الله عليه وسلم بما يبغضه النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام) 


والجواب عما ذكره من أوجه:

أولا: انطلق من مقدمة خاطئة وهي أنه بحث في الموضوع ابتداء، والبحث في الموضوع مبني على أن أصل الفعل ثابت شرعا

بينما البحث ابتداء هو في أصل مشروعينه 

هل هو في أصله ثابت شرعا أو هو من جنس البدعة؟


يعني أن الاحتفال بالمولد عند #الكملي من حيث هو قد دل الشرع على مشروعيته أو إباحته!!!!!!!!

ثم انطلق من هذه المقدمة للبحث بماذا يحتفل المحتفل؟ وبنى حكم الاحتفال بالمولد على إباحة الموضوع...!!!

وهذا يدل على تصور خاطئ لأصل البحث... 


فكما يلاحظ القارئ الكريم أن السؤال والبحث عن حكم الاحتفال من حيث هو بالنظر إلى حكم الشرع

فجاء الجواب عن حكم الاحتفال من حيث الموضوع وبأي شيء سيحتفل؟!! 


ثانيا: مناط بدعية الاحتفال بالمولد هو تخصيص التشريع

أن يأتي إلى زمن فيعظمه لوقوع حدث فيه ويجعله مقصودا ثم يخصص فيه أعمالا...

هذا التخصيص التشريع الذي لا يكون إلا لله.... 

ولا فرق في ذلك بين الاحتفال بذكر سيرته صلى الله عليه وسلم او الاحتفال بشيء آخر


ونكتة المسألة

أن هذا التخصيص مظنة اعتقاد أن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره....

ومعلوم أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر لا يدل على فضل الشهر نفسه...


وحتى لو سلمنا جدلا أنه يدل على فضل الشهر نفسه فهو لا يدل على فضل العمل فيه.


إذن 

لا فرق بهذا المناط بين موضوع وموضوع، فبأي شيء احتفلت وقعت في المحظور ...


فإن قال قائل: أنا لا أعتقد الفضل، وإنما هو زمن كغيره من الأزمنة، ولا أعتقد أن الفرح فيه والعمل أفضل من العمل في غيره. 


قيل: إن سلمتَ من اعتقاد الفضل والشعور به -وهو بعيد-؛ لأن التخصيص في يوم تعظمه سيجرك إلى اعتقاد فضل ما

شئت أم أبيت 

إن سلمت من هذا فلن تسلم من موافقة من يعتقد الفضل أو خوف اللوم منهم أو اتباع عادتهم، فرجع الأمر إلى التشبه أو التدين لغير الله. 


فإن قال: الباعث هو التذكير.


قيل: التخصيص يمنع من أن يكون هذا هو الباعث؛ لأن التذكير يكون في كل وقت، ولا يحتاج إلى تخصيص، فلو خلت النفس من اعتقاد الفضل امتنع أن تعظمه وإذا امتنع التعظيم امتنع التخصيص. 


فإن قال: لما كانت المناسبة حاضرة ناسب التذكير بها. 


قيل: التذكير بها في الوقت المخصوص هو فرع اعتقاد فضله أو موافقة عادة من اعتقد فضله فرجع الأمر إلى أن الباعث غير ديني.

والمناسبة ليسب سببا باعثا للتخصيص؛ لأن التخصيص المتكرر ينشأ من اعتقاد فضل.

وما من مصلحة تقدرها إلا والمفسدة راجحة عليها

فمصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة, يقابلها مفسدة، الابتداع في الدين، واعتقاد ما ليس فيه فضل بأن له فضلا

ولازم الابتداع اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بخيانة الأمانة، وفيه فتح الباب لأهل الغلو أن يغلوا في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته, وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة, ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!! 


ثالثا: أن الاحتفال نفسه يسخط الرب ويغضب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه بدعة في الدين. 


كتب

د.أحمد محمد الصادق النجار