الأربعاء، 30 أبريل 2025

قياس القتال في #غزة على مقاومة الاحتلال الإيطالي

  


ذكرت في منشور سابق أنه يشترط لاتخاذ قرار القتا ل وتحديد وقت الشروع بعد الإعداد: عدم الضرر الراجح الذي يلحق المدنيين.......وهذا تقرير لن تجد من ينكره من علماء أهل السنة المعتبرين...

.

وكما يلاحظ القارئ أننا لا نتكلم عن صورة هجوم لا إرادة فيه ولا اختيار للمقاومين في تحديد وقت ابتدائه.. وهذا ما دندنا حوله كثيرا بعبارات صريحة...فهناك فرق بين حال هجوم العدو وبين حال عدم هجومه.. 


فماذا فعل من أعيتهم الحجة؟ 


لجؤوا إلى القياس على مقاومة الاحتلال الإيطالي في ليبيا؛ بجامع الفاتورة الباهضة من دماء الليبيين..


ولو أن هؤلاءدققوا النظر قليلا لعلموا أن الحال غير الحال، ومحل النظر ليس متفقا بين الواقعين... 


1-في الاحتلال الإيطالي كان الطليان في حال هجوم على المناطق، منطقة تلو منطقة؛ بهدف احتلالها وتوطين الإيطاليين فيها، 

فكانت الصورة أن الطليان هجموا على منطقة وأرادوا احتلالها 

فوقف الثوار أمامهم يذودون عن أهلهم وأرضهم وقاوموهم، وهذه صورة جها د الدفع الذي لا يشترط له شرط وإنما يدفعون بحسب الإمكان، كما عبر بذلك بعض العلماء ووضحنا مقصودهم...


فإذا قدر الله انهزام الثوار المجاهدين 

استباح الطليان المنطقة فحصل سفك دماء الأهالي، كما وقع في احتلال الكفرة...


فيأتي جاهل ويقول ملزما: عمر المختار تسبب في قتل نصف سكان ليبيا خلال عشرين عاما، ومع ذلك اعتبرتموه جها دا.!!!!! 


وما علم المسكين أنه يخلط بين صورة حال الهجوم والاعتداء المباشر 

وبين صورة المقاومة التي حصلت بعد أن هدأت الأمور نسبيا، وأعطيت للناس نوع إرادة واختيار، فشرع الثوار في قتال لم ينظروا فيه لحفظ أرواح المدنيين، ولا استعدوا الاستعداد المناسب له.. فتوجهت الصواريخ إلى المدنيين لا إلى المقاتلين..  


نعم

لو أن اليهووووود في غ زة هم الذين بدؤوا بالقتا ل لما أنكر أحد يعي ما يقول على حما س، وأصبح واقعهم قريبا من واقع الليبين مع الاحتلال الإيطالي... 


2-في الاحتلال الإيطالي إذا لم يهجم الطليان على منطقة ما هجوما مباشرا

كان المجاهدون يقاتلونهم بعيدا عن المدنيين في الجبال ونحوههدا، وكانت الحروب معهم تشبه نوع ما حروب عصابات

ولما لم يتمكن الطليان منهم صبوا غيظهم على من يتعاون معهم من القبائل الليبية بعد أن أخبرهم الجواسيس بذلك، ووضعوا لهم محاكم عسكرية بسبب تعاونهم من المجاهدين، كما قاموا بترحيل المدنيين من سكان المنطقة الشرقية للمعتقلات في صحراء سرت، لإفراغ المنطقة من سكانها وتوطين الطليان فيها... وعذبوا وقتلوا لا لشيء إلا لكون المجاهدين قاوموهم لما هجموا على مناطقهم


فلم يكن المجاهدون يتترسون بالمدنيين، ويطلقون الصواريخ من المناطق التي تعج بالسكان ثم يأتي الرد عنيفا من اليهووود على المدنيين... 


وأخيرا عندما نعترض على الحرب في غ زة للمضرة الراجحة لم نعترض لمجرد وقوع التقتيل في المدنيين من غير التفات إلى حال الشروع وحال الوقوع... ومن غير نظر إلى ما كان في الإمكان وما لم يكن في الإمكان... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 24 أبريل 2025

هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

 هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

الحكم بعدم شرعية الحاكم مطلقا مرتبط ارتباطا لا ينفك بما يصح به الخروج عليه

فنحن نتكلم من منطلق شرعي ديني عن ولاية وقعت واستقرت وليس للناس فيها اختيار
فنفي أصل شرعية الولاية للمسلم الذي استقر له الأمر   لا يبحث فيه من جهة شروط الولاية وطبيعة النظام وو مادام قد تحقق بها أصل مقصود الولاية؛ لأن الكلام هنا عن حال اضطرار وأمر واقع، وليس الكلام عن حال اختيار يبحث فيه عن تحقق شروط الولاية ووو
ولهذا كان محل نفي الولاية ما يصح به الخروج عليها...بمعنى هل يصح رفع أصل الولاية المستقرة لانتفاء الشورى؟!!
وهل يصح رفعها لعدم تحكيم الشريعة كاملة؟!!
وهل وهل

وإنما لم يلتفت إلى الشروط في حال الاضطرار؛ لكون الالتفات إليها في هذه الحال يفضي إلى ما مفسدته أرجح...
وإذا نظرنا إلى النصوص الشرعية وجدنا أن نفي شرعية الحكام -الذين يقوم بهم أصل مقصود الولاية- ونقض ولايتهم
موجبهما الكفر البواح ( إلا أن تروا كفرا بواحا)
قال ابن بطال في بيان من تنتفي فيه الولاية بالكلية:(إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام )

فالنصوص الشرعية لا تنفي الولاية بالكلية إلا إذا وجد الكفر البواح...أو انتفى أصل مقصود الولاية( ماأقاموا فيكم الصلاة)

وأئمة السلف لم يكتفوا بوقوع الكفر في نظام الواثق والمعتصم لرفع الولاية عنهم، وإنما لابد مع ذلك عندهم من كفر الحاكم عينا لرفع الولاية الشرعية بالكلية؛ درءا للفتنة العامة...

فعلى ما تقدم
من يقول بعدم شرعية الحاكم المسلم مطلقا الذي يحقق أدنى مقاصد الولاية من أظهار الشعائر وعدم منع الناس منها وحفظ أمنهم...
يلزمه أحد أمرين:
الأول: تكفيره للحاكم عينا؛ لأن النصوص جعلت دليل عدم شرعية ولايته كفره عينا، وهو ما استقر عليه عمل السلف حتى صار شعارا على مذهب أهل الحديث..

فإن قال لا، أنا لا أكفره
لزمه الأمر
الثاني وهو: نزع الولاية ورفع الشرعية بما ليس بمكفر معتبر عينا
فيدخل عليه أصل الخوارج أو أصل المعتزلة، فقد توسعوا في نفي الولاية حتى نفوها بما ليس بمكفر في نفس الأمر...
كمن ينفي أصل الولاية لأن الحاكم ترك الشورى أو ترك الجها د
فهنا نفاها بما ليس بكفر ووافق الخوارج والمعتزلة............

وأما التمسك بكلام الشيخ الالباني في نفي الولاية لانتفاء الخليفة الواحد الذي تجتمع عليه الأمة
فهو تمسك بقول تراجع عنه صاحبه، ويخالف ما استقرت عليه الأمة من وقت تعدد الخلافة بين الأمويين والعباسيين...
ويلزم على هذا القول: تضليل الأمة من وقت مبايعتها لخليفتين واحد أموي والآخر عباسي إلى وقتنا هذا
وهذا هو الضلال نفسه..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 23 أبريل 2025

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

تصحيح مفاهيم

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

أولا: وجود البيعة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج على الحكام مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقض البيعة كالكفر ، ووجود ما ينقضها يرفعها ويسوغ الخروج...
كما أن وجود الطهارة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج من الصلاة مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقضها كالحدث ووجوده يسوغ الخروج من الصلاة..

ثانيا: انتفاء #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد
فانتفاء الطهارة يلزم منه تسويغ الخروج من الصلاة...

وانتفاء البيعة إما لوجود سبب كالكفر، وإما لعدم وجودها من أصلها
فإذا كان انتفاء البيعة لوجود سبب ينقضها كالكفر يسوغ الخروج فمن باب أولى إذا عدمت البيعة من أصلها
إذ إن معنى البيعة هي العهد على الطاعة والمناصرة
بمعنى أن الإنسان لا ينازع الحاكم في أصل الطاعة
فإذا انتفت البيعة ثبت ما يضادها وهو تسويع المنازعة والخروج...

وبهذا نرد على من يقول: نفي البيعة لا يلزم منه الخروج
ويريد بالخروج: الخروج بالفعل.........
وهذا ناتج عن عدم التفريق بين تسويغ الخروج والخروج بالفعل
فتسويغ الخروج يكتفى فيه بوجود السبب
وأما الخروج بالفعل فمع وجود السبب لابد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع ...
فيظن إذا انتفى الخروج بالفعل؛ لتعلقه بالقدرة
انتفى تسويغ الخروج
وهذا تصور خاطئ

يعني
أنت لما تنفي البيعة عن الحكام فقد سوغت الخروج عليه شئت أم أبيت
وأما مسألة القدرة فهذه متعلقة بالخروج بالفعل وليست متعلقة بتسويغ الخروج

ثم إن نفي البيعة فرع مسألة الموجب الذي تثبت به الولاية...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

ذكرت في منشور سابق أن نفي #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج على الحاكم، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد


وقد طالبني بعض الإخوة بذكر الأدلة والآثار...

فأقول: يدل على هذا:


1- أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية, حدَّث عبد الله بن عمر عبد الله بن مطيع ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : (من خلع يدًّا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) أخرجه مسلم

فقد دل احتجاج الصحابي الجليل ابن عمر 

على وجود التلازم بين تسويغ الخروج ونفي البيعة ونقضها, فمن سوغ الخروج أو خرج بالفعل لابد وأن يكون ناقضا للبيعة نافيا لها.

وقد بوب البيهقي على هذا الحديث وغيره بقوله: (باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة) السنن الكبرى للبيهقي (8/ 269) فجمع بينهما؛ لوجود التلازم بين عدم لزوم الجماعة ونفي البيعة.


2-في صحيح مسلم (6/ 21) عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية ».

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميتة الجاهلية مرتبة على من خرج على السلطان, وفي أحاديث أخرى رتب ميتة الجاهلية على من مات ولم يبايع؛ مما يدل على التلازم بين الخروج ونفي البيعة؛ إذ رتب عليهما حكم واحد.


3-وإذا نظرنا إلى كلام أئمة السلف وجدنا أنهم يربطون المنع من الخروج على الحاكم بكونه قد بويع له, فلو لم يكن بين تسويغ الخروج ونفي البيعة تلازم لما صح هذا الربط

-قال الإمام أحمد: (ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها... ومن خرج على إمام المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة؛ فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. 

 ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 181)

-ومثله قاله ابن المديني...

-وقال ابن قدامة: (ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك بن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما يحرم الخروج عليه؛ وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.) المغني (620) (12/ 243)

فلو لم يكن هناك ترابط بينهما وتلازم ما صح تحريم الخروج بوجود البيعة, فدل ذلك على أن وجودها مانع من الخروج, وانتفاؤها مسوغ للخروج.


والآثار وأقوال الأئمة في إثبات التلازم كثيرة


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار