الثلاثاء، 20 مايو 2025

هل #المظاهرات وسيلة شرعية للإنكار؟

 عندما نتحدث عن #المظاهرات التي يقصد به الإنكار 

فإنا نتحدث عن فعل لا يتحقق به المطلوب إلا على وجه تقع معه مفسدة

يعني: لابد وأن يقع في فعل المظاهرات مفسدة على وجه غالب أو كثير. 


انتبه

نحن لا نتكلم عن فعل ربما تقع معه مفسدة وربما لا، حتى نقول: الأصل عدم المفسدة وأن الأصل هو الإباحة. 


ولا نتكلم عن فعل ليست المفسدة معه غالبة أو كثيرة حتى نقول: حكم المظاهرات معلق بالمصالح، فإذا كانت المصلحة راجحة جاز، وإلا فلا.


وإنما نتكلم عن فعل المفسدة معه غالبة أو كثيرة.


انتبه لهذا التأصيل 

فلما يأتي أحد ويقول: (الأصل في التظاهر السلمي. أنه من الوسائل الجائزة شرعا إذا انضبط بضوابط الشريعة وكان مأمون العاقبة)


نقول له:نعم

يكون كلامك صحيحا إذا لم تكن المفسدة في المظاهرات غالبة أو كثيرة...

والغريب أن الكاتب نفسه وفقه الله وهداه 

يعترف أن واقع كثير من المظاهرات تشوبه الفتنة وتعتريه الفوضى.

ومع ذلك يقول: الأصل فيها الجواز بالضوابط وأمن العاقبة!!!!!!!


كيف تؤمن العاقبة إذا كان واقع الكثير تشوبه الفتنة؟

غريب هذا التأصيل.


ولكي تتضح لك غرابته وبعده لننظر إلى طريقة الشارع في الفعل الذي تكون المفسدة معه غالبة او كثيرة؛ إذ لا يصح أن يُخرَج بالفعل عن نظائره إلا لدليل خاص. 


طريقة الشارع في الفعل الذي تلازمه الفتنة كثيرا أو غالبا، 

أنه يحرمه مطلقا، كتحريمه الخلوة بالمرأة الأجنبية، وأن تسافر مع غير ذي محرم، ونهيه عن بناء المساجد على القبور، وعن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها.


لماذا؟

لأن المفسدة فيها غالبة أو كثيرة، ولذا لم يعلق الشارع جوازها على المصالح.

قال الشاطبي في الموافقات (3/ 85): (والشريعة مبنية على الاحتياط والأخذ بالحزم، والتحرز مما عسى أن يكون طريقا إلى مفسدة، فإذا كان هذا معلوما على الجملة والتفصيل؛ فليس العمل عليه ببدع في الشريعة، بل هو أصل من أصولها، راجع إلى ما هو مكمل؛ إما لضروري، أو حاجي، أو تحسيني)

 

أرأيت نهي الله مطلقا عن سب آلهة الكفار حتى لا يسبوا الله 

ويتصور بل يقع أنه تسب آلهة الكفار من غير أن يسب الله.....

ومع ذلك نهى مطلقا ولم يعلقه بأمن المفسدة....


والغريب أن يأتي آخر ويقول: المظاهرات وسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد 

نعم

يكون الكلام صحيحا إذا كانت الوسيلة لا تقارنها مفسدة غالبا أو كثيرا. فمتى كان الفعل يقارنه مفسدة غالبا أو كثيرا فإنه يكون منهيا عنه ولا يأخذ حكم المقصد.


عندما يغيب التأصيل لا تعجب بعد ذلك من التقريرات الخاطئة. 


وأخطر ما في الأمر أن المصالح التي يعلق عليه جواز المظاهرات يختلف الناس في تقديرها بحسب أيدلوجياتهم ومشاربهم، فما يراه أحدهم مصلحة راجحة يراها الآخر مفسدة راجحة 

وعبر بعضهم بالمفسدة المحضة وهو تعبير خاطئ، فالمفسدة المحضة إن وجدت ففي مثل الشرك بالله.

فلما كان التعليل بالمصلحة والمفسدة غير منضبط 

كان الأسلم والأوفق لقواعد الشريعة المنع مطلقا� حتى لا يأتي من يحله عاما ويحرمه عاما بناء على أيدلوجيته. 


لا ثقة فيما تقرره #دار_الإفتاء في المسائل العامة 


كتبه: د.أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق