السبت، 5 يوليو 2025

وجه الابتداع في تخصيص طعام معين في يوم معين ( أكل#الفول_في_عاشوراء أنموذجا)

 الفكرة المركزية التي ننطلق منها في المنع من تخصيص طعام في عاشوراء هي: أن تخصيص الطعام في هذا اليوم سببه هو كونه يوما مقصودا معظما، وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء.

والقاعدة أن التخصيص الذي سببه قصد اليوم وتعظيمه يجب أن يكون بإذن من الله سبحانه...

كما أن النهي عن استحداث أعياد ليس خاصا بالنهي عن العيد البدعي نفسه, وإنما يتناول أيضا كل ما يعظم من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثون فيها من أعمال سواء كانت من جنس الصلاة أو من جنس الأكل. [انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 5)]

فما يحدثه الناس في هذه الأيام بسبب تعظيمهم اليوم: ابتداع في دين الله, لا بالنظر إلى ذات الأكل, وإنما بالنظر إلى  سبب التخصيص...

فإذا سألت من يخصص أكل الفول في عاشوراء: ما سبب هذا التخصيص؟ سيقول لك: لأنه يوم عاشوراء, فانطلق من قصد اليوم وتعظيمه, وهذا في حد ذاته ابتداع في الدين...ولم ينطلق من كونه مناسبا لحاله واجتماع الناس فيه كمن يأكل البازين في يوم الجمعة, فليست أكلة البازين سببها تعظيم يوم الجمعة, وليست مختصة بيوم الجمعة...وليست أكل الشربة سببها تعظيم شهر رمضان...وليست مختصة بشهر رمضان...

وإذا رجعنا إلى أصل تخصيص طعام معين في يوم عاشوراء وجدنا أن النواصب اتخذوا يوم عاشوراء عيدا يفرحون فيه, ومن توابع كونه عيدا عندهم أنهم خصصوه بطعام ولباس ونحو ذلك, فتخصيصهم الطعام بناء على تعظيمهم اليوم وقصده واتخاذه عيدا.. 

فيأتي من يفعل فعلهم وهو لا يعلم أنه من عملهم ولا يدري مبدؤه, فهذا يُعرَّف ويُبَيَّن له أن مشابهتهم محرمة..

وإذا وضعنا قياسا تمثيليا لتقرير منع مشابهة النواصب في تخصيص طعام معين في يوم عاشوراء لقلنا فيه: العيد وتوابعه من شرائع الدين وما كان من شرائع الدين حرمت موافقتهم فيه كسائر الأعياد المبتدعة وتوابعها

وقد اختلط على من لا يفقه التمييز بين القياس التمثيلي والقياس الجزئي الذي يعتمد فيه الناظر على إلحاق فرع بأصل....فظن أننا استعملنا قياسا جزئيا...!!!

ولما كان العيد وتوابعه من شعائر الدين لم يكن هناك فرق بين أن يكون ما أحدث فيه مما يُتعبد الله به أو يكون مما لا يتعبد الله به من الطعام واللباس, فهما في الحكم سواء؛ باعتبار كونهما من شعائر الدين...

قال ابن تيمية: ( ... الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67] كالقبلة والصلاة والصيام، ...، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز بها الشرائع ) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 528)

 كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق