الخميس، 7 أغسطس 2025

ركائز فكر #سيد_قطب الثلاثية

 ركائز فكر سيد قطب الثلاثية 


✍️ بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار 


لفهم المنظومة الفكرية لسيد قطب، لا بد من استيعاب المرتكزات الثلاثة التي قامت عليها رؤيته الفكرية والتربوية: الحاكمية، الجاهلية، المنهج الحركي.

فهي ليست مجرد مفاهيم منفصلة لا علاقة بينها، بل هي شبكة مترابطة تشكل "تصورًا عقديًا وحركيًا" شاملًا. 


أولًا: الحاكمية 


ركب لكلمة التوحيد مفهوما خاصا جعله مداره على الحاكمية التشريعية من قبل الحكام، والخضوع لجميع تلك الأحكام من قبل المحكومين،  

فالحاكمية هي المُعَبّر الرئيس لمعنى كلمة التوحيد

وأصبح سيد يرى المجتمعات من خلالها فيحكم عليها بكفر أو إسلام فهي معيار تقييم المجتمعات. 


فهو يرى أن المجتمع كوحدة سياسية وتشريعية إذا لم يحتكم لشرع الله فهو "مرتد"، لكن لا يلزم من ذلك تكفير أفراده.


غير أن هذا التصور يُعد انحرافًا عن منهج السلف في باب الإيمان والكفر؛ حيث رفع قطب الحاكمية إلى أعلى مراتب التوحيد، وعدّ تعطيلها كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، وهو ما لم يقل به علماء السلف، وإنما هو من تقريرات الخوارج القدامى


ثانيًا: الجاهلية 


وضع سيد قطب مصطلح "الجاهلية المعاصرة"، ليصف به المجتمعات الإسلامية التي انفصلت – بحسب رؤيته – عن منهج الله في الحكم والتشريع، حتى وإن حافظت على الشعائر الدينية. 


ولهذا قال"لقد ارتدت البشرية إلى الجاهلية... إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان، وارتفعت راية الشرك مرة أخرى." 


ويرى سيد أن هذه الجاهلية لا تختلف في جوهرها عن جاهلية قريش، بل هي أعنف وأشد خطرًا لأنها تتزيّن بمظاهر الإسلام. 


ورتب على هذا التصور تقسيم المجتمعات إلى:

• مجتمع مسلم: حيث تُقام شريعة الله.

• مجتمع حاهلي مرتد: حيث لا تحكم فيه شريعة الله. 


وبناء على هذا، تصبح المجتمعات الإسلامية المعاصرة – بحسب قطب – أقرب إلى "دار الحرب"، وهو ما يقتضي في ظل التهديد الانفصال الشعوري والعقدي عنها، انتظارًا لإقامة "دار الإسلام". 


فبغياب الحاكمية يغيب المجتمع المسلم، وسبيل النجاة الوحيد هو الانفصال والعزلة العقدية والشعورية عن أهل هذه الجاهلية.  يقول سيد: "لا نجاة للعصبة المسلمة -في كل أرض- من أن يقع عليها هذا العذاب" إلا إذا:انفصلت عقديا وشعوريا ومنهجَ حياة عن أهل الجاهلية من قومها إلى أن يأذن الله لها بقيام دار إسلام).

وبما أن المجتمعات المسلمة اليوم في حاهليتها تشبه الجاهلية الأولى فلابد أن تمر بذات المراحل التي مر بها الإسلام في بداية الدعوة:

• الدعوة السرية والتكوين العقائدي.

• الانفصال والاعتزال الشعوري عن الجاهلية.

• الهجرة إلى أرض آمنة.

• إقامة دولة الإسلام. 


يقول سيد: "فأما اليوم وقد عادت الأرض إلى الجاهلية وارتفع حكم الله -سبحانه- عن حياة الناس في الأرض، وعادت الحاكمية إلى الطاغوت في الأرض كلها، ودخل الناس في عبادة العباد بعد إذ أخرجهم الإسلام منها. الآن تبدأ جولة جديدة أخرى للإسلام -كالجولة الأولى- تأخذ في التنظيم كل أحكامها المرحلية حتى تنتهي إلى إقامة دار إسلام وهجرة، ثم تمتد ظلال الإسلام مرة أخرى بإذن الله فلا تعود هجرة، ولكن جهاد وعمل كما حدث في الجولة الأولى". 


ثالثًا: المنهج الحركي 


في فكر سيد قطب، لا يتحقق الفهم الصحيح للنصوص الشرعية إلا عبر بوابة التفاعل الحركي مع الواقع.

فالعقل الحركي – أي المجاهد والمنخرط في التغيير السياسي – هو وحده المؤهل لفهم دلالات القرآن وأحكامه. 


ومن هنا جاءت فكرة "الطليعة المؤمنة"، وهي جماعة مؤمنة معزولة شعوريًا عن المجتمع الجاهلي، تتحرك لإقامة الحكم الإسلامي، تمامًا كما فعلت الجماعة الأولى في مكة. 


هذا الربط بين الفهم الصحيح للنص والحركة الثورية يهمّش فهم الفقهاء والعلماء غير المنخرطين في العمل السياسي، ويُقصي الاجتهادات العلمية التي لا تنبع من "حركة مقاومة".


أخيرا

نعم سيد

ذكر أنه يفرق بين تكفير المجتمع وتكفير أفراد المجتمع

فهو لا يرى نفسه قاضيا وحاكما على الأفراد ولهذا كان يقول أنا لا أكفر الناس 


وحتى لو سلمنا بصحة ذلك فقد تُرجمت نظريته إلى مشاريع تكفيرية تبناها تنظيم القاعدة وداعش وغيرهما، حيث تم إسقاط حكم الجاهلية والردة على الأفراد، واعتبارهم مشركين مرتدين تجب محاربتهم واستباحة دمائهم..؛ لأنه بقوة طرحه وغموض حدوده

ترك لهم الفراع ليملؤؤه، فهو أشبه بمن وضع البنزين بجانب النار وهيأ الأسباب لاندلاع نار عظيمة

ثم انسحب وترك الناس يشعلونها ...

فالفكر الذي يُحرّك الوجدان ويعبّئ القلوب دون أن يضع ضوابط محكمة وضمانات فقهية واضحة،  يتحول إلى أداة للفتنة وسفك الدماء، ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق