الجمعة، 29 أبريل 2022

مناقشة مجوزي إخراج زكاة الفطر نقودا لغير المصلحة الراجحة

مناقشة مجوزي إخراج #زكاة_الفطر_نقودا لغير المصلحة الراجحة


د. أحمد بن محمّد النّجار

كليّـة علوم الشّريعة / جامعة المرقب

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: (فرض ... صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ ) وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: كنا نُعطِيها في زَمانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعامٍ...):  يحتمل أن المنصوص عليه مقصود بعينه لا يجوز العدول عنه, ويحتمل أن المنصوص عليه ليس مقصودا لذاته فيجوز العدول عنه, ولذا اختلف العلماء, فليس هذا الحديث من باب النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا, وإنما هو من باب الظاهر الذي يحتمل معنيين بالنظر إلى مراد المتكلم.

والصحيح - عندي-  أن المنصوص عليه طعاما مقصود, فلا يعدل عنه إلى غيره مع وجوده إلا إذا وجدت الحاجة أو المصلحة الراجحة, ولا يجوز إخراج القيمة.

وعدم جواز إخراج القيمة لغير الحاجة هو قول:

جميع الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء الراشدين, وهو مذهب أكثر السلف

وهو قول عامة أهل العلم, قال القاضي عياض كما في شرح النووي على مسلم (7/ 60): (ولم يجز عامة الفقهاء إخراج القيمة) وفي رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام للفاكهاني (3/ 354): ( ولم يجز عامة العلماء إخراج القيمة، وأجازها أبو حنيفة).


وأقوى حجة يستمسك بها المجوززن بإطلاق: أن النص معلل بإغناء الفقير، وحصول الإغناء بالنقود أتم وأوفر؛ لأنها أقرب إلى دفع الحاجة.


والجواب عن هذا من وجوه:

الوجه الأول: عدم التسليم بأن المقصود من زكاة الفطر مطلق الإغناء في كل حال بأن يحصل الإغناء بكل مال متقوم, وإنما المقصود إغناء مخصوص وهو الإغناء بجنس ما يحصل به الإفطار من رمضان؛ إذ إن سبب إيجابها: الفطر من رمضان, والفطر إنما يكون بالطعام, فناسب أن تكون الزكاة طعاما.

وهو المناسب للمقصود من يوم العيد, فيوم العيد يوم أكل وشرب, فناسب أن تكون الزكاة طعاما.

وهو الأقرب إلى العلة المنصوصة وهي قوله: (طعمة للمساكين).

ولأن النظر إلى القيمة لم يعتبره الشارع؛ لتفاوت قيم الأصناف المذكورة, وإنما الذي اعتبره الشارع هو الصاع.

الوجه الثاني: التعليل بالإغناء بإطلاق منقوض بالسكنى في دار المخرِج عوضا عن قيمة المنصوص عليه, ووجود العلة مع اختلاف الحكم يقدح في العلة.

الوجه الثالث: التعليل بالإغناء بإطلاق فاسد الاعتبار؛ لأنه قياس في محل النص, ولأن إجماع الصحابة العملي منعقد على إخراج الطعام, فعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: كنا نُعطِيها في زَمانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقطٍ، أو صاعًا من زبيبٍ.

فترك الصحابة إخراج غير الطعام مما يعد قيمة وتنصيصهم على الطعام يدل على منعه؛ لوجود مقتضيه ولا مانع, وغير الطعام مما يعد قيمة أعم من النقود.

أضف إلى ذلك: أن الشارع ذكر النقود بدلا في زكاة الإبل, فخير مزكي الإبل بين الشاتين أو عشرين درهما, فعدم ذكرها وترتيب الحكم عليها في زكاة الفطر يدل على أنها غير مقصودة ولا تجزئ, وهذا يدل على ضعف قول من زعم أن عدم ذكر النقود في زكاة الفطر؛ لندرة استعمالها في زمن التشريع.

الوجه الرابع: التعليل بالإغناء بإطلاق يعود على إلغاء المنصوص عليه, وشرط العلة الصحيحة ألا تعود على الأصل بالبطلان.

الوجه الخامس: التعليل بمطلق الحاجة والمصلحة منقوض بوجودها في زمن التشريع من غير اعتبار فتكون ملغاة.

الوجه السادس: تجوبز إخراج القيمة بإطلاق فيه إسقاط فائدة تعيين الطعام فيكون باطلا.

الوجه السابع: أن في زكاة الفطر حقا لله وحقا للعبد, فحق الله تعلق بكون المخرج طعاما فلم يجز إخراج قيمته كالضحايا.

الوجه الثامن: لا يصح قياس النقود على الطعام في زكاة الفطر؛ لأن النقود ليست قوتا ولا طعاما.

 

وختاما:

لما كان باب الزكاة معقول المعنى وله مقاصد فيجب على المجتهد أن يراعي مقاصده وعلله ولا يقف عند ظواهر النصوص,وأعظم معانيه المعقولة: مواساة الفقراء وسد حاجاتهم, فهو مقصد أصلي.

إلا أن إغفال رجوع الباب إلى الحاجيات وإلغاء ظاهر النص؛ بناء على مجرد التعليل بسد الحاجة والمواساة مسلك غير صحيح؛ إذ يجب أن يراعى في الخروج عن ظاهر النص الحاجة التي يرجع إليها باب الزكاة, فيحصل الجمع بين التعليل وظاهر النص والمقصد.

ومن أمثلة الجمع بين ظاهر النص وبين التعليل والنظر المقاصدي: تقييد جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر بالمصلحة والحاجة,والمصلحة المعتبرة هي التي تحافظ على مقصود الشارع ومراده من زكاة الفطر.

فلو منعناهابإطلاق كنا قد أهملنا التعليل بالمواساة والنظر المصلحي المقاصدي, ولو أجزناهابإطلاق خرجنا عن مقصد الباب ورجوعه إلى الحاجيات وأهملنا ظاهر النص

الخميس، 28 أبريل 2022

ليلة القدر غير متنقلة في العشر الأواخر على الصحيح

 

ليلة القدر غير متنقلة في العشر الأواخر

على الصحيح

د. أحمد بن محمّد النّجار

أستاذ مساعد

كليّـة علوم الشّريعة / جامعة المرقب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد؛ فإن ليلة القدر قد رفع الله العلم بتعينها في ليلة معينة؛ ليكون ذلك سببا للاستكثار من فعل الخير في العشر الأواخر من رمضان, وقد اجتهد العلماء في تعيينها من باب الظن لا اليقين, وقد كان بعضهم يحلف على ذلك؛ لما غلب على ظنه علمه بعينها, ولكن مع ذلك يبقى القطع بها بعيدا؛ لأن الله قد أخفاها على عباده.

فحقيقة خلاف العلماء في التعيين أنه اختلاف في أرجى الليالي, وأقوالهم في الجملة ثلاثة أقوال: أحدها أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها إلا أنها غير معروفة, والثاني: أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها معروفة. واختلف الذين ذهبوا إلى هذا في تعيينها على أقوال, منها: أحدها أنها ليلة إحدى وعشرين. والثاني أنها ليلة ثلاث وعشرين. والثالث أنها ليلة سبع وعشرين. والرابع أنها ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين.

والقول الثالث أنها ليست في ليلة بعينها وإنما تنتقل في الأعوام. [انظر: المقدمات الممهدات لابن رشد (1/ 265), والمغني لابن قدامة (3/ 183)]

والأقرب: أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها, مبهمة, فلا نجزم لليلة بعينها أنها ليلة القدر على الإِطلاق, وهذا يدعو المسلم إلى الاجتهاد في العشر الأواخر كلها إلا أن أرجاها ليلة سبع وعشرين.

ومما يدل على أنها متعينة في ليلة واحدة:

أن الله ذكر أنه أنزل فيها القرآن، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم, وهذا يقتضي أنها ليلة واحدة متعينة؛ لأن إنزال القرآن كان في ليلة واحدة بعينها, ولأن تقدير ما يكون في السنة من أرزاق العباد وآجالهم إنما يكون في ليلة واحدة بعينها يتكرر التقدير فيها كل سنة.

وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عينها وأراد أن يخبر أمته بها لكنه أنسيها, فقد  أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين, فقال: «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت, وعسى أن يكون خيرا لكم, فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».

والحجة من الحديث على أنها غير متنقلة: أنها لو كانت متنقلة لما أمكن النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر أمته بها إلى قيام الساعة, وهذا خلاف ما كان يريده صلى الله عليه وسلم, فلو كان مأمورا بإبلاغها لأمته وهي متنقلة لكان مأمورا بمحال, وهذا لا يستقيم في التشريع.

أضف إلى ذلك: أن القول بتعيينها في ليلة واحدة هو الأقرب إلى مذهب الصحابة؛ لأنهم عينوها في ليلة واحدة.

والأقرب في تعيين هذه الليلة أنها ليلة سبع وعشرين:

ففي مصنف عبد الرزاق مصنف عبد الرزاق الصنعاني (4/ 246) قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، وعاصم، أنهما سمعا عكرمة يقول: قال ابن عباس: دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فسألهم عن ليلة القدر؟ فأجمعوا أنها في العشر الأواخر، قال ابن عباس: فقلت لعمر: «إني لأعلم، أو إني لأظن أي ليلة هي؟»، قال عمر: وأي ليلة هي؟ فقلت: " سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال عمر: ومن أين علمت ذلك؟ فقال: «خلق الله سبع سماوات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، وإن الدهر يدور في سبع، وخلق الله الإنسان من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف بالبيت سبع، ورمي الجمار سبع، لأشياء ذكرها»، فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له، وكان قتادة يزيد على ابن عباس في قوله: يأكل من سبع قال: " هو قول الله: {أنبتنا فيها حبا، وعنبا} الآية

فكان المرجح ما رتبه الله على السبع من خلق وشرع؛ مما يدل على رجحانه على غيره.

وفي مسند الحميدي  (1/ 185) قال ثنا سفيان قال ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بهدلة أنهما سمعا زر بن حبيش يقول : قلت لأبي إن أخاك بن مسعود يقول من يقم الحول يصب ليلة القدر فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن إنما أراد أن لا يتكل الناس ولقد علم أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ثم حلف أبي لا يستثني أنها لليلة سبع وعشرين فقلنا له يا أبا المنذر بأي شيء علمته قال بالآية أو بالعلامة التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبرنا أن الشمس تطلع صبيحة ذلك اليوم ولا شعاع لها.

فكان المرجح لها النظر إلى علامتها المتكررة في السنوات.

وفي مسند أحمد (35/ 125) عن عاصم، عن زر، قال: قال لي أبي: "إنها ليلة سبع وعشرين، وإنها لهي هي ما يستثنى، بالآية التي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسبنا وعددنا، فإنها لهي هي ما يستثنى "

وفي صحيح مسلم (2/ 823) عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه، قال: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم في العشر الأواخر، فاطلبوها في الوتر منها»

وفي سنن أبي داود(1/ 441) عن معاوية بن أبي سفيان  : عن النبي صلى الله عليه و سلم في ليلة القدر قال " ليلة القدر ليلة سبع وعشرين " .

وفي مسند أحمد (8/ 426) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين "، وقال: " تحروها ليلة  سبع وعشرين " يعني ليلة القدر

قال السرخسي في المبسوط (3/ 230): (وأكثر الصحابة على أنها ليلة السابع والعشرين)

وقال العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب (4/ 155): (وبه قال جمع كثيرون من الصحابة وغيرهم)

فتلخص لنا أنها ليلة بعينها لا تتنقل, وأن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين.

وأما حديث  عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاما، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه، قال: «من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر، وقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر»، فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبهته أثر الماء والطين، من صبح إحدى وعشرين. أخرجه البخاري

فقد عارضه ما أخرجه أحمد في المسند (25/ 438)عن عبد الله بن أنيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبيحتها أسجد في ماء، وطين، فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء، والطين على جبهته وأنفه "

فكما أن السماء أمطرت ليلة إحدى وعشرين أمطرت أيضا ليلة ثلاث وعشرين.

ثم على القول بأن الآثار عن الصحابة متعارضة وهم يريدون تعيينها في ليلة في كل الأعوام لم يبق إلا الترجيح, وقد تقدم أن الأرجح أنها ليلة سبع وعشرين.

 

 

 

الأربعاء، 20 أبريل 2022

حكم إقامة الدروس في رمضان قبل صلاة التراويح [تعقيب على من قال: إنه بدعة]

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

أما بعد, فإن من مناط البدعة تخصيص التشريع, وهو الذي لا يعقل معناه, وإنما كان مناط الابتداع؛ لأنه من خصائص الشارع في التشريع, والأصل فيه الوقوف على ما حده الشارع.

وليس كل تخصيص هو من تخصيص التشريع, وإنما للتخصيص صور منها ما يكون بدعة ومنها ما لا يكون بدعة, وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

الصورة الأولى:  تخصيص عبادة كصلاة أو ذكر في زمن مخصوص أو مكان مخصوص لذات الزمن والمكان, بأن يكون المكان أو الزمان مقصودا لذاتيهما, ولأجلهما وقع التخصيص, كما لو أن إنسانا عظم جبل حراء فخصص فيه صلاة ركعتين, فكان الباعث على الصلاة تعظيمه المكان, أو أن إنسانا عظم شهر رمضان فخصه بتدريس الناس فكان الباعث على التدريس تعظيم الزمن, فهذا هو تخصيص التشريع الذي هو مناط البدعة.

الصورة الثانية: تخصيص عبادة في زمن أو مكان لمعنى مناسب من غير أن يمنع منه دليل خاص, كما لو كان يوم الأربعاء يوم راحة لزيد فكان الأنسب له أن يخصه بصيام فخصه, أو خص رمضان بالتدريس قبل صلاة التراويح؛ لاجتماع الناس وتفرغهم للسماع وكون قلوبهم مهيأة, ونحو ذلك, فلا يكون التخصيص هنا مناطا للبدعة.

فيجب أن يكون الزمان والمكان ليسا مقصودين؛ حتى يخرج التقييد عن حد الابتداع؛ لأن التقييد في التشريع المبتدع لابد أن يكون لذات الزمان والمكان, لا لمعنى مناسب, ككونه أنسب له, بقيد ألا يعتقد أن فيه فضلا خاصا,ولا استحباب ذلك الشيء المخصوص؛ لأن الحكم باستحبابه على تلك الهيئة الخاصة: يحتاج دليلا شرعيا عليه، بخلاف ما إذا فعل بناء على أنه من جملة الخيرات التي لا تختص بذلك الوقت، ولا بتلك الهيئة, ولا بذلك العدد.

ويدل عليه: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رجلا كان يقرأ قل هو الله أحد في صلاته فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلوه لم يفعل ذلك فقال لأنها صفة الرحمن فأنا أحبها فقال أخبروه أن الله يحبه.

فلم ينكر عليه مداومته عليها؛ لأن مداومته كانت لمعنى مناسب, وهو كونه يحبها, من غير أن يعتقد فيها فضلا خاصا.

الأربعاء، 13 أبريل 2022

علة التشبه وبقاء دلالتها على المنع مع زوال الاختصاص

علة التشبه وبقاء دلالتها على المنع مع زوال الاختصاص


إن التشبه بالكفار أو بالفرق الضالة فيما هو من خصائصهم منع منه الشرع في غير حال الضرورة وما تقتضيه المصلحة الراجحة, ولا يزول المنع إلا إذا زال الاختصاص وانتشر عرفا, ويستثنى من ذلك أحوال يبقى المنع وإن زال الاختصاص, وهي:

1-إذا كان الفعل العادي بني على أصل عقدي فاسد أو كان الفعل أمرا دينيا تعبديا, فإنه والحال هذه يبقى التشبه علة للمنع من الفعل وإن لم يكن المسلم قاصدا للمعنى,

2-إذا كان الفعل من باب التشريع الذي هو من خصائص الشارع الحكيم, فهنا المنع من جهتين: جهة مضاهاة الشارع في التشريع, وجهة التشبه.

3-إذا كان الفعل مخالفا لما ثبت به الشرع.

ومن أمثلته: حلق اللحى, فهذا الفعل وإن كان مشتركا بين المسلمين والكفار إلا أنه يبقى محرما؛ ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى» . رواه البخاري ومسلم


والمقصود بيان أن علة التشبه تكون علة صحيحة إذا كان الفعل مختصا بالمتشبه بهم, أو زال الاختصاص وكان الفعل له أصل عقدي أو كان أمرا تعبديا أو كان الفعل من باب التشريع أو كان الفعل مخالفا لما ثبت في شرعنا.



وتفصيل ذلك على الرابط:

http://www.alngar.com/user/Desc_Book.aspx?id=94