#قتال_الفتنة
تخيل معي أحد المنتسبين ل #دار_الإفتاء، ويشغل كرسيا في مجلس البحوث....
يجعل البوصلة في الحرب التي قامت في طرابلس: قيام الدولة وإنهاء حالة ازدواجية الولاء
------
يعني المقياس التي يوزن به قرب إحدى الطائفتين المقتتلتين من الحق، هو ما يتحقق بقتاله إقامة دولة ...
فالمعيار عندهم إقامة دولة تتناسب مع رؤيتهم
مهما كانت الخسائر البشرية وكيفما كان حجم
المفاسد ...ولو قتل في سبيل ذلك ثلثا الشعب الليبي....
هكذا هو تفكير المتأثرين بالفكر القاعدي الداعشي.....!!!
لا تهمهم دماء المدنيين ولا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية يريدونها...
------
ولهذا تجدهم يربطون القدرة الشرعية بسلامة الآلات ولا يكادون ينظرون إلى نفي المضرة الراجحة....
------
والذي لم يفقهه هؤلاء أنه ليس كل قتال يحقق غاية مشروعة يكون مشروعا
وإنما قد يكون قتال فتنة ولو حقق غاية مشروعة كما لو كان مقصود القائمين به: السلطة والمال لأجل الدنيا، أو الظلم والبغي...
-----
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الفتنة بالاعتزال وكسر السيف ولزوم البيت...
ومقصوده من ذلك: منع المضرة الراجحة، والتي منها: سفك الدماء المعصومة وتخريب الديار...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته: علم أنه قتال فتنة، فلا تجب طاعة الإمام فيه؛ إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص، فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة - الذي تركه خير من فعله - لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خاص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر...)(٤/٤٤٣)
وهذا الأمر لم يلتفت إليه من تأثر بالقطبية أو كان أحد أعضاء الجماعات الجها دية، ولذا تراهم ينظرون إلى مشروعية المقصد من غير أن يلتفتوا إلى مشروعية الوسيلة
فدماء المسلمين المدنيين لا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية ..
ثم إن جعل البوصلة هي إقامة دولة من غير اعتبار ألا يكون الباعث على القتال: السلطة والملك لأجل الدنيا... يصادم ما قرره السلف في علامات قتا ل الفتنة، فقد جعلوا من علامات قتال الفتنة أن يكون الباعث على القتال فرض السلطة واتساع النفوذ لأجل الدنيا....
فعن سعيد بن جبير، قال: قيل: لابن عمر رضي الله عنهما يا أبا عبد الرحمن، حدثنا عن القتال في الفتنة، والله يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} فقال: هل تدري ما الفتنة، ثكلتك أمك؟ «إنَّما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك»
------
وعن عقبة بن نافع، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما مع من أقاتل؟، فقال: «مع الذين يقاتلون لله، ولا تقاتل مع الذين يقاتلون لهذا الدينار والدرهم» .
--------
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قتال الفتنة المنهي عنه والذي تركه خير من فعله كما يقع بين الملوك والخلفاء وغيرهم وأتباعهم .
--------
وقد تحرز السلف من القتال مع الإمام الجائر إن قاتل قتالا غير جائز كما لو تعدى الحد المشروع او رفع راية عمية
ولو كان الذي يقاتله خارجيا أو باغيا...
قال ابن تيمية:(فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
ولهذا لما سئل الإمام أحمد: يُسْتَعَانُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِالْمُنْكَرِ بِالسُّلْطَانِ؟ قَالَ: " لَا"
وهذا المعنى في نظري هو الذي يحمل عليه قول الإمام مالك "إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه ، وأما غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من الظالم بالظالم ، ثم ينتقم من كليهما."
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار