الأربعاء، 14 مايو 2025

#قتال_الفتنة

 #قتال_الفتنة 


تخيل معي أحد المنتسبين ل #دار_الإفتاء، ويشغل كرسيا في مجلس البحوث....

يجعل البوصلة في الحرب التي قامت في طرابلس: قيام الدولة وإنهاء حالة ازدواجية الولاء

------

يعني المقياس التي يوزن به قرب إحدى الطائفتين المقتتلتين من الحق، هو ما يتحقق بقتاله إقامة دولة ...

فالمعيار عندهم إقامة دولة تتناسب مع رؤيتهم 

مهما كانت الخسائر البشرية وكيفما كان حجم

المفاسد ...ولو قتل في سبيل ذلك ثلثا الشعب الليبي.... 


هكذا هو تفكير المتأثرين بالفكر القاعدي الداعشي.....!!!

لا تهمهم دماء المدنيين ولا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية يريدونها...

------

ولهذا تجدهم يربطون القدرة الشرعية بسلامة الآلات ولا يكادون ينظرون إلى نفي المضرة الراجحة....

------

والذي لم يفقهه هؤلاء أنه ليس كل قتال يحقق غاية مشروعة يكون مشروعا

وإنما قد يكون قتال فتنة ولو حقق غاية مشروعة كما لو كان مقصود القائمين به: السلطة والمال لأجل الدنيا، أو الظلم والبغي...

-----

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الفتنة بالاعتزال وكسر السيف ولزوم البيت...

ومقصوده من ذلك: منع المضرة الراجحة، والتي منها: سفك الدماء المعصومة وتخريب الديار...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته: علم أنه قتال فتنة،  فلا تجب طاعة الإمام فيه؛ إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص، فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة - الذي تركه خير من فعله - لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خاص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر...)(٤/٤٤٣) 


وهذا الأمر لم يلتفت إليه من تأثر بالقطبية أو كان أحد أعضاء الجماعات الجها دية، ولذا تراهم ينظرون إلى مشروعية المقصد من غير أن يلتفتوا إلى مشروعية الوسيلة 

فدماء المسلمين المدنيين لا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية .. 


ثم إن جعل البوصلة هي إقامة دولة من غير اعتبار ألا يكون الباعث على القتال: السلطة والملك لأجل الدنيا... يصادم ما قرره السلف في علامات قتا ل الفتنة، فقد جعلوا من علامات قتال الفتنة أن يكون الباعث على القتال فرض السلطة واتساع النفوذ لأجل الدنيا.... 


فعن سعيد بن جبير، قال: قيل: لابن عمر رضي الله عنهما يا أبا عبد الرحمن، حدثنا عن القتال في الفتنة، والله يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} فقال: هل تدري ما الفتنة، ثكلتك أمك؟ «إنَّما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك»

------

وعن عقبة بن نافع، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما مع من أقاتل؟، فقال: «مع الذين يقاتلون لله، ولا تقاتل مع الذين يقاتلون لهذا الدينار والدرهم» .   

--------

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قتال الفتنة المنهي عنه والذي تركه خير من فعله كما يقع بين الملوك والخلفاء وغيرهم وأتباعهم .   

-------- 

وقد تحرز السلف من القتال مع الإمام الجائر إن قاتل قتالا غير جائز كما لو تعدى الحد المشروع او رفع راية عمية 

ولو كان الذي يقاتله خارجيا أو باغيا...

قال ابن تيمية:(فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

ولهذا لما سئل الإمام أحمد: يُسْتَعَانُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِالْمُنْكَرِ بِالسُّلْطَانِ؟ قَالَ: " لَا"

وهذا المعنى في نظري هو الذي يحمل عليه قول الإمام مالك "إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه ، وأما غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من الظالم بالظالم ، ثم ينتقم من كليهما."

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 1 مايو 2025

الجهاد في فلسطين والجهاد في أفغانستان من حيث الحكم الشرعي

 


لا أدري ما الذي أصاب من كنا نحسن بهم الظن؟!!! 


حينما دعم المشايخ الجهاااد الأفغااني وحثوا المسلمين إلى الذهاب إلى أفغاانستان 

لم يكن منطلقهم في ذلك مجرد أن المجتمع الدولي دعمه، ولم يكونوا يجهلون أن طائفة ممن يقود القتاال في أفغاانستان على عقيدة منحرفة ومنهج بدعي... 


فكل هذه الأمور(المجتمع الدولي) (المضرة الراجحة) (الجهاااد مع بعض المقاتلين المنحرفين) كانوا ينظرون إليها بنظرة شرعية وفق الميزان الشرعي للمصالح والمفاسد ... فكانوا يفرقون بين المختلفات.. 


لكن أن يأتي من يقول عن نفسه إنه سلفي 

ثم يطعن من طرف خفي ويشير إلى أن بواعث التفريق بين الجهااد الأفغاني والجهااد في غ زة هو مراعاة رغبة المجتمع الدولي 

فهذا والله من التجني وعدم الفقه وهي انتكاسة خطيرة ... 


ولندع الشيخ الألباني يميط اللثام .... يقول:(الجهااااد في فلسطييين والجهاااااد في أفغاااانستان من حيث الحكم الشرعي واجب ، لكن في فلسطييين غير ممكن في أفغاااانستان ممكن) 


تأملوا في المناط الذي انطلق منه في التفريق...(ممكن...وغير ممكن..)

وأما عدم المضرة الراجحة فمحله إذا أمكن دفعها...


ويقول:(إذا كان هنا في جهة من الجهااااد في البلاد الإسلامية وأعلن فيها الجهاااااد دفاعا عن الإسلام فهو فرض عين ، ولذلك نحن نفرق بين الجهااااد في الأفغااان والجهاااد في أماكن أخرى ، لأن الجهااااد في الأفغاااان جهاااد إسلامي أولا ثم جهااااد دفاع للمهاجم الكاااافر ثانيا ، فنرى أنه هناك فرض عين ، أما في فلسطييين فأنت تعرف الوضع مكانك راوح هنا وبس ، وبعدين قضية فردية وليست جماعية)


فليس التفريق من جهة وجود السبب وإنما التفريق من جهة وجود الموانع

فالمشايخ نظروا إلى الجهااد الأفغاني بأنه ممكن ومتيسر بعد أن تحقق فيه مناط كونه جهااادا، فالهجوم والاعتداء واقع، وكان الذهاب متيسرا فلا يوجد مانع يمنع. 

وكون المجتمع الدولي داعما ليس هو منطلقهم في حث المسلمين على الجهاااد، وإنما استفادوا من كون المجتمع الدولي لا يمنع، لأنه بذلك يصبح الذهاب ممكنا متيسرا، فالعوائق السياسية يراها مشايخ أهل السنة السلفيين عوائق تمنع من الواجب العيني 

بخلاف غيرهم ممن يحرضون على الدماء مع وجود العوائق...

قال الشيخ الألباني:( أعتقد أنه يجب اهتبال الفرصة واغتنام الزمن قبل أن تأتي هذه المشكلة التي أشير إليها وأن يسافر كل شاب مسلم غيور على دينه ومستطيع حمل السلاح وليس هناك عوائق سياسية ونحو ذلك مما يسقط عنه الواجب)

ولا يفهم هذا من تلوث فكره بالدخيل على منهج السلف وفقههم 


فهذه هي النظرة السلفية...لا أن رغبة المجتمع الدولي هي المنطلق في حث الشباب على الجهاااد في أفغااانستان، وهل يقول هذا من كان على جادة السلف؟!!!! 


وهذا الأمر لم يكن موجودا في جهااد غ زة، فوجود الموانع جعل الحكم الشرعي يتغير...وعدم الدعم الدولي ولا الاستعداد الشرعي ولا عدم مراعاة حال الأمة جعل الشروع جناية على الأنفس المؤمنة... فالجهااد المشروع لا يكون على كل حال ولو كانت المآلات كارثية وأمكن دفعها أو تقليلها... 


والعود باللوم على حما س مع حصول القتل هو لوقف القتاال ولو بتسليم السلاااح إذا اقتضت المصلحة الشرعية؛ كما لو توقف إيقاف شلال الدماء الذي يصيب المدنيين في غ زة على ذلك، ووجدت الضمانات بتدخل الدول المسلمة... فالمتضرر الحقيقي والأكبر في هذه المعركة هم المدنيون...

قال ابن قدامة:( فأما إذا دعت إلى موادعة الحربي ضرورة وهو أن يُخاف على المسلمين الهلاك أو الأسر فيجوز...)

ولو قلبت نظرك أينما شئت في كتب قواعد الشريعة ومقاصدها فلن تخرج إلا بنحو ما ذكرت... 


وأما القول بأن يوجه الخطاب للأمة بدل لوم حما س فعن أي أمة تتكلم؟ وعن أي دولة تتحدث؟!!! 

غثاء كغثاء السيل، أمة أثقلتها الصراعات وأشغلتها الملهيات، ...

وهل ندع الممكن ونتعلق بالمستحيل؟!!!! وهل ينتظر هؤلاء أن يباد أهل غ زة عن بكرة أبيهم حتى يرجعوا عن غيهم ويبتعدوا عن خيالاتهم؟!!@ 


أما التشدق بتهم التخذيل والنفاق والتثبيط فهي تهم لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تزيد الأمة إلا تفرقا، وقد استعملت في غير محالها عند الكثير... 


وأما الاعتراف الدولي في عصرنا فقد أصبح وللاسف ركيزة أساسية في الحكم بالتمكبن والاستقرار، فلا يمكن لحاكم أن يستقر له الأمر في بلد ما إلا وأحد أسياسيات استقراره هو الاعتراف الدولي، ونحن في أحكام الضرورات وفقه الاستضعاف...ومعايير الاستقرار تختلف من زمن إلى زمن؛ لأنها من المتغيرات...وانظر إلى سوريا اليوم... 


ولا أدري كيف لا يفرق هؤلاء بين التعامل مع الواقع في ضوء قواعد الشريعة وبين جعل الواقع حاكما على أحكام الشريعة؟!! 


وأما وجود منحرفين في الساحة الأفغانية فهذا ليس مانعا يمنع من مشروعية جهااد الدفع؛ لأن المعركة معركة إسلام وكفر، ولذا لما سئل الشيخ ‎#الالباني رحمه الله: الجهاد في أفغانستان، بالأخص كان هناك جماعة أصحاب عقيدة صالحة وأصحاب معتقد سليم، هل يكون الجهاد في أفغانستان فرض عين؟ 


قال الشيخ: هو فرض عين كانوا أم لم يكونوا، واضح؟

...

أما هذا جهاد دفاع عن بلاد المسلمين، وقد غزاها العدو الملحد، فهنا لا يجوز أن ننظر إلى الأفكار والآراء إنما ننظر نظرة عامة مسلمين أم كفار.انتهى كلامه 


فالكلام هنا حال الغزو والهجوم المباشر....، ولا يتصور في هذه الحال إلا قتااال العدو....

.

أخيرا

أعتذر عن الشدة في العبارات 

فما دفعني إليها إلا محبة أن يعود إخواني إلى ما كانوا عليه من نصرة مذهب السلف وتحرير فقههم وعدم الانجرار وراء العواطف وضغط الواقع والتأثر بالفكر الصحوي...وأن يخرجوا من ردات الفعل... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 30 أبريل 2025

قياس القتال في #غزة على مقاومة الاحتلال الإيطالي

  


ذكرت في منشور سابق أنه يشترط لاتخاذ قرار القتا ل وتحديد وقت الشروع بعد الإعداد: عدم الضرر الراجح الذي يلحق المدنيين.......وهذا تقرير لن تجد من ينكره من علماء أهل السنة المعتبرين...

.

وكما يلاحظ القارئ أننا لا نتكلم عن صورة هجوم لا إرادة فيه ولا اختيار للمقاومين في تحديد وقت ابتدائه.. وهذا ما دندنا حوله كثيرا بعبارات صريحة...فهناك فرق بين حال هجوم العدو وبين حال عدم هجومه.. 


فماذا فعل من أعيتهم الحجة؟ 


لجؤوا إلى القياس على مقاومة الاحتلال الإيطالي في ليبيا؛ بجامع الفاتورة الباهضة من دماء الليبيين..


ولو أن هؤلاءدققوا النظر قليلا لعلموا أن الحال غير الحال، ومحل النظر ليس متفقا بين الواقعين... 


1-في الاحتلال الإيطالي كان الطليان في حال هجوم على المناطق، منطقة تلو منطقة؛ بهدف احتلالها وتوطين الإيطاليين فيها، 

فكانت الصورة أن الطليان هجموا على منطقة وأرادوا احتلالها 

فوقف الثوار أمامهم يذودون عن أهلهم وأرضهم وقاوموهم، وهذه صورة جها د الدفع الذي لا يشترط له شرط وإنما يدفعون بحسب الإمكان، كما عبر بذلك بعض العلماء ووضحنا مقصودهم...


فإذا قدر الله انهزام الثوار المجاهدين 

استباح الطليان المنطقة فحصل سفك دماء الأهالي، كما وقع في احتلال الكفرة...


فيأتي جاهل ويقول ملزما: عمر المختار تسبب في قتل نصف سكان ليبيا خلال عشرين عاما، ومع ذلك اعتبرتموه جها دا.!!!!! 


وما علم المسكين أنه يخلط بين صورة حال الهجوم والاعتداء المباشر 

وبين صورة المقاومة التي حصلت بعد أن هدأت الأمور نسبيا، وأعطيت للناس نوع إرادة واختيار، فشرع الثوار في قتال لم ينظروا فيه لحفظ أرواح المدنيين، ولا استعدوا الاستعداد المناسب له.. فتوجهت الصواريخ إلى المدنيين لا إلى المقاتلين..  


نعم

لو أن اليهووووود في غ زة هم الذين بدؤوا بالقتا ل لما أنكر أحد يعي ما يقول على حما س، وأصبح واقعهم قريبا من واقع الليبين مع الاحتلال الإيطالي... 


2-في الاحتلال الإيطالي إذا لم يهجم الطليان على منطقة ما هجوما مباشرا

كان المجاهدون يقاتلونهم بعيدا عن المدنيين في الجبال ونحوههدا، وكانت الحروب معهم تشبه نوع ما حروب عصابات

ولما لم يتمكن الطليان منهم صبوا غيظهم على من يتعاون معهم من القبائل الليبية بعد أن أخبرهم الجواسيس بذلك، ووضعوا لهم محاكم عسكرية بسبب تعاونهم من المجاهدين، كما قاموا بترحيل المدنيين من سكان المنطقة الشرقية للمعتقلات في صحراء سرت، لإفراغ المنطقة من سكانها وتوطين الطليان فيها... وعذبوا وقتلوا لا لشيء إلا لكون المجاهدين قاوموهم لما هجموا على مناطقهم


فلم يكن المجاهدون يتترسون بالمدنيين، ويطلقون الصواريخ من المناطق التي تعج بالسكان ثم يأتي الرد عنيفا من اليهووود على المدنيين... 


وأخيرا عندما نعترض على الحرب في غ زة للمضرة الراجحة لم نعترض لمجرد وقوع التقتيل في المدنيين من غير التفات إلى حال الشروع وحال الوقوع... ومن غير نظر إلى ما كان في الإمكان وما لم يكن في الإمكان... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 24 أبريل 2025

هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

 هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

الحكم بعدم شرعية الحاكم مطلقا مرتبط ارتباطا لا ينفك بما يصح به الخروج عليه

فنحن نتكلم من منطلق شرعي ديني عن ولاية وقعت واستقرت وليس للناس فيها اختيار
فنفي أصل شرعية الولاية للمسلم الذي استقر له الأمر   لا يبحث فيه من جهة شروط الولاية وطبيعة النظام وو مادام قد تحقق بها أصل مقصود الولاية؛ لأن الكلام هنا عن حال اضطرار وأمر واقع، وليس الكلام عن حال اختيار يبحث فيه عن تحقق شروط الولاية ووو
ولهذا كان محل نفي الولاية ما يصح به الخروج عليها...بمعنى هل يصح رفع أصل الولاية المستقرة لانتفاء الشورى؟!!
وهل يصح رفعها لعدم تحكيم الشريعة كاملة؟!!
وهل وهل

وإنما لم يلتفت إلى الشروط في حال الاضطرار؛ لكون الالتفات إليها في هذه الحال يفضي إلى ما مفسدته أرجح...
وإذا نظرنا إلى النصوص الشرعية وجدنا أن نفي شرعية الحكام -الذين يقوم بهم أصل مقصود الولاية- ونقض ولايتهم
موجبهما الكفر البواح ( إلا أن تروا كفرا بواحا)
قال ابن بطال في بيان من تنتفي فيه الولاية بالكلية:(إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام )

فالنصوص الشرعية لا تنفي الولاية بالكلية إلا إذا وجد الكفر البواح...أو انتفى أصل مقصود الولاية( ماأقاموا فيكم الصلاة)

وأئمة السلف لم يكتفوا بوقوع الكفر في نظام الواثق والمعتصم لرفع الولاية عنهم، وإنما لابد مع ذلك عندهم من كفر الحاكم عينا لرفع الولاية الشرعية بالكلية؛ درءا للفتنة العامة...

فعلى ما تقدم
من يقول بعدم شرعية الحاكم المسلم مطلقا الذي يحقق أدنى مقاصد الولاية من أظهار الشعائر وعدم منع الناس منها وحفظ أمنهم...
يلزمه أحد أمرين:
الأول: تكفيره للحاكم عينا؛ لأن النصوص جعلت دليل عدم شرعية ولايته كفره عينا، وهو ما استقر عليه عمل السلف حتى صار شعارا على مذهب أهل الحديث..

فإن قال لا، أنا لا أكفره
لزمه الأمر
الثاني وهو: نزع الولاية ورفع الشرعية بما ليس بمكفر معتبر عينا
فيدخل عليه أصل الخوارج أو أصل المعتزلة، فقد توسعوا في نفي الولاية حتى نفوها بما ليس بمكفر في نفس الأمر...
كمن ينفي أصل الولاية لأن الحاكم ترك الشورى أو ترك الجها د
فهنا نفاها بما ليس بكفر ووافق الخوارج والمعتزلة............

وأما التمسك بكلام الشيخ الالباني في نفي الولاية لانتفاء الخليفة الواحد الذي تجتمع عليه الأمة
فهو تمسك بقول تراجع عنه صاحبه، ويخالف ما استقرت عليه الأمة من وقت تعدد الخلافة بين الأمويين والعباسيين...
ويلزم على هذا القول: تضليل الأمة من وقت مبايعتها لخليفتين واحد أموي والآخر عباسي إلى وقتنا هذا
وهذا هو الضلال نفسه..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 23 أبريل 2025

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

تصحيح مفاهيم

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

أولا: وجود البيعة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج على الحكام مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقض البيعة كالكفر ، ووجود ما ينقضها يرفعها ويسوغ الخروج...
كما أن وجود الطهارة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج من الصلاة مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقضها كالحدث ووجوده يسوغ الخروج من الصلاة..

ثانيا: انتفاء #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد
فانتفاء الطهارة يلزم منه تسويغ الخروج من الصلاة...

وانتفاء البيعة إما لوجود سبب كالكفر، وإما لعدم وجودها من أصلها
فإذا كان انتفاء البيعة لوجود سبب ينقضها كالكفر يسوغ الخروج فمن باب أولى إذا عدمت البيعة من أصلها
إذ إن معنى البيعة هي العهد على الطاعة والمناصرة
بمعنى أن الإنسان لا ينازع الحاكم في أصل الطاعة
فإذا انتفت البيعة ثبت ما يضادها وهو تسويع المنازعة والخروج...

وبهذا نرد على من يقول: نفي البيعة لا يلزم منه الخروج
ويريد بالخروج: الخروج بالفعل.........
وهذا ناتج عن عدم التفريق بين تسويغ الخروج والخروج بالفعل
فتسويغ الخروج يكتفى فيه بوجود السبب
وأما الخروج بالفعل فمع وجود السبب لابد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع ...
فيظن إذا انتفى الخروج بالفعل؛ لتعلقه بالقدرة
انتفى تسويغ الخروج
وهذا تصور خاطئ

يعني
أنت لما تنفي البيعة عن الحكام فقد سوغت الخروج عليه شئت أم أبيت
وأما مسألة القدرة فهذه متعلقة بالخروج بالفعل وليست متعلقة بتسويغ الخروج

ثم إن نفي البيعة فرع مسألة الموجب الذي تثبت به الولاية...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

ذكرت في منشور سابق أن نفي #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج على الحاكم، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد


وقد طالبني بعض الإخوة بذكر الأدلة والآثار...

فأقول: يدل على هذا:


1- أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية, حدَّث عبد الله بن عمر عبد الله بن مطيع ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : (من خلع يدًّا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) أخرجه مسلم

فقد دل احتجاج الصحابي الجليل ابن عمر 

على وجود التلازم بين تسويغ الخروج ونفي البيعة ونقضها, فمن سوغ الخروج أو خرج بالفعل لابد وأن يكون ناقضا للبيعة نافيا لها.

وقد بوب البيهقي على هذا الحديث وغيره بقوله: (باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة) السنن الكبرى للبيهقي (8/ 269) فجمع بينهما؛ لوجود التلازم بين عدم لزوم الجماعة ونفي البيعة.


2-في صحيح مسلم (6/ 21) عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية ».

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميتة الجاهلية مرتبة على من خرج على السلطان, وفي أحاديث أخرى رتب ميتة الجاهلية على من مات ولم يبايع؛ مما يدل على التلازم بين الخروج ونفي البيعة؛ إذ رتب عليهما حكم واحد.


3-وإذا نظرنا إلى كلام أئمة السلف وجدنا أنهم يربطون المنع من الخروج على الحاكم بكونه قد بويع له, فلو لم يكن بين تسويغ الخروج ونفي البيعة تلازم لما صح هذا الربط

-قال الإمام أحمد: (ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها... ومن خرج على إمام المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة؛ فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. 

 ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 181)

-ومثله قاله ابن المديني...

-وقال ابن قدامة: (ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك بن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما يحرم الخروج عليه؛ وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.) المغني (620) (12/ 243)

فلو لم يكن هناك ترابط بينهما وتلازم ما صح تحريم الخروج بوجود البيعة, فدل ذلك على أن وجودها مانع من الخروج, وانتفاؤها مسوغ للخروج.


والآثار وأقوال الأئمة في إثبات التلازم كثيرة


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار


الأربعاء، 26 مارس 2025

لم يصح عن أحد من الصحابة أنه أخرج في خصوص زكاة الفطر نقودا

 لم يصح عن أحد من الصحابة أنه أخرج في خصوص زكاة الفطر نقودا

لا من أقوالهم ولا من أفعالهم

وهذا مستفيض عنهم، فقد كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقول:(كنا نخرج زكاة الفطر صاعامن طعام) وهو يحكيه عن جماعة الصحابة.... وقوله "كنا نفعل كذا" يفيد الاستمرار عليه
وهو الذي يقتضيه عملهم بالمنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم أخرجوها طعام
وقد رى نافع عن ابن عمر أنه كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر إلا مرة واحدة فإنه أخرج الشعير (الاستذكار ٩/٣٥٤)

وإذا رجعنا إلى كتب فقه الخلاف العالي التي تعنى بنقل ما روي عن الصحابة في الباب كالأوسط لابن المتذر والمغني لابن قدامة نجد أنها لا تحكي جواز إخراج القيمة عن أحد من الصحابة في خصوص زكاة الفطر..............
ولو ثبت ذلك عن الصحابة لاعتنى العلماء بحكايته فكيف وهو مخالف لما هو مشهور عنهم وما كان يصرح به بعضهم؟!!

بعضهم يروي عن عمر في غير زكاة الفطر، وهو لا أيضا لا يصح عنه..

وغاية ما يستمسك به من زعم أن الصحابة أو بعضهم يخرجون زكاة الفطر هو:
١- ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/398) حدثنا أبو أسامة، عن زهير، قال: سمعت أبا إسحاق، يقول: أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام. 

ومن المعلوم أن أبا إسحاق السبيعي لم يدرك أبا بكر الصديق ولا معاذ بن جبل ولا عمر بن الخطاب ولم يسمع من ابن مسعود ولا من أبي الدرداء ولا من عثمان بن عفان ولا من علي بن أبي طالب وإن كان قد رآه ولم تصح له رؤية أنس بن مالك  ولم يسمع من ابن عمر ولا من سراقة بن مالك ...

فعندما يقول "أدركتهم" لا ينصرف إلى صغار الصحابة فضلا عن كبارهم
وإنما ينصرف إلى من دونهم من أهل الكوفة، فقد كان السبيعي من جلة التابعين في الكوفة، ومن المعلوم ان علماء أهل الكوفة ليسوا متفقين على ذلك...

ثم إن أبا إسحاق يحكي فعلا أدركهم عليه، والفعل محتمل، فيحتمل أنهم يجوزونها نقدا مطلقا ويحتمل أنهم يجوزونها نقدا حال الحاجة والمصلحة، ويحتمل أنه فعل مستمر لهم ويحتمل أنه عرضي استثنائي...

٢- ما ثبت في الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه انه قال:( أرى نصف صاع من حنطة يل صاعا من تمر)
قالوا: راعى القيمة...

والجواب: أنه لو كان إخراج القيمة عنده معتبرا لجوز دفع القيمة مع وجودها أو لأخرج بنفسه القيمة، وهذا لم يحدث، فكونه رضي الله عنه نظر إلى القيمة لا يعني ذلك أنه يُجَوِّز إخراجها بدلا عن الطعام...

تنبيه بعضهم يزعم أن للإمام أحمد رواية بإخراج القيمة في زكاة الفطر
وهذا غير صحيح، فالرواية عن أحمد بجواز إخراج القيمة هي فيما عدا زكاة الفطر كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني (٤/٢٩٥)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإمام أحمد جوزه في مواطن الحاجة.

وهنا شبهة أختم بها وهي
النقود كانت قليلة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولذا لم يعلق عليها الحكم،
والناس يحتاجون إلى اللباس ونحوه فدفع النقود لهم أنفع....

والجواب: النقود كانت موجودة ومنتشرة ويتعامل بها الصحابة، فقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أجد الصحابة دينارا ليشتري شاة...
ولا يشترط في اعتبارها في الأحكام الشرعية أن توجد في كل بيت من بيوت الصحابة...

وأما حاجة الناس إلى اللباس فهذا في كل وقت وليس خاصا بعصرنا
فقد كان الصحابة يحتاجون إلى ما يغطي بعض أبدانهم العارية ومع ذلك لم يشرع اللباس ولا النقود ليشتروا ألبسة....
فزكاة الفطر ليس المقصود منها إغناء الناس مطلقا حتى يشتروا ألبسة ويسددوا ديونهم ووو
ولو كان هذا مقصودا لكان مقدارها أعلى من الصاع، وإنما المقصود إغناؤهم عن سؤال الطعام يوم العيد، فهو إغناء خاص...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأحد، 23 مارس 2025

نقل #زكاة_الفطر إلى أهل غ ز ة

نقل #زكاة_الفطر إلى أهل غ ز ة

الأصل في زكاة الفطر أن تُخرَج في بلد المزكي؛ لأنها وجبت في البلد الذي يقيم فيه المزكي، ولأجل أن يغني أهل كل بلد فقراءهم...
ولا تنقل إلى بلد آخر إلا إذا كانت المصلحة راجحة أو الحاجة أشد...

فنقلها إلى أهل غ زة يجوز إذا تُحقق من وصولها في وقتها ولمستحقيها... ولا نقول يجب على كل مسلم وجبت عليه زكاة الفطر..

وله صورتان:
الأولى: أن يشتري المزكي في بلده طعاما ثم ينقله إلى أهل غ زة ، وهذه واضحة ولا إشكال فيها...

الثانية: أن يعطي جهة موثوقة مالا ثم يوكلها بشراء صاع من الطعام في غ زة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعا من طعام...
ومن المعلوم أن قيمة الصاع من الأرز مثلا تختلف من بلد إلى بلد،

فهل العبرة ببلد المزكي أو ببلد الفقير إن كان ببلد الفقير أغلى؟

أولا: المعتبر في زكاة الفطر: الصاع من الطعام لا القيمة.....

ثانيا: يجب أن يصل إلى يدي الفقير صاعا من الطعام في بلده ولو كانت قيمته أضعافا مضاعفة بالنسبة لبلد المزكي...لأن المقصود إغناء الفقير بإعطائه صاعا فمن أعطاه أقل من صاع لم يحقق مقصود الشارع، ولأن العبرة بالصاع في بلد الفقير إن كان أغلى..
بمعنى أنه يجب أن يرسل من النقود ما يكفي لشراء صاع في غ زة ولو كانت قيمته أكثر من قيمته في ليبيا مثلا
المهم أن يصل إلى الفقير صاعا...ولا يكفي أن يرسل ثمانية دنانير إذا كان الصاع في غ زة يساوي مائة دينار
...

فالذي في ذمة المزكي هو الصاع وليست قيمة الصاعة، وهو مذهب جمهور العلماء
فالعدول من الصاع إلى القيمة: عدول عن الأصل وما حده الشارع..

وقد ذكر الباجي في المنتقى عن ابن حبيب مِن المالكية قوله: "إنْ كان الطعام ببلد الإخراج أرخصَ اشترى بثمن الطعام الواجب عليه ببلد الصيد طعامًا فأخرجه، فإنْ كان ببلد الإخراج أغلى أخرج المَكِيْلة الواجبة عليه".

وليس الأصل هو القيمة حتى نقول بأنه يخرجها بحسب بلد المزكي التي حصل فيها سبب الوجوب..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/03/blog-post_23.html