إنزال حكم #الطائفة_الممتنعة على الحكومات اليوم
بقلم د. أحمد محمد الصادق النجار
يرى بعض المغرضين من أفراد الجماعات الجهادية أن الحكومات المسلمة المعاصرة تأصيلا تُكيَّف شرعًا على أنها طوائف ممتنعة بشوكة عن تطبيق شرع الله، فيوجبون قتالها؛ مستندين إلى حكم الطائفة الممتنعة .....
ولتمرير باطلهم، استدعوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في قتال التتار، وأخرجوه من سياقه التاريخي والفقهي، وأسقطوه على واقع مختلف تمامًا. فقد كان ابن تيمية يتكلم عن قوم يجمعون بين الكفر الصريح والشرك البواح، ويخلطون جيوشهم من الكفار والمنافقين ومن يظهر الإسلام، حتى قال عنهم: ( وبالجملة فمذهبهم ودين الإسلام لا يجتمعان ولو أظهروا دين الإسلام الحنيفي الذي بعث رسوله به لاهتدوا وأطاعوا) وقال:(فكيف بمن كان فيما يظهره من الإسلام يجعل محمدا كجنكسخان)
بل ذكر أنهم لم يكونوا حتى يؤذنون في معسكراتهم. وهذا يختلف جذريًا عن حال أكثر الحكومات المسلمة اليوم.
ومع هذا التحريف الصارخ لكلام شيخ الإسلام، يأتي من يزعم أن هؤلاء "نبتة تيمية وهابية"؛
والحقيقة أنهم أبعد ما يكونون عن منهج ابن تيمية، وإنما هو استغلال لكلامهم الحق وإسقاطه في غير سياقه، كما أسقط الخوارج الأول "،إن الحكم إلا لله" في غير سياقه...
🔹 ضابط الطائفة الممتنعة
-أن تكون طائفة ولها شوكة وقوة
-أن تترك شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة
-أن تتطالَب من دولة قوية بفعل ما تركته من الواجبات الظاهرة أو بترك ما فعلته من المحرمات الظاهرة فترفض وتقاتل على ذلك..
🔹 خلاف العلماء في أصل المسألة:
اختلف الفقهاء في حكم الطائفة الممتنعة إذا قاتلت مع إقرارها بوجوب الشرائع:
• هل تكفر وتقاتل قتال كفار؟
• أو لا تكفر وتقاتل قتال بغاة؟
قال ابن تيمية مبينًا مذهب الإمام أحمد:«كما أن مذهبه في مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها، على روايتين».
🔹 محل المسألة
ومحل هذه المسألة عند أهل السنة وجود دولة قوية قائمة عندها القدرة على قتال الطائفة الممتنعة بعد مطالبتها بفعل ما تركت من الشرائع، كما كان الحال في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين قاتل مانعي الزكاة بعد وفاة النبي ﷺ، وكما هو الحال في قتال التتار
وهو قتال منظم تحت راية إمام شرعي ودولة مستقرة، لا مغامرة فوضوية لجماعات متفرقة.
فالسؤال الذي يجب أن يُطرح عليهم: هل الحكومات المعاصرة واجهت حالة شبيهة بحال مانعي الزكاة أو التتار، حيث طالبهم إمامٌ شرعي لدولة قوية بإقامة الشريعة فامتنعوا وقاتلوا؟!!
🔹 تحريف الجماعات الجهادية للمسألة:
الغريب أن هذه الجماعات نقلت المسألة من سياقها الشرعي إلى سياق فوضوي؛ فجعلوا أنفسهم – وهم مجموعات متفرقة – أصحابَ الحق في الحكم على الحكومات المسلمة بأنها "طوائف ممتنعة"، ثم استباح بعضهم بذلك التفجير والاغتيال في بلاد المسلمين، تحت شعار الجهاد....
🔹 خلاف الجماعات الجهادية الداخلي في التنزيل:
حتى داخل هذه الجماعات، اختلفوا في كيفية إسقاط حكم الطائفة الممتنعة على الحكومات ومن تحتها:
• بعضهم قال: كل فرد في الحكومات له حكم الطائفة؛ فإذا كان رأس الطائفة مرتدًا، فكل من تحت سلطانه مرتد.
• أبو محمد المقدسي قال: لا يُكفّر كل فرد، بل يكفر من يقر بباطلهم أو يعينهم على قوانينهم أو ينصرهم.
وقال أبو بصير الطرطوسي :" تكفير الحكام المبدلين للشريعة والذين لا يحكمون بما أنزل الله .. لا يستلزم كفر وتكفير كل من يعمل في حكوماتهم ـ كما يروج البعض ترهيباً لعامة المسلمين من تكفير طواغيت الحكم! ـ وإنما الذي نقوله: من دخل في نصرة الحاكم الطاغوت وظاهره على المسلمين .. فهو كافر مثله .. ومن بطانته .. وهذا وصف لا يلزم كل من عمل في الحكومة"
• طائفة أخرى جعلت مسألة تكفير أعيان الحكام ومناصريهم مسألة فتوى وقضاء، مبناها على الاجتهاد، فهي من العلم الذي سبيله النظر والاجتهاد والاستدلال، ولم تصل إلى حد العلم الضروري المقطوع به....
🔹 الخلاصة والتحذير
إن تكفير الحكومات المسلمة بالجملة منهج باطل شرعًا، وما تفعله هذه الجماعات اليوم من إسقاط الأحكام في غير موضعها، ما هو إلا إشعال لنار الفتنة وتمزيق لصف الأمة، وتحويل سلاح المسلمين إلى صدور المسلمين.
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/blog-post_10.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق