الجمعة، 3 يوليو 2015

مجموع أجوبة أحمد النجار حول ضوابط التبديع


سؤال شيخ أحمد إن كان رجل على المنهج السلفي ثم خالف مسألة تعد أصلا فتجد من زكاه ومن جرحه من أهل العلم فما الحكم في حقه؟

والجواب على هذا السؤال:
ليس كل جرح مفسر يكون جرحا معتبرا
وعليه فلابد ان يكون الجرح معتبرا، وهو الجرح المبني على النصوص الشرعية
والجرح المفسر المعتبر فيمن كان سنيا: أن يخالف أصلا مع توفر الشروط وانتفاء الموانع.
فإذا تعارض الجرح المفسر المعتبر والتعديل المبهم؛ فالأصل تقديم الجرح على التعديل، لكون المجرح معه زيادة علم على المعدل.
والعبرة بالجرح المفسر المعتبر لا بكثرة المزكين.
لكن لابد ان يكون سبب التجريح سببا شرعيا مناسبا.
وهذه قضية مهمة: لأن فهم المصطلحات وتنزيلها لابد أن يكون شرعيا والا حصل الاعتداء على حق الله وحق الخلق
والذي يميز بين الجرح المعتبر وغير المعتبر هم العلماء وطلبة العلم المتمكنون
وهؤلاء الواجب عليهم عدم التقليد، وألا يخافوا في الله لومة لائم؛ لأنهم مؤتمنون، والله سائلهم ومحاسبهم
وإرضاء الله سبحانه يجب ان يكون غايتهم، لا إرضاء الناس
وهذا جواب عام لا أقصد شخصا بعينه، والله يتولى السرائر

الشيخ الفاضل أحسن الله اليكمأليس من التناقض التحذير من أخطاء بعض أهل العلم والسكوت عن أخطاء الحكام؟

والجواب:
الشريعة مبنية على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.
والله سبحانه انما يأمر وينهى لحكمة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.
فهذه مقدمة عظيمة يكفي في ذكرها ان تكون جوابا عن هذا السؤال.
وأزيد الجواب توضيحا: ان مصلحة الكلام عن أهل البدع أعظم من مفسدة السكوت عليهم،
ولهذا جاءت الشريعة بالكلام في أهل البدع وبيان أحوالهم؛ فقد جاء في الشرع التحذير من الخوارج، وذكرت اوصافا أناطت بها احكاما متعلقة بالبدعة.
بخلاف الكلام عن الحكام بالتشهير بهم والتحذير من أخطائهم علانية؛ فإن مفسدة ذلك أعظم من مصلحته.
ولهذا حذرت الشريعة من ذلك، ونهت عن الانكار العلني على الحكام.
وعقد المقارنة بين ذات الحاكم وذات المبتدع خطأ، فالشريعة لم تراع الذوات، وانما راعت الاوصاف وما يترتب عليها،
وهذا من كمال الشريعة، وعدلها، ورحمتها.
والذي يريد ان يسوي بين الكلام عن اخطاء الحكام والكلام عن اخطاء المبتدع فهو في الحقيقة يريد ان يسوي بين المختلفات.
وهذا خلاف ما عليه الشريعة؛ فالشريعة تجمع بين المتماثلات، وتفرق بين المختلفات.
والفرق بينهما مؤثر؛ لاختلاف ما يترتب عليهما.
ثم إن عمل السلف كافٍ في اثبات الفرق بين المسألتين.
ففرقوا بين النهي عن التشهير بالحكام وبين الكلام عن أخطاء أهل البدع والتشهير بهم.
وهنا أنبه: على الفرق بين الكلام عن خطأ الحاكم من حيث هو خطأ، وبين ان يقرن بالحاكم ويجعل مطية للتشهير به وتنفير الناس عنه، فالاول جائز، والثاني محرم.
والله أعلم

شيخنااذا حذرنا من التبديع ثم حذرنا من بعض اهل العلم يقال لنا انكم متناقضون

فكيف نرد عليهم؟
أحسن الله إليكم
التبديع المنضبط القائم على أصول صحيحة: من الشرع، ولا أحد من أهل السنة يحذر منه، بل لا يسوغ؛ لأنه من دين الله.
وقد بدَّع السلف أناسا بأعيانهم، وحذروا منهم
قال ابن المبارك: دعوا حديث عمرو بن ثابت ؛ فإنه كان يسب السلف)
وقال ابن تيمية رحمه الله ( ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإنَّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحبُّ إليك أو يتكلم في أهل البدع؟! فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلَّم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين؛ هذا أفضل)
وانما الذي يحذَّر منه: التبديع المنفلت الذي لا يقوم على أصول صحيحة، ولا ضوابط سديدة, بل يقوم على المظنة، والتهمة، والتبديع بما ليس ببدعة، ونحو ذلك،
وبالتالي ينتفي التناقض؛ لانتفاء الجهة، فجهة التحذير مغايرة لجهة عدم التحذير.
واهل العلم من اهل السنة اذا وقعوا في بدعة لا يبدعون بمجرد وقوعهم في بدعة، فمجرد الوقوع لا يوجب التبديع.
والواجب ان نُحكِم عاطفتنا بالشرع، لا ان نُحكم الشرع بالعاطفة.
فالعاطفة محكومة، لا حاكمة.
وأهل السنة وسط
ولن تصلح أحوالنا إلا إذا صفينا صفوفنا الداخلية بالحق والعدل، لا بالهوى والتشهي.
وإلا ضاع شبابنا، والتبس عليهم الحق.
ولو تركنا كل ملبِّس يُدخل في دين الله ما شاء؛ لكثر الباطل وأهله
والذي ندين الله به أن الحق واحد، وأن ما لا يسوغ فيه الخلاف ليس محل اجتهاد.
وقد تكلمتُ في رسالتي "تبصير الخلف بضابط الاصول التي من خالفها خرج عن منهج السلف"
عن ضابط المسألة التي يبدَّع بها الانسان، ومتى نبدِّع؟
فأحيل إليه؛ ليكتمل الجواب، وتتضح الصورة، وتنتظم المسألة.
والله الموفق



س/هل يصح تبديع من خالف فرعا يوالي ويعادي من أجله؟

والجواب: مجرد الإحداث في فرع من الفروع لا يبدَّع لأجله الإنسان, ولا يُعرف عن أحد من السلف بدع لأجل ذلك, بل لو ساغ التبديع في الإحداث في الفروع لما سلم أحد من الأئمة المجتهدين كالشافعي, وغيره من الأئمة.
والمراد بالفرع هنا: البدعة التي لم تشتهر مخالفتها للكتاب والسنة والإجماع
أما كونه يوالي ويعادي لأجله فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يوالي ويعادي لما يظن أنه السنة, فهذا لا يجترئ أحد على تبديعه.
كمن والي على قنوت الفجر, فالشافعية يرون أنه سنة, والإمام أحمد يرى أنه بدعة
الحال الثانية: أن يوالي ويعادي لما علم أنه بدعة؛ فهذا يرجع إلى هدم أصل عنده, وهو أصل الولاء والبراء.
والسلف إنما يبدعون فيمن خالف أصلا من أصول أهل السنة والجماعة

هل يعذر المبتدعه إذا كانوا متأولين؟

والجواب عن هذا السؤال
المبتدع اسم لا يُنَزَّل الا على:
١-رجل خالف في مصدر التلقي، فهذا لا ينظر الى كونه متأولا أو غير متأول في تبديعه, بل هو مبتدع؛ لأنه لم ينتسب للسنة، فكيف ننسبه نحن للسنة؟!، كالاشعري، والصوفي، وغيرهما.
٢-رجل وافق في مصدر التلقي وخالف أصلا من أصول أهل السنة وأقيمت عليه الحجة وأزيلت عنه الشبهة.
فهذا يعد مبتدعا والتأويل الذي كان عليه قد أزيل بإقامة الحجة وزوال الشبهة
أما اذا لم تُقَم عليه وكان متأولا فهذا لا يعد مبتدعا، ولا يُنَزَّل عليه الاسم.
وقد فصلتُ في هذا في رسالتي" تبصير الخلف بضابط الاصول التي من خالفها خرج عن منهج السلف"
والسؤال في ظني خطأ، وإنما صوابه أن يقال: هل يعذر من وقع في بدعة إذا كان متأولا؟
والله أعلم



󾠦 أخونا الشيخ أحمد وفقه الله
لو بينتم حفظكم الله السبيل الصحيح، والطريق الرجيح  في التعامل مع العالم السلفي أو طالب العلم السلفي إذا أخطأ في أمر وزل فهمه في شأن .
مع طرح العلاج لما يقع من مسالك مجانبة للصواب في ذلك قد تصدر من بعض  الشباب أو الدعاة .
والله يوفقكم ويسددكم .


بارك الله فيكم
هذا سؤال مهم؛ لما نعانيه من بعض الناس من عدم تصوره للصواب والوصف الشرعي من جهة، ومن عدم تحقيقه للمناط من جهة أخرى
فعدم التصور يقع في عدم معرفة الخطأ او الزلة، او عدم معرفة الوصف الذي تناط به الاحكام.
وعدم تحقيق المناط يقع فيمن ينزل الوصف من غير مراعاة لتحقق الشروط وانتفاء الموانع.
ولعدم تحقيق هذين الأمرين تجد من يغلو فيمن أخطأ فيتابعه على خطئه، وقد يكون الخطأ مخالفا لإجماع السلف، مصادما للنص.
وتجد من يقصي المخطئ ويطعن فيه وقد يكون خطؤه مما يسوغ فيه الخلاف، أو وجد فيه مانع.
وكلا طرفي قصد الأمور ذميم

والسبيل الصحيح:
- أن نعرف متى تكون المسألة خطئا؟ ومتى يكون الوصف شرعيا يناط به الحكم؟
-وان نعرف ما هو الطريق الرجيح في التعامل من وقع في هذا الخطأ؟ وكيف نحقق المناط؟

أما متى تكون المسألة خطئا، مخالفة لأصل من أصول أهل السنة، فقد تكلمتُ عليها مرارا، وفصلتها في رسالتي"تبصير الخلف بضابط الأصول التي من خالفها خرج عن منهج السلف"
وعموما: من ترك المأمور او فعل المنهي فقد وقع في الخطأ.

وأما كيف يتعامل مع من أخطأ؟
فجوابه أن نرجع إلى أصوله، فإن كانت أصوله صحيحة على مذهب السلف فهذا تحفظ كرامته، ولا نذكره إلا بخير، ويحذر من خطئه ولا يتابع عليه.
وخطأ المخطئ من علماء أهل السنة إنما هو مبني على اجتهاد أخطأ فيه، وقد اتقى الله ما استطاع؛ فيعذر على اجتهاده.
ثم هو قد فعل ما أُمر به وهو الاجتهاد، ولا يلزم منه أن يصيب الحق إلا على رأي جماعة من أهل البدع: أن كل مجتهد مصيب للحق.

وليعلم: أنه لا تلازم بين معاملته وبين خطئه، فلا يلزم من حسن معاملته أن نتابعه على خطئه، ولا يلزم من رد خطئه ان نعامله معاملة أهل البدع.
وليس كل من ارتكب مقتضى التبديع يكون مبتدعا.
وهذا التقرير متلائم مع روح الشريعة؛ فالشريعة جاءت بالاجتماع على الحق، والعدل، والرحمة.
وهذا كله متحقق في هذا التقرير.
وأما إذا كانت أصوله مخالفة لمذهب السلف فهذا يتعامل معه على أصله وفق المصالح والمفاسد، والضوابط المرعية.
فإن قيل: لم فرقت بين من أصوله صحيحة ومن أصوله فاسدة؟
قيل: لأن من أصوله صحيحة قد حقق الاجتهاد الصحيح، بخلاف من اصوله فاسدة.

وأما المسالك المجانبة للحق فعلاجها بأن يتأصل أربابها تأصيلا صحيحا فيوجهون للعلم الشرعي؛ حتى يتصوروا المسائل تصورا صحيحا، وإذا تصوروها تعلموا كيف يحققون المناط، وينزلون الأوصاف على الأعيان، ويراعون توفر الشروط وانتفاء الموانع.

كتبه
احمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق