الأربعاء، 8 يوليو 2020

الحكم الشرعي فيما سنته القوانين الوضعية في باب الإمامة


الحكم الشرعي فيما سنته القوانين الوضعية في باب الإمامة

إن الناظر في القوانين الوضعية يجد أنها:
1-قامت على الانتخابات ولم تنظر إلى الشروط الشرعية في المنتخِب ولا المنتخَب.
2-حددت العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أساس التعاقد على أداء الواجبات.
3- حددت مدة تنتهي فيها ولاية الحاكم.
وهذا كله يحصل التوافق عليه حال تعيينه حاكما.
والإمامة بهذه الطريقة لم تثبت شرعيتها من جهة الابتداء, فلا توصف بكونها شرعية من جهة بدايتها؛ لأن طريقة التنصيب فيها ليست شرعية؛ إذ لم تأت بها النصوص الجزئية ولا معانيها الكلية وهي تفضي إلى التحزب والنزاعات وشراء الأصوات والدعايات الكاذبة وتحصيل المصالح الخاصة... كما أنه لم يعرف الاختيار على مر عصور المسلمين إلا من أهل الحل والعقد وبعد اختياره منهم تأتي البيعة العامة والرضا به,
أضف إلى ذلك أن الشروط المذكورة مخالفة لمقتضى الشرع, كما تقدم بيانه في عدة مقالات,
ثم إنه ليس في الشرع تحديد البيعة بمدة معينة, وقد تمسك عثمان بخلافته لما أراد من ثار عليه أن يعزلوه, ويقطعوا مدة ولايته.
وهذه الطريقة هي نتاج الديمقراطية.
وعليه فإنه في حال الاختيار وقوة المسلمين وتمكنهم لا يجوز اعتماد هذه الطريقة, ولا التعاقد على هذا الأصل, ولا الرضا بهذه الشروط.
فإن قيل: الشريعة لم تحدد طريقة يقع بها اختيار الحاكم ولا وضعت شروطا.
قيل: الشريعة وإن لم تنص على طريقة محددة إلا أنها علقت الأمر على تحصيل المصالح وتعطيل المفاسد, فكل ما كانت مفسدته راجحة فإن الشريعة نهت عنه, وما قامت عليه القوانين الوضعية فإنه يجر إلى مفاسد كبرى أثبتها الواقع, ولهذا كان الطريق الذي يحقق المصلحة ويدفع المفسدة هو طريق الخلفاء الراشدين.
هذا في حال الاختيار, وهو الحكم الأصلي.
أما في حال ضعف المسلمين وتمكن الأعداء من قراراتهم, ولم يمكن سلوك طريق الشرع, فنقول: إذا تمكن رجل بهذه الطريقة حتى استتب له الأمر أو لم يمكن تنصيب إمام إلا بهذا التعاقد فهنا تثبت أحكام الضرورات ويصبح حاكما له أحكام الإمامة؛ تحقيقا لواجب تنصيب إمام تتحقق به مقاصد الإمامة, ودقعا للمفاسد الكبرى.
لكن تبقى مسألة الالتزام بما حصل التوافق عليه من انتهاء الولاية بعد مدة معينة, والعزل إذا أخل بحقوقه الذي هو مقتضى التعاقد على أداء الحقوق.
فكلا الأمرين جاء الشرع بخلافهما, ولا يحققان مصلحة راجحة؛ فالنصوص لم تحدد مدة تنتهي بها الولاية؛ إذ لم تجعل موجبا لنزع الولاية منه إلا الكفر البواح.
وهو يدخل في معنى الغدر.
وأجمع الصحابة ومن بعدهم على أنه ليس للولاية مدة تنتهي بها, فكان القبول بهذين الشرطين قبولا بشرط مخالف للشرع, والعقد متى اشتمل على شرط فاسد فإن العقد صحيح والشرط ملغي, فيكون القبول بهذه الشروط فاسدا إلا إذا ترتب على ذلك مفسدة أكبر, أو لم يمكن انعقاد الإمامة إلا بالقبول بهذه الشروط, فهنا تجرى أحكام الضرورات ودفع المفسدة الأكبر.
وقد أثبت الواقع أن تجدد الحكم للحاكم تجدد صوري تترتب عليه أمور مخالفة للشرع, فهو شرط صوري لا حقيقي.
وبالتالي فإن هذا الشرط لا يقطع الاستبداد ولا يمنع الفساد, فلم يبق له وجه لمشروعيته.
كتبه: د أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق