الجمعة، 24 يوليو 2020

الإخوان المسلمون وإلزامهم الناس بتحكيم الشريعة الإسلامية


الإخوان المسلمون وإلزامهم الناس بتحكيم الشريعة الإسلامية

يطلب بعض إخواننا دراسة نقدية تفصيلية لجماعة الإخوان المسلمين, وينتقد علينا الإطلاقات والتعميمات, خصوصا وأن جماعة الإخوان المسلمين حوربوا من قِبَل حكومات بعض الدول الإسلامية, وسُلِّط عليهم الإعلام العلماني مدعوما ببعض الشخصيات الدينية التي فجرت -حقيقة- في الخصومة, فاستدعى هذا نقدا تفصيليا, ولاشك أن النقد التفصيلي يحتاج إلى مجلد لا مقال مختصر, لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
ولن يكون حديثي في هذا المقال المختصر عن التجميع القائم على غير أصل الولاء والبراء على عقيدة أهل الحديث.
ولن يكون حديثي أيضا عن تضييع إنكار المنكر فيما يخص المنكر المقطوع به, كإنكار علو رب العالمين...
وإنما سينصب حديثي عن بعض مواقفهم السياسية؛ ردا على دعوى أن الجماعة: سياسية, قامت على معارضة أنظمة ودكتاتورية حكومات الدول الإسلامية, ومادام أنها فرقة سياسية لا دعوية فلا يلزمها تصحيح العقيدة ولا الولاء والبراء عليها.
وهذا -والله- من أعجب ما يسمع ويكتب, كأن السياسة منفصلة تماما عن العقيدة, والعقيدة منفصلة عن السياسة, وكأنهم جهلوا أن السياسة تقوم على تحكيم الشريعة -كليها وجزئيها, مطلقها ومقيدها-, وأعظم ما يُحَكَّم ما دلت عليه النصوص في صفات رب العالمين وأفعاله وأحكامه, وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يوقف جيشا كاملا ليقول لمن طلب شجرة يتبرك بها: قلتم والذي نفسي بيده كما قال بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة.
وعلى كلٍّ فالإخوان المسلمون بداية رفعوا شعار عدم فصل الدين عن السياسة, ووجوب تحكيم الشريعة؛ حتى فسر سيد قطب ومن يؤيده كلمة التوحيد بلا حكم إلا لله.
ولما رفعوا راية تحكيم الشريعة التي هي سبب تنظيمهم وانخراطهم في العمل السياسي كما يقول حسن البنا: “أيها الإخوان المسلمون، أيها الناس أجمعون، إن الله بعث لكم إماماً، ووضع لكم نظاماً، وفصل أحكاماً، وأنزل كتاباً، وأحل حلالاً، وحرم حراماً… فهل اتبعتم إمامه، واحترمتم نظامه، وأنفذتم أحكامه؟
كونوا صرحاء في الجواب، وسترون الحقيقة واضحة أمامكم، كل النظم التي تسيرون عليها في شؤونكم الحيوية نظم تقليدية بحتة لا تتصل بالإسلام، ولا تستمد منه ولا تعتمد عليه), وهو السبب في تعاطف جماعة من المسلمين معهم..
 كان المتوقع بعد وصولهم للحكم أن يلزموا الناس بالشريعة, لكن الواقع أثبت خلاف ذلك, ففي السودان لما سيطروا على الحكم لسنوات لم نر منهم تحكيما للشريعة.
وكذا حزب النهضة في تونس, قال الجبالي: «إن حركة النهضة تنتهج خيار النظام الجمهوري الديمقراطي في الحكم السياسي الذي يستمد شرعيته الوحيدة من الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة تحترم الحريات والحقوق والتداول السلمي للسلطة نحو بناء مجتمع ديمقراطي تعددي ومدني».
وكذا عهد مرسي في مصر الذي عد فكرة الوطنية بوصفها إطاراً أعلى من الشريعة يجمع كل المصريين ...
وليس من فقه الأولويات الدعوة أو تبني تحكيم دسنتور فيك كفر ..
بل نجد متقدميهم في خطاباتهم يتلونون ولا ينادون بتحكيم الشريعة بوضوح, يقول السباعي: “أما الزعم بأن النص على دين الدولة تفرقة بين أبناء الشعب، وإثارة للنعرة الطائفية فهو زعم باطل لأننا لا نريد بهذا النص تمييز المسلمين عن غيرهم ولا افتئاتاً على حقوق المواطنين المسيحيين، وحسبكم أن ترجعوا إلى نص المادة كما جاءت في المشروع، لتعلموا أنها كتبت بروح نبيلة تشعر بالإخاء بين المواطنين. وليس القصد منها إلا تحقيق أهداف سياسية وقومية واجتماعية هي في مصلحة هذا الشعب مسلمه ومسيحيه على السواء، ولو كان النص على دين الدولة يؤدي إلى التفرقة بين أبناء الوطن الواحد لما جاز لكثير من دول أوروبا وأمريكا أن تنص عليها في دساتيرها
ويقول في جلسة صياغة القسم للنواب في برلمان 1949 تحدث عن النظام الجمهوري قائلاً بتاريخ 27 كانون أول سنة :1949وإننا نعلن بكل إيمان وصراحة ووضوح بأننا لا نريد عن النظام الجمهوري بديلاً: إننا نريد لوطننا نظاماً شعبياً ديموقراطياً ، يقوم على ارادة الشعب ، وتتمثل فيه إرادة الشعب .
فهذا يبين لنا موقف الغيوريين من هذه الجماعة, فليس للناصحين أجندة ولا يتبعون سياسة مغرضة لما حذروا منها, وإنما ينطلقون من واقع هذه الجماعة وبعدها عن الهدي النبوي, وما جنوه على الأمة.
ومن أراد المزيد فلينظر إلى واقعهم وتحالفاتهم من عهد الملك فاروق عندما كانوا يوالونه ويمجدونه ثم غدروا به مع الضياط الأحرار إلى عهد حسني مبارك فسيظهر له جليا تلونهم في مواقفهم.
وعندما نبين بعض المواقف السياسية للإخوان وتلونهم نريد أن نصل إلى أنهم لا يحملون المشروع الإسلامي الذي جاءت به النصوص, ولذا رحبت بهم بعض الدول الغربية كأمريكا, وقبل ذلك بريطانيا.
ويجب أن ننبه هنا إلى أننا لا نرضى العلمانية التي تقوم عليها بعض الحكومات ولا الاستبداد والدكتاتورية التي يرعاها من يرعاها من الدول الإسلامية, ولا الانقلابات, وليس غرضنا تقوية العلمانيين على المسلمين, ومتى كانت الحرب قائمة بين العلمانيين والإسلاميين فنحن مع الإسلاميين بما يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة وما تدعو إليه الحاجة والحفاظ على الأمة الإسلامية.
كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق