#الحاكمية #الجماعات
الحلقة الثالثة
تتمحور فكرة أبي الأعلى رحمه الله في مفهوم الحاكمية على أن الحكم هو أصل الألوهية وجوهره، ولا يقوم إيمان الإنسان إلا به، وتفرع عن ذلك تكفير الحكومات والمحتمعات، كما فصلت ذلك في مقال مفهوم الحاكمية...
ولقد كان لأبي الأعلى المودودي الأثر البالغ على الجماعات الجهادية التحريضية في مصر وليبيا وغيرها من البلدان
ومن تأثر بها من الأفراد..
حيث إنهم اعتمدوا على ما قرره المودودي معرضين عن سبب تطرفه في هذا الباب ولم يلتفتوا إلى واقعه...
وقد اعترف بهذا الندوي في كتابه التفسير السياسي للإسلام في ص ٢٥٥ وبين تأثر سيد قطب بالمودودي فقال: (وقد أُعجِب الكاتب الإسلامي الكبير الأستاذ سيد قطب الشهيد، وهو صديق المؤلف العزيز، إعجابًا شديدًا بكتاب الأستاذ المودودي «المصطلحات الأربعة في القرآن» ووافقه كل الموافقة في الآراء والأفكار التي يتضمَّنُها، وقد جعل الحاكمية أخصّ خصائص الألوهية، وكتاباته تقلل من شناعة عبادة الأصنام والأوثان وعبادة غير الله في الجاهلية؛ لأنه يعتبرها صورة ساذجة بدائية للجاهلية الأولى).
بل اعترف التيار الجهادي التكفيري بأن المودودي هو الذي وضع أساس فكرهم في العصر الحديث
وهو واقعهم...
قال أبو مصعب السوري: "واشتمل أحد أهم كتبه وهو (المصطلحات الأربعة) على كثير من أساسيات الفكر الجهادي المعاصر"
وقال محمد عمارة مبينا تأثر الجماعات به: (لقد بدأت هذه الجماعات من "بعض" عبارات المودودي التي كتبها في واقع هندي وهندوكي له ملابسات سياسية وحضارية خاصة، كان المسلمون فيها 25 بالمائة من سكان الهند -قبل التقسيم- وكانت الحاكمية البشرية في ذلك الواقع، إما سلطة الاحتلال الإنجليزي الكافر أو السلطة الهندوكية الكافرة، وكلتاهما عازمتان على سحق الهوية الإسلامية للمسلمين الهنود، لذلك ولهذه الملابسات الهندية الخاصة، رفض المودودي –في بعض نصوص- الحاكمية البشرية، التي رآها نقيضا للحاكمية البشرية) مقالات في الغلو ص ١٤
وترتب على الغلو في مفهوم الحاكمية: التكفير، بل أصبح هناك تلازم بين الغلو في الحاكمية والتكفير ، ونتج عنه تكفير الحكومات ومن رضي بها في تسلسل معلوم..
فالانحراف في مفهوم الحاكمية جر إلى التكفير وإشاعة الفوضى في بلدان المسلمين...
وقد تسرب بعض هذا الانحراف إلى بعض الناس في ليبيا، وبعضهم كان متأثرا به قديما وأصبح بعضهم يحيي في الناس ذكر أقوام عرفوا بالانحراف في هذا الباب ؛ مما يستدعي توضيح مفهوم الحاكمية والتكفير على طريقة السلف، والتنبيه على وجه الخلل فيهما، وذكر من كان متأثرا بهذا الانحراف.
وأما محاولة ربط هذا الفكر بفكر ابن تيمية فهو كلام من لا بضاعة له ولا فهم
ومن أعظم أوجه الخلاف بين فكرهم وفكر ابن تيمية
١-أن مسائل الحكم والإمامة عندهم أصل، وعليها قامت كلمة التوحيد، ولا يقوم الإيمان إلا بها
بينما يرى ابن تيمية أنها فرع لأصل، وليست هي معنى لا إله إلا الله، وليست هي الألوهية ولا أخص خصائصها.
٢-التكفير بمطلق الحكم بغير ما أنزل الله وأما ابن تيمية فيرى أن مجرد الحكم كفر دون كفر وأنه يشترط في التكفير به أن يرجع إلى الاستحلال أو الامتناع.
٣-لا ينظرون إلى تحقق الشروط وانتفاء الموانع في تكفير المعين بخلاف ابن تيمية...
وسيأتي مزيد بسط بإذن الله، وسنبين كيف تأثر غيرهم بهم..
يتبع بإذن الله...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق