الجمعة، 29 أغسطس 2025

مناقشة كلام د #سعيد_الكملي في تجويز #الاحتفال_بالمولد عبر تدريس السيرة والتذكير بها

مناقشة كلام د  #سعيد_الكملي في تجويز #الاحتفال_بالمولد عبر تدريس السيرة والتذكير بها


قال د. سعيد الكملي: (نقول: ما موضوع الاحتفال؟ وبأي شيء يُحتفل؟

فإذا كان الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم بأن تُدرس سيرته، ويُذكَّر بأيامه، ويُنشر دينه، ويُدعى غير المسلمين إلى الإسلام وفق دعوته وما يرضاه هو صلى الله عليه وسلم لو كان حيًّا، فهذا احتفال حسن.

وأما إذا كان الاحتفال مشتملًا على ما يسخطه صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أن يُحتفل بالنبي صلى الله عليه وسلم بما يبغضه).


#المناقشة:


#أولًا: انطلق الشيخ من مقدمة غير مسلَّمة، وهي أن *الاحتفال بالمولد في أصله مشروع أو مباح*، ثم بنى حكمه على مضمون الاحتفال: هل هو على وفق الشرع أو لا؟

بينما البحث الصحيح يجب أن يبدأ من *أصل مشروعية الفعل نفسه*: هل الاحتفال بالمولد –من حيث هو– ثابت في الشرع أو أنه من جنس البدع المحدثة؟

فإذا لم يثبت أصل المشروعية، سقط التفريع على الكيفية أو الموضوع.


# ثانيًا: مناط البدعة في المولد

الاحتفال بالمولد قائم على *تخصيص زمن معين للتعظيم والعبادة*، وهذا التخصيص من خصائص التشريع التي لا تكون إلا لله تعالى.

ولا فرق في هذا بين أن يكون موضوع الاحتفال *ذكر السيرة النبوية* أو غيرها من الموضوعات، لأن حقيقة البدعة تكمن في تخصيص زمن للتعبد أو التذكير دون دليل شرعي.


* نكتة المسألة: أن تخصيص هذا اليوم مظنة اعتقاد أنه أفضل من غيره، وأن ذكر السيرة فيه أفضل من ذكرها في سائر الأيام.

* والمعلوم أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على فضل الشهر أو اليوم بذاته. ولو سلمنا جدلًا بفضل الزمن، فهذا لا يستلزم فضل العمل فيه.


إذن: التخصيص بذاته هو عين المحظور، مهما كان موضوع الاحتفال.


#ثالثًا: شبهة التذكير بالسيرة


لو قيل: الباعث هو **التذكير والمحبة**.

قيل: التذكير بالسيرة مشروع في كل وقت، ولا يحتاج إلى تخصيص يوم بعينه. بل التخصيص يناقض هذا المقصد، لأنه يربط الذكرى بزمن مخصوص، فيُفهم منه التعظيم أو الموافقة لأهل الاعتقاد الفاسد.


وإذا قيل: المناسبة تدعو للتذكير.

فالجواب: المناسبات ليست سببًا شرعيًا للتخصيص، لأن التخصيص المتكرر ينشأ منه اعتقاد الفضل، وهو مفسدة عظيمة.


#رابعًا: الموازنة بين المصلحة والمفسدة


قد يُقال: فيه مصلحة التذكير بالسيرة وإذكاء المحبة.

فنقول: هذه المصلحة –إن وُجدت– تقابلها مفسدة عظيمة، وهي:


* الابتداع في الدين.

* اعتقاد الفضل في غير ما فضل الله.

* فتح باب الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.

* اتهام النبي صلى الله عليه وسلم –بلازم القول– بأنه كتم شيئًا من الدين ولم يبلّغه.


وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فكيف إذا كانت المصلحة موهومة أصلًا؟


#الخلاصة


الاحتفال بالمولد –مهما كان مضمونه– هو في حقيقته **بدعة محدثة**، والتقرب إلى الله بها مما **يسخط الرب ويغضب النبي صلى الله عليه وسلم**، لأنه لم يشرعها لأمته ولم يرضها لهم.


---


✍️ د. أحمد محمد الصادق النجار 


---

http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/blog-post_29.html

الأربعاء، 27 أغسطس 2025

للتاريخ وفضح التآمر على الدعوة السلفية إمارة كُنَر الإسلامية (1990–1991)

للتاريخ وفضح التآمر على الدعوة السلفية
[إمارة كُنَر الإسلامية (1990–1991) ]

🔹شهدت الساحة الأفغانية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات حالة من الانقسام الحاد بين الفصائل، خصوصاً بعد انسحاب القوات السوفيتية. فقد كانت الصراعات قائمة بين قادة مثل حكمتيار (الحزب الإسلامي)، وبرهان الدين رباني، وأحمد شاه مسعود، وغيرهم. في خضم هذا التناحر برزت تجربة مختلفة في ولاية كُنَر بقيادة الشيخ جميل الرحمن رحمه الله، حيث أسس إمارةً إسلامية اتسمت بقدر من الاستقرار والنزاهة مقارنة ببقية المناطق.

🔹لم يكن الخلاف مع الشيخ جميل الرحمن مجرد "نزاع على السلطة"، بل كان صراعاً عقدياً ومنهجياً بين السلفية التي تبنّاها الشيخ، وبين تحالف الفصائل ذات المرجعيات المختلفة كالإخوانية وغيرها.
وقد قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابه "مقتل الشيخ جميل الرحمن "  : " فقد أخبرني بعض إخواني في الله أنه كان في بعض المعسكرات وسمع بعض الأفغان يقول : إذا انتهينا من الشيوعيين سنبدأ بالوهابية."

وهذا يكشف أن الصراع كان بالأساس ضد المنهج السلفي الذي جسّدته إمارة كُنَر.

🔹أعلن الشيخ جميل الرحمن إمارة كُنَر الإسلامية عام 1990م، مستنداً إلى منهج السلف الصالح في تطبيق الشريعة، ورافضاً إدخال الفكر الحزبي إلى المشروع الإسلامي.
وقد جاء إعلان الإمارة نتيجة فراغ سياسي وأمني، إذ لم تكن "الحكومة المؤقتة" التي شكّلتها بعض الفصائل تملك أي سلطة فعلية على الأرض.

🔹وعندما ضغطت الأحزاب على الشيخ لإجراء انتخابات، وافق أخيراً وأقيمت الانتخابات، ففاز بها الشيخ وأُعلن أميراً لإمارة كُنَر. لكن النتيجة لم ترضِ الأحزاب، فبدأت المؤامرات والتحريض ضده بسبب منهجه السلفي.

يذكر الشيخ مقبل الوادعي: "...(...الأحزاب السبعة تمالأت والحمد لله عندنا وثائق قدر مجلد صغير وصلت هذه الوثائق في اليوم الثامن من ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وألف (8 ربيع أول 1412?). وبعد ذلك اتضحت الحقيقة، وعرف الناس أنه أمر متواطأ عليه بين الأحزاب كلها، وبين الإخوان المفلسين وإلا فما معنى المقابلة التي نشرتْها جريدة (الصحوة) لا بارك الله فيها مع (حكمتيار) وتسأله عن ولاية (كنر)؟ فيقول: (إن بها عملاء لأعداء الإسلام). ..."

وقد ظهر ذلك جلياً في مقابلة نشرتها جريدة الصحوة مع حكمتيار، حيث وصف ولاية كُنَر بأنها تضم "عملاء لأعداء الإسلام".

🔹وقد كان للدكتور عبد الله عزام دور في عدم إيصال المساعدات إلى الشيخ جميل الرحمن، والتشويش عليه، وقد عقّب الشيخ الألباني رحمه الله على ذلك قائلاً:

"عبد الله عزام مع الأسف يعني مع أنه عنده اتجاه سلفي ، لكنه مغلوب بالإخوانية أي نعم ، يعني الحزبية هذه من الصعب أن الإنسان يتخلى عنها ."

🔹وفي أجواء التحريض الإعلامي ضد الإمارة، عاش شاب مصري يُدعى عبد الله الرومي في صفوف الحزب الإسلامي (حكمتيار)، وكان يعمل صحفياً في مجلة الجهاد الصادرة عن مكتب الخدمات في بيشاور.
أُقنع الرومي بأن الشيخ جميل الرحمن هو العقبة الوحيدة أمام إقامة "دولة إسلامية" بقيادة الحزب الإسلامي، وأنه يفتت الصف الأفغاني.
فتمكّن القاتل صباح يوم الجمعة من دخول بيت الشيخ بحجّة السلام عليه، فجلس ينتظر حتى يفرغ الشيخ من اجتماعه. وبعد أن انتهى الشيخ من مجلسه جلس في ساحة البيت مترقبًا وقت الصلاة، فإذا بالقاتل يدنو منه ويطلق عليه الرصاص الغادر.

لقد توهّم هؤلاء أن بقتل الشيخ ستنطفئ جذوة الدعوة السلفية، تلك الدعوة المباركة التي ما زالت تُحارَب إلى يومنا هذا على أيدي الماتريدية الصوفية المتعصبة للمذهب الحنفي.

كان الخلاف بين الشيخ جميل والفصائل الأخرى خلافًا عميقًا في العقيدة والمنهج، لا مجرد خصومة سياسية. فقد أبى الشيخ المزايدات الحزبية والانتماءات الضيقة، وتمسك بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح. وكونه قد انتسب في بداياته إلى صفوف حكمتيار لا ينفي أن الخلاف العقدي قد ظهر لاحقًا، حين تكشّفت الممارسات المخالفة للشريعة.

وقد شهد المشايخ الثلاثة: الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله، بصفاء دعوته ونبل مسعاه، فما كانوا يومًا ضد الشيخ أو ضد منهجه السلفي، بل أثنوا على جهوده ودعوا إلى الصلح وحقن الدماء..

إن إعلان الإمارة لم يكن مؤامرة خارجية ولا إملاءً سياسيًا، بل كان قرارًا ذاتيًا اتخذه الشيخ بعد أن مكّنه الله من أرض كنر، ليقيم شرع الله ويُظهر السنة. وكل من عايشه يشهد بزهده واستقلاله ووضوح دعوته، بعيدًا عن دهاليز المخابرات ومكائد السياسة.

د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/19901991.html


الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

أصول النظر في اللحوم المستوردة


 


🔹 عندنا أصلان معتبران: 


• الأصل في اللحوم التحريم حتى يثبت ما يبيحها. 


• الأصل في ذبيحة المسلم والكتابي الحل، ففعل المسلم والكتابي محمول على الصحة والسلامة، ما لم يُعلم أنه وقع على وجه غير مشروع.


     

🔹وعند النظر في اللحوم الواردة من الدول المنسوبة إلى أهل الكتاب، فإن الانطلاق يكون من الأصل الثاني لا من الأول. 


🔹 وبناءً على ذلك، فإن أحوال اللحوم المستوردة تكون على ثلاثة: 


• ما عُلم بعينه أنه ذُبح على الطريقة الشرعية ومن كتابي → فهذا جائز باتفاق. 


• ما عُلم بعينه  أنه لم يُذبح على الطريقة الشرعية، أو ذبحه غير كتابي → فهذا محرم باتفاق. 


• ما جُهل حاله → وهو محل الخلاف، وينقسم إلى حالين: 


• إذا جُهل حال المذكي، ولم يغلب على البلد أهل الكتاب، حُرِّم اللحم؛ لقوة الشك في السبب المبيح.

      

• إذا جُهلت طريقة الذبح مع كون الذابح كتابيًا، فهنا يتجاذب المسألة الأصل والظاهر: 


• فالأصل: الحل، لأن الذبيحة صدرت من أهلها، والأصل في فعلهم الصحة  ولم يعلم أن هذا اللحم بعينه ذبح بطريقة غير شرعية 


• والظاهر: ما ثبت من وقائع كثيرة أن الذبح في تلك البلاد يجري بغير الطريقة الشرعية.


🔹الترجيح 

غير أن الذي أميل إليه أن كثرة الوقائع والمشاهدات ولّدت ظاهرًا راجحًا يُغلب على الظن أن القوم لا يلتزمون بالتذكية الشرعية. وهذا الظاهر مستنده الحس والمشاهدة، وهو معتبر شرعًا. ومن ثمّ، فإن الشك في السبب المبيح قائم، وإذا وجد الشك في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل الأول: الأصل في اللحوم التحريم.


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 22 أغسطس 2025

#اللحوم_المستوردة

#اللحوم_المستوردة 


✍️ بقلم د. أحمد محمد الصادق النجار 


أثير في ليبيا جدل واسع حول اللحوم المستوردة، خاصة القادمة من البرازيل، وكان من أسباب ذلك أن الجهة التي تبنّت التحقيق في المسألة لم تكن محل ثقة عند كثير من الليبيين؛ لصدور فتاوى سابقة عنها اتسمت بالتعميم وعدم الانضباط.

فلما أصدرت حكمًا عامًا بالتحريم على جميع اللحوم المستوردة، وجعلت كل من يأكلها كمن يأكل جيفة، جاء الاعتراض والإنكار. إذ إن مثل هذه القضايا لا يُعالج بالتعميم، وإنما بالتحقيق العلمي الدقيق، مع التفريق بين الشركات والبلدان، ومخاطبة المسؤولين مباشرة لإيضاح الحقائق. 


الأصل الشرعي في الذبائح واللحوم 


مذهب أكثر العلماء أن الأصل في الذبائح واللحوم: التحريم حتى يثبت تذكيَتُها على الوجه الشرعي. فإذا حصل شكّ: هل ذُبحت بطريقة صحيحة أم لا؟ فالأصل الحرمة. 


فالشك معتبر في المنع من الأكل، لما في صحيح مسلم:(وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل،فإنك لا تدري أيهما قتله).

قال النووي عند شرح الحديث:[فيه بيان قاعدةٍ مهمةٍ وهي أنه إذا حصل الشكُّ في الذكاة المبيحة للحيوان لم يحل؛ لأن الأصل تحريمه،وهذا لا خلاف فيه]شرح النووي على صحيح مسلم13/116

وقال ابن العربي المالكي:[...فإذا ورد الشكُّ في الصائد والذابح بقي على أصل التحريم]أحكام القرآن2/35.

وقال ابن دقيق العيد: «إن الأصل التحريم في الميتة، فإذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل، وكذلك إذا شككنا أن الصيد مات بالرمي أو لوجود سبب آخر يجوز أن يحال عليه الموت لم يحل» [إحكام الأحكام (2/288)]. 


فإذا وردت شبهة قوية على اللحوم المستوردة من البرازيل وغيرها 

فإننا نمنع من أكلها إلا لمن علم أنها ذبحت بطريقة يجوزها الشرع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[ولا تحل الفروج والذبائح بالشبهات]مجموع الفتاوى32/190.


الاعتراض بقاعدة "الأصل في ذبائح أهل الكتاب الحل" 


قد يقال: إن الله أباح ذبائح أهل الكتاب، فالأصل الحل.

والجواب: نعم، هذا أصل معتبر، لكن الأصول قد تعارضها القرائن والوقائع والظواهر القوية التي مستندها الحس. 

والواقع اليوم في جملة من المذابح الأوروبية والبرازيلية قائم على: 


• التدويخ بالكهرباء أو الصعق بالمسدس قبل الذبح.

• ضعف أو غياب الرقابة الشرعية الفعلية، والاكتفاء بتواقيع شكلية من بعض المراكز الإسلامية.

• أن الذابح قد يكون مسلمًا، أو كتابيًا، أو وثنيًا، أو حتى ملحدًا، ولا يُتحقق من حاله.

• 

ولما راسلت الرئاسة العامة لإدراة البحوث الغلمية والإفتاء بالسعودية الدعاة والروابط والهيئات في دول الكفر جاءت الأحوبة في مجملها صادمة في طريقة الذبح وفي كون الذابح لا يدرى عنه هل هو مسلم أو كتابي أو وثني أو ملحد؟ وبعض ابذابحيين يكون وثنيا...مما يبقى الشك ويقويه في موافقة ذبحها للطريقة الإسلامية..

وبناءً على ذلك: إذا وُجدت شبهة قوية في اللحوم المستوردة، فإنها لا تُباح إلا بعد التحقق من أنها ذُبحت بطريقة شرعية. 

ومع ذلك لا يمكن أن نقطع بالحكم ولا أن نجعل من يأكلها في حكم من أكل الجيفة إلا عند ما تيقن أو غلب على ظنه أنها لم تذبح بالطريقة الشرعية


تغليب جانب التحريم عند الشك

من القواعد المقررة أنه إذا اجتمع فيما أصله التحريم سببان أحدها مبيح والآخر محرم يغلب جانب التحريم؛ لموافقته الأصل... 


ولا يتعارض ذلك مع ما رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: إِنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ يَأْتُونَ بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا، أَفَنَأْكُلُ مِنْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا». فالمسألة هناك متعلقة بذبيحة مسلم قد يترك التسمية جهلًا أو نسيانًا، 

والمسألة مبحوثة في مذابح عصرية في دول كفرية قويت فيها الشبهة في أصل السبب المبيح: هل وقع الذبح الشرعي أصلًا أم لا؟

وغلب على هذه الدول الإلحاد واللا دينية...

ومسألة التسمية إذا تركت جهلا أو نسايا من مسلم فيها خلاف معروف في حكم أكل ذبيحته...


الخلاصة

الصحيح أن الأصل في ذبائح النصارى الإباحة، لكن مع الشكوك القوية القائمة في كثير من اللحوم المستوردة اليوم، وخاصة من بعض الدول كالبرازيل، فالواجب التوقف حتى يثبت أنها ذُبحت وفق الطريقة الشرعية، ولا نعمم فنجعل كل من أكلها فهو آكل للجيفة، فمن ثبت عنده أن شركة معينة تذبح بالطريقة الشرعية فله أن يأكل ولا شيء عليه.ط، وإلا فلا.

http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/blog-post_22.html

الخميس، 21 أغسطس 2025

التناقض بين الخطاب والواقع عند بعض الجماعات ذات النزعة #القطبية أو المتأثرة بها كالصحوية

 

التناقض بين الخطاب والواقع عند بعض الجماعات ذات النزعة #القطبية أو المتأثرة بها كالصحوية
✍️ بقلم د. أحمد محمد الصادق النجار

( الكلام هنا على الجماعات لا على الحكومة السورية، فهي حكومة لها ولاية شرعية)

زعم بعض المنتسبين لهذه الجماعات أن من حرر سوريا إنما كان على خلفية قطبية…!
وقالوا: إن المنهج الذي "يدك حصون الصهاينة ويربي الأبطال" هو منهج #سيد_قطب…!
فهل سيثبتون على ما زعموه، أو أن خطابهم سيُصيبُه ما أصابهم من التناقض والتأتأة؟

إن المتأمل في خطاب هؤلاء يدرك حجم التناقض الصارخ بينهم وبين ما يظهرونه من دعوى الثبات على المنهج والمبدأ، فقد رأيناهم في بلادنا على صورتين متضادتين:

– في التنظير:
• يصفون #الحكومات بالردة بحجة الاستبدال، أو بإسقاط حكم الطائفة الممتنعة عليها.
• ويهاجمون كل من يخالفهم في "منهج سيد قطب" أو غيره من الشعارات التي يتبنونها.

– في الممارسة العملية:
• إذا فُتحت لهم أبواب التمويل من الحكومة، أو مُكِّنوا في أرضها من بعض المناصب، أو وُعدوا بالمكاسب، انقلب خطابهم فجأة من العداء والتكفير إلى المدح والتزكية.
• وكأن معيار “الثبات على الحق” عندهم ليس صدق المعتقد، وإنما حجم ما يُغدَق عليهم من منافع، أو رفع شعار الأسلمة...

والخلاصة:
أنهم يتخذون من الشعارات الكبرى – كالحاكمية، ومحاربة المشروع الصهيووني، وحكم الطائفة الممتنعة – أدواتٍ للتهييج والتعبئة، فإذا تبدلت الظروف وصرفت لهم الميزانيات ، تغيّر الخطاب فجأة من حدّة العداء إلى نعومة الدفاع والتسويغ.

الموقف الشرعي من #التطبيع

• التطبيع محرّم شرعًا، لأنه نوع إقرار بالاحتلال وتنازل عن حق ثابت للأمة، فضلًا عن مخالفته لقطعيات الشريعة.

• لا يجوز تسويغه بحجج "المصلحة"، أو "وقف العمليات العسكرية"، أو "الاعتراف بالقيادة الجديدة"، أو "التفاوض حول الجولان".

البديل المشروع

إذا اقتضت الضرورة، فالمشروع هو الهدنة المشروطة المؤقتة – كما فعل النبي ﷺ في صلح الحديبية – دون اعتراف بشرعية الاحتلال، ودون إقامة علاقات طبيعية معه.

✍️فالتطبيع لا يصبح حلالا مهما كانت الضغوطات لكن إذا أُجبر الناس قهرًا وفق ما يقتضيه فقه الضرورة، فيدخل في باب الإكراه، وحكمه يختلف:
• الدولة تعذر بقدر الضرورة بعد التحقق من دخولها تحت فقه الضرورات..
• ولا يسقط ذلك عن الأمة واجب رفض الاحتلال والسعي لتحرير الأرض بالضوابط الشرعية.

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

مناقشة موقف الشيخ فيصل قزاز من النقد زمن الحرب


مناقشة موقف الشيخ فيصل قزاز من النقد زمن الحرب

بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار –

يُثار هذه الأيام سؤال مهم: هل يجوز نقد القيادات المقاومة زمن الحرب، خاصة إذا كان القتال مع الكفار أو أن هذا النقد يُضعف الصف ويُعد خيانة أو نفاقًا؟؟
وقد عبّر الشيخ فيصل قزاز عن موقف مانع من النقد وجعله من باب الخيانة والنفاق، معتبرًا أن هذا النقد لا يُعرف في تاريخ المسلمين إلا من الخونة والمنافقين.

قال:"لا يعرف في تاريخ المسلمين أن حربًا قامت بين المسلمين والكفار ووقف عالم من علماء المسلمين ينتقد المسلمين والحرب قائمة، بل لا يعرف هذا إلا من الخونة والمنافقين...

وإذا أردنا مناقشته:
.أولا: من حيث التأصيل الشرعي

النهي عن نقد المسلمين زمن الحرب ليس حكمًا مطلقًا عند علماء أهل السنة، بل هو مقيّد بحال تحقق الجهاد الشرعي واستكمال شروطه وانتفاء موانعه، مع رجحان المصلحة في السكوت
• أما إذا كان القتال فاقدًا لشروطه الشرعية، أو محققًا لمفسدة أكبر، فإن بيان الحكم الشرعي يصبح واجبًا، ولو في زمن الحرب، بشرط أن يكون بأسلوب منضبط يراعي المصلحة ويدرأ المفسدة.

والواقع أن الشيخ فيصل ومن على شاكلته يتكلمون عن أحكام الجهاد الشرعي الذي وُجد سببه وتحقّق شرطه، بينما يتحدث السلفيون عن قتال وُجد سببه لكن لم يتحقق شرطه الشرعي...

ثانيا: من حيث الاستقراء التاريخي

الاستقراء الذي يذكره الشيخ فيصل غير مكتمل؛ فالتاريخ الإسلامي شهد حالات نقد وتصحيح زمن الحرب إذا كان القتال غير مستوفٍ لشروطه.
ومن ذلك ما جرى زمن اجتياح التتار لدمشق، حيث خرج كثير من الناس يستغيثون بالأموات، فأنكر العلماء ذلك رغم أن العدو على الأبواب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، ولِما يحصل في ذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال، فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة لمن عرف هذا وهذا..."

فهذا المثال يدل على أن النقد زمن الحرب قد يكون مشروعًا إذا كان الهدف إصلاح المسار وتصحيح الفعل قبل المضي فيه.

ومن هنا، فإن من ذمّ الإقدام على قتال لم تكتمل حقيقته الشرعية، لم يذمه لأنه قاتل الكفار أو شارك في جهاد مستوفٍ لشروطه، بل ذمه؛ لأنه أقدم على فعل ناقص الشروط، ترتّب عليه ضرر عام ومفسدة راجحة لا تقرّها الشريعة...

وأما رميه لمخالفيه بتهم التخذيل والخيانة والنفاق فهو تعد ظاهر ولم يراعِ المعنى الذي اعتبرته الشريعة في النهي عن التثبيط والتخذيل في جهاد وجد سببه وتحقق شرطه، وهو:التأثير السلبي المباشر والراجح على سير الجهاد في ساحة المعركة.[انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (12/217)]
فما كان ضرره على الجهاد في ميدان القتال عظيماً، مُنع منه شرعاً.
أما ما كان ضرره مرجوحاً ومصلحته راجحة، أو كان الشروع في القتال خطأً لعدم تحقق شرطه الشرعي – ولو كان جهاد دفع – فإن التصحيح واجب؛ حماية للأرواح والمصالح الشرعية.

والذي يؤسفني -حقيقة- الحال الذي وصل إليه الشيخ فيصل قزاز بسبب خصوماته مع بعض المشايخ، فضيع البوصلة...

http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/blog-post_13.html

الاثنين، 11 أغسطس 2025

هل الأنظمة والحكومات في عصرنا فقدت مقومات الولاية الشرعية أصلا وبالتالي لا ينطبق عليهم كلام السلف في حكام زمانهم؟

 هل الأنظمة والحكومات في عصرنا فقدت مقومات الولاية الشرعية أصلا وبالتالي لا ينطبق عليهم كلام السلف في حكام زمانهم؟

بقلم د. أحمد محمد الصادق النجار
الجواب:
ليست الإشكالية – كما يظن بعض الإخوة – في تنزيل النصوص على الواقع مع سلامة التأصيل، بل الإشكالية الحقيقية تبدأ من تأصيل المسألة نفسها. فهناك من يؤصل على طريقة السلف، وهناك من يؤصل على طريقة غيرهم.
وسبب ورود هذا السؤال أن تحكيم الشريعة كمرجعية عليا لم يعد قائمًا في أغلب البلدان...وان الحكام مقيدون بأنظمة دولية واتفاقيات...وأن الكفار شاركوا تنصيبهم  بشكل أو بآخر
• فالخلاف الحقيقي بينهم والتأصيلي هو هل مناط نصوص الولاية هو مجرد إسلام الحاكم ولو طلق الشريعة تطبيقا جزئيا، أو إسلامه مع تحكيم الشريعة؟
وهذا يفتح الباب لسؤال آخر وهو ما هو "القدر الواجب" من تحكيم الشريعة حتى تتحقق به أصل الإمامة الشرعية؟ وهل عدم الاستقلالية في الحكم ومشاركة الكفار في التنصيب يؤثر في أصل الولاية؟

• التقرير الصحوي وأشد منه القطبي عادةً يجعل التطبيق الجزئي للشريعة ليس كافيا لبقاء الشرعية، بل هو إخلال جوهري بشرط أصل الولاية، فيربط بين شرط "تحكيم الشريعة" وشرط "الكفر البواح" بحيث يجعل غياب التحكيم الكامل للشريعة أو التحاكم للقوانين الوضعية من انتفاء شرط إقامة الدين أو من صور الكفر البواح، ويسقط بهما أصل الولاية الشرعية حتى في حال الاضطرار  ...ويعتبر أن دعم الكافر الحاكم للوصول للحكم كافٍ لانتفاء أصل الولاية؛ بناءً على قراءة سياسية تربط بين التنصيب الأجنبي وبين انتفاء شرط التحاكم الكامل للشريعة.

• في المقابل، التقرير السلفي يجعل مجرد كون الحاكم مسلمًا، مع تطبيق جزئي للشريعة مصحوبا بالإقرار بوجوب تطبيقها ومرجعيتها، كافيًا لبقاء الشرعية في حال الاضطرار، فيربط مناط الولاية بوجود الحاكم المسلم الذي استقر له الأمر، ويعتبر الحكم بالقوانين الوضعية في بعض أو أكثر الأمور، مع الإقرار بالشريعة ذنبًا عظيمًا لكنه ليس كفرًا أكبر إلا بجحود أو امتناع؛ مستندا في ذلك على أصلي سد الذرائع ودرء الفتنة أكثر من الاستدلال على تمام شروط الإمامة؛ حفظا لوحدة الجماعة
• فوجود ضغط خارجي أو قيود سياسية في التقرير السلفي لا يغير حكم النصوص الشرعية ما لم يتحقق المناط الشرعي لزوال الولاية،
•  ولا يشترط في الولاية الاضطرارية أن يكون تنصيب الحاكم قد تم بالطريقة الشرعية الكاملة حتى تثبت له الولاية، بل يكفي أن يستقر له الأمر وتنعقد له البيعة ولو قهرًا، ما دام مسلمًا ولم يظهر منه كفر بواح.
• ومجرد أن الكفار ساعدوا أو دعموا في الوصول إلى الحكم لا يسقط ولايته عند السلف، إذا تحققت فيه مناط الإمامة (الإسلام، عدم الكفر البواح، استقرار الحكم).
• والتاريخ الإسلامي نفسه فيه أمثلة لحكام وصلوا إلى السلطة عبر تحالفات أو دعم خارجي من أطراف غير مسلمة، ولم يُسقط السلف ولايتهم بمجرد ذلك، كبعض ولاة الأندلس الذين استعانوا بملوك النصارى في الصراعات الداخلية..


👈أعود فأقول: القول بأن "الأنظمة المعاصرة فقدت مقومات الولاية" قول غير منضبط علميًا، لأن البحث في هذا لا بد أن يبدأ أولًا بـ تخريج مناط أحاديث الصبر على الولاة، لا بالقفز إلى الحكم على القياس بالفساد أو الصحة بلا ضبط مناطه، ولا بتحقيق المناط في ولايات زماننا.

🔹 أولًا: مناط هذه الأحاديث – كما قرره أئمة أهل السنة – ليس كمال صلاح الحاكم ولا التزامه التام بالشريعة، وإنما:
• كونه مسلمًا في الجملة.
• استقرار الحكم
• عدم ظهور كفر بواح عليه ببرهان قاطع من الكتاب أو السنة.
• والحكمة التي رعاها الأئمة: دفع المفسدة الكبرى والفوضى العامة.

🔹 ثانيًا: النصوص الشرعية في السمع والطاعة والصبر على الجور، لا تُستبعد من واقعنا إلا إذا انتفى مناطها انتفاءً بيّنًا، وإلا فهي باقية الحكم.
👈 فـ "طبيعة الجور وتغير حال الحكام في زماننا" ليسا مناطين أصلا في النصوص، لا في زمن السلف ولا في غيره، وهذا وحده يسقط دعوى إسقاط الأحاديث بحجة اختلاف الواقع.
👈 فهذا الإمام أحمد عاش في عصر تغير فيه الحاكم واختلف حاله عن حال من تقدمه، فقد شرعن الكفر وعاقب من خالف، ومع ذلك أبقى النصوص على إطلاقها، ولم يخترع شرط "طبيعة الجور" أو "هوية النظام" لإسقاط الولاية قال الإمام أحمد: "ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمّي أمير المؤمنين، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إمامًا، برًّا كان أو فاجرًا"[أصول السنة].

• فالفكر الصحوي في هذه القضية ينطلق من تغيير مناط النصوص الشرعية.
• فالنصوص عند السلف مناطها: الإسلام – عدم الكفر البواح – استقرار الحكم.
• وأما الصحويون فغيّروا هذا المناط إلى: التحاكم للشريعة بصورة كاملة – استقلال القرار السياسي – طريقة الوصول للحكم
• وهذا التغيير يجعل الحكم الشرعي تابعًا لظروف سياسية متغيرة، بدل أن يكون منضبطًا ببرهان شرعي قطعي.

🔹 ثالثًا: دعوى "فقدان مقومات الولاية" من غير برهان شرعي قطعي هي المدخل الذي سلكه القطبيون والسروريون لنسف النصوص، وتحويلها من مسألة توقيفية منضبطة إلى قضية اجتهادية
فوسّعوا معنى الكفر البواح حتى أدخلوا فيه المظالم والسياسات، ثم زعموا أن النصوص الواردة في الصبر على الأئمة لا تنطبق على "الواقع المعاصر" لأن "طبيعة الجور مختلفة"!
وهذا تلبيس وتغيير للمناط الشرعي بنظرية سياسية، ليصبح الحكم الشرعي رهين اجتهادات...
👈وهو يخالف منهج أهل السنة، الذي يضبط المسألة بشروط صارمة، ويمنع التوسع في زوال الشرعية بلا برهان قاطع؛ دفعا للفتننة العامة....

👈وقد تميز منهج أهل السنة عن غيره:
• ضبط المناط بشروطه.
• منع التوسع في زوال الشرعية بلا برهان قاطع.
• ردّ كل تأويل سياسي يُفضي إلى إسقاط النصوص على أهواء الفرق الحركية.

🔹رابعا: أصل الخلاف مع هؤلاء ليس في توصيف فساد الواقع، فنحن نقر بفساد الواقع ومغايرته لواقع السلف، وإنما أصل الخلاف في المنهج في تنزيل النصوص؛ فمن أبقى المناط على ما هو عليه عند السلف، لزمه إبقاء الحكم. ومن بدّله وقع في الانحراف المنهجي الذي قاد إلى الفوضى الفكرية والحركية.

🔹خامسا: وصف القول بأنه فكر قطبي أو سروري أو أنه على سَنن الخوارج والمعتزلة ليس من “التعصب المقيت” إذا كان القول بالفعل يوافق أصولهم ومآلاتهم، لأن الحكم على الأقوال بمآخذها ومآلاتها منهج علمي معتبر عند أئمة السنة.
ومن تبنى أصلاً فاسدًا من أصول الفرق الحركية، ثم شابههم في التنزيل والنتيجة، فإن وصفه بمقتضى ذلك ليس ظلمًا، بل هو توصيف علمي للمسار الفكري الذي يسلكه.