يستشكل بعض الإخوة
فيقول مادام أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم صلوها مع توفر الداعي على النقل لو وجد فهذا يدل على عدم مشروعية #راتبة_العشاء قبل صلاة التراويح
وجوابي:
حتى أوضح لك الصورة وأزيل عنك الإشكال خذ هذا المثال:
لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يصلون سنة الفجر في السفينة فهل يدل ذلك على عدم مشروعية صلاتها في السفينة؟!!! وهل عدم النقل يدل على أن مشروعية صلاة سنة الفجر مقيد بألا يكون في السفينة؟!!!!!
الجواب لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لا يترك سنة الفجر في سفر ولا حضر كان هذا دليلا خاصا على مشروعية الفعل
وخصوص المكان لا أثر له؛ لأنه ليس مقصودا لذاته ولا اعتقد فيه الفاعل فضلا خاصا
فلم نحتج بعد ذلك في بيان مشروعية صلاتها في السفينة إلى نقل؛ لعدم توقف مشروعيتها على نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة صلوها في السفينة .......
وعدم النقل هنا لا يدل على عدم الوقوع فضلا عن أن يدل على كراهة الفعل؛ لأنه عندنا دليل خاص نستصحبه....
فلا يأتي أحد ويقول: لا تشرع وتكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو فعلها لنقلت عنه، وأن صلاتها لم تكن معهودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة...!!!!
(هذا مش فاهم متى نحتج بعدم النقل؟ ولا يمكن أن يكون فقيها يحسن الاستدلال)
لماذا لا يصح الاستدلال بعدم النقل على عدم الحكم؟
لأن الحكم لا يتوقف على وجود النقل، فالعلم بمشروعية صلاة راتبة العشاء لا يتوقف على العلم بالنقل؛ لورود دليل خاص على مشروعيتها، وكون التراويح بعدها ليس رافعا لدلالة الدليل على مشروعيتها.....
فالمدلول هنا وجوده ليس مستلزما لوجود دليله، بحيث يكون انتفاء دليله دليلا على انتفاء وجوده..( انتبه لهذا حتى تفهم متى يكون عدم النقل دليلا على عدم المشروعية)
متى يكون عدم النقل دليل على عدم الوقوع؟
إذا كان علمنا بالوقوع يتوقف على علمنا بالنقل...بحيث لم يدل على مشروعية الفعل دليل شرعي خاص...
بمعنى صلاة راتبة العشاء قبل التراويح وصلاة سنة الفجر في السفينة لا يتوقف مشروعيتها على أن ينقل فعلهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لوجود دليل على مشروعية الفعل وقرينة المداومة
فيكفي استصحاب ذلك...
ولأنه يمكن أن يكون قد صلاها ونحن لم نعلم،
ومتى أمكن العلم بوجود الصلاة وأمكن ألا نعلم نحن دليل ثبوتها
لم يكن عدم علمنا بالنقل دليلا على عدم المشروعية
ثم إن الذين يقولون بأنه لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة
صوروا للناس أن صلاة قيام الليل عند السلف في رمضان كصلاتنا نحن، عندما نصليها بعد العشاء مباشرة...!!!!
بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء دخل إلى بيته حتى في رمضان وفي الليالي المعدودة التي صلاها بالناس
فلم ينقلوا عنه صلاة الراتبة لأنه خرج إليهم بعد أن كان في بيته.... فعدم النقل كان لمانع...
وكذلك الصحابة فالظاهر من صنيعهم أنهم لم يكونوا يصلونها بعد العشاء مباشرة كما نفعل اليوم...
وقد أحسن أحد المشايخ لما استدل على وجود فاصل بين العشاء وصلاة القيام
برواية في الموطأ أنهم كانوا يستعجلون الخدم بالسحور خشية طلوع الفجر من القيام...
بقي أن يقال: ألا يشكل هذا في باب البدع الإضافية كالذكر المقيد بين ركعات التراويح؟
قيل: لا يشكل؛ لأن الذين قالوا بجوازها ليس لهم دليل خاص على مشروعية الفعل، فالنص الشرعي إنما دل على الذكر من حيث هو ذكر وبأي هيئة كانت
فمن قصد تخصيص الذكر بهيئة معينة، أو اعتقد فضل هذه الهيئة بخصوصها
فهنا قد خرج من إطلاق النص إلى تقييده، وزاد قدرا لم يدل عليه إطلاق النص الشرعي.... فيكون قد وقع في الابتداع
وصح الاستدلال على عدم المشروعية. بعدم النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ...
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق