السبت، 22 مارس 2025

شبهة #لحم_الإبل لو كان ناقضا لانتشر؛ لأنه مما تعم به البلوى

 


من عدم الفقه الاحتحاج على عدم نقض الوضوء بلحم الأبل
بأنه لو ثبت كونه ناقضا لانتشر وشاع كما شاع نقض الوضوء بالخارج المعتاد من السبيلين كالبول
لأنه لا يكاد يخلو بيت من لحم الأبل... !!!!!!!!!

وقد وصف ابن حزم هذا النوع من الاحتجاج في هذا السياق بأنه حماقة...

أقول: هذا الاحتجاج الضعيف مردود بأمور:

أولا: أن الصحابة لم يشترطوا في الناقض حتى يكون ناقضا أن ينتشر دليله ويشتهر، وإنما كانوا يقبلون أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى ولو لم تشتهر.. وهو مذهب جمهور الأصوليين..

ثانيا: ما انتشر واشتهر عند الصحابة لا يلزم منه أن يشتهر نقله ويشيع...

ثالثا: قد انتشر واشتهر عند الصحابة أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء ...
فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(كنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم )

فقوله "كنا" يعود إلى الجماعة من الصحابة؛ مما يدل على أنه منتشر بينهم وجوب الوضوء من لحم الإبل...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل فقد غلط عليهم إنما توهم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار وإنما المراد أن كل ما مست النار ليس سببا عندهم لوجوب الوضوء والذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضؤ من لحوم الإبل ليس سببه مس النار)

قال الخطابي في معالم السنن:(ذهب عامة أصحاب الحديث إلى إيجاب الوضوء من أكل لحم الإبل)

رابعا: لا يصح قياس أكل لحم الإبل على الخارج المعتاد كالبول،؛ لأن البول أمر لا ينفك عن الإنسان ويوجد في اليوم من الإنسان أكثر من مرة
بينما لحم الإبل لم يكن يأكله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة كل يوم، بل كان آل محمد يمر عليهم الشهر والشهران ولا يوقد في بيوتهم نار ولا يوجد فيها إلا التمر والماء...
فكيف يقال: لا يخلو منه بيت؟!!! وكيف يقال: لو ثبت كونه ناقضا لانتشر وشاع كما شاع نقض الوضوء بالخارج المعتاد من السبيلين ؟!!!

فأكل لحم الإبل ليس أمرا يتكرر وقوعه كل يوم كالخارج المعتاد من السبيلين..

أخيرا
قال ابن حزم عن قولهم: هذا مما تعظم به البلوى:(وَهَذَا حَمَاقَةٌ , وَقَدْ غَابَ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْغُسْلُ مِنْ الْإِيلَاجِ الَّذِي لَا إنْزَالَ مَعَهُ , وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى , وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ الْوُضُوءَ مِنْ الرُّعَافِ وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَرَأَى الْوُضُوءَ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ مِنْ الْقَلْسِ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَهَذَا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى , وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ قَبْلَهُ , وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا , وَمِثْلُ هَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ لَا يُعَارِضُ بِهِ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَخْذُولٌ )

كتب
د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق