الثلاثاء، 18 مايو 2021

الجهاد في فلسطين مضرة الكفر وفتنته أعظم من مضرة الفسق وفتنته

الجهاد في فلسطين

مضرة الكفر وفتنته أعظم من مضرة الفسق وفتنته

 

إن الله فرض الجهاد بأنواعه على المؤمنين, وألزم كل فرد منهم بما يقدر عليه, فمن تعين عليه نوع من أنواع الجهاد كان المتعين عليه من الإيمان الذي ينتفي الإيمان الواجب بانتفائه.

وما وقع في غزة من اعتداء الغاصبين المعتدين على القدس وأهل فلسطين هذه الأيام يوجب جهاد الدفع بلا قيد ولا شرط, قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (5/ 538): (وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا, فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط, بل يدفع بحسب الإمكان.

وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده )

إلا أن بعض من لم يوازن بين المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية لما نظر إلى اختلاط الصف الذي يدفع الصائل ثبط وحذر واشترط شروط جهاد الطلب في جهاد الدفع, فأداه ذلك إلى ترك واجبات وفعل محرمات باسم الورع والذب عن السنة والوقوف أمام من انحرف عنها.

ولو تمعن هؤلاء في مقصد الجهاد في سبيل الله وهو دفع الكفر ومضرته على المسلمين وبلادهم لعلموا أنه -والحال هذه- لا ينظر إلى من يقاتل في صف المسلمين ممن وقع في فسق عقدي أو عملي؛ إذ إن مضرة الكفر وفتنته أعظم من مضرة البدعة وفتنتها, فضرر الكفر وأهله يشمل الدنيا والدين, ويعم الأرض والأموال والأعراض, وأما منفعة الجهاد مع من وقف في بدعة وفسق ومعاونتهم أعظم من ردع أهل الفسق والبدعة والرد عليهم ماداموا منشغلين بدفع الصائل, فمصلحة أداء واجب جهاد الدفع تغمر مفسدة وجود أهل الفسق في صف المسلمين المجاهدين وقتالهم لأجل أنفسهم, وإذا اجتمعت المصالح والمفاسد قدمت المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة, ويدفع أعظم الفسادين باحتمال أدناهما.

ومما يشهد لهذا المعنى: ما أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 72) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار»، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت له إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلى النار»، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم على ذلك، إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله»، ثم أمر بلالا فنادى بالناس: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر»

وفي الختام:

أنبه إلى أن الله كما أمر بالجهاد بالنفس أمر بالجهاد بالمال, وجعل من مصارف الزكاة: الجهاد في سبيل الله, لكن يجب على المسلم قبل أن يعطي ماله أن يتأكد من وصوله إلى مستحقيه, لا أن يضع ماله من غير أن يتحقق وصوله, فليس كل حملة تدعي أنها لنصرة أهل غزة تكون حملة صحيحة أو توصل المال إلى مستحقيه.

كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق