هل فخذ الرجل عورة في النظر؟
ذهب الجمهور إلى أن ما بين
السرة والركبة عورة, فدخل في ذلك الفخذان.
واحتجوا:
1-عن زرعة بن عبد الرحمن بن
جرهد عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال أما
علمت أن الفخذ عورة. أخرجه أحمد (25/ 274)
وقد أعل بالاضطراب, قال
بان عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/ 271): (روى عن النبي صلى الله عليه
وَسَلَّمَ: الفخذ عورة. وقد رواه جماعة غيره، وحديثه ذلك مضطرب).
وقال ابن حجر في تغليق التعليق
(2/ 209): (وأما حديث جرهد فإنه حديث مضطرب جدا)
2- عن عاصم بن ضمرة ، عن علي، قال: قال لي رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لا تبرز فخذك، ولا تنظر الى فخذ حي ولا ميت " أخرجه أحمد
في مسنده (2/ 405)
قال أبو داود: (هذا الحديث
فيه نكارة). سنن أبي داود (6/ 133)
3- عن محمد بن جحش قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه
على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: " يا معمر غط فخذيك؛ فإن الفخذين عورة
" أخرجه أحمد في المسند (37/ 167)
ومداره على أبي كثير, ولم
يوثقه إلا ابن حبان في الثقات, قال ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (1/ 479): (لم أجد
فيه تصريحا بتعديل).
4- عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الفخذ عورة»
أخرجه الترمذي(5/ 111) وصححه الألباني
إلى أحاديث أخرى لا تخلوا
من ضعف, وضعف شديد.
وذهب إلى أن الفخذين ليسا
بعورة: أحمد في رواية كما في المغني (1/ 651), وهو قول عند المالكية كما في التوضيح في شرح مختصر
ابن الحاجب (1/ 300)
ونسبه القرطبي في الجامع لأحكام
القرآن (7/ 182) إلى ابن أبي ذئب وداود وأهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري
وقال المازري المالكي في شرح
التلقين (1/ 470): (وقد قال بعض أصحابنا إنما العورة السوءتان والفخذان. وذكر ابن خويز
منداد: أن مالكًا أجاز للرجل أن ينظر إلى فخذ خصي امرأته. وأن أصحابنا حملوا هذا على
أن العورة هي الفرج. وأن التحديد من السرة إلى الركبة، لأصحاب مالك لا لمالك)
وقال ابن العربي في أحكام القرآن
(2/ 307): (والصحيح أن الفخذ ليس بعورة؛ «لأنها ظهرت من النبي - صلى الله عليه وسلم
- يوم جرى في زقاق خيبر، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلها بأفخاذ أصحابه،
ولو كانت عورة ما وصلها بها».)
واحتجوا:
1-عن أنس بن مالك، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صلى
الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم
في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم حسر الإزار عن فخذه
حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم... أخرجه البخاري (1/ 83)
ففي فتح الباري (1/ 481 )
لابن حجر: (يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك لأنه وإن
جاز وقوعه من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقر على ذلك لمكان عصمته صلى الله عليه وسلم
ولو فرض أن ذلك وقع لبيان التشريع لغير المختار لكان ممكنا لكن فيه نظر من جهة أنه
كان يتعين حينئذ البيان عقبه كما في قضية السهو في الصلاة)
2- عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: كنت جالسا عند النبي صلى
الله عليه وسلم، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: «أما صاحبكم فقد غامر» صحيح البخاري (5/ 5)
3-ما جاء في صحيح البخاري
(4/ 27) عن موسى بن أنس، قال: - وذكر يوم اليمامة - قال: أتى أنس ثابت بن قيس وقد حسر
عن فخذيه وهو يتحنط،...
والأقرب: الجمع بين
القولين, فتكون العورة عورتين: عورة مغلظة وهما السوءتان, وعورة مخففة وهي الفخذان
ومما يدل على كونها مخففة جواز مسها إذا أمنت الفتنة
ففي صحيح مسلم ١/٤٤٩ عن أبي العالية قال أخر ابن زياد الصلاة فجاءني عبد الله بن الصامت فألقيت له كرسيا فجلس عليه فذكرت له صنيع ابن زياد فعض على شفته وضوب فخذي وقال إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضرب فخذك الحديث
وما كام كذلك لا يتساوي فيه حكم النظر مع حكم النظر إلى المغلظة.
والعورة المخففة:
1-لا تجب تغطيتها كتغطية
القبل والدبر.
2-يجوز كشفها إذا وجدت
الحاجة وأمنت الفتنة, فهذا الذي يتناسب مع كونها مخففة, فالتخفيف يناسبه الجواز
إذا وجد الحرج؛ رفعا له, وعلى هذا تحمل أحاديث الكشف عن الفخذين, فهي تدل على أن
الكشف كان لوجود الحاجة.
3-لا يحسن كشفهما في مجامع
الناس على الدوام ومن غير حاجة.
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف
الحديث (ص: 454): (والعورة صنفان: أحدهما فرج الرجل والمرأة، والدبر منهما، وهذا هو
عين العورة، والذي يجب عليهما أن يستراه في كل وقت، وكل موضع، وعلى كل حال.
والعورة الأخرى: ما داناهما
من الفخذ، ومن مراق البطن؛ وسمي ذلك عورة، لإحاطته بالعورة، ودنوه منها.
وهذه العورة، هي التي يجوز
للرجل أن يبديها في الحمام، وفي المواضع الخالية، وفي منزله، وعند نسائه، ولا يحسن
به أن يظهرها بين الناس، وفي جماعاتهم وأسواقهم)
قال ابن القيم في حاشيته على
سنن أبي داود (11/ 36): ( وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب
أحمد وغيرهم أن العورة عورتان مخففة ومغلظة,
فالمغلظة السوأتان , والمخففة الفخذان
ولا تنافي بين الأمر بغض البصر
عن الفخذين؛ لكونهما عورة, وبين كشفهما؛ لكونهما عورة مخففة)
كتبه د. أحمد محمد الصادق
النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق