هل حصر #وسائل_الدعوة إلى الله في الوسائل الشرعية التى ورد الشرع بجوازها جمود وعدم مواكبة للواقع وإهمال للنظر المقاصدي ولما هو أكثر تأثيرا في الناس؟
وهل يصح تتويب العصاة وإدخال الكفار للإسلام بالمعصية والبدع المذمومة؟
وقد سمعت عن بعض المشايخ رحمه الله أنه كان يسمح للعصاة بالتدخين في مجلسه حتى لا ينفرهم ولأجل أن يدعوهم...
وبعبارة مختصرة: هل وسائل الدعوة #توقيفية؟
والجواب عن هذا:
أن الوسائل نوعان:
الأول: ما ورد في الشرع تحريمها فهنا يجب أن نفرق بين الدعوة إلى الإسلام بها -ابتداء- وإرجاع العصاة إلى الله عن طريقها
وبين دفع أذى الكفار والعصاة عن المسلمين
ففي دفع الأذى تحتمل المفسدة الأدنى لدفع المفسدة الأكبر إذا كان لابد من ارتكاب إحداهما، كما لو كان العصاة على معصية لو تركوها لوقعوا غي معصية أعظم، وهذه ليست هي مسألتنا
وأما مسألتنا فهي في الدعوة إلى الإسلام بما ورد في الشرع النهي عنها -بدليل كلي أو جزئي- كدعوتهم باستعمال الموسيقى أو بالأعياد البدعية أو بما يشتمل على إقرارهم على شرب الخمر أو بالمسلسلات المحرمة ونحو ذلك فهنا يحرم استعمال الوسيلة المحرمة وجعلها طريقا للدعوة إلى الله؛ لأن المنع منها شرعا يدل على أن المصلحة فيها ملغاة، وما ألغاه الشارع لا يصح أن يجعل طريقا للدعوة إلى الله، ولرجحان مفسدتها.
فالوسائل المحرمة لا يتحقق بها الإبلاغ الذي يريده الله ويرضاه.
الثاني: وسائل لم يأت الشرع بإثباتها ولا بنفيها، فهذه هل تُمنع استعمالها في الدعوة اكتفاءً بما ورد في الشرع من وسائل أو تُجوَّز لما فيها من تحقيق المصلحة؟
اختلف في ذلك أهل العلم، مع اتفاقهم على جواز استعمال الأدوات الجديدة التي ينقل بها أو فيها كمكبر الصوت والتلفاز والنت... وأنها ليست هي المقصودة بالوسائل
واتفاقهم على عدم جواز التعبد لله بالوسائل المحدثة،
واتفاقهم على عدم جواز استعمال الوسائل المنهي عنها بالدليل الجزئي أو بالدليل الكلي.
والأقرب: أن وسائل الدعوة التي لم يأت الشرع بجواز عينها ولا تحريمها: اجتهادية، وليست توقيفية
فيكون المرجع فيها إلى تحقيق المقصود من غير مفسدة راجحة
ذلك أن الله أمر بالدعوة وإبلاغ شرع الله أمرا مطلقا من غير أن يحدد وسيلته، كما قال تعالى:[يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك]
فلما لم يعين وسيلة دل على أن مقصد الشارع في الدعوة التوسعة من جهة الوسائل وعدم التضييق، وهذا يقتضي استخدام كل وسيلة يتحقق بها مقصود الشارع.
ومن هذا الوجه تكون كل وسيلة يتوقف عليها الإبلاغ والهداية مأمورا بها؛ لأن ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به، والأمر بالشيء أمر بلوازمه.
وأما لا يتوقف عليها الإبلاغ وكانت محققة لمقصد إنزال القرآن فإنها تأخذ حكم المقصد؛ لأنها مباحة الأصل ليست مقصودة لذاتها وإنما تفعل ليتوصل بها إلى المقصود لذاته.
وليس منه ما كان من الوسائل محرم؛ لاشتمالها على محرم، أو كانت تفضي إلى محرم، أو كانت من جنس التشريع الذي لا يكون إلا لله.
وأنبه إلى أن ما كان من جنس التشريع كتخصيص زمن لذات الزمن أو مكان لذات الزمن لا يكون وسيلة مشروعة إلا إذا ورد في الشرع ما يدل عليها
وتركها مع وجود داعيها في زمن الوحي ولا مانع يدل على المنع.
كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق