أشكل على بعض طلبة العلم التداخل الذي يكون بين العيد والجمعة إذا اجتمعا في يوم واحد
ووجه الإشكال عندهم أن الجمعة فرض والعيد سنة، ولا تسقط السنة الفرض؛ بناء على الاشتباه بين الاندراج والتداخل من جهة
وعلى الاشتباه بين ما كان مقصودا لذاته وما ليس مقصودا من جهة أخرى
أما الأول فالتداخل أعم من الاندراج والتشريك، ولا يلزم من عدم صحة اندراج الأعلى في الأدنى منع التداخل بينهما؛ إذ التداخل يكون بإعطاء حكم واحد لأمرين مقصودهما واحد
ومن أمثلة التداخل بين واجبين مقصودهما واحد: من أجنبت ثم حاضت فيكفيها غسل واحد
وأما الثاني فليس اجتماع العيد والجمعة من باب اجتماع أمرين مقصودين لذاتيهما، وإنما هو من باب اجتماع عبادتين غير مقصودتين لذاتيهما
فصلاة العيد ليست مقصودة لذاتها، وصلاة الجمعة ليست مقصودة لذاتها؛ فصح التداخل..
وإنما لا يصح التداخل بين الفرض والسنة إذا كان الفرض مقصودا لذاته والسنة غير مقصودة لذاتها كاجتماع غسل الجنابة مع غسل الجمعة فهنا يدخل غسل الجمعة في غسل الجنابة لا العكس؛ لأن غسل الجنابة مقصود بينما غسل الجمعة ليس مقصودا لذاته، فيجزئ غسل الجنابة عن غسل الجمعة
ومسألة اجتماع العيد والجمعة ليس فيهما شيء مقصود لذاته فصح التداخل والإجزاء
ثم إن التداخل في العبادات يكون محله الأسباب لا الأحكام..
وأما ما يستمسك به من يمنع التداخل من الأدلة الدالة على وحوب صلاة الجمعة، والأدلة الدالة على صلاة العيد، ومشروعية تعددهما لتعدد موجبهما
فنقول: نحن لا ننكر أن الأصل هو تكرار العمل بتكرر سببه وموجبه
ولكن لما كانت الشريعة ترعى رفع الحرج والمشقة كان التداخل -من هذه الجهة-استثناء من أصل، وإنما عُدل عن الأصل لوجود دليل ومرجح أقوى.
وهو في بابه موافق للقياس.
كتبه د أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق