لا يصح أن يطلق القول بمدح #المبتدع -الذي يدعو إلى بدعته ويظهرها- وعدم التعرض لبدعته حال دفاعه على الدين ورده على أعداء الإسلام؛
ذلك أن هذا الأمر منوط بأمرين:
الأول: سلامة الأصول التي ينطلق منها فيما دافع فيه عن الإسلام بموافقته لأهل الحديث.
الثاني: أن تكون مصلحة مدحه المقيد أعظم من مفسدة ذمه أو السكوت عنه.
فهنا حالان:
الأولى: من دافع عن الدين بأصول فاسدة فهو في الحقيقة لم يدافع عن دين الأسلام؛ فلم يقتض فعله مدحا، وإنما يقتضى ذما..
الثانية: من دافع بأصول صحيحة فيما دافع فيه عن الإسلام فهذا الدفاع لا يستلزم مدحه، وإنما قد تكون المصلحة في مدحه مدحا مقيدا، وقد تكون المصلحة في مصاحبة المدح ذكر بدعه، وقد تكون المصلحة في السكوت فلا يمدح ولا يذم
وقد تكون المصلحة في ذمه من غير مدح له ولو مقيدا.
وليس من مناطات هذه المسألة الموالاة بقدر إيمانه ولا عدم تكفيره ولا عدم القطع بهلاكه في الآخرة.
وكون الإنسان يحمد حال المبتدع في دفاعه على الدين لا يستلزم بالضرورة ولا ما دونها مدحه أمام الناس.
فإن قيل: ما محل مدحه مدحا مقيدا مع عدم ذكر بدعه التي قد يُغتر بها؟
قيل: محل المسألة: إذا كان في بيان بدعته -لمن يمكن أن يتأثر بها- إضعافا للدين أمام الأعداء
أما إذا لم يترتب على ذلك إضعاف الدين فخارج محل البحث، ولها مقامات...
فلو فرضنا أنه لم يقم بواجب الدفاع عن الإسلام إلا المبتدع الذي خالف أصول أهل السنة كالمعتزلي وكان في ذكر بدعته إضعاف للدين
فلا شك أن مضرة بدعته أقل من مضرة الكفر
فكان تحصيل مصلحة دفع الكفر مع المفسدة المحتملة من اغترار الناس ببدعة المبتدع خيرا من دفع مفسدة الاغترار مع تمكن الكفر ودخوله في قلوب المسلمين..
فهنا يمدح مدحا مقيدا ولا تذكر بدعته.
وهذه الصورة نادرة أو قليلة، بمعنى ألا يقوم بواجب الدفاع عن الإسلام إلا من فيه بدعة متعلقة بالأصول وكان في ذكرها إضاف للدين ونصرته..
والغالب أن الأمر يحصل فيه اشتراك بين أهل السنة والمبتدعة ولا يحصل بذكر البدعة إضعاف للدين
فإذا سلمت أصول المبتدع في المسألة التي يدافع بها عن الإسلام واحتيج إلى مدحه فإن المدح يكون مدحا مقيدا
وقد تقتضي المصلحة الراجحة مع مدحه مدحا مقيدا أن ينبه الناس إلى بدعه المغلظة خصوصا إذا قويت مظنة الاغترار ببدعته
وقد لا تقتضي، كما تقدم...
وكثير ما كان أبو العباس ابن تيمية رحمه الله يقرن المدح المقيد بذكر البدعة
وقد يتخلف هذا عنده في بعض المقامات
وعلى كل حال فالباب يحكمه النظر من العلماء الراسخين إلى المصالح والمفاسد...
وأما من جعل معيار المدح والذم هو الكلام في قضايا الأمة والكلام عن الكفار...
وهون من تصحيح عقائد الناس ومنهجهم وجعل ذلك من الفروع والانشغال بالجزئيات -كما هو حال بعض الجماعات!-
فما فهم حفظ الدين ولا أدرك أصوله!!!
كتبه باختصار جوابا لمن راسلني:
د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق