حكم كتابة اسم الميت على القبر
إن من أصول الشريعة أن الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة، وليس فيه مصلحة راجحة يُنهى عنه...
وما حرم سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة ...
وإذا استقرأنا أصول الأبواب المتعلقة بالقبور وجدنا أن الشريعة سدت كل ذريعة تفضي إلى الغلو في القبور، ولذا منعت من البناء عليها وتجصيصها والدعاء عندها...
فعلمنا من ذلك أن مقصود الشارع في هذا الباب التضييق إلا ما اقتضته المصلحة الراجحة وأمنت فيه الفتنة..
فالأصول تقتضي النهي عن كتابة الاسم على القبر؛ لكونها تفضي إلى الغلو في القبور وتعريض ما فيه اسم الله للأذى والنجاسة...
فالمانع وهو مظنة الغلو موجود في الكتابة
وليس في قصدها مصلحة راجحة؛ لإمكان معرفة القبر بوضع حجر ونحوه
فمصلحة التعرف تحصل بأدنى شيء
ويستثنى من ذلك إذا احتيج إلى الكتابة في تحقيق المقصود الشرعي، وتعذرت معرفة القبر بوضع الحجر لكثرة الأحجار أو عدم بقائها في مكانها ونحو ذلك؛ حتى تعين الإعلام بالقبر على كتابة الاسم مجردا، وأمنت فتنة الغلو فيه؛ فهنا المصلحة الراجحة تقتضي تجويز الكتابة بقدر ما يحتاج إليه في معرفة القبر والإعلام به؛ لأن ما نهي عنه سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة
ولسنا نعتمد في النهي على الحديث الخاص الذي اختُلف في صحته وإنما نعتمد في ذلك على الاستقراء.....
ويقوي اعتبار هذه المصلحة ورجحانها في كتابة الإسلام إذا احتيج إليه بما ليس فيه تعظيما يفضي إلى المفسدة: القياس على وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، وَقَالَ: (أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي) بجامع تعليم القبر...
فكان وضع الحجر منه صلى الله عليه وسلم محققا لمصلحة تعلم القبر به ودفن من مات من أهل الميت إليه،
فالمعنى الذي راعاه النبي صلى الله عليه وسلم هو تعليم القبر
وإذا تعذر التعليم بوضع الحجر كانت كتابة الاسم قائمة مقام وضع الحجر؛ لتحقق المعنى المقصود.
إلا أنه لا يتوسع في الكتابة؛ لأن الإفضاء إلى الغلو في الكتابة أقوى منه في وضع الحجر
وقد علمنا من استقراء أصول الشريعة المتعلقة بالقبور هو التضييق في الوسائل، ولولا قوة القياس لاقتضى المنع وكان ترك الصحابة حجة على ذلك.
وأما النهي الوارد في الكتابة على القبر-على اختلاف فيه من جهة السند- فهو مخصوص بالقياس؛ مما يقتضي حمله على:
١-غير الحاجة، ففي غير الحاجة يقوى التعليل بالإفضاء إلى الغلو والشرك، والوقوع في المعاني المحذورة كالتباهي
وأما إذا وجدت الحاجة فإن مفسدة الإفضاء تكون مغمورة في مصلحة تعليمه والتعرف عليه ومرجوحة لا يلتفت إليها.
٢-إذا وجدت الحاجة ولم تؤمن الفتنة كمن تعتقد فيه الولاية أو كان معظما..
ومما يدخل في الكتابة لغير حاجة ما زاد على كتابة مجرد الاسم من المدح والثناء وما تضمن تعظيما وتباهيا وتفاخرا، كالكتابة على الرخام، فهنا خرجت الكتابة عن المعنى الشرعي وهو تعليم القبر...
والخلاف في هذه المسألة من الخلاف السائغ الذي لا يسوغ فيه الإنكار إلا ببيان الدليل وإظهاره، وقد اختلف فيها العلماء، فمنهم من كره الكتابة على القبر مطلقا وهم الجمهور، ومنهم من كره الكتابة إذا لم يحتج إليها وذهب إليه الأحناف، ومنهم من حرم الكتابة، ومنهم من جوزها مطلقا كابن حزم...
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
حكم كتابة اسم الميت على القبر
إن من أصول الشريعة أن الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة، وليس فيه مصلحة راجحة يُنهى عنه...
وما حرم سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة ...
وإذا استقرأنا أصول الأبواب المتعلقة بالقبور وجدنا أن الشريعة سدت كل ذريعة تفضي إلى الغلو في القبور، ولذا منعت من البناء عليها وتجصيصها والدعاء عندها...
فعلمنا من ذلك أن مقصود الشارع في هذا الباب التضييق إلا ما اقتضته المصلحة الراجحة وأمنت فيه الفتنة..
فالأصول تقتضي المنع من كتابة الاسم على القبر؛ لكونها تفضي إلى الغلو في القبور وتعريض ما فيه اسم الله للأذى والنجاسة...
فالمانع وهو مظنة الغلو موجود في الكتابة
وليس في قصدها مصلحة راجحة؛ لإمكان معرفة القبر بوضع حجر ونحوه
فمصلحة التعرف تحصل بأدنى شيء
ويستثنى من ذلك إذا احتيج إلى الكتابة في تحقيق المقصود الشرعي وتعذرت معرفة القبر بوضع الحجر لكثرة الأحجار أو عدم بقائها في مكانها ونحو ذلك؛ حتى تعين الإعلام بالقبر على كتابة الاسم مجردا، وأمنت فتنة الغلو فيه؛ فهنا المصلحة الراجحة تقتضي تجويز الكتابة بقدر ما يحتاج إليه في معرفة القبر والإعلام به؛ لأن ما نهي عنه سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة
ولسنا نعتمد في النهي على الحديث الخاص الذي اختُلف في صحته وإنما نعتمد في ذلك على الاستقراء.....
ويقوي اعتبار هذه المصلحة ورجحانها في كتابة الإسم إذا احتيج إليها بما ليس فيه تعظيما يفضي إلى المفسدة: القياس على وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، وَقَالَ: (أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي) بجامع تعليم القبر...
فكان وضع الحجر منه صلى الله عليه وسلم محققا لمصلحة تعلم القبر، ودفن من مات من أهل الميت إليه،
فالمعنى الذي راعاه النبي صلى الله عليه وسلم هو تعليم القبر، وهو الوصف الذي أنيط به جواز وضع الحجر على القبر.
وإذا تعذر التعليم بوضع الحجر كانت كتابة الاسم قائمة مقام وضع الحجر؛ لتحقق المعنى المقصود.
إلا أنه لا يتوسع في الكتابة؛ لأن الإفضاء إلى الغلو في الكتابة أقوى منه في وضع الحجر.
وقد علمنا من استقراء أصول الشريعة المتعلقة بالقبور هو التضييق في الوسائل، ولولا قوة القياس لاقتضت المنع، وكان ترك الصحابة حجة على ذلك.
وأما النهي الخاص الوارد في الكتابة على القبر-على اختلاف المحدثين في تصحيحه من جهة السند- فهو مخصوص بالقياس؛ مما يقتضي حمله على:
١-غير الحاجة، فعدم الحاجة إلى كتابة الاسم يقوى التعليل بالإفضاء إلى الغلو والشرك، والوقوع في المعاني المحذورة كالتباهي
وأما إذا وجدت الحاجة فإن مفسدة الإفضاء-الذي هو المانع من التجويز بإطلاق- تكون مغمورة في مصلحة تعليمه والتعرف عليه، ومرجوحة لا يلتفت إليها.
٢-إذا وجدت الحاجة ولم تؤمن الفتنة كمن تعتقد فيه الولاية أو كان معظما يخشى من افتتان الناس بقبره..
ومما يدخل في الكتابة لغير حاجة: الزيادة على كتابة مجرد الاسم بالمدح والثناء وما يتضمن تعظيما وتباهيا وتفاخرا، كالكتابة على الرخام، فهنا خرجت الكتابة عن تحقيق المعنى الشرعي وهو تعليم القبر إلى غيره؛ فرجت إلى الأصل وهو النهي مع ما قارنها من أمور أخرى محرمة كالتباهي والإسراف..
وعموما
الخلاف في هذه المسألة من الخلاف السائغ الذي لا يسوغ فيه الإنكار إلا ببيان الدليل وإظهاره، وقد اختلف فيها العلماء، فمنهم من كره الكتابة على القبر مطلقا وهم الجمهور، ومنهم من كره الكتابة إذا لم يحتج إليها وذهب إليه الأحناف، ومنهم من حرم الكتابة، ومنهم من جوزها مطلقا كابن حزم...
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق