هل صحيح أن متأخري #الأشاعرة يقدمون النقل على العقل, وأن مذهبهم قائم على الجمع بين المنقول والمعقول, وأنهم إنما قدموا العقل في الاستدلال على وجود الله وصفاته لأنه لا يتصور إقناع شخص بوجود الله إلا بالعقل خصوصا مع من ينكر صدق الشرع ؟
ينقض ما ذكر في السؤال واقع كتبهم ومصنفاتهم التي قامت على أساس التعارض بين الكتاب والسنة والدلائل الكلامية
فإذا كان مذهبهم r] قام على مبدأ التعارض بين الشرع والعقل فما حقيقة الجمع بين العقل والنقل؟
حقيقة الجمع هي إخضاع الشرع لدلائل العقل الكلامية بحيث إنه لما كان الشرع أضعف دلالة من العقل تسلط التأويل على الشرع, فحقيقة مذهبهم ليس جمعا بين النقل والنقل, وإنما حقيقة مذهبهم تطويع الشرع لموافقة العقل الذي هو الأصول الكلامية.
وليتها كانت أصولا صحيحة في نفسها مأخوذة من الشرع, فدليل الأعراض ودليل التركيب ودليل الاختصاص ليست أصولا مستمدة من الشرع وإنما استدمت من عقول الفلاسفة, وهي كثيرة المقدمات ولا تخلو مقدمة من اعتراضات فمن أين اكتسبت اليقين؟
والأعظم من هذا أنهم نفوا أن يلتمس الهدى من القرآن في إثبات الصانع وصفاته وإثبات النبوة, فليست القضية عندهم في إقامة الحجة على من لا يقر بالصانع ابتداء, وإنما القضية عندهم أن القرآن لا يهدي إلى إثبات الصانع أصلا, وكل ما جاء في القرآن من آيات تدل على الصانع وصفاته فهي محكومة بالدليل العقلي, ولا تفهم إلا على ضوئه.
قال الرازي في التفسير: (كل ما يتوقف صحة كون القرآن حجة على صحته لم يكن القرآن هدى فيه، فإذن استحال كون القرآن هدى في معرفة ذات الله تعالى وصفاته، وفي معرفة النبوة، ولا شك أن هذه المطالب أشرف المطالب، فإذا لم يكن القرآن هدى فيها فكيف جعله الله تعالى هدى على الإطلاق؟.
الجواب: ليس من شرط كونه هدى أن يكون هدى في كل شيء، بل يكفي فيه أن يكون هدى في بعض الأشياء، وذلك بأن يكون هدى في تعريف الشرائع، أو يكون هدى في تأكيد ما في العقول، وهذه الآية من أقوى الدلائل على أن المطلق لا يقتضي العموم...)
والكلام يطووول
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق