حكم المال الحرام المكتسب من معاملة محرمة بعد التوبة
وصورتها: المال المكتسب برضى صاحب المال من بيع الدخان، أو من بيع آلات الموسيقى، أو ما أخذ من عوض على المعاونة على بيع محرم ، أو من الرشوة، أو من القمار، ونحو ذلك
هل يتخلص منه بعد التوبة أو لا؟
وهذه الصورة لها حالان:
الحال الاولى: عدم علمه بأنها حرام، أو كان له فيها تأويل باجتهاد أو بتقليد من يثق فيه ثم بان له أنه أخطأ
فهذا ماله لا يتخلص منه، فهو عندما أقدم على البيع لم يعلم حرمته، ومن شرط التكليف الذي يرجع إلى العبد: العلم، فعند عدمه يعدم الحكم المتوقف عليه.
الحال الثانية: أن يعلم حرمته عند مباشرته البيع ثم تاب توبة صادقة بعد ذلك
فهذا اختلف أهل العلم في ماله الذي اكتسبه من البيع المحرم هل يتخلص منه أو لا؟
والأقرب: عدم التخلص منه بعد صدق التوبة؛ لأمور منها:
الأول: عموم التعليل بمسلك تنقيح المناط في قوله الله تعالى : (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ)
فالحكم وهو [فله ما سلف] بمعنى لا يرده ولا يتخلص منه علق على خصوص الانتهاء من الربا وعدم العودة إليه، فنلغي بمسلك التنقيح الوصف الخاص ونعمم؛ فيكون التعليل بالانتهاء من المحرم لكسبه
فمن انتهى عن المحرم لكسبه وتاب منه فله ما سلف ولا يلزمه التخلص منه.
وكذلك عموم التعليل في قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)...
الثاني: يتحقق به مقصود الشارع وهو التيسير ورفع الحرج
فالتيسير هنا متعلق بأمر التوبة، فيتيسر على الناس أمر التوبة ويرفع الحرج عنهم والضيق الذي قد يتسببه التخلص من المال.
الثالث: دفع مفسدة عدم التوبة.
والخلاصة: لا يلزمه أن يتخلص منه وإن كان الأولى دفعه للفقراء ونحوهم
كتبه د أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق