الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, أما بعد, فإن هذه الصفقة التي يريد أن يعقدها ترامب مع المسلمين تقوم على إلزام المسلمين بالتنازل عن بعض أصول دينهم, وبالتنازل عن مقدساتهم وإخراج إخواننا الفلسطينيين من ديارهم
فهي صفقة قائمة على خيانة الدين وأهله؛ لكونها قد بنيت على التنازل عن أصل من أصول الدين وهو الولاء والبراء, وبنيت أيضا على أن بيت المقدس ملك لليهود وتحت سيادتهم.
وللأسف نجد أن من باع دينه ببقاء سلطانه وحكمه يبارك هذه الصفقة أو لا يكون رده واضحا يتناسب مع خطر هذه الصفقة وظلمها واعتدائها على الدين والوطن
وتجد أيضا من ينادي بالتسامح بين الأديان , وتقارب الأديان, ولا أدري كيف
يكون هناك تقارب بين إيمان وكفر, وتوحيد وشرك, وعدل وظلم؟!!
كما أنهم تغافلوا عن حقيقة اليهود والنصارى وأنهم لا يقبلون تقاربا ولا تسامحا, قال تعالى مبينا هذه الحقيقة: [ وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم ][البقرة: 120]، وقال (( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا .
كما بين حقيقة أخرى وهي أن اليهود أشد الناس عداوة للمسلمين قال تعالى -: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]،
وسبب هذه العداوة: جحدهم الحق واستكبارهم وحسدهم لأهل الإيمان قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:59]
وسبب هذه العداوة: جحدهم الحق واستكبارهم وحسدهم لأهل الإيمان قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:59]
وبين أيضا أنهم أهل نقض للمواثيق والعهود, فلا يثق فيهم إلا أبله, قال تعالى: {وَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:155]
وهم لا يريدون خيرا -وإن قل- للمسلمين, قال تعالى: [مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة:105]
وقد عرفوا بخيانة المسلمين؛ لشدة عدائهم لهم, فقد خان
يهود بني
قينقاع العهدَ
الذي كان
بينهم وبين
رسول الله
- صلى الله
عليه وسلم
- ثم تبعهم
في الخيانة
والكيدِ يهودُ
بني النضير،
الذين ائتمروا
على قتل
رسول الله
- صلى الله
عليه وسلم
- وكذلك فقد
نقض يهود
بني قريظة
عهود المسلمين
يوم الخندق
وهم قوم لا رحمة في قلوبهم تجاه المسلمين, كما قال تعالى عنهم: [ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً]
وهم قوم لا رحمة في قلوبهم تجاه المسلمين, كما قال تعالى عنهم: [ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً]
ولهذا جاء الشرع بالبراءة منهم وعدم موالاتهم, فهم أهل تكذيب وجحود وعدوان وبغي, قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22]
وقال - تعالى -: (( يَـا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَـارَى أَولِيَاء بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ, وَمَن يَتَوَلَّهُم مّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهدِى القَومَ الظَّـالِمِينَ ))[المائدة: 51]،
وقد وصف الله شدة بغضهم وغيظهم للمسلمين فقال: (( يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مّن دُونِكُم لاَ يَألُونَكُم خَبَالاً وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاء مِن أَفواهِهِم وَمَا تُخفِى صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الايَـاتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ هَاأَنتُم أُولاء تُحِبٌّونَهُم وَلاَ يُحِبٌّونَكُم وَتُؤمِنُونَ بِالكِتَـابِ كُلّهِ وَإِذَا لَقُوكُم قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصٌّدُورِ إِن تَمسَسكُم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَإِن تُصِبكُم سَيّئَةٌ يَفرَحُوا بِهَا وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرٌّكُم كَيدُهُم شَيئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعمَلُونَ مُحِيطٌ ))[آل عمران: 118-120]،
وعدم موالاتنا لهم وبغضهم لدينهم وجحدهم الحق لا يعني ظلمهم, فنحن نتعايش معهم بما حدده الشرع وبينه لنا [لاَّ يَنهَـاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَم يُقَـاتِلُوكُم فِي الدّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مّن دِيَـارِكُم أَن تَبَرٌّوهُم وَتُقسِطُوا إِلَيهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُقسِطِينَ إِنَّمَا يَنهَـاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَـاتَلُوكُم فِي الدّينِ وَأَخرَجُوكُم مّن دِيَـارِكُم وَظَـاهَرُوا عَلَى إِخراجِكُم أَن تَوَلَّوهُم وَمَن يَتَوَلَّهُم فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّـالِمُونَ ][الممتحنة: 8-9].
بينما تجد المنافقين وأذنابهم من المسلمين يناصرونهم على المسلمين ويغضون الطرف عنهم, قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر:12]
لكن الله يبطل مكرهم, قال
الله – تعالى -: ﴿ إِنَّهُمْ
يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ
كَيْدًا * فَمَهِّلِ
الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ
رُوَيْدًا ﴾
[الطارق:
15 - 17].
وقال
- عز من
قائل -: ﴿ وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ
وَاللَّهُ خَيْرُ
الْمَاكِرِينَ ﴾
[الأنفال:
30].
والنصر لأهل الإيمان أتباع الرسل لا محالة, قال
تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ
سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا
لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ
لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ
جُنْدَنَا لَهُمُ
الْغَالِبُونَ ﴾
[الصافات:
171 - 173].
وقال: ﴿ كَتَبَ
اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ
أَنَا وَرُسُلِي
إِنَّ اللَّهَ
قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾
[المجادلة:
26].
وقال
– سبحانه -: ﴿ إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا
وَالَّذِينَ آَمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ
يَقُومُ الْأَشْهَاد ﴾
[غافر:
51].
وقال: ﴿ وَكَانَ
حَقًّا عَلَيْنَا
نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[الروم:
47].
وأما بيت المقدس فهو للمسلمين جميعا وليست قضية فلسطينية, فبيت المقدس والحفاظ عليه قضية المسلمين كلهم, وإننا على ثقة بالله ونقطع بوعده أننا سنعيد بيت المقدس, فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه،
أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ:
«لَا تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى
يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ
الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ
الْمُسْلِمُونَ حَتَّى
يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ
مِنْ وَرَاءِ
الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ،
فَيَقُولُ الْحَجَرُ
أَوِ الشَّجَرُ:
يَا مُسْلِمُ!
يَا عَبْدَ
اللهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي،
فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ،
إِلَّا الْغَرْقَدَ؛
فَإِنَّهُ مِنْ
شَجَرِ الْيَهُودِ
»
وعن عَبْد
اللهِ بْن
عُمَرَ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «تُقَاتِلُونَ
اليَهُودَ، حَتَّى
يَخْتَبِئ أَحَدُهُمْ
وَرَاءَ الحَجَرِ،
فَيَقُولُ: يَا
عَبْدَ اللَّهِ،
هَذَا يَهُودِيٌّ
وَرَائِي فَاقْتُلْهُ»
وإنما تأخر النصر عنا؛ لعدم تهيؤنا لذلك وضعف إيماننا, قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا *
فقد وعد الله عباده المؤمنين حقا بإرجاعه.
وإنما تأخر النصر عنا؛ لعدم تهيؤنا لذلك وضعف إيماننا, قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا *
فقد وعد الله عباده المؤمنين حقا بإرجاعه.
اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا.
كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق