الخلاصة في انتقادات الشيخ محمد أبو عجيلة
وإصرار قناة التناصح على بث حلقاته
في وقت نحتاج فيه إلى
تحرير العلم وتحقيقه وإنصاف أهله وفق منهجية صحيحة بعيدة عن التعصب وردات الفعل
رجاء اتحاد الكلمة ومعرفة مواطن الخلاف والإجماع وتحقيق المناطات يخرج علينا الشيخ
محمد أبو عجيلة بترهات وتناقضات لا تمت للعلم المحقق بصلة, فتراه يهمز هذا ويطعن
في هذا ويتكلم في النيات والمقاصد بحجج واهية, فالصفة الغالبة لانتقادات محمد أبو
عجيلة الذي يخرج على قناة التناصح هي تجاوز ما يقرره أهل العلم من توقير العلماء
وحفظ مكانتهم, وصاحَبَ ذلك مغالطات مضادة للأمانة العلمية وتخليط في القواعد وعدم
إدراك لأصول أهل السنة ومناطات الكفر والبدعة, وطعن في جملة من أئمة الهدى, وعيب
في العقيدة الصحيحة, فأساء بذلك لنفسه وللقناة التي يخرج عليها قبل أن يسيء لغيره.
ولو كان عندي وقت لكتبت
ردا عليه ورتبته على خمسة أقسام: قسم في تحرير القواعد التي خلط فيها, وقسم في
تراجم الأئمة الذين طعن فيهم, وقسم في مسائل انتقدها على الأئمة قد ضل فيها وسلك
فيها مسلك الخوارج, وقسم في بيان العقيدة الصحيحة وما تميز به أهل السنة عن
المتكلمين,وقسم في بيان ضابط البدعة والسنة وموطن خلله فيه.
فهذه الأبواب هي مواطن
الخلل في جميع حلقاته التي ملأها جهلا وعدوانا وظلما.
ومن ضعف تصوره وقلة حكمته
وهوسه بالرد: أن زعم أنه لا يتأتى محاربة غلاة التجريح إلا بالطعن في أكابر؛
بدعوى أن الأتباع جروه إلى ذلك, ولو أنصف لعلم أنها حجة ساقطة, ولو كان كل إمام
تعدى أتباعه يطعن فيه لما تركنا مالكا ولا الشافعي ولا أحمد, بل ولا تركنا عليا
رضي الله عنه
وإذا كانت حجته هذه حجة
صحيحة لطعنا في علمائه بسبب قلة فهمه وتعديه على الأعلام وأصول أهل السنة.
ومن أوابده في آخر حلقة
-أرسلها لي أحد الإخوة يستنكر ما فيها-: أن جعل هذه الحلقة في الطعن في شيخ فاضل
وإمام نحسبه كان على هدى وتقي وورع قد أفضى إلى ربه وهو الشيخ صالح اللحيدان؛
بدعوى أن الأتباع جروه إلى ذلك, فأي علم وإنصاف وباعث هذا الذي استند إليه؟!
ومن طوامه أن زعم أن الشيخ
صالحا ولي القضاء إلى أن مات ولم ينكر على حكامه.
وهذا مع ما فيه من الكذب,
فالشيخ صالح معروف بصدعه بالحق, وقد منع في زمن الملك عبد الله من الخروج على قناة
المجد؛ لصدعه بالحق
إلا أن القاعدة في هذا
الباب أن من تولى أمرا فلم يستطع الإصلاح فإنه يبقى ويقلل المفاسد ما استطاع؛ ذلك
أنه إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما لم يكن فعل الأدنى في هذه
الحال محرما في الحقيقة وإن سمي ذلك ترك واجب وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم
يضر. ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة أو للضرورة؛ أو
لدفع ما هو أحرم وهذا. [انظر: مجموع الفتاوى (20/ 57)]
فباب السياسة الشرعية يقوم
على جلب المصالح ودرء المفاسد, ويقوم أيضا على تقليل المفاسد وتخفيفها إذا لم يتأت
جلب المصالح, فمن فعل ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه, فيوسف عليه السلام ولم
يكن يوسف تولى في دولة كافرة ولم يمكنه أن يفعل كل ما يريد لكن فعل ما يقدر عليه
من العدل.
ولله در ابن تيمية القائل
في مجموع الفتاوى (20/ 55): (...بل لو كانت الولاية غير واجبة وهي مشتملة على ظلم؛
ومن تولاها أقام الظلم حتى تولاها شخص قصده بذلك تخفيف الظلم فيها. ودفع أكثره باحتمال
أيسره: كان ذلك حسنا مع هذه النية وكان فعله لما يفعله من السيئة بنية دفع ما هو أشد
منها جيدا. وهذا باب يختلف باختلاف النيات والمقاصد)
وحتى في باب السكوت عن
المنكرات, فقد يسكت العالم عن منكر خوفا من فوات مصلحة أعظم, قال ابن تيمية في مجموع
الفتاوى (20/ 58): (ومثل أن يكون في نهيه عن بعض المنكرات تركا لمعروف هو أعظم منفعة
من ترك المنكرات فيسكت عن النهي خوفا أن يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله مما هو عنده
أعظم من مجرد ترك ذلك المنكر. فالعالم تارة يأمر وتارة ينهى وتارة يبيح وتارة يسكت
عن الأمر أو النهي أو الإباحة كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح أو النهي عن الفساد
الخالص أو الراجح وعند التعارض يرجح الراجح - كما تقدم - بحسب الإمكان فأما إذا
كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن: إما لجهله وإما لظلمه ولا يمكن إزالة جهله
وظلمه فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه كما قيل: إن من المسائل مسائل
جوابها السكوت كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء حتى
علا الإسلام وظهر. فالعالم في البيان والبلاغ كذلك؛ قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء
إلى وقت التمكن كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول
الله صلى الله عليه وسلم تسليما إلى بيانها).
فأنى لمن لم يحط بأصل باب
السياسة الشرعية ومقاصده وباب المصالح والمفاسد أن يدرك هذا؟!
وادعى أيضا أن تكفير علماء
السعودية للقذافي هو من باب إرضاء الحكومة السعودية لا أنه ارتكب ما يستوجب
تكفيره!!
فما أجرأه على الكلام في
النيات, فالحكم على النيات
والمقاصد منكر في الشريعة, ومخالف لقواعدها, وفيه تعدٍّ على الناس, وتجنٍّ عليهم, وهو
من التسرع في الحكم على الناس, ومنكر أيضا عقلا وعرفا.
واتهمهم أنهم يفهمون
الكتاب والسنة في باب السياسة على فهم عروش الحكام!!
وذهب مذهب الخوارج في أن
المولاة بإطلاق للكفار كفر أكبر!!
ولا أدري كيف لهذه القناة
-قناة التناصح- التي تدعي العدل والإنصاف وتوقير العلماء أن تسخر حلقات لانتقاص علماء أحياء وأموات من غير أن تراعي -على أقل- تقدير المفاسد المترتبة على
ذلك من افتراق الكلمة ونحوه
بل وتراها تنشر على لسان أبو عجيلة وغيره إطلاقات كفرية؛ بدعوى
الصدع بالحق, وقد ناصحناها علنا وأبت إلا المسير على ما هي عليه, والله المستعان
ولا يفوتني أن أتعجب من المقدم
للبرنامج وكأنه لا يعرف الشيخ صالحا اللحيدان, وجماعة من كبار العلماء, فيطعن
فيهم أمامه بما لا يصح أن يكون طعنا ويؤتى بالتناقضات وأصول فاسدة وهو ساكت, بئست
الحزبية هذه, وعند الله يجتمعون مع خصومهم.
كتبه ناصحا د. أحمد محمد
الصادق النجار