هل لبس الصليب كفر بإطلاق؟
كما ادعاه الشيخ محمد أبو عجيلة, ونشرته قناة التناصح عنه
إن لبس الصليب محرم بالإجماع؛ لأنه شعيرة من شعائر الكفر,
لكن هل لبس الصليب كفر بإطلاق؟
في مطلع الجواب عن هذا السؤال نورد ما بوبه البخاري في
صحيحه, قال البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه باب رقم (15):
"بابٌ، إن صلى في ثوبٍ مصلَّبٍ أو تصاوير؛ هل تفسد صلاته؟ "
فهذا التبويب منه يبين لنا أن مجرد اللبس ليس كفرا وإلا
لما تطرق أصلا لحكم صلاته, وقد رجح ابن حجر (فتح1/ 577): عدم فساد الصلاة, وإنما
للكفر مناط آخر وهو تعظيم الصليب والرضا به وبدين الكفار لا مجرد اللبس, فليس
الكفر راجعا لذات اللبس.
فعندما يأتي ويطلق القول بأن لابسه كافر -وإن نفى تكفيره
للمعين- فقد أقدم على التكفير بما ليس بمكفر في ذاته, وفتح باب شر على المسلمين,
وسلك مسلك الخوارج في إطلاق الكفر على ما ليس كفرا في ذاته.
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم
(1/ 552): (فصل مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان:
أحدهما مع العلم
بأن هذا العمل هو من خصائص دينهم؛ فهذا العمل الذي هو من خصائص دينهم إما أن يفعل لمجرد
موافقتهم -وهو قليل- وإما لشهوة تتعلق بذلك
العمل، وإما لشبهة فيه تخيل أنه نافع في الدنيا أو الآخرة، وكل هذا لا شك في تحريمه،
لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرا بحسب الأدلة الشرعية).
ويجب التنبه إلى أن من أطلق عليه الكفر كبعض فقهاء
المالكية قيده ببلاد المسلمين؛ لأنه لما لم يكن كفرا في ذاته وإنما هو دليل على
الكفر كان لا يفهم ممن لبسه في بلاد المسلمين إلا الموافقة والرضا بدين الكفار
وهذا المسلك أيضا غير صحيح؛ لأنه يحتمل أن يلبسه جهلا
فيعذر, أو على وجه اللعب فيحرم عليه ولا يصل إلى التكفير.
فيجب عدم المسارعة بإطلاق لفظ الكفر والتكفير, وتربية
الشباب على هذا, وإنما يجب تربيتهم على ما كان فيه تفصيلا على التفصيل وتحقيق المناط
الكفري, وإلا ضاع الشباب في التكفير وما يترتب عليه من مفاسد.
كتبه أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق