هل حديث #المسيء_صلاته اقتُصر فيه على ذكر الواجبات في #الصلاة دون السنن؟
قد وجدتُ عامة الفقهاء يستدلون على وجوب الفعل أو عدمه بوروده في #حديث_المسيء أو عدم وروده, ويجعلون الصارف عن وجوب الفعل عدم ذكره في حديث المسيء؛ط.
وقد دل على مفهوم الحصر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مقام تعليم من قصر في الواجبات اقتضى ذلك أن يعرفه واجبات الصلاة، ولما عرفه ما أساء فيه وما لم يسئ
دل ذلك على حصر الواجبات فيما ذكر وانتفائه عما لم يذكر.
وإذا نظرنا في حديث المسيء وجدنا أنه لم يذكر بعض الواجبات المتفق عليها كالنية؛ مما يدل على أن المفهوم قد يعارضه ما هو أقوى منه فيقدم الأقوى
ويكون الأصل فيما لم يُذكَر في حديث المسيء, هو: عدم الوجوب, لكن يستثنى من ذلك: إذا ورد الأمر بالفعل في حديث آخر, وكان أقوى دلالة وأرجح.
فلا يكتفى في نفي وجوب الفعل بعدم ذكره في روايات حديث المسيء, بل يحتاج مع ذلك إلى نفي المعارض الراجح.
إذا تقرر هذا: لم يختلف عامة الفقهاء في وجوب الأفعال التي ذُكرت في حديث أبي هريرة في الصحيحين, وهي: القيام إلى الصلاة, واستقبال القبلة, والتكبير, وقراءة القرآن والركوع, والاطمئنان له, والرفع من الركوع والاستواء والاعتدال له, والسجود والاطمئنان له, والرفع من السجود والاستواء والاطمئنان له, ففي صحيح البخاري (8/ 56, 136) بلفظ: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تستوي قائما (وفي لفظ: حتى تعتدل قائما) ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي وتطمئن جالسا )، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي قائما )، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها»
وإنما وقع الاختلاف فيما زاده الرواة في حديث رفاعة, ومنه: إقامة الصلاة للمنفرد, والافتراش, والتحميد والتكبير إذا لم يكن يحفظ القرآن, وتكبيرات الانتقال, وقول سمع الله لمن حمده, ومد الظهر إلى غير ذلك
والعبرة في وجوب ما لم يذكر في حديث أبي هريرة: صحة الزيادة وسلامتها من الشذوذ والنكارة, ورجحان دلالتها على مفهوم حديث المسيء.
ولنمثل بزيادة الإقامة:
جاء في جامع الترمذي (1/ 333) حدثنا على بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى عن جده عن رفاعة بن رافع بلفظ« إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم... »
وأخرجه في موضع أخر بالسند نفسه لكن بالفاء وليس بالواو: « ثم تشهد فأقم... »
وأخرجه أبو داود في سننه (1/ 228) عن شيخه عباد بن موسى الختلي به، وذكر لفظ الحديث بالفاء وليس بالواو
وكذلك ابن خزيمة في صحيحه (1/ 274) ذكره بالفاء وبنفس سند الترمذي, والبيهقي في سننه الكبرى (2/ 532) وبنفس سند أبي داود.
والمقصود بالتشهد هنا: التشهد الذي يكون في الإقامة, ومن العلماء من حمل التشهد على الأذان, فيجمع المصلي بين الأذان والإقامة, وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 306): (ثم تشهد " الأمر بالشهادتين عقيب الوضوء لا التشهد في الصلاة كذا قال ابن رسلان وهو الظاهر من السياق؛ لأنه جعله مرتبا على الوضوء، ورتب عليه الإقامة والتكبير والقراءة كما في رواية أبي داود. والمراد بقوله وأقم الأمر بالإقامة)
هذه الزيادة: « ثم تشهد فأقم... » تفرد بها يحيى عن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى, ولم يذكرها غيره من الرواة كإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عند أبي داود وابن ماجه, ومحمد بن إسحاق عند أبي داود وابن خزيمة, ومحمد بن عمرو عند الطبراني في المعجم الكبير, وداود بن قيس عند عبد الرزاق في المصنف, وعبد الله بن عون عند الطبراني في المعجم الكبير.
ويحيي بن علي ذكره البخاري في التاريخ الكبير(8/ 297), وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل(9/ 175) وابن حبان في الثقات (7/ 612) وقال عنه في مشاهير علماء الأمصار (ص: 221): (وكان متقنا) وقال ابن القطان: (مجهول) إكمال تهذيب الكمال (12/ 349), وقال ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 594): (مقبول من السادسة)
فمثله لا يحتمل منه هذا التفرد.
وعليه فلا تكون الإقامة للمنفرد واجبة, ولا الأذان, فعن علقمة قال صلى عبد الله بن مسعود بي وبالأسود بغير أذان ولا إقامة. أخرجه ابن ابي شيبة في المصنف
- وعن الأسود وعلقمة قالا: " أتينا عبد الله يعني ابن مسعود في داره فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ قلنا لا فقال: قوموا فصلوا فلم يأمرنا باذان ولا اقامة " رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " إذا كنت في قرية يؤذن فيه ويقام اجزأك ذلك " اخرجه البيهقي في السنن الكبرى
لكنهما مستحبان, ففي السنن الكبرى للبيهقي (3/ 99) عن الجعد أبو عثمان اليشكري قال: " صلينا الغداة في مسجد بني رفاعة وجلسنا، فجاء أنس بن مالك في نحو من عشرين من فتيانه، فقال: " أصليتم؟ " قلنا: نعم، فأمر بعض فتيانه فأذن وأقام، ثم تقدم فصلى بهم "
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/01/blog-post_13.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق