ورد هذا الحديث بعدة ألفاظ, فقد ورد بلفظ "أين الله" فكان جوابها "في السماء", وورد بلفظ "أين ربك" فأشارت إلى السماء, وورد بلفظ" أفتشهدين أ ن لا إله إلا الله فأجابت :نعم"
وهذه الروايات أخرجها أحمد في مسنده وغيره,
فرواية «أين الله؟» فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة في المسند (13/ 285) ح ,7906
ورواية «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟» قالت: نعم, في المسند (25/ 19) –ح 15743
ورواية «أين الله؟» فقالت: في السماء. في المسند (39/ 176) ح 23762
والمعنى متقارب, ويمكن فيها الجمع والترجيح, وبذلك تنتفي دعوى الاضطراب.
أما الرواية التي أثبتها مسلم في صحيحه, فبلفظ فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء. صحيح مسلم (1/ 381)
فهي من رواية هلال بن أبي ميمونة وقد احتج به البخاري ومسلم وقد وثقه غير واحد من الأئمة.
وهذه الرواية ثبوتها قطعي؛ إذ لم يتعقبها أحد من أئمة أهل الحديث, ومنهم الحفاظ النقاد, فهي رواية تلقتها الأمة بالقبول, ولم يضعفها إلا بعض المتأخرين ممن تلوث بلوثة علم الكلام.
وقد استدل بها الأئمة في المسائل الفقهية, كمالك والشافعي وكثير من أئمة أهل الإسلام؛ بناء على صحتها.
وممن احتج بهذه الرواية على إثبات استواء الله على عرشه وأن الله في السماء: الدارمي في الرد على الجهمية (ص: 45), وابن أبي عاصم في السنة (1/ 215), وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 278), وابن منده في كتاب الإيمان (1/ 230), واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 430), وغيرهم...
قال سليمان التيمي: (لو سئلت أين الله؟ لقلت في السماء) خلق أفعال العباد للبخاري (ص: 37)
وقال عبد الغني المقدسي: (ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول إنه لا يجوز أن يقال: أين الله، بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله " أين الله "؟!) الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي (ص: 53)
وقال الذهبي: (...ففي الخبر مسألتان: إحداهما: شرعية قول المسلم أين الله.
وثانيهما: قول المسؤول في السماء؟ فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم) العلو للعلي الغفار (ص: 28)
فقه الحديث:
قد سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية بقوله أين الله؟ أجابت في السماء...
فإجابتها كانت موافقة للفطرة, وهي عربية تعرف ما تقول، وقد أقرها النبي صلى الله عليه وسلم جوابها, ومعنى قولها في السماء: في العلو, فكل ما علاك في لغة العرب فهو سماء، وعلوه جل وعلا علو ذات وقدر وشرف.
فالله لما خلق الخلق خلقهم خارج ذاته, فهو بائن من خلقه في العلو فوق مخلوقاته
ولم يخطر ببال سليمي الفطرة أن المراد بالسماء: السماء المخلوقة وأنها تحيط به وتحويه أو هو في جهة مخلوقة، وليس هذا هو الظاهر ...
قال #ابن_عبد_البر #المالكي في الاستذكار (7/ 337): (وأما قوله في هذا الحديث للجارية أين الله؟ فعلى ذلك جماعة #أهل_السنة وهم #أهل_الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته
كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه: (الرحمن على العرش استوى) طه 5 , وأن الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان, وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل (ءامنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) الملك 16)) انتهى كلامه
ولا ينكر هذا السؤال "أين الله؟" إلا #الجهمية ومن وافق أصولهم, فالجهمية لا يثبتون علو الله على عرشه, قال ابن المبارك: «لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا!!!!، بل على العرش استوى» ، وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ قال: «#فوق سماواته على عرشه.
وقال سعيد بن عامر: " الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى، وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى #على_العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء "]
ولا يجوز بحال النزاع في صحة السؤال؛ لأنه يلزم منه أن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم ينطق بما لا يجوز أو بما يوهم معنى فاسدا، أو بما ينافي كمال الله !!
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق