جواب ما استشكله السائل حول تصريحي بأن د. عبد الله البخاري ضعيف
في تأصيل وتصور بعض المسائل
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته، فضيلة الشيخ، هل يفهم من مقالكم الأخير الذي بعنوان:" د.عبد
الله بن عبد الرحيم البخاري وضعفه في تأصيل وتصور بعض المسائل"
أنكم تحذرون الطلاب من
الدراسة عليه مطلقا، ومن الاستفادة من علمه في كل شيء، وأنكم تذمونه تماما؟
وهل يصح مقابلة الذين
تصفونهم في مقالاتكم بالغلو بمثل طريقتهم في إسقاط مخالفيهم من أهل السنة،
وتبديعهم، والتحدير منهم من كل وجه، وإهدار سائر جهودهم؟ أم كيف يكون التعامل
الشرعي الصحيح معهم؟
وهل خطأ هؤلاء المشايخ
يجوز التطاول عليهم، وانتقاصهم؟
لأن منهم من ظن أن
الوصف بعدم التأصيل نوع سب أو شتم، وليس كلاما موضوعيا.
وجزاكم الله عنا خيرا.
وعليكم
السلام ورحمة الله وبركاته
بادئ ذي بدئ جوابا على
هذه الأسئلة
أقول:
إن الله سبحانه أمر
بالعدل، ونهى عن الظلم.
والعدل: وضع الشيء في
موضعه.
ومن العدل: إنزال الإنسان منزلته،
وخصوصا طلبة العلم؛ حفظا للشريعة، وصيانة لها؛ إذ لو أعطي طالب العلم منزلة لا
يستحقها لعاد ذلك إلى التخرص في الشريعة، والحكم بالمظنة مع تحقق المئنة، واعتبار
المصالح المتوهمة، وإنزال الأحكام الشرعية في غير محالها، إلى غير ذلك.
ولذا كان الواجب أن يعطى كل ذي قدر
قدره من غير تجاوز، فلا إفراط ولا تفريط، وإلا كان ظلما وتعديا.
فإنزال
طالب العلم منزلته، وبيان مواطن الخلل عنده فيما انتشر بين الناس واجب شرعي، ووسيلة
لتحقيق مقصد شرعي، وحتى لا يتجرأ هو على الشريعة، ولا يضل غيره.
وهو من العدل، وحفظ
الشريعة.
ومَن
أنزل الناس منازلهم بعلم وأدب وعدل فالواجب: أن يمدح لا أن يذم؛ لأنه يحمي الشريعة،
ويغلب جانب حفظها.
كما يجب ترك العواطف
التي لم تنضبط بالشرع.
وحب الشيء يعمي ويصم.
بعد هذه المقدمة أجيب على
الأسئلة:
السؤال الأول :أنكم تحذرون الطلاب من
الدراسة عليه مطلقا، ومن الاستفادة من علمه في كل شيء، وأنكم تذمونه تماما؟
وجوابه: أنه لا يلزم من
التخطئة في بعض المسائل أو في باب: التخطئة في بقية المسائل والأبواب، فالتخطئة في
الجزء لا يلزم منها التخطئة في الكل، والتخصيص تنقيص لمدلول اللفظ، وقصر له.
وهذا أمر متقرر لا
يحتاج إلى تقرير.
وفقه دلالات الألفاظ من
أهم الأمور التي يحتاج إليها طالب العلم؛ لفهم الألفاظ.
وعليه: فلست أحذر من
الدراسة على د. البخاري مطلقا، ولا أمنع من الاستفادة منه في كل شيء، ولا أذمه
مطلقا.
وإنما انتقدته في
أشياء، وبينت ضعف تأصيله في أشياء مخصوصة فيجب قصر الكلام عليها وما يدخل تحتها، و
هي التي يتوجه إليها كلامي؛ لكي لا يغُتر بتقريرات الشيخ مطلقا، وليعلم أتباعه أنه
يخطئ، بل قد يضعف تصوره لبعض المسائل، ولكي يتنبه الشيخ البخاري لكلامه واطلاقاته.
فهو من النصح له ولمن
يستمع له، والدين النصيحة.
السؤال الثاني:"وهل يصح مقابلة الذين
تصفونهم في مقالاتكم بالغلو بمثل طريقتهم في إسقاط مخالفيهم من أهل السنة،
وتبديعهم، والتحدير منهم من كل وجه، وإهدار سائر جهودهم؟ أم كيف يكون التعامل
الشرعي الصحيح معهم؟"
وجوابه: البدعة لا تقابل
ببدعة، والباطل لا بقابل بباطل، وإنما البدعة تقابل بالسنة، والباطل يقابل بالحق.
وبالتالي فإننا لا
نقابلهم بنفس طريقتهم من إسقاط وهجر وتبديع وتحذير، وإنما نقابلهم بالعدل والرحمة
والإحسان والنصح لهم، وتبيين أخطائهم بالعلم والأدب.
وقد نقسو عليه وفق
الضوابط المرعية، ومراعاة للمصلحة الشرعية.
ولا نرى الطعن والسب،
فالمؤمن ليس بالفاحش ولا الطعان.
والتعامل معهم يكون
ببيان الحق بالدليل والحجة، لا بالهوى والتشهي، ونقض الباطل بالبينة الشرعية.
ونصبر على آذاهم.
وندعو الله لهم
بالهداية.
ولا نسوغ تلقيبهم
بالمداخلة ونحوها.
السؤال الثالث:"وهل خطأ هؤلاء
المشايخ يجوز التطاول عليهم، وانتقاصهم؟
لأن منهم من ظن أن
الوصف بعدم التأصيل نوع سب أو شتم، وليس كلاما موضوعيا."
وجوابه: لا يسوغ التطاول على المشايخ، والطعن فيهم، وسبهم.
وليس من ذلك: إنزالهم
منازلهم، وبيان خطئهم علنا إذا انتشر؛ صيانة للشريعة.
وقد يُحتاج إلى التنصيص
على عدم تأصيلهم في مسائل إذا كانت المصلحة الشرعية راجحة في هذا التنصيص.
وإن
الناظر في الواقع يجد أن جماعة من أهل الجهل غلوا في بعض المشايخ حتى ظنوا أنهم
معصومون في المنهج، وإن لم يصرحوا بلفظ العصمة؛ فكان الواجب استخدام ألفاظ تدل على
حقيقة ما عليه هؤلاء المشايخ من الناحية العلمية، وإقامة البرهان عليها؛ لإذهاب
هذا الغلو .
فمصلحة عدم التنصيص على
مثل هذه العبارة تعارض مصلحة أعظم منها، فقدم ما هو أعظم.
وصلى الله على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم
هذا ما أردت بيانه
مختصرا جوابا على هذه الأسئلة.
أجاب عنها:
د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق