[الجهاد في فلسطين
توضيح وبيان]
إن العداء مع اليهود عداء
عقدي دائم إلى قيام الساعة, سببه الكفر الواقع من اليهود, وهذا العداء مما تقتضيه
كلمة التوحيد.
فليس العداء على أرضٍ ولا
على عرقٍ كما صوره بعض من ينتسب إلى بعض الجماعات الإسلامية, وإنما عداء تقتضيه
العقيدة الإسلامية...
وإن الجهاد في فلسطين واجب
على كل مسلم بما يستطيعه وفق ما تقتضيه الشريعة بالنظر إلى كلياتها وجزئياتها
ومقاصدها, فيجب على كل مسلم أن يجاهد في سبيل الله - بمفهومه العام وكل ما يدخل
تحت هذا المفهوم- ضد الغاصبين المعتدين, ومن ترك الجهاد الذي في قدرته فإنه يعاقب؛ لترك ما يجب عليه, وهؤلاء التاركون المثبطون مضرة
مخالطتهم والسماع لقولهم عظيمة وخطر على دين الإسلام, ولذا الواجب هجرهم, ومن لم
يهجرهم كان تاركا للمأمور فاعلا للمحظور؛ ذلك أن المتقرر من قواعد الشريعة أن
الإنسان يعاقب بقدر ما ترك مما يدخل تحت قدرته, فمن لم يقدر على جهاد اليهود
بالسيف وقدر على أن يجاهدهم بما دونه عوقب على تركه ما يستطيع وكان داخلا تحت
قدرته مما يحقق المصلحة الشرعية.
ولذا تأثم الأمة
إذا تركت ما تستطيعه.
ومن الخطأ البين: إلزام
الأمة كلها بالجهاد بالسيف إذا لم تكن مهيأة له ولا في مصلحتها ولا هو داخل تحت
قدرتها؛ إذ إن من شرط التكليف أن يدخل تحت قدرة الإنسان وأن تكون مصلحة فعله أعظم
من المفسدة, فالشريعة جاءت بتحصيل المصالح
وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها, فالقليل من الخير خير من تركه, ودفع بعض الشر
خير من تركه كله.
وما يقوم به المعتدي
الغاشم هذه الأيام على غزة وسائر فلسطين يدعو جميع المسلمين للقيام بما يجب عليهم
مما هو داخل تحت قدرتهم ويحقق المصلحة الشرعية, كما يوجب عليهم مناصرة أهل غزة بما
يدفع عنهم ظلم العدوان وتحرير أرضهم, وهذا يجب ألا يكون فيه خلاف بين المسلمين.
فإن قيل: مناصرة أهل غزة
يلزم منه مناصرة أهل الظلم من المسلمين ومناصرة المخالفين لأهل السنة, وهلم جرا.
قيل: استيلاء الكفار على
بلدان المسلمين واحتلالها أعظم جرما وأشد خطرا من ظلم الظالمين وابتداع المبتدعين,
والمتقرر شرعا في كليات الشريعة ومقاصدها: أن الأقل شرا يعان على الأكثر شرا؛
تقليلا للشر, فالأقل ظلما يعان على الأكثر ظلما, والأقل بدعة يعان على الأكثر
بدعة, والفاسق يعان على الكافر, وهكذا...
قال ابن تيمية في منهاج السنة
النبوية (6/ 118): (...فالأقل ظلما ينبغي أن يعاون على الأكثر ظلما؛ فإن الشريعة مبناها
على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد، وتقليلها بحسب الإمكان، ومعرفة خير الخيرين
وشر الشرين، حتى يقدم عند التزاحم خير الخيرين ويدفع شر الشرين).
وهذا النظر الكلي المقاصدي
يوجب على المسلم ألا يلتفت إلى من وقع في بدعة ومخالفة للشريعة من أهل فلسطين إذا
كان في مقابل من هو أشد منه, ومع ذلك يكون المسلم متقيظا لمن يستغل قضية فلسطين
لمآرب أخرى إذا تحقق من ذلك, لا أن يعتمد على الشك والظنون, والتحليلات الوهمية,
فالمعركة بين الإسلام والكفر, وهذا يستدعي نظرا مصلحيا مقاصديا, فيقلل الشر بما لا
يمكن الكفار على المسلمين ولا يكون سببا لظهورهم وانتصارهم على المسلمين.
والحذر الحذر من الفرح بظهور
اليهود على المسلمين, فهذا خلل عظيم وجرم كبير, ولو كنت تريد ظهورهم على من هم من
أهل الظلم.
فإن قيل: أليس نصر الله
مبنيا على التزام المسلمين بدين الإسلام وعدم ظهور الفسق والعصيان؟
قيل: بلى, وهو واجب على
الأمة كلها, لكن ما نراه اليوم من الاعتداء الغاشم على حرمات المسلمين يستدعي من
المسلمين تقاة وفجارا أن يدفعوا هذا العدوان بما يستطيعون؛ إذ إن مما أوجب الله
عليهم نصرة أهل الإسلام, فمن فرط في بعض الواجب ليس مطلوبا منه شرعا ترك جميع الواجب.
كتبه: د. أحمد محمد الصادق
النجار
3-شوال-1442هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق