مشروعية رفع الصوت بالتكبير عند الحرب, وفتح المساجد للتكبير
د.
أحمد بن محمّد النّجار
كليّـة
علوم الشّريعة / جامعة المرقب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من
لا نبي بعده
أما بعد؛ فقد أخرج البخاري
في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال صبَّح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر, وقد خرجوا
بالمساحي على أعناقهم, فلما رأوه قالوا: هذا محمد, والخميس محمد, والخميس, فلجئوا
إلى الحصن, فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: (( الله أكبر, خربت خيبر..))
فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وتفاءل بهزيمتهم, وفِعلُ
التكبير عند القتال من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على المشروعية.
وهذه السنة موافقة للقرآن في قوله تعالى: [يأيها
الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا]
والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث رفع صوته
بالتكبير؛ مما يدل على مشروعية رفع الصوت بالتكبير عند القتال.
والتكبير عند القتال يتناسب مع المعنى, فالله أكبر من كل
شيء, أكبر من هذا القتال والعتاد للأعداء, فقولها في القتال يعطي الناطق بها
المستحضر لمعناها والموقن بمقتضاها قوة على قتل العدو وهزيمتهم؛ إذ لا أكبر من
الله, ولا أحد أقوى منه, وهو المعين على قتال عدوه وعدوهم, والقاهر لهم, والتكبير
أنكى في العدو من القتل.
وهذه المشروعية سواء كانت بحضرة العدو أو لم يكن
بحضرتهم ما دام أن الوقت وقت قتال, كما هو الحال في ليبيا؛ وذلك بالنظر إلى معنى
التكبير وما يحدثه في النفوس من التعلق بالله سبحانه والاعتماد عليه.
وقد جاء في العتيبة ) وسئل مالك عن رفع الأصوات بالتكبير على
السواحل، أو في الرباط بحضرة العدو، أو بغير حضرتهم؛ هل ينكره أو يُسمع الرجل نفسه
؟
فقال : أما بحضرة العدو فلا بأس ، وذلك حسن ؛ وأما
بغير حضرتهم على السواحل فلا بأس بذلك أيضاً)).
لكن الذي يباشر التكبير هم الناس لا التسجيل الصوتي؛
حتى يتحقق المقصود من مشروعية التكبير عند القتال, ويعطي ثمرته.
واستعمال التسجيل ومكبرات الصورة بالتكبير في
المساجد والسيارات زمن القتال يجوز إذا كان وسيلة لتذكير الناس بالتكبير ما لم
يشوش على الناس وتحصل به أذية, أو كان لا يحقق المقصود.
فاستعمال التسجيل ومكبرات الصوت ليس من باب
العبادات وإنما هو من باب الوسائل, وأما العبادة فهي التكبير نفسه وهو يتوقف إلى
دليل, وقد ورد الدليل بمشروعية رفع الصوت بالتكبير عند القتال.
وأما كونه ينافي الذكر سرا, فجوابه: أنه مستثنى من
فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم كبر عند القتال
بصوت مرتفع يسمع.
ولا يشرع التكبير الجماعي بصوت واحد؛ لأنه يحتاج
إلى نص مقيد للإطلاق, ولا نص, فيبقى الأمر على الإطلاق من غير تقييد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق