شبهة أن الشريعة الإسلامية ليست هي القرآن
يريدون بالشريعة هنا: كتب
الفقه والأحكام.
وهذه الشبهة يرددها المستشرقون ومن تأثر بهم ممن يريد صرف الناس عن تطبيق الشريعة باعتبار أنها ليست قرآنا ولا سنة, وأنها تتناسب مع الزمن التي كتبت فيه, وهي غير صالحة لكل زمان ومكان.
وهذه الشبهة لم تقم على
حقيقة علمية, وإنما تقوم على توهم ومغالطة, وأصلها من أعداء الإسلام, فلا أحد
من العلماء يقول: إن الشريعة الإسلامية هي هي القرآن, وليس هذا هو مربط الفرس عند
المتشدقين بعدم تطبيقها, فكون الشريعة هي القرآن أو لا يراد لا يراد بها ظاهرها,
وإنما يراد بها نبذ الشريعة وعدم إلزام الناس بأحكامها, واعتبار أنها نتاج فكري
بشري يخطئ ويصيب, ونسبتها إلى البشر يلغي صلاحيتها لكل زمان ومكان.
وهذه الشبهة ناشئة من
إغفال ما تميز به الإسلام من حفظ أحكامه بتعاقب الأجيال عليها, وحفظ الله الأمة من
اجتماعها على ضلالة, فكل حكم تعاقبت الأجيال عليه واجتمعت عليه الأمة المعصومة فهو
منقول عن الرسول نقلا متواترا، بل هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، كالصلوات
الخمس، والزكاة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق، ووجوب العدل والصدق، وتحريم
الشرك والفواحش والظلم, وإيجاب الحدود والقصاص, ونحو ذلك.
فمن العبث أن يقال الشريعة
ليست هي القرآن والسنة, فهذه المعاني التي تضمنتها الشريعة هي معاني القرآن والسنة,
واتفقت عليها الأمة المعصومة.
وهذه الشريعة قد اتفق المسلمون
على أنها دين الله وما دل عليه وحيه, فليست هي نتاج فكر بشري يحتمل الصواب والخطـأ؛
لعصمة الأمة من الوقوع في الخطأ.
ومن لم يقر بعصمة الأمة
ممن ينتسب إليها فيحتاج إلى مراجعة نفسه.
والسؤال الحقيقي هل أحكام
الشريعة ملزمة للناس في كل زمان ومكان؟
والجواب: أن الشريعة
اشتملت على أحكام قطعية وعلى أحكام ظنية, فأما أحكامها القطعية فيجب على الناس أن
يأخذوا بها؛ لكون الدليل القطعي قد دل عليها, وأجمعت عليها الأمة المعصومة, فوجوب
الأخذ بها باعتبار دلالة الأدلة القطعية, وبحث كون الشريعة هي القرآن أو لا بحث في
غير محله, وإنما البحث في وجوب الأخذ.
وأما ما كان منها ظنيا
فيجب الأخذ به على حسب ما يترجح للآخذ من الدليل أو من التقليد؛ لدلالة الأدلة
القطعية على وجوب الأخذ بالظن والعمل به, وأجمعت على ذلك الأمة المعصومة, فالقطع
في وجوب العمل لا في الحكم نفسه.
وعلى كل حال فأحكام
الشريعة كلها يجب الأخذ بها إما بأخذ الحكم بعينه في القطعيات أو بما ترجح في
الظنيات, وهذا بإجماع الأمة المعصومة, ولا يحل لأحد أن يخرج عن الشريعة, ومن جوز
الخروج عنها لم يدرك وجه الإلزام بها, وإنما نظر نظرة سطحية لاختلاف العلماء وتعدد
أقوالهم.
نعم. لا ننفي وقوع أخطاء
في آحاد كتب الفقه؛ لكن تلك الأخطاء لم تجمع عليها الأمة المعصومة, وإنما
نجد في كتب الفقه الإسلامي بيان لخطئها, ولذا علقنا الأخذ بما هو من قبيل الظن
بالراجح -دليلا كان أو تقليدا-, وتعليق الأخذ بالراجح هو مما أجمعت عليه الأمة
المعصومة.
كتبه\د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مادة العقيدة بكلية علوم الشريعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق