المعركة الحقيقية لنفاة العلو
وبين من يسمونهم بالوهابية والمجسمة كما يصورها نفاة العلو والاستواء, وإنما الحرب
تدور بينهم وبين ظواهر نصوص الكتاب والسنة وما فهمه الصحابة والتابعون منها, وهذا
ما لا يستطيع النفاة التصريح به!!
وتوضيح ذلك:
أن إثبات صفة الاستواء لله جاء في سبعة مواطن في القرآن,
كلها تصرح بإثبات الاستواء صفة لله [ الرحمن على العرش استوى], وقد أجمع أهل اللغة
على أن الاستواء المقيد بـ "على" لا يراد به إلا العلو والارتفاع ..
وهذا ما فهمه السلف من إضافة الاستواء إلى الله, ففسروه
بالعلو والارتفاع, كما قال
أبو العالية عند قوله تعالى: (استوى إلى السماء) (( ارتَفَعَ )) أخرجه البخاري في
صحيحه تعليقا في كتاب التوحيد (ص1276), وقال الإمام مجاهد: [استوى]: (( عَلا )) أخرجه البخاري في صحيحه
تعليقا في كتاب التوحيد (ص1276), وقد كتب الأئمة كتبا مستقلة في جمع أقوال السلف
في إثبات العلو والاستواء صفات لله, كما فعله الذهبي في كتابيه العلو والعرش ...
وهو ما يدل عليه ظاهر النصوص...
فجاء نفاة الصفات فزعموا أن ظاهر النص ليس
مرادا لله, وأن الله خاطبنا بما يوهم التجسيم والكفر, وأتوا بمصطلحات ابتدعوها
منفرة ككون ظاهر النص يلزم منه أن يكون محدودا وأن يكون في جهة ومكان, وأنه يسكن
السماء وتحيط به, ومن هنا بدأت الحرب!!
فأعلنوا حربهم على ظواهر النصوص مستندين على
نفي الظاهر وما توهموه لازما له على عقولهم؛ حتى قال الرازي: (( الدلائلُ العقليةُ
القاطعةُ التي قدَّمنا ذِكرَها, تُبطِلُ كونَه تعالى مختصا بشيء من الجهاتِ, وإذا
ثبَتَ هذا ظهَرَ أنه ليس المرادُ من الاستواء: الاستقرار, فوَجَبَ أن يكون المرادُ
هو: الاستيلاء والقهر, ونفاذ القدر, وجريان الأحكام الإلهية ...)
فحقيقة الحرب بين عقل استوردوه من فلاسفة أهل
اليونان وبين ظواهر نصوص الكتاب والسنة وما فهمه الصحابة والتابعون منها !!
وهذا العقل الذي ردوا بها دلالة النصوص قائم
على الوهم؛ حيث توهموا من إثبات الإستواء إثبات مكان موجود مخلوق يحيط بالله
سبحانه, وجعلوا هذا ما يدل على ظاهر نصوص الاستواء, وجاءوا بتلك المقولة التي نسبوها
إلى علي رضي الله عنه ظلما وزورا, وهي أن الله كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه
كان !!
وتعجب كيف يستندون على ما لا أصل له ولا سند مع
أنهم يشترطون في إثبات العقائد: القطع!!
وحقيقة توهمهم أنهم حصروا المكان في المكان الوجودي المخلوق,
وغفلوا أن الجهة والمكان يطلقان على الجهة العدمية والمكان العدمي, فليس فوق العرش
مخلوقات وإنما هو عدم, فلا يلزم من كون الله فوق عرشه وجود شيء مخلوق معه سبحانه
وإذا كان الله بائنا من خلقه وما ثمة إلا خالق
ومخلوق كان الله فوق المكان المخلوق بائنا منه, فالله الظاهر الذي ليس فوقه شيء.
والخلاصة: أن الله أعظم من أن يفهم من كلامه
كفر أو تشبيه, فكلام الله حق ولازم كلامه حق.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
جزاكم الله خيرا
ردحذف