حديث أبي هريرة وفيه: قال: قال رسول الله ( { من ذرعه
القيء فلا قضاء عليه, ومن استقاء فعليه القضاء } رواه الخمسة . وقواه الدارقطني
وهذا الحديث نقل أبو داود في مسائله عن أحمد أنه سئل
عنه فقال:" ليس من ذا بشيء " قال الخطابي " يريد أن الحديث غير محفوظ
"
ونقل الترمذي والإشبيلي عن البخاري أنه قال:" لا
أراه محفوظاً"
ولما ذكر ابن مفلح هذا الحديث في الفروع قال :
"وهو ضعيف عند أحمد والبخاري والترمذي والدارقطني"
وأيضا بما جاء عن أبي الدرداء حدثه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء
فأفطر». فلقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق, فقلت: إنّ
أبا الدرداء حدثْني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. قال: صدق, وأنا
صببت له وضوءه. رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
وهذا الحديث قد اختلف في
سنده, وهو محمول -إن صح- على صوم التطوع إذا كان القيء سببا لضعف البدن, قال
الترمذي في جامعه: ( وقد روي عن أبي الدرداء، وثوبان، وفضالة بن عبيد، أن النبي
صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر, وإنما معنى هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر، لذلك هكذا روي في بعض الحديث مفسرا)
وإذا ضعف الحديث سندا أو بعدت دلالته قوي الأصل وهو
عدم الفطر؛ إذ لا يخرج عن الأصل إلا بدليل يقوى عليه.
فإن قيل: ضعف النص لا يدل على عدم الدليل الناقل عن
الأصل؛ إذ إن الدليل الناقل عن الأصل هو: القياس على إنزال المني بالاستمناء؛
بجامع الإخراج.
قيل: لا يصح القياس؛ للفرق المؤثر, فمدخل الطعام
والشراب الفطر فيه بالإدخال لا بالإخراج, بخلاف ما يتعلق بالذَّكَر فالفطر فيه
بالإخراج لا بالإدخال.
ولأنه إخراج بلا شهوة ولا يوجب غسلا فأشبه العرق,
بخلاف المني.
ولو صح القياس لاستوى فيه العمد وغير العمد, وهذا خلاف
الإجماع.
فإن قيل: ثبت عن ابن عمر
أنه قال: «إذا استقاء الصائم؛ فعليه القضاء, وإذا ذرعه القيء؛ فلا قضاء عليه».
ومذهب الصحابي حجة.
قيل: ثبت عن أبي هريرة ما
يخالف قول ابن عمر حيث قال: (( إذا قاء فلا يفطر )) أخرجه
البخاري
والصحابة إذا اختلفوا طُلب
المرجح الخارجي, فلا يكون قول أحدهما حجة على الآخر إلا بدليل خارجي.
فإن قيل: دل الإجماع -
والإجماع حجة - على أن من استقاء أفطر, قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال
صوم من استقاء عمداً.
قيل: لا تصح دعوى الإجماع
لوجود المخالف, فقد قال بعدم الإفطار أبوهريرة, وحكي عن ابن مسعود وابن عباس.
قال ابن عباس وعكرمة:
«الفطر مما دخل وليس مما خرج».
وعن إبراهيم؛ قال: قال:
«إنما الصيام مما دخل وليس مما خرج, وإنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل»
وقال ابن عبد البر: (( واختلف العلماء فيمن استقاء
بعد إجماعهم على أن من ذرعه القيء فلا شيء عليه ))الاستذكار
وقال ابن حجر في فتح الباري (4/ 174): (ونقل بن المنذر
الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء لكن نقل بن بطال عن بن عباس وبن مسعود لا يفطر
مطلقا وهي إحدى الروايتين عن مالك )
ثم إن ابن المنذر مراده
بحكاية الإجماع: عدم علمه بالمخالف, ولا يلزم من عدم علمه العدم.
فإن قيل: القيء متعمدا سبب لرجوع الأكل فيصير كالأكل مختارا.
قيل: يكون محل الإفطار رجوعه
لا مجرد القيء.
ثم إن رجوعه إذا كان غلبة
فلا يفطر؛ لأنه ليس من صنع الإنسان ولا باختياره, ولأنه لا توجد فيه معنى المنع من
الأكل والشرب؛ إذ المعنى هو التغذية بالمعتاد, ولا توجد فيه أيضا صورة الفطر وهو
الابتلاع باختيار,
وأختم بحجة وهي: أن القيء
لا ينافي الصوم؛ إذ إن المنافي للصوم ملأ المعدة لا إفراغها, فكان القيء ملائما
للصوم لا منافيا له, فكيف يكون مفطرا؟!!
والمسألة اجتهادية..
كتبه: أحمد محمد الصادق
النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق