[مناقشة الشيخ #مولود_السريري في الانتقال من المعاني العربية إلى التعريفات المنطقية
وفي دعوى أن الصفات الخبرية جزء من كل فيقتضي إثبات الجسمية]
إن الملاحظ على الشيخ مع غلبة القواعد المنطقية على ذهنه أنه انتقل من الأسلوب العربي في فهم ألفاظ القرآن وآيات الصفات إلى تعقيد المناطقة في الحدود!!
ففي #التعريف_بالحد عند #المناطقة لابد فيه من جنس ذاتي وفصل ذاتي
وهذا مع أنه دخيل على العربية لا يستقيم في صفات الله؛ لأنه لا يتوصل إلى الذاتي إلا بتصور #ماهية_الصفات وحقيقتها الخارجية، فمعرفة الذاتيات التي لا تتصور الماهية إلا بها متوقف على معرفة ماهية الموصوف، فإذا لم نعرف ماهية الموصوف فكيف نعرف الذاتيات؟!
وهم يرون أن الماهية الذهنية هي نفس الماهية الخارجية، فماهية الوجه -مثلا- الذهنية هي نفس ماهية الوجه خارج الذهن..
فانتقل الذهن عند الشيخ من #الحد_الأرسطي إلى المفهوم العربي فجعل الوضع في لغة العرب قائما على تصور الماهية الخارجية وذاتياتها، فلا يتوصل إلى المعنى إلا بإدراك الماهية، ولما كان المدرَك المشاهد في الصفات الخبرية ماهية الإنسان جعل ألفاظ صفات الأعيان كالوجه دالة عليها.
ولما كان يظن أن الكليات المطلقة لا تثبت في الخارج إلا جزءا من المعينات، فيكون المعين قد ركب من ذلك الكلي المطلق ومما يختص به
جعل الوجه -الذي عليه المخلوق باعتبار أن هذا هو المعنى الكلي له- جزءا من الله إذا أثبتنا له معنى الوجه
فيكون وجه الرب تعالى مركبا من وجه محسوس وما اختص به
هذا هو تصوره، فنفى المعنى والكيفية!!
فبعض القواعد المنطقية الفاسدة التي تشربت نفسه بها أوقعته في الضلال والتناقض؛ إذ لم يعملها في بعض صفات المعاني والوجود وأعملها في صفات الأعيان.
وغاب عنه تحقيق أن ما في الذهن ليس هو حقائق الأشياء في الخارج، فالمفهوم الذهني لا يفيد تصور الحقيقة الخارجية لمن كان يجهلها
ولهذا لم يكن المطلوب شرعا معرفة حقيقة الملائكة والجن والجنة والنار ...
وإنما المطلوب تصور معانيها الكلية وأسمائها؛ لأن معانيها غير حقائقها
فالذي في أذهان أهل الحديث قضايا عامة كلية فإذا خاطبنا الله بأمر غيبي فهمنا ما خاطبنا الله به، فلو لم ندرك المعنى العام لما فهمنا ما خاطبنا الله به من نعيم الجنة، فنفهم معنى عسل الجنة ولبنها ولحمها وحريرها، أما حقائقها في الخارج فلا نعلمه..
وبهذا تميزت عقيدة المسلمين عن عقيدة #الفلاسفة الذين ربطوا الحدود بتصور الحقائق الخارجية، فلم يتصوروا الجنة والنار وجعلوها خيالات!!
ولتعلم أن عقيدة #أهل_الحديث قامت على المعنى الكلي الذهني، فلا اشتراك بين الله وخلقه في الوجود الخارجي، فلله وجه يخصه متميز بنفسه وكيفيته، وإنما الاشتراك ذهني.
بقي إشكال يورده الشيخ وأتباعه وهو أنه لو أثبتنا أن الله متصف بالوجه واليد لكان جسما؛ لأن هذه أبعاض وأجزاء، فهي جزء من كل، وكل ما تركب من أجزاء فهو جسم.
قيل لهم:
أولا: لا نسلم، فلا يوجد في لغة العرب أن كل ما ركب من أجزاء يسمى جسما، فالهواء مركب من أجزاء ولا يسمى جسما، وكذلك الروح.
فلم يكن عندكم لغة تحتحون بها، فصرتم أجانب عن لغة العرب.
ثانيا: ان الملائكة وصفوا في الشرع باليد والعين ... وهي على قولكم أجزاء ومع ذلك هم ليسوا أجساما، وهذا نقض.
فليس معكم لغة ولا شرع ولا إجماع..
ويظهر من هذين الوجهين أنه ليس كل ما كان له أجزاء يسمى جسما
وأنتم إنما أبطلتم اتصاف الله بالوجه واليد لأنه يلزم منها أن يكون جسما.
فبطلت حجتكم.
ثالثا: قولكم بأن الوجه وبقية الصفات الخبرية أجزاء، فنقول لكم: كلمة جزء هو اصطلاح منكم ويحتمل حقا وباطلا
ولا يلزمنا
وأما الذي يعتقده أهل الحديث أن الصفات الخبرية صفات لازمة لله يمتنع وجوده بدونها فهو الذي اتصف بها، وليس هناك ما يمنع من الاتصاف بها
وإذا كان الله واجبا بنفسه، وصفاته داخلة في مسمى اسمه: لم يكن موجودا إلا بها، وليس هو مفتقرا إليها كما يظنه المتوهمون!!
فأهل الحديث يثبتون الصفات الخبرية ولا يتعرضون لمصطلح التركيب والجسم والجزء بنفي ولا إثبات؛ لأنها ألفاظ مبتدعة.
وكما أن سمعه وبصره وقدرته وحياته لا يكون موجودا إلا بها، فكذلك وجهه ويده وقدمه لا يكون موجودا إلا بها؛ لان الإثبات واحد في النصوص.
ويكفر من يعتقد ان الله ركبه مركب، أو كان متفرقا فجمع، فهذا كفر صريح، وليس هو لازما لمن أثبت الصفات الخبرية .
رابعا: قولكم الوجه إذا اتصف به الحي وجب أن يكون عضوا وجارحة وله طول وعرض وعمق
قيل لا يلزم ان يكون كذلك في الخالق؛ لانه كان عضوا وجارحة بالنظر إلى الإنسان الذي أضيف إليه الوجه، فكان الوجه مساويا لذات الإنسان ومن جنسه؛ لان نسبة الوجه إلى الإنسان من نسبة الجزء إلى الكل
وأما الوجه المضاف إلى الله فإننا ننسبه إلى الله كما ننسب الذات إلى الله، فإذا كانت ذات الله لا يوصل إلى ماهيتها وحقيقتها الخارجية فكذلك الوجه.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ العقيدة بكلية علوم الشريعة/المرقب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق