[مناقشة الشيخ #مولود_السريري في جوابه على من أثبت القدر المشترك في الصفات الخبرية لله سبحانه]
إن مما يلاحظ على الشيخ خروجه عن أدب الخلاف في النقاش فتراه يرمي خصومه بالسفه وأنه لا يعرف ما يقول, ويضحك استهزاء ...
وهذا صنيع من لا حجة له, والمرجو منه أن يترفع عن هذا الأسلوب في الخطاب, ويسلك مسلك العلماء الناصحين, وإلا فالمخاطبة بهذا الأسلوب يسهل فعلها من كل مناقش, لكننا نترفع عنها, فحجتنا يكفي في إقناع من يريد الحق مجرد عرضها؛ لقوتها في نفسها, ولا نحتاج معها إلى تجهيل الخصم والاستهزاء به.
وإذا نظرنا في كلام الشيخ وجدنا أن الخلل عنده - لما أجاب على من أثبت القدر المشترك- في تحديد الجنس الدال على متعدد مختلف الحقائق
فالشيخ يشترط في القدر المشترك: اتحاد الجنس, ويمنع من الاشتراك فيه بين الخالق والمخلوق
ثم يحدد هذا الجنس, فيزعم أن الجنس الذي تتحد فيه يد الله ويد المخلوق هو العضو.
فاستعمال القدر المشترك يفيد إثبات العضو والمشابهة, والعضو والمشابهة ممتنعان في حق الله؛ لأنه يفيد الجسمية كانت النتيجة استعمال القدر المشترك في الصفات الخبرية ممتنع.
وقبل الرد عليه أقدم بمقدمة مهمة وهي: لما كانت ألفاظ العرب وضعت لها معاني, كان المقصود بالقدر المشترك: مدلول هذه الألفاظ بحسب الوضع اللغوي, فواضع اللغة وضع اللفظ على القدر المشترك الذي هو معناه الكلي, وهو أمر ثابت في الذهن, ولا يوجد في الخارج إلا معينا.
فمثلا: لفظ الوجه مدلوله بحسب الوضع اللغوي هو: ما يواجه به, فهذا هو مسماه الذهن, وهو ما نقصده بالقدر المشترك.
فإذا قلنا: وجه الله ووجه المخلوق كان مورد التقسيم أمرا مشتركا, وهو الوجه الذي وضع للقدر المشترك وهو: ما يواجه به, فمع اشتراكهم في المعنى العام إلا أنهم يختلفون في الحقائق.
فأهل الحديث يرون أن القدر المشترك هو مدلول اسم الصفة بحسب الوضع اللغوي, فالمسمى الذهني للوجه هو القدر المشترك, والمسمى الذهني لليد هو القدر المشترك, والمسمى الذهني للوجود هو القدر المشترك, وهكذا...
ولا يلزم من الاشتراك فيه التماثل في الحقائق
ويُرد على الشيخ بعد أن أخرجنا من الدلالة اللغوية إلى التعريفات المنطقية :
أولا: لا نسلم أن الجنس هو العضو؛ لأن المقصود بالجنس هو مدلول لفظ الصفة, فهذا المدلول يشترك فيه كل من أضيف إليه اللفظ.
ولا يلزم من الاشتراك تماثل الحقائق
ثانيا: لو سلمنا جدلا أن الجنس هو العضو, فيحتمل أن يكون المراد: العضو المدرك الذي عليه المخلوق.
فيكون الشيخ قد وقع في هفوة عظيمة وهي جَعْل المقصود بالجنس في القدر المشترك: الحقيقة المختصة المتميزة
ولا يستقيم جعل العضو المتميز المعين جنسا؛ لأن الجنس العام المشترك لا وجود له خارج الذهن, وإنما يوجد في الخارج متميزا مختصا.
وهذه الهفوة لم تنقدح في أذهان أهل الحديث؛ لأن المقصود بالقدر المشترك هو إثبات قدر يتفقان فيه لا إثبات الحقائق المتميزة
فالشيخ على هذا الاحتمال يجعل الحقائق المتميزة هي القدر المشترك, ثم يعود على القدر المشترك بالنفي.
ويحتمل أن يكون المراد بالعضو أمرا ذهنيا كليا, فليس في إثباته على المسمى الذهني الكلي ما يقتضي حدوثا ولا نقصا؛ لأن الكلي الذهني ليس من موضوعه ما يختص به الممكن المحدث، ولا ما يختص به الواجب القديم, وليس هناك ما يمنع من تشابه الحقائق المختلقة في شيء ما, ليس فيه شيء من خصائص الممكن ولا شيء من خصائص الواجب.
مع أن أهل الحديث لا يثبتون هذا اللفظ ولا ينفونه.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ العقيدة بكلية علوم الشريعة/المرقب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق