بيان اعتقاد الصحابة:
1-عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ( خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش والقلم وعدن وآدم, ثم قال لسائر الخلق: كن فكان ) أخرجه اللالكائي والآجري والبيهقي
فابن عمر خص خلق أربعة أشياء بيد الله دون غيرها؛ مما يدل على أنه يثبت اليد حقيقة لله وفهم منها المعنى الكلي من غير أن ينقدح في ذهنه هيئة وشكلا, فلو لم يثبت لها معنى لما أثبت لها حكما اختصت به.
2-قيل لعبدِ الله بنِ مسعود أبَلَغَكَ أنَّ اللهَ يَعجَبُ ممن ذكَرَهُ؟ فقال: (( لا, بلْ يَضحَكُ)).
فمغايرته بن العجب والضحك يدل على أنه يثبت لهما معنى على حسب مقتضى لغة العرب.
3-عن ابن عباس: {وسع كرسيه السماوات والأرض} [البقرة: 255] قال: «موضع القدمين، ولا يقدر قدر عرشه» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 39)
فجعل الكرسي موضع قدمي الله سبحانه؛ مما يدل على أنه يثبت للقدمين معنى بحسب وضع اللغة.
4- عن أبي رزين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه )) قال: قلت يا رسول الله أوَ يضحك ربنا ؟ قال: (( نعم )) قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا" [ أخرجه ابن ماجه في سننه ]
فهذا الصحابي الجليل لما أثبت للضحك معنى رتب عليه أثرا, فقال: (( لن نعدم من رب يضحك خيرا )).
فهذا وغيره يدل على أن الصحابة يثبتون للصفات معاني بحسب مقتضى لغة العرب, فالصحابة يثبتون المعنى, وهذا المعنى الذي يثبتونه فهموه من الوضع اللغوي مع إثباتهم أن القدر المميز المختص لا يدرك.
فخرج التفويض أن يكون هو اعتقاد الصحابة, وكذلك التأويل الذي هو خروج باللفظ عن ظاهره.
:ولما كانوا أبعد الناس عن التمثيل لم يفهموا من هذه الصفات عضو المخلوق أو الهيئة التي عليها المخلوق, وإنما فهموا معاني كلية بها فهموا معنى صفات الله.
فإن قيل: ما الوضع اللغوي لليد والوجه والقدم؟
اليد في لغة العرب: يرجع معناها إلى المقبض.
قال الليث: (( يد الفأس ونحوها: مقبضها, ويد السيف: مقبضه )).اهـ
ومنه سميت يد الباب يدا؛ لأن بها يقبض, ويد الإنسان سميت يدا؛ لأن بها يقبِض.
فالمرجع إلى المقبض سواء كان يَقْبِض أو يُقْبَض.
الوجه: مأخوذ من المواجهة، سمي بذلك، لأنه يواجه به.
القدم: مـأخوذة من السبق والتقدم, وسميت فدم الإنسان قدما؛ لأن بها يكون التقدم والسبق.
وهكذا الأمر في بقية الصفات ينظر فيها للمعنى الكلي الذي لا يختص بأحد أفراده, والصحابة عندما يثبتون الصفات يلاحظون المعاني الكلي مع إثباتهم أن لها قدرا مميزا أُخذ من الإضافة, فهم ثبتون المعاني التي يفهمون بها خطاب الله ولا يخوضون في الحقائق والكيفات؛ لأنها خارجة عن المعاني وتابعة لحقيقة الذات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق