مناقشة #الشريف_حاتم_العوني في دعواه أن #الاحتفال_بالمولد_النبوي من باب المصالح المرسلة إذا كان لمجرد التذكير بالسيرة
وقد راج كلامه على بعض من كان يعتقد بدعية الاحتفال؛ لضعف بضاعته الأصولية
قال العوني:(صورة يكون فيها المولد من المصالح المرسلة،
وذلك إذا كان بقصد استثمار تاريخ هذا الحدث الجليل، للتذكير بسيرته صلى الله عليه وسلم، أو لإذكاء جذوة محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب، من غير اعتقاد فضيلة خاصة لليوم، تجيز تخصيصه بعبادة أو باعتقاد لا دليل عليه).
والرد عليه في هذه الصورة:
أولا هناك تشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية من بعض الوجوه،
وبسبب هذا التشابه يقع الخلط بينهما، وقد يستغل ذلك من يستغل لإمرار البدع، والتلبيس على الناس.
ولذا لا بد من بيان الفرق بينهما؛ ليتضح للقارئ الكريم وجه غلطِ من خلط بينهما:
المصلحة المرسلة هي: المنفعة التي لم يشهد الشارع باعتبار عينها ولا بإلغائه
إلا أن جنس المنفعة يلائم تصرفات الشارع.
وهذا الجنس اعتبره الشارع في الجملة.
ولم يصادمه في عين الفعل دليل خاص
وأما البدعة فهي: ما أحدث في الدين مما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم.
وليست هي خاصة بالتعبد بها والتقرب بحيث لا يكون الفعل بدعة إلا إذا نوى بالفعل التقرب والتعبد
هذا غلط في تصور البدعة
وإنما البدعة تتعلق بما قُصد به التقرب، وتتعلق أيضا بما جُعل طريقة تضاهى بها الطريقة الشرعية.
ووجه التشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة الإضافية:
١-كلاهما محدث.
٢-اعتبار الشارع جنس الوصف فيهما .
ووجه الافتراق:
١-ان المصلحة المرسلة لا تصادم الشرع الخاص، فلا تعارض دليلا خاصا، بخلاف البدعة فإنها تصادم الشرع وتعارض دليلا خاصا.
قال ابن تيمية في المجموع:( "المصالح المرسلة " وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة ; وليس في الشرع ما ينفيه)
٢- عدم الفعل في البدع مقصود للشارع، بخلاف المصلحة المرسلة.
٣- المصالح المرسلة وسيلة لحفظ مقصد من مقاصد الشارع، وضروري من الضرورات الخمس، بخلاف البدع فهي إحداث في الدين وهي تؤدي إلى هدم الدين.
بعد هذا التأصيل نطبق ما تقدم على #الاحتفال_بالمولد:
الاحتفال بالمولد: جنس منفعته معتبرة وهي: محبته والتذكير بسيرته والاقتداء به.
الا أن هذه المنفعة غير معتبرة في عين الاحتفال بالمولد لأن اعتبار هذه المنفعة في عين الاحتفال صادمه دليل خاص، وهو ترك النبي صلى الله عليه وسلم للاحتفال مع وجود المقتضي وزوال المانع
وكذلك ترك الصحابة، وهو اجماع منهم.
فهنا حصلت المصادمة بالدليل الخاص
فتبين لنا أن الاحتفال غير معتبر شرعا لتحقيق هذه المنافع
وأن من اتخذ الاحتفال لتحقيق هذه المنافع فقد عارض ما يريده الله
ولذا كان من البدع وليس من المصلحة المرسلة
أضف الى ذلك: أن هناك مصادمة أخرى وهي أن الذي شُرع في يوم الاثنين
هو: الصيام، فلا يجوز ترك المشروع والاشتغال بغير المشروع تذكيرا لمولده.
وهذه المصادمات جعلت حكم الاحتفال بالمولد بدعة
وهناك مصادمة أخرى للشرع وهي أن الاحتفال بالمولد هلى جهة تعظيم اليوم وقصده وتكرار الاحتفال فيه هو من باب العيد، والعيد شريعة يحتاج إلى دليل خاص
وقد صار الناس يلتزمون الاحتفال، لما ظُن فيه مصلحة، وهي ليست مصلحة لمصادمتها الشرع.
والخلاصة ليس الاحتفال وسيلة لمقصد شرعي وانما هو إحداث في الدين.
ولو سلم جدلا أن الاحتفال فيه مصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة
ففيه ايضا مفسدة، وهي الابتداع في الدين، ولازمه اتهام النبي صلى الله بخيانة الأمانة ، وفيه فتح الباب لأهل الغلو أن يغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته
وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة
ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة الموجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!!
وبهذا يظهر لنا خطأ ما يقرره العوني، فقد أنزل دليل المصلحة المرسلة على الاحتفال من غير مراعاة لقيوده.
وهذا يدل على عدم تصور صحيح.
وعدم التصور الصحيح ينتج عنه حكم خاطئ.
وهذا عين ما حصل للعوني.
وقد تكلمت في مقال سابق عن شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد
وهو موجود على الشبكة
ولم أناقش العوني الا من جهة واحدة، والا فوجوه كون الاحتفال بالمولد بدعة كثيرة.
كتبه
أحمد محمد الصادق النجار
٨-٣-١٤٣٧هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق