التوصيف الشرعي للحاكم
يعتبر الحاكم نائبا عن
الله من جهة كونه مطبقا لأحكام الله, فهو نائب عن الله في تنفيذ أحكامه, وهو بهذا
التوصيف تنتفي عنه الاستقلالية في الحكم, فليس له أن يستقل بالأحكام؛ لأن تحكيم
شرع الله واجب, فمن لم يحكم الشريعة كليا أو جزئيا انتفى عنه هذا التوصيف بقدر ما
أنقص من تحكيم الشريعة.
ويعتبر الحاكم أيضا وكيل الأمة
على أنفسها.
وفي هذا المعنى يقول ابن
تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 251): (فإن الخلق عباد الله والولاة نواب الله على
عباده وهم وكلاء العباد على نفوسهم؛ بمنزلة أحد الشريكين مع الآخر؛ ففيهم معنى
الولاية والوكالة)
فليست العلاقة علاقة وكالة
فحسب؛ حتى يتسنى للأمة الفسخ والعزل, كما يريد أن يروج له البعض من أن العلاقة
علاقة تعاقد على أداء الواجبات؛ فرارا من استبداد الحاكم بالحكم, فوقعوا في معالجة
الأمر بما هو أشد منه, كما هو واقع, وخرجوا عن مقتضى نصوص الشرع في هذا الباب
المبنية على تغليب جانب درء المفاسد.
وإنما العلاقة علاقة وكالة
وولاية, فللأمة التوكيل, ثم ينتقل الأمر إلى كونه ولاية, فلا يتم العزل إلا بما
شرعه الله سبحانه, وهنا يظهر تحقيق العبودية لله, فالحاكم والمحكوم كلاهما متعبد
لله في هذا الباب, فيتعبد الله بأداء ما أمره الله سبحانه تجاه الآخر.
ويلبس البعض فيجعل من
التفريق بين محل العقد وأثره أو أحكامه المترتبة عليه سبيلا لإثبات التعاقد على
أداء الواجبات مع أن الشرع لم يدل على هذا التعاقد أصلا, ولو فرضنا سكوت الشارع
عنه فأثره المترتب عليه يقتضي منعه شرعا؛ إذ إن الشريعة اعتنت بدفع المفاسد أعظم
من عنايتها بجلب المنافع.
كتبه د. أحمد محمد الصادق
النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق