س/ شيخنا هل القواعد الأصولية يلزمها أن تكون قطعية بحيث تتوارد عليها الأدلة ؟
لا يلزم من القواعد الأصولية أن تكون قطعية في نفسها، قطعية في دلالتها، وإنماقد تكون قطعية في نفسها ظنية في دلالتها، وقد تكون ظنية في نفسها قطعية في دلالتها، وقد تكون ظنية في نفسها ظنية في دلالتها.
وقد تكون قطعية في نفسها ودلالتها.
إلا أنه يجب التنبه إلى أن جماعة من أهل الكلام يجعلون أصول الفقه قطعيا
فأما ما كان قطعي الثبوت كالكتاب والسنة المتواترة فواضح
وأما ما كان ظنيا كخبر الآحاد والقياس
فقطعيته باعتبار ما ثبت من الأدلة العقلية الدالة على وجوب العمل به، كما بينته في شرحي على المنهاج للبيضاوي.
وذهب الشاطبي إلى أن أصول الفقه قطعي؛ لأنه مبني على الأدلة العقلية وكليات الشريعة المبنية على الاستقراء، وكلاهما قطعيان، فيكون ما نتج عنهما قطعي.
فالشاطبي بناه على أمرين: كليات الشريعة، والأدلة العقلية.
أما كون كليات الشريعة قطعية فلا إشكال فيه، إلا أن أصول الفقه ليس كله مبنيا على الكليات.
وأما كون الظن لا يدخل الأدلة العقلية فباطل، بل ما يسمى أدلة عقلية يدخله الوهم، فضلا عن الظن.
ومن استقرأ أدلة المتكلمين ومن أعظهما دليل الأعراض الذي يقيمون عليه عقائدهم يجد أن جملة من مقدماته وهمية، فضلا عن أن تكون ظنية.
ثم إذا نظرنا إلى كتب الأصول فسنجد فيها مسائل ودلائل ظنية مما يدل على أن واقع كتب الأصول تدلل على أنه ليس كله قطعيا.
س/ ما هي أهم المسائل التي خالف فيها الأحناف جمهور الأصوليين ؟
خالف الأحناف الجمهور في طريقتهم، وأيضا في مسائل منها: الزيادة على النص نسخ، ودلالة العام على أفراده قطعية، إلى غير ذلك.
س/ طريقة بناء الأصول على الفروع التي ينتهجها الأحناف صحيحة ؟
ليست صحيحة بإطلاق لأنها مبنية على فروع مذهبية، فيتكون الاصول بناء على المذهب الفقهي.
س/ شيخنا هل كان هناك أثر لمدرستي أهل الحديث و أهل الرأي في تكون علم الأصول و نضجه علما أن الشافعي نهل من المدرستين ؟
لاشك أن لهاتين المدرستين تأثيرا على أصول الفقه، فمن كان من أهل الحديث فسيكتب أصوله مبنيا على تعظيم الحديث على الرأي، وستكون ترجيحاته الأصولية مبنيه على هذا التعظيم؛ حتى إنهم كانوا يأخذون بالمراسيل ويقدمونها على القياس في الجملة، وتوسعوا في سد الذرائع
ومن كان من أهل الرأي فسيكون للرأي أثر في ترجيحاته، ولذا تجدهم يشترطون في الراوي أن يكون فقيها حتى يقدم على القياس، وإلا فإن القياس يقدم، ونحو ذلك.
وأهل الحديث إنما اعتنوا بالحديث؛ لقربهم من أهله، وكثرته عندهم، فقد كانوا في المدينة وغيرها، والصحابة والتابعون متوافرون بينهم.
وأهل الرأي قلَّ عندهم الحديث؛ لبعدهم عن أهله، فلجئوا الى استعمال الرأي لعدم وجود الأثر أو قلته.
والإمام الشافعي نهل من مدرسة مالك ومدرسة أبي حنيفة، فكان لذلك أثر في كتابته الأصولية.
فوقف على جملة من الأحاديث لم يقف عليها أهل العراق، وكذلك أعمل القياس فيما لا نص فيه، ورده إذا صادم النص، وبين أنه ليس كل قياس يكون صحيحا
وأنكر الرأي المجرد وقال من استحسن فقد شرع.
فجمع بين الحديث والاجتهاد.
أجاب عنها
أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق